ترجمات أجنبية

واشنطن بوست: روسيا تعمق نفوذها في غرب إفريقيا

واشنطن بوست: روسيا تعمق نفوذها في غرب إفريقيا، بقلم ايشان ثارور 24-10-2022م

في نهاية أيلول/سبتمبر شهدت بوركينا فاسو انقلابا ثانيا في عام، وقام الجيش بحركة عسكرية أسقطت النخبة العسكرية وعينت الكابتن إبراهيم تراوري، 34 عاما، رئيسا ليصبح أصغر زعيم في كل إفريقيا. وكان انقلابا أبيض شجبه الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وجاء الترحيب به من زاوية واضحة في العالم.

ففي رسالة على تطبيق تلغرام قال يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس شركة المرتزقة “فاغنر” إن استيلاء تراوري على السلطة “كان ضروريا”. ووصف الكابتن المجهول بأنه “ابن جدير وشجاع لوطنه” ورد المشاكل الأمنية التي تعاني منها إفريقيا للإرث الاستعماري الفرنسي. وقال إن “شعب بوركينا فاسو كان تحت نير المستعمرين الذين حرموا الناس ولعبوا لعبة شريرة ودربوا ودعموا عصابات اللصوص وتسببوا بالمعاناة للسكان المحليين”.

وكشفت المشاهد لأنصار الانقلاب في العاصمة واغادوغو أن بعضهم لوح بالعلم الروسي. وهو تعبير عن المدى الذي وصلت إليه البروباغندا الروسية والإحباط الشعبي من الوضع الراهن المرتبط بعضه بالسياسات الغربية. ويشمل هذا حملة لمكافحة الإرهاب قادتها فرنسا على مدى عقد في دول وسط الساحل والصحراء. وتعيش بوركينا فاسو وسط أزمة أمنية حادة حيث بات الجهاديون يسيطرون على مساحات واسعة من البلاد. وقتل آلاف المدنيين هذا العام وحده، وتشرد مليونا شخص، أي خمس سكان البلاد.

وسيطر الجنرال بول هنري ساندواغو دامبيا على السلطة في كانون الثاني/يناير على أرضية أن الحكومة لم تمنح الدعم للجيش في حربه ضد المتمردين. وفي البيان الذي أصدره تراوري قال “حاولنا مع تردي الأوضاع وعدة مرات دفع دامبيا للتركيز في المرحلة الانتقالية على المسألة الأمنية”.

ويرى الخبراء الآن أن روسيا تقوم باستغلال الفراغ، فمنذ عام 2018 تم الاعتماد على شركة فاغنر لمساعدة الأنظمة الهشة في إفريقيا ومواجهة المتشددين الإسلاميين. وشارك المرتزقة الروس في جمهورية إفريقيا الوسطى وموزامبيق وليبيا ومالي إلى جانب القوات النظامية في عمليات ضد المتشددين. وتم ربطهم في بعض الحالات بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم حرب محتملة. ومنذ انقلاب 30 أيلول/سبتمبر في بوركينا فاسو جرت اقتراحات أن المجموعة العسكرية الجديدة قد تقوم بتوقيع “شراكة استراتيجية” مع موسكو والتحرك بعيدا عن القوى الغربية.

وربما كانت تعليقات بريغوجين للتباهي إلا أنها قد تكون إشارة عن التأثير الروسي المتزايد. وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس- غريفيلد “بدلا من كونها شريكا شفافا تقوم فاغنر باستغلال الدولة العميلة لها والتي تدفع مقابل الخدمات الأمنية التعسفية بالذهب والماس والخشب وغير ذلك من المصادر الطبيعية، وهذا جزء من نموذج فاغنر التجاري”. وقالت مخاطبة مجلس الأمن هذا الشهر “نعرف أن هذه المكاسب غير المشروعة تستخدم لدعم آلة الحرب الروسية في إفريقيا، الشرق الأوسط وأوكرانيا”.

وعلق صموئيل رماني من المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن “في انقلابات أخرى حاول الروس موضعة أنفسهم كمنتفع عرضي من تغير الأنظمة” و”في هذه المرة فروسيا نشطة في دعم الانقلاب مما قاد لتكهنات عن دور روسي في التنسيق له”. ورغم عدم وضوح الدور الروسي في انقلاب بوركينا فاسو إلا أنه فتح المجال أمام تنافس جيوسياسي واسع. فقد دعمت بعض الدول الإفريقية، عدد منها من غرب إفريقيا الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويقول جان هارفي جيزكيل، مدير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية “ما نشاهده في منطقة الساحل أنها أصبحت ساحة صراع بين روسيا والغرب” و”هذه طبقة إضافية لأزمة معقدة”، مقترحا أن النزاع الدولي على المنطقة سيعقد الأمور على الفاعلين المحليين الذين يحاولون البحث عن تسويات سلمية. وتعتبر الأزمة أكثر خطورة على فضاء السايبر حيث تحاول الحسابات على الإنترنت والمرتبطة بالكرملين نشر خطابه في المنطقة.

وفي تقرير للصحيفة جاء أن الشبكات الموالية لروسيا تستهدف غرب ووسط إفريقيا والتي تحاول التغلب على أزماتها. ومالي وبوركينا فاسو من بينها حيث تعانيان من مشاكل تمرد وعانى البلدان من ثلاثة انقلابات، أصبحت أربعة منذ عام 2020. وكلاهما مصدر مهم للذهب والمعادن الثمينة والتي يرى محللون أن روسيا طامعة فيها.

وتقدم مالي، جارة بوركينا فاسو الأكبر المثال الأوضح عن هذه الديناميات. فقد ظلت وعلى مدى عقد تقريبا منطقة انطلاق للقوات الفرنسية التي كانت تستهدف حركات المتطرفين بما فيها القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية والانفصاليون الطوارق. وبعد نجاح في البداية علقت الحملة في رمال الصحراء وزادت المشاعر المعادية لفرنسا. وانسحبت آخر وحدة فرنسية باتجاه النيجر هذا العام، حيث رحب النظام في باماكو الذي سيطر عليه العسكر برحيل الفرنسيين. ولم تخف مالي تحولها نحو روسيا، وتحدث رئيس وزراء مالي عبد الله مايغا في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة عن “المثال المثمر للتعاون بين مالي وروسيا” وتحدث عن تحول أكبر في منطقة طالما هيمنت عليها فرنسا، الدولة المستعمرة السابقة. وقال مايغا إن هذا يشير إلى “التحول عن الماضي الاستعماري والاستماع للغضب والإحباط والرفض القادم من إفريقيا وفهم أن هذا التحرك لا محيد عنه”.

وتعمل شركة فاغنر مع قوات الجيش وربطت بسلسلة من الجرائم ضد المدنيين بما فيها القتل خارج القانون لـ 300 شخص في قرية بوسط مالي في آذار/مارس. وأخبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجندير وكالة أنباء أسوشيتدبرس قائلة: “ما نراه في إفريقيا اليوم هو تطورات مثيرة للقلق من ميليشيات فاغنر واستطعنا مشاهدة هذا على الأرض ونتيجة انتهاكات هذه الميليشيات للسكان وشاهدنا جرائم وهي تتكشف في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزامبيق وهي تنهب المصادر الطبيعية، ولم يكن لكل هذا أي أثر على محاربة الإرهاب”. لكن النقاد يؤشرون لعدم نجاح فرنسا “ففي عيون الحكومة المالية لم يمنع سعي فرنسا لتحقيق الاستقرار من توسع الحركات الجهادية في الساحل” كما يقول جزكويل و”في السنوات العشر توسع وجود الجهاديين بشكل دراماتيكي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى