شخصيات

وديع حداد

وديع حداد قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينولد عام 1927 في مدينة صفد، كان أحد مؤسسي الجبهة الشعبية وقبلها حركة القوميين العرب، هو ورفيق دربه د. جورج حبش.

ولد في 21/7/1928 في مدينة صفد وتلقى دروسه الابتدائية في صفد، والثانوية في حيفا، التحق بالجامعة الأميركية في بيروت سنة 1946 لدراسة الطب. والتقى جورج حبش القادم من مدينة اللد لدراسة الطب أيضاً.

انعقدت أواصر عدد من طلاب الجامعة على تأسيس حركة سياسية تتبنى العنف وسيلة لتحقيق غاياتها النبيلة. وكانت المجموعة التأسيسية مؤلفة من جورج حبش ووديع حداد وصالح شبل (من فلسطين)، وهاني الهندي (من سورية)، وأحمد الخطيب (من الكويت)، وحامد الجبوري (من العراق) وحمد الفرحان (من الأردن) ولم يكد العام 1965 يطل حتى كان هؤلاء وغيرهم قد أسسوا حركة القوميين العرب.

بعد تخرجه في كلية الطب غادر مع رفيقه جورج حبش الى الأردن، وافتتحا عيادة واحدة لمعالجة اللاجئين. وقد اعتقل في نيسان 1957 بعد الانقلاب على حكومة سليمان النابلسي، وامضى ثلاث سنوات في سجن الجفر الصحراوي، ثم استطاع ان يهرب الى سورية في سنة 1961.

أحد القادة المؤسسين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقائد «المجال الخارجي» فيها الذي دوّخ العالم بالعمليات الخاصة مثل عملية مطار اللد في سنة 1972، وعملية اقتحام مؤتمر منظمة أوبيك في فيينا سنة 1975.

أستاذ في «فن العمليات الخاصة»، ومعلم فذ لجيل كامل من المناضلين الأمميين الذي رأوا في العنف الثوري طريقاً للتحرر من الرأسمالية والاستعمار. وكان ملهماً لحركات سياسية كثيرة اعتنقت مبادئ العنف الثوري في مواجهة الاستبداد وعنف السلطات.

كان يقرأ الكتب في حدود ما تتيحه له أوقاته المزدحمة، لكنه كان ميالاً الى العمل المباشر. ويروى أنه في سنة 1963 كان يقرأ كتاب ريجيس دوبرييه «ثورة في الثورة»، لكنه لم يكمل أكثر من 35 صفحة، فقد كان همّه منصباً على كيفية تخزين الأسلحة في داخل فلسطين استعداداً للشروع في العمليات العسكرية. وحين أسس «الجهاز الخاص» في «إقليم فلسطين» التابع لحركة القوميين العرب اختار لمعاونته كلاً من فايز جابر وصبحي التميمي، وهما مؤسسا منظمة «أبطال العودة» سنة 1964، التي انضمّت الى الجبهة الشعبية قبيل التأسيس في سنة 1967.

و«الجهاز الخاص» هو الأب الشرعي لـ«المجال الخارجي» الذي ظهر في إطار الجبهة الشعبية سنة 1968 تطبيقاً لشعار «مطاردة العدو في كل مكان»، ودشن عملياته باختطاف طائرة «إلعال» المتجهة من روما الى تل أبيب، والهبوط بها في مطار الجزائر. على أن اكثر العمليات الخاصة إثارة هي عملية تحرير جورج حبش من سجن الشيخ حسن في دمشق، وهي العملية التي خططها «أبو هاني»، ونفذها في قلب دمشق في 5/11/1968، وشارك فيها كل من أحمد جنداوي ومحمد سعيد (أبو أمل) ومحمود الألوسي (أبو حنفي) وجبريل نوفل (أبو رأفت) وفايز قدورة وزكي هلّو ووداد قمري وآخرين. وتمكن هؤلاء من اختطاف جورج حبش من سيارة للشرطة العسكرية كانت تقله من المحكمة الى السجن.

ومن طرائف ما وقع لوديع حداد، انه في اثناء الاستعداد لقصف ناقلة البترول الإسرائيلية «كورال سي» بالقرب من باب المندب سنة 1971، طلب «أبو هاني» من رئيس الوزراء اليمني الجنوبي محمد علي هيثم زورقاً سريعاً. فقال له ان ليس لدى الحكومة اليمنية مثل هذا الزورق. وبعد عدة أيام اتصل به محمد علي هيثم وأخبره ان مركباً يرسو في ميناء عدن تنطبق عليه المواصفات المطلوبة، فاسرقوه… وهكذا كان.

تولى موقعاً قيادياً في “جمعية العروة الوثقى”، ولاحقاً في “حركة القوميين العرب” وثم “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. منذ التأسيس تولى الدكتور وديع حداد مهمات قيادية أساسية جداً في الجبهة، حيث أسندت له مهمتان رئيسيتان هما المالية والعمل العسكري الخارجي. وأثبت من خلالهما قدرات قيادية وعملية، حيث جسد شعار “وراء العدو في كل مكان”.

خلال عمله في التنظيم الخارجي قاد خلايا تنشط في مختلف انحاء العالم وكان وراء عمليات خطف الطائرات الشهيرة ومنها الطائرة لاندسهوت الألمانية، وترك وديع الصفوف قبل استشهاده عاشت قيادة الجبهة مع الشهيد خلافاً تنظيمياً مع د.حداد، إلا أن المؤتمر الوطني الخامس للجبهة أعاد الإعتبار التنظيمي له، باعتباره “رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذاً قدم كل شيء في سبيل فلسطين التي حلم وعمل دائماً من أجل الوصول إليها بأقرب الآجال وبأقصر الطرق”.

في 28 مارس عام 1978 في ألمانيا الشرقية واشيع انه توفي بمرض سلطان الدم. ولكنها بعد 28 عاما اعترفت إسرائيل مؤخرا وعن طريق أحد ضباط مخابراتها الذي كتب جزءا من حياته الإستخبارية بإنها اغتالته بدس السم له في الشيكولاتة عن طريق عميل عراقي كان يشغل منصب رفيع المستوى. ونقلت يديعوت احرونوت عن المؤلف ان إسرائيل قررت تصفية حداد بداعي تدبيره اختطاف طائرة اير فرانس، كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبة اوغنداعام 1976، وانه كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الارهابية الخطيرة. واضاف: ان الموساد علم بشغف حداد بالشوكولاته البلجيكية التي كان من الصعب الحصول عليها انذاك في بغداد مقر اقامته. فقام خبراء الموساد بادخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاته البلجيكية، ارسلوها إلى حداد بواسطة عميل عراقي رفيع المستوى لدى عودة هذا العميل من أوروبا إلى العراق. أشار المؤلف إلى ان عملية التصفية الجسدية هذه “كانت أول عملية تصفية بيولوجية” نفذتها إسرائيل. وتابع ان إسرائيل اتهمت حداد “الارهابي المتمرس ومتعدد المواهب” بأنه كان أول من خطف طائرة تابعة شركة الطيران الإسرائيلية “ال- عال” عام 1968 وتم الافراج عن الرهائن فقط بعد خضوع الحكومة الإسرائيلية لشرطه الافراج عن اسرى فلسطينيين.

كما اتهمه الموساد بالمسؤولية عن انشاء علاقات بين التنظيمات الفلسطينية ومنظمات ارهابية عالمية ودعا افرادها للتدرب في لبنان، وكانت احدى نتائجها قيام “الجيش الاحمر الياباني” بـ”مذبحة في مطار اللد (تل-ابيب) عام 1972″. ويتابع المؤلف ان اختطاف طائرة “اير فرانس” إلى عنتيبة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، اذ قرر قادة الموساد وجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية على الفور تصفية حداد وصدّق رئيس الحكومة في حينه مناحم بيگن على العملية. وأشار الكاتب، الذي عنون كتابه بـ “حساب مفتوح”، إلى ولع حداد بالشوكولاته، خاصة البلجيكية، وان إسرائيل عرفت كيف تستغل “ضعفه” هذا، واستعانت بعميل للموساد ليحمل معه من أوروبا شوكولاته بلجيكية، ولكن ليس قبل ان يدخل فيها عملاء موساد سمًا بيولوجيًا قاتلاً يظهر اثره بعد اسابيع من تناوله، ويؤدي إلى انهيار جهاز المناعة في الجسم.

واضاف أنه بعد تصفية حداد سجل انخفاض حاد في عدد العمليات التي استهدفت إسرائيل في انحاء العالم. وزاد ان الموساد رأى في عملية التصفية هذه تجسيدا لنظرية “التصفية الوقائية” او تصفية قنبلة موقوتة تمثلت بـ “دماغ خلاّق لم يتوقف عن التخطيط للعملية المقبلة (حداد)”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى