ترجمات أجنبية

يجب أن يعرف بيل جيتس كيف يدمر الاحتلال البيئة في فلسطين …

 كومون دريمز –  رمزي بارود* –  11/11/2021

ربما يكون هوس غيتس “بالابتكار” قد أعماه عن معالجة قضايا أخرى “تشتهر بها” إسرائيل أيضًا – أي كونها أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العالم ، والذي يعرف سجله المروع من الفصل العنصري والعنف لكل عضو في الأمم المتحدة.

أولئك الذين ليسوا على دراية بكيفية قيام إسرائيل، ولا سيما الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين، بإلحاق ضرر نشط لا رجعة فيه بالبيئة، قد يصلون إلى نتيجة خاطئة مفادها أن تل أبيب تقف في طليعة الكفاح العالمي ضد تغير المناخ. لكن الواقع هو عكس ذلك تماما.

في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP26 في غلاسكو، دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني، نفتالي بينيت، بالعلامة الإسرائيلية، “الابتكار والبراعة”، من أجل “تعزيز الطاقة النظيفة وتقليل الغازات المسببة للاحتباس الحراري”.

وتستخدم إسرائيل هذه العلامة بالتحديد لبيع كل شيء، سواء الترويج لنفسها على أنها المنقذ لأفريقيا، أو لمساعدة الحكومات على اعتراض اللاجئين الفارين، أو دفع الأسلحة الفتاكة في السوق العالمية، أو، كما فعل بينيت في اسكتلندا، إنقاذ البيئة -كما هو مفترَض.

قبل أن نسارع إلى التقليل من شأن خطاب بينيت ورفضه باعتباره كلمات جوفاء، يجب أن نتذكر أن البعض يشترون بالفعل هذه الدعاية الإسرائيلية، ومن بينهم الملياردير الأميركي بيل غيتس.

في اليوم التالي لخطاب بينيت، التقى غيتس برئيس الوزراء الإسرائيلي على هامش مؤتمر المناخ 26 لمناقشة إنشاء “مجموعة عمل” لدراسة التعاون المحتمل “بين دولة إسرائيل ومؤسسة غيتس في مجال الابتكار بشأن تغير المناخ. كما ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

وبحسب الصحيفة، فإن غيتس، الذي أكد في لقائه مع بينيت أن الابتكار وحده هو الذي يمكن أن يحل مشكلة تغير المناخ، قال: “هذا ما تشتهر به إسرائيل حقًا”.

ومع ذلك، فإن هوس غيتس “بالابتكار” ربما أعماه عن التعامل مع قضايا أخرى “تشتهر بها” إسرائيل أيضًا: كونها أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العالم، والتي يَعرف سجلَّها المروع من الفصل العنصري والعنف كل عضو في الأمم المتحدة.

ومع ذلك، ثمة شيء آخر قد لا يكون غيتس على دراية به -تدمير إسرائيل المنهجي والهادف للبيئة الفلسطينية، الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ونهَم تل أبيب الذي لا يشبع للتفوق العسكري، وبالتالي “الابتكار” المستمر.

إن كل عمل يتم تنفيذه لترسيخ الاحتلال العسكري يعزز السيطرة الاستعمارية الإسرائيلية، ويؤثر توسيع المستوطنات اليهودية غير الشرعية بشكل مباشر على البيئة الفلسطينية.

لا يمر يوم دون إشعال النار في شجرة فلسطينية أو بستان، أو قطعها. وما يزال “تطهير” البيئة الفلسطينية، وكان دائمًا، شرطًا أساسيًا لبناء أو توسيع المستوطنات اليهودية. فمن أجل بناء هذه المستعمرات، يجب “إزالة” عدد لا يحصى من الأشجار، جنبًا إلى جنب مع الفلسطينيين الذين زرعوها.

على مر السنين، اقتُلعت ملايين الأشجار الفلسطينية من الزيتون والأشجار المثمرة في ظل جوع إسرائيل المستمر لمزيد من الأراضي. ويتحدث تآكل التربة في أجزاء كثيرة من فلسطين المحتلة عن الكثير من هذه الإبادة البيئية المروعة.

لكن الأمور لا تنتهي هنا، بطبيعة الحال. حتى تبقى مئات المستوطنات اليهودية غير الشرعية -التي تستضيف أكثر من 600.000 مستوطن- على قيد الحياة، يتم دفع ثمن باهظ من البيئة الفلسطينية بشكل يومي. وبحسب البحث الشامل الذي أجراه أحمد أبو فو، الباحث القانوني المستقل في منظمة “الحق” الحقوقية، فإن المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، “تولد حوالي 145 ألف طن من النفايات المنزلية يوميًا”. وذكر أبو فو أنه “في العام 2016 وحده، تم ضخ حوالي 83 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي في جميع أنحاء الضفة الغربية”.

وإضافة إلى ذلك، تمتلك إسرائيل سيطرة شبه كاملة على موارد المياه الفلسطينية. وهي تعتمد على طبقات المياه الجوفية في الضفة الغربية المحتلة لتعويض حاجتها من المياه، بينما تحرم الفلسطينيين من الوصول إلى المياه الخاصة بهم.

ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، يحصل الإسرائيلي العادي على 300 لتر من المياه يوميًا، بينما يحصل الفلسطيني على حصة أقل بكثير تبلغ 73 لترًا. وتتفاقم المشكلة عندما يؤخذ في الاعتبار استخدام المستوطنين اليهود غير الشرعيين للمياه. ويستهلك المستوطن العادي ما يصل إلى 800 لتر في اليوم، بينما قد تُحرم مجتمعات فلسطينية بأكملها من قطرة ماء واحدة لأيام وأسابيع، غالبًا كشكل من أشكال العقاب الجماعي.

ولا تتعلق مشكلة المياه بالسرقة الصريحة أو الحرمان من الوصول أو التوزيع غير العادل لموارد المياه فحسب. إنها أيضاً مشكلة النقص في المياه الصالحة للشرب النظيفة والآمنة لدى الفلسطينيين، وهي قضية سلطت الضوء عليها مجموعات حقوق الإنسان الدولية لسنوات عديدة.

وقد أجبرت نتيجة هذه السياسات غير العادلة العديد من الفلسطينيين على “شراء المياه التي تجلبها الشاحنات” بأسعار “تتراوح بين 4 و10 دولارات أميركية للمتر المكعب”، كما وجدت منظمة العفو الدولية، التي سلطت الضوء أيضاً على أن نفقات المياه بالنسبة للمجتمعات الفلسطينية الأشد فقراً، يمكن أن تشكل، في بعض الأحيان، نصف الدخل الشهري للأسرة.

بقدر ما قد يبدو هذا الوضع سيئًا، فإن محنة غزة المحاصرة أسوأ بكثير من محنة الضفة الغربية المحتلة. ويشكل القطاع الصغير والمكتظ بالسكان خير مثال على القسوة الإسرائيلية. ويعيش هناك مليونا فلسطيني، وهم محرومون من أبسط حقوق الإنسان، ناهيك عن حرية الحركة.

منذ الحصار العسكري الإسرائيلي على غزة في العام 2007، ظلت بيئة المنطقة الساحلية في تدهور مستمر. ومع قلة الكهرباء ومحطات الصرف الصحي التي تعرضت للقصف، اضطر الفلسطينيون إلى إلقاء مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر. وقد أصبحت المياه الجوفية في غزة ملوثة الآن لدرجة أن 97 في المائة من المياه المتاحة غير صالحة للشرب، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.

وليس هذا كله سوى غيض من فيض. فمن تدمير الآبار الفلسطينية إلى تسمم الأشجار، إلى هدم النظم البيئية بأكملها لإفساح المجال لبناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، إلى استخدام اليورانيوم المنضب في حروبها المختلفة ضد غزة، كانت إسرائيل عاكفة على مهمة دؤوبة غايتها تدمير البيئة الفلسطينية بكل مظاهرها.

في الحقيقة، يا سيد غيتس، هذا هو ما تشتهر به إسرائيل -لمن يهتم بأن ينتبه. إن السماح لبينيت بتقديم بلاده كمنقذ محتمل للإنسانية، مع إدامة صلاحية إسرائيل واستدامتها باستثمارات ضخمة في “الابتكار”، إنما يسيء إلى -بل في الواقع، يضفي عدم الصلاحية على- جهود الحملة العالمية بأكملها لفهم طبيعة المشكلة المطروحة حقًا.

ليس لدى أولئك الذين يلحقون الأذى والضرر بالكوكب الحق في ادعاء دور المنقذ. ولا شك في أن إسرائيل، في حالتها العنيفة الحالية، هي عدو البيئة، وهذا ما يجب أن تكون “مشهورة به” حقًا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى