يديعوت أحرونوت: اسرائيل تغير وجهها
يديعوت – ميخائيل ميلشتاين – 28/12/2025 اسرائيل تغير وجهها
على هامش العاصفة التي اثارتها تصريحات وزير الدفاع بشأن انشاء بؤر ناحل (الشبيبة الطلائعية المحاربة) في شمال قطاع غزة، ظهر تقرير آخر، لم يحصل على صدى مشابه، يتعلق بنقل مكاتب الادارة المدنية من فرقة يهودا والسامرة. وقد تم الاعلان عن ذلك مع التاكيد على انه جزء من عملية توطين الادارة بحيث تقدم خدماتها مثلما تقدم لكل مواطني اسرائيل.
يبدو ان هذا التقرير عادي للوهلة الاولى، ولكنه يعكس ثورة جذرية يتم الدفع بها قدما خفية منذ 7 اكتوبر، ويتوقع ان تغير وجه البلاد. في هذا السياق يجري دمج يهودا والسامرة بالتدريج في اسرائيل، وهو هدف محوري في خطة الحسم لسموتريتش، التي تشمل محو الخط الاخضر وتدمير السلطة الفلسطينية واقامة دولة واحدة بين البحر والنهر. ويعلن دعاة التغيير جهارا بان هدفهم هو تغيير هوية الضفة الغربية. بهذه الطريقة يتم تطوير المستوطنات وتوسيعها وانشاء المزارع، ودمج البنى التحتية في الضفة الغربية وفي اسرائيل، ومن ناحية اخرى يتم اضعاف السلطة الفلسطينية.
وهكذا فان الرؤية القطاعية لتيار الصهيونية الدينية تتحول بالفعل الى المشروع القومي الرسمي لاسرائيل، حتى لو لم يؤيدها قطاع كبير من الجمهور أو يفهم دلالاتها. هي في الواقع انقلاب ايديولوجي يتحقق بفعل ظروف سياسية مضطربة وليس نتيجة خطاب عام حاسم أو قرارات تاريخية.
ان خوف جزء كبير من الجمهور وتردده في وصف الواقع الراهن بانه “عصر المعجزات” ينبع من كارثة 7 اكتوبر ومن عالم المفاهيم التوراتية الذي لا يناسب قيم اسرائيل الحديثة، مثل ابادة العماليق و”عقيدة يهوشع بن نون” و”اقتصاد بعون الله”. هذه الرؤية تحث على تغليف المشروع الايديولوجي بذرائع استراتيجية. في هذا الاطار يتم عرض اغراءات مادية تتعلق بصفقة عقارات ضخمة ومساكن للشرطة في قطاع غزة، ويتم الزعم بان هذه التحركات تجسد استيعاب الدروس من احداث 7 اكتوبر (بدون الاخذ في الحسبان بان المبادرين الى هذه التغييرات هم شركاء في صياغة مفهوم 7 اكتوبر، ومنع اجراء تحقيق عميق في جذور الفشل)، ايضا يتم بذل محاولة لتسويق التطلعات الدينية لغزو المناطق والاستيطان فيها باستخدام حجج مثل “العربي لا يفهم الا اذا تم نزع ارضه منه” أو “أينما وجد الاستيطان فانه لا وجود للارهاب” – هذه ادعاءات قاطعة لا تستند الى حقائق وتخلط بين التحليل المهني والرؤية.
خلافا لاسرائيل فانهم في العالم الكبير يدركون ان التغيير العميق في يهودا والسامرة يستهدف اغلاق الباب امام اقامة الدولة الفلسطينية واقامة دولة واحدة بنوعين من المواطنة، وهم يشعرون بالقلق من الزيادة الحادة في عدد وشدة الاحتكاك العنيف بين المستوطنين والفلسطينيين، الذي يبدو بأنه يحصل على الدعم من المسؤولين في الحكومة، ويعطي لمحة عن المستقبل الدموي الذي ينتظر المجتمعين اذا اندمجا معا.
اسرائيل تصور دائما كدولة مختلة التوازن، بدءا من الساحة الداخلية التي يتم فيها تقويض قواعد الحكم، الامر الذي يعتبره كثيرون في الشرق الاوسط براحة انضمام الى الجمهوريات المتخلفة اقليميا وعالميا، وانتهاء بالساحة الخارجية، حيث تعطي السياسات الرصينة المجال لمزيج من الاوهام والمفاهيم الجديدة والاعتماد الحصري على القوة والتجاهل الواضح للقيود والاعتبارات الخارجية. هذا الامر يتجسد في الهجوم المتهور (والفاشل) على قطر، وفي تاجيج حرب ضارية بدون اهداف واضحة في غزة، الامر الذي دفع ترامب الى فرض انهاء الحرب مع تقليص نفوذ اسرائيل في المنطقة.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook



