ترجمات أجنبية

واشنطن بوست- روث إغلاش – كانت أريحا ذات مرة واحة سلام ، تخشى الآن ضم إسرائيل؟

واشنطن بوست – روث إغلاش – 29/6/2020

“بنى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات كازينو ساحر قبل 22 عاما في هذه البلدة المتربة على حافة الصحراء. أطلق عليه اسم الواحة ، وتدفق الإسرائيليون على مقامرة السلام. لا تزال اللافتة الذهبية للكازينو تتلألأ في الشمس الحارقة ، لكن المبنى يجلس فارغًا ، مغلقًا … “.

السلام.. أبعد منالًا أكثر من أي وقت مضى

ما زالت لافتة الكازينو الذهبية تتلألأ في الشمس الحارقة، ولكن المبنى يظل خاويًا، ونوافذه مغلقة منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أوائل القرن. فيما تنمو الأعشاب بين أحجار الرصيف في المدخل الذي كان يومًا ما ذي أبهة.

إن رؤية السلام التي صوَّرها الكازينو، وإن يكن لفترة قصيرة، يمكن أن تصبح قريبًا بعيدة المنال. إذ تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يضم، من طرف واحد، المنطقة المحيطة بأريحا، وكذلك أجزاء أخرى من الضفة الغربية، خلال هذا الأسبوع، فيما يحذر الفلسطينيون من العودة إلى المقاومة وحتى العنف، ردًا على هذه الخطوة.

ترسيخ لنظام الفصل العنصريّ الإسرائيلي

وقال صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية: «ما نواجهه هنا هو أدنى نقطة في العلاقات الفلسطينية –الإسرائيلية خلال العقود القليلة الماضية». وعريقات من مواليد أريحا الواقعة في غور الأردن، ويمكن تتبع تاريخ أسرته في المدينة التوراتية لعدة أجيال.

وأضاف عريقات: «إذا حدث هذا، أنا متأكد أنه سيكون هناك بعض الفلسطينيين الذي يطالبون بحقوق متساوية (للفلسطينيين والإسرائيليين)، ولكن هذا شيء لن يقبله الإسرائيليون أبدًا. ولذا سوف يكون لدينا دولة واحدة بنظامين سياسيين، أو نظام فصل عنصريّ».

ولم يتضح بعد ما الذي سيفعله نتنياهو هذا الأسبوع. إذ حدد الأول من يوليو (تموز) باعتباره تاريخ العمل المحتمل في عملية الضم، وأشار إلى أنه سيبدأ في فرض السيادة الإسرائيلية على كل المستوطنات اليهودية، التي أشار إلى أنها تقع في جزء من الوطن التوراتي لليهود، ويعيش فيها الآن عدة مئات الآلاف من الإسرائيليين. كذلك يقترح نتنياهو ضم أراضٍ استراتيجية في الضفة الغربية بما فيها غور الأردن.

خطة ترامب تسمح بضم 30% من الضفة

وتسمح «صفقة القرن» التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، لإسرائيل بأن تضم ما يصل إلى 30% من الضفة الغربية، التي استولت عليها إسرائيل من الأردن في حرب عام 1967، وترك البقية لدولة فلسطينية محتملة. وتعلق خطة ترامب الضم على إعادة بدء عملية السلام المتوقفة الآن.

في الأسبوع الماضي، التقى الرئيس مع كبار مستشاريه ومن بينهم السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، لمناقشة الضم المحتمل، غير أنه لم يعطِ لنتنياهو بعد الضوء الأخضر للشروع في العملية.

ويتوقع بعض المراقبين السياسيين أن يبدأ الضم الكامل في الحال، إذ يحاول نتنياهو الاستفادة من الإدارة الداعمة له في واشنطن. ويتكهن آخرون بأنه سيقوم بالضم على مراحل، في محاولة لإدارة الانتقادات الموجهة للعملية على نطاق واسع في إسرائيل وفي كل أنحاء العالم.

كيف تؤثر خطة الضم في سكان أريحا؟

في أريحا، أكثر المدن سكانًا في غور الأردن الذي يعتمد في الأساس على الزراعة، هناك مخاوف بين السكان الذين يبلغ تعدادهم 22 ألف نسمة من أن اتساع المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية سيجعل الحياة اليومية غير محتملة.

وقال محمد علوان (49 عامًا) وهو صاحب متجر ألعاب في وسط البلدة المتواضع «الإسرائيليون متغطرسون. إنهم يريدون انتزاع كل شيء منا، ثم يريدوننا أن نبرم سلامًا معهم».

وكانت أريحا، التي تمثل مقصدًا لقضاء العطلات للفلسطينيين، وأيضًا بوابة للعالم الأوسع من خلال المعبر الحدودي القريب إلى الأردن، خالية من الزوار الأسبوع الماضي. وتوقف صف من سيارات الأجرة الفلسطينية الصفراء عاطلًا عن العمل في الميدان الرئيسي، في انتظار رحلة أو رحلتين.

حتى معاش الرجل العادي وحياته سوف تتأثر

ينقل التقرير عن السائق محمود إنجوم (30 عامًا) قوله في حزن: «سوف تؤثر علينا (خطة الضم) تأثيرًا عميقًا، ولا سيما من الناحية الاقتصادية. باعتباري سائقًا إذا أردت نقل ركاب إلى رام الله، على أن أسلك طرقا خلفية لكي أتجنب نقاط التفتيش الجديدة، وهذا يعني استهلاك المزيد من الوقود. وإذا أردت التوجه إلى الخليل، فهذا يعني أن أسلك طريقًا أطول وأكثر ضجرًا حول القدس».

وتشير الخريطة المدرجة ضمن خطة ترامب للشرق الأوسط إلى أن إسرائيل سوف تسيطر على الغور كله، الممتد على طول الحدود مع الأردن جنوبًا إلى البحر الميت. وإذا مضى الأمر على هذا النحو، فسوف تحيط الأراضي الإسرائيلية بالمناطق المخصصة للفلسطينيين، وستترك أماكن مثل أريحا معزولة.

بسام أبو شريف : سنقاوم الخطة

وقال بسام أبو شريف، وهو مستشار كبير سابق لعرفات وأيضا أحد سكان أريحا: «نتنياهو يجر إسرائيل إلى أكبر كمين في تاريخها، وأكثره صعوبة ودموية. لا أريد المباهاة، ولكن الفلسطينيين سوف يقاومون ذلك».

تلفت مراسلة الواشنطن بوست إلى أن هذا الرجل كان يومًا ما متشددًا، ومعروفًا بسلسلة من عمليات اختطاف الطائرات في السبعينيات من القرن الماضي، كما أصيب إثر رسالة بريد مفخخة كان الفلسطينيون يرسلونها لمسؤولين إسرائيليين. وهو الآن يقول إن «أمن إسرائيل لا يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية».

وأضاف أبو شريف، الذي يعتقد على نطاق واسع أن ورقته التي أعدها في عام 1988 حول العثور على حل سلمي للصراع قد مهدت الطريق للمشاركة الفلسطينية في اتفاقات أوسلو مع إسرائيل: «السلام وحده هو الذي يمكن أن يعطي ذلك لإسرائيل، ونحن معشر الفلسطينيين نملك مفتاح السلام».

الإسرائيليون يخففون من تأثير الخطة قبل الضم

وقال يوجين كونتوروفيتش مدير القانون الدولي في منتدى كوهيليت السياسي، وهو مركز أبحاث مقره القدس يقدم المشورة لنتنياهو: إن الخطة الإسرائيلية هي خطة فنية، تهدف إلى «تغيير النظام القانوني» للإسرائيليين ولكنها «لا تغير أي شيء بالنسبة للفلسطينيين».

وأضاف «الضم هو لفظ مشحون. وفي ظل القانون الدولي، يعني انتزاع إقليم بالقوة من دولة أخرى وجعلها ملكًا لك. لكن ليس هذا هو الوضع هنا».

وقال عوديد ريفيفي، المسؤول في مجلس ييشا، وهو منظمة جامعة للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية: إن هذه الخطوة لن تكون لها تأثير على الحياة اليومية للفلسطينيين. وأضاف «الخطة هي تطبيق القانون الإسرائيلي على التجمعات الإسرائيلية، وليس الضم أو السيادة».

عريقات : الخطة تضع نهاية للمشروع الوطني الفلسطيني

عريقات وهو مفاوض سلام لفترة طويلة من الوقت وقتل ابن عمه الأسبوع الماضي على يد القوات الإسرائيلية عندما اقتحمت سيارته نقطة تفتيش عسكرية، يقول: إن الضم سيمثل نهاية رؤيته للسلام، ويدمر المشروع الوطني الفلسطيني الذي عمل عليه خلال العقود الثلاثة الماضية.

وأشار عريقات إلى أن خطط ترامب تسمح لإسرائيل بأن تحتفظ بالسيطرة الأمنية على الضفة الغربية كلها، وهو ما قال إنه في الواقع يعني «ضمًا بنسبة مئة في المئة».

وأضاف «هذا يعني أنني بوصفي فلسطينيًّا، لن يكون بوسعي أن أفعل أي شيء بدون تصريح منهم. هذا يعني أنهم سوف يسيطرون على تحركاتي وتخطيطي وحدودي ووصولي إلى كل شيء.. إنهم يحاولون خنقي ودفني ويعتقدون أنني سوف أقبل ذلك؟».

وتابع عريقات أنه «في غياب الأفق السياسي، ستكون هناك إراقة دماء، وقد رأيتُ الكثير جدا من الدماء الأسبوع الماضي. وهذا يكفي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى