واللا: وقف إطلاق النار حسن الأسواق، لكن الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال بعيدًا عن التعافي

واللا 12/10/2025، يهودا شاروني: وقف إطلاق النار حسن الأسواق، لكن الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال بعيدًا عن التعافي
لقد أسعدنا اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، اذ يتضمن عودة للرهائن، ولكنه أثار بعض الحيرة على الصعيد الاقتصادي. صحيح أن الاتفاق يُحسّن وضع إسرائيل العالمي، ولكنه يُحسّن وضعنا الاقتصادي بدرجة أقل.
ومع ذلك، فإن احتفالات مكاسب سوق الأسهم التي شهدناها الأسبوع الماضي وانخفاض قيمة الدولار مقابل الشيكل تُعطي انطباعًا وكأن زمن المسيح قد حان. سوق الأسهم لا يُحبّذ مواجهة الحقائق والأرقام، وقد شهدت هذه ارتفاعًا حادًا الاسبوع الماضي .
بالمناسبة، قبل بضعة أسابيع، في مؤتمر المحاسبين العامين بوزارة المالية، عندما تحدّث نتنياهو بتشاؤم غير مسبوق عن تحوّلنا إلى إسبارطة، هبط سوق الأسهم هبوطًا حادًا كما لو أن نهاية العالم قد حلّت. هذا هو الاكتئاب الهوسي في أبهى صوره.
يُقدّر معظم المحللين أنه بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، سيستفيد الاقتصاد من تحوّل اقتصادي، وستعود إسرائيل إلى حضن الأمم، وسنحصل على جائزة في مسابقة الأغنية الأوروبية، وستكون الجنة في انتظارنا على الأبواب.
غير ان السلام في منطقتنا لا يزال بعيدا. من بين الجبهات السبع التي يُحبّ نتنياهو ذكرها، لم تختفي سوى جبهة حماس، وحتى هذه فالى إشعار آخر.
اندفع بائعو الأوهام بتوقعاتٍ كانت احتمالية تحققها مساوية لاحتمالية عودة نتنياهو إلى بيع الأثاث في شركة ريم الصناعية. زعم بعضهم أن أسعار الفائدة ستنخفض قريبًا، مما سيُحسّن الأسواق ويُنعش سوق العقارات.
لكن المحافظ، البروفيسور أمير يارون، معروفٌ بمواقفه المحافظة. في قراره الأخير بشأن سعر الفائدة، أكد أن ضغط الأسعار لا يزال قائمًا، وأن سوق العمل مأزوم وأن زيادة الاستهلاك الخاص ستزيد من مخاطر التضخم، وأنه حتى لو كان مؤشر ايلول سلبيًا، فلن ينخفض سعر الفائدة.
توهم البعض أن شركات التصنيف الائتماني العالمية ستُحسّن تصنيف الاقتصاد، لكن الأمر سيستغرق عامًا آخر على الأقل حتى تُعيد هذه الشركات النظر في تصنيفها وسيتعلق الامر كثيرا بمدى عودة الاستقرار إلى البلاد.
إن الأمل في انخفاض الإنفاق الدفاعي بعد وقف إطلاق النار هو وهمٌ أعمى. لن ينخفض الإنفاق الدفاعي طالما يُعزز نتنياهو الجبهات السبع، وفي الوقت نفسه لا يتردد في الحديث عن إنجازات الحرب في محاولةٍ بائسةٍ لكي الوعي.
ما هي الإنجازات التي يتحدث عنها رئيس الوزراء؟ قطر، برعاية نتنياهو، مُنحت حصانة كاملة من الهجمات. سيتم تسليح الأتراك بطائرات حديثة. مصر أقوى من أي وقت مضى، وحصلت على تنازلات في اتفاق وقف إطلاق النار. الفلسطينيون في طريقهم إلى دولة مستقلة.
كثيرًا ما يتفاخر نتنياهو بالقضاء على بعض قادة المنظمات الإرهابية، بما في ذلك حماس وحزب الله والحوثيين والإيرانيين. لكن ماذا عسانا أن نفعل عندما يكون لديهم جميعًا بدائل: بعضهم أسوأ، وبعضهم أسوأ اكثر؟
لم يختف التهديد الإيراني بعد، وتحذيرات إيفيت ليبرمان في الأيام الأخيرة تُثبت أنهم يبحثون عن فرصة للانتقام. تهديد حزب الله لم يختف بالتأكيد. على الرغم من الوعود، لم ينزع التنظيم سلاحه بعد بسبب ضعف الحكومة اللبنانية. بالمناسبة، لن تنزع حماس سلاحها إلا بعد أن يحدث هذا مع حزب الله.
لا يزال الحوثيون يستهلكون الحلبة والحويج، ويرسلون إلينا أحيانًا تحيات سلام على شكل صواريخ وطائرات مسيرة. حتى أن بيبي ينسب لنفسه الفضل في سقوط نظام الأسد في سوريا، مع أن بوتين وترامب لم يتوقعا ذلك في الواقع. فبدلاً من الأسد، حصلنا على جيل جديد منه متمثلاً في الإرهابي المتقاعد أبو محمد الجولاني.
تقدر مصادر أمنية أن الإنفاق الدفاعي لن ينخفض في السنوات القادمة حتى مع انتهاء الحرب. وستكون النتيجة عجزاً يتجاوز 100 مليار شيكل، ولن تتعافى الشركات ما لم تُرفع تهديدات أوروبا بمقاطعة الصادرات الدفاعية والمدنية، وما لم يعد المستثمرون إلى إسرائيل.
إن الأمل في طفرة في النمو الاقتصادي بعد عامين من الحرب لم تُقرّر خلالهما إصلاحات طويلة الأجل هو أكثر من مجرد وهم. فبدون ميزانية العام 2026، سيكون النمو بطيئاً حتى مع تحسن الوضع الأمني. لذلك، ستظل ميزانية الدفاع مرتفعة على حساب الميزانيات المدنية.
لقد بدأ يتسلل إلينا تدريجيًا شعورٌ بأننا ربما بالغنا في الأمر. حتى مديرو البورصة استغلوا هذه الجنون وباعوا أسهمًا بقيمة 77 مليون شيكل. الاختبار الحقيقي لسوق الأسهم سيكون بعد الأعياد وفي الربع الأخير من العام 2025. على ألا ينتهي الأمر بالبكاء.