وحيد عبد المجيد – صراع على النظام العالمى

وحيد عبد المجيد ٢٨-٢-٢٠٢٢م
لم يعد النظامُ العالمى الذى اشتد الصراعُ عليه فى السنوات الأخيرة صالحًا سواء فى صيغته الحالية التى تستميتُ الولايات المتحدة وحلفاؤها فى الدفاع عنها، أو فى صورته التى تتطلعُ روسيا إليها وهو النظام التعددى.
النظامُ العالمىُ، الذى يتمسكُ به الغرب، شاخ وتكالبت عليه الأمراض، فصار مصدرًا لمشاكل وأزمات، فضلاً عن حاجته إلى علاجاتٍ تقلُ جدواها كل يوم، بدلاً من أن يكون إطارًا لتنظيم التفاعلات بين الدول والأطراف الأخرى المؤثرة فى العالم، والحد من الصراعات, أوإيجاد تسويات لها.
والنظامُ العالمى الذى تتطلعُ إليه روسيا وغيرها، جُرب مثلُه على مدى نحو قرن من الزمن، منذ مؤتمر فينا 1814 ــ 1815 الذى وضع تسوية للصراعات الأوروبية بعد الحروب النابليونية. غير أن هذا النظام التعددى، الذى تأملُ دولُ عديدة فى مثله بصيغةٍ تُناسبُ العالم الآن، لم يمنع استمرار التهديد باستخدام القوة، ونشوب صراعاتٍ عنيفة، وحروبٍ عدة خلال ذلك القرن, منها مثلاً حربُ ضروسُ بين فرنسا التى استهدف ذلك النظامُ تحجيمها وبروسيا فى 1870، وغيرهما.
والحالُ أنه لا النظام الحالى الذى شاخ وتهالك قابلُ لإصلاحٍ وفق هيكله الحالى وأنماط العلاقات بين القوى الرئيسية فيه. ولا النظامُ التعددى يقدرُ على إنجاز ما صار النظامُ الحالى عاجزًا عنه، فضلاً عن أنه ليس لدى الدول التى تؤيد النظام التعددى ممن يريدونه رؤيةُ واضحةُ لما يمكن أن يكون عليه، ولا حتى لكيفية تأسيسه لأنه لن ينشأ تلقائيًا نتيجة تراجعٍ ينشدونه فى قوة الولايات المتحدة وقدراتها المتنوعة.
وإذا صح هذا التقديرُ، يصبحُ الصراعُ الذى يشغلُ العالم الآن دالاً على بعض أهم سمات المرحلة الراهنة, مثل ضعف مستوى النخب السياسية فى القوى الكبرى. وتبدو هذه السماتُ أبرز ملامح ما يمكنُ أن نسميه صراعًا على نظامٍ شائخ. وإذا كان هذا حالُ أمريكا وروسيا, فهل لدى الصين المستفيدة من هذا الصراع ما تُقدمُه؟.