ترجمات أجنبية

واشنطن بوست – بقلم أسفنديار مير – لماذا لم توبخ الولايات المتحدة روسيا بسبب صفقة مكافأة طالبان؟ أربعة أشياء يجب معرفتها.

صحيفة واشنطن بوست –   بقلم أسفنديار مير  – 1/7/2020

أضف إلى القائمة

في قائمتي

يبدو رد إدارة ترامب غير عادي على عدد من المستويات “.

أن الرئيس ترامب في خضم جدلٍ آخر يتعلق بروسيا. إذ كشفت تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في 26 يونيو (حزيران) الماضي أن ترامب أُبلغ في مارس (آذار) بأن روسيا عرضت مكافآت على حركة طالبان في مقابل قتل أفراد أمريكيين في أفغانستان، وأن الرئيس تجاهل الأمر بحسب ما ذُكر. لكن ترامب يصر على أنه لم يُطلَع على ذلك الأمر مطلقًا، وقال مدير المخابرات الوطنية جون راتكليف يوم السبت: «إن مسؤولي المخابرات لم يُطلعوا الرئيس».

هذه التقارير، وما كُشِفَ عنه أكثر بشأن التحويلات المصرفية التي جرت بين روسيا وحركة طالبان، تثير تساؤلات حول طبيعة التدخل الروسي في أفغانستان، والعلاقات المتدهورة بين الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك تعاملات ترامب مع موسكو.

أربعة أشياء يجب معرفتها

في هذا الصدد، يشير الكاتب، الذي تركز أبحاثه على السياسة الأمريكية لمكافحة الإرهاب وقضايا أمن جنوب آسيا، إلى أربع نقاط هامة يتعين معرفتها:

تعمق علاقات موسكو مع طالبان

يذهب بعض المحللين إلى أن روسيا كثفت مشاركتها في أفغانستان؛ بسبب «تصور قدرتها على الإفلات من العقاب»، وهو الشعور الناجم عن تعامل ترامب بلين مع روسيا.

أن الدور الروسي في أفغانستان نما على نحو منتظم منذ عام 2015، عندما بدأت موسكو في تطوير علاقتها مع حركة طالبان. منذ ذلك الحين، أعلن كبار الدبلوماسيين الروس على الملأ ​​اتصالهم بالحركة.

وخلال إدارة أوباما، بدأت المخابرات الأمريكية في الإبلاغ عن الدعم المادي الروسي لطالبان، بما في ذلك المعلومات الاستخباراتية والأسلحة. وبحسب ما ورد، شمل الدعم الروسي، في إحدى المراحل، تقديم رشاشات متوسطة وثقيلة، بذريعة دعم طالبان ضد «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» في شرق أفغانستان.

لكن حركة طالبان أعادت توجيه استخدام بعض تلك الأسلحة ضد القوات الأمريكية والأفغانية في جنوب أفغانستان. وفي عاميّ 2017 و2018، أعربت القيادة العسكرية الأمريكية عن قلقها العميق بشأن الدعم الروسي لطالبان.

كيف تختلف استجابة إدارة ترامب؟

حتى لو لم يكن التدخل الروسي في أفغانستان جديدًا، فإن رد إدارة ترامب يبدو غير عادي. ففي السابق، ردت الحكومة الأمريكية بحدة على الاستهداف المتعمد للأفراد الأمريكيين في مناطق الحرب. وكان هذا الرد في بعض الأحيان عقابيًا، خاصة في العراق وأفغانستان، بهدف حماية أفراد الولايات المتحدة، ومجابهة أي مخاوف من شأنها الاضرار بسمعة الولايات المتحدة أو أي إقدام محتمل من الخصم على فعل ذلك.

في عام 2011 وجدت الحكومة الأمريكية أن ضباط المخابرات الباكستانيين «وجهوا أو حثوا» المتمردين الأفغان على مهاجمة السفارة الأمريكية ومقر الناتو في كابول. وردًا على ذلك تصدى مسؤولون أمريكيون كبار – وزير الخارجية، ومدير وكالة المخابرات المركزية، ورئيس هيئة الأركان المشتركة – للمسؤولين الباكستانيين. وانخرط المسؤولون الأمريكيون أيضًا في إستراتيجية «تسمية هؤلاء المسؤولين والتشهير بهم»، واتبعوا هذه الإستراتيجية، على الرغم من التعقيدات الأخرى القائمة في العلاقة مع باكستان، مثل التعاون في الحرب ضد تنظيم القاعدة وخطوط الإمداد للحرب في أفغانستان التي تمر عبر باكستان.

وبالمقارنة، أن إدارة ترامب لم توبخ روسيا أو تشجب تصرفها. وبدلًا عن ذلك، يواصل ترامب مد غصون الزيتون، وآخرها كان من خلال دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور اجتماع موسع لمجموعة السبعة، مقرر عقده مبدئيًا في شهر سبتمبر (أيلول). وكانت روسيا، عضوًا سابقًا في تلك المجموعة التي كانت تُسمى مجموعة الثماني، قبل طردها منها في عام 2014 بعد ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

عملية المكافأة لا تعزز سياسة روسيا تجاه الأفغان

على الرغم من أن الكشف عن عملية المكافآت الروسية (التي مُنحت لطالبان) في الولايات المتحدة يُعد أمرًا مثيرًا، إلا أنه لا يبدو أمرًا هامًا، خصوصًا بالنسبة للأهداف الروسية في أفغانستان، بحسب التحليل. فعلى المدى القريب، تهدف سياسة روسيا إلى تسريع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، مع الحفاظ على نفوذها لدى الحكومة الأفغانية والفصائل الأخرى، بالإضافة إلى طالبان.

ولا يبدو أيضًا أن روسيا تريد عرقلة عملية السلام الجارية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية، إذ يبدو هذا مسارًا مؤكدًا للانسحاب الأمريكي. فلماذا تشن روسيا مثل هذه العملية، إن لم يكن هدفها تمكين طالبان من السيطرة على أفغانستان؟

من الصعب التأكد من ذلك، ولكن هناك ثلاثة تفسيرات محتملة على الأقل.

أحدها؛ أن هذه حيلة روسية محسوبة لإجبار الولايات المتحدة على الابتعاد، إما عن إيذاء الأفراد الروس أو التعدي على المصالح الروسية. ولكي ينجح هذا الأمر، كانت روسيا بحاجة إلى أن توصل بوضوح رسالة مؤداها أن عملية المكافأة كانت ردًا على أنشطة أمريكية محددة، والهدف منها جعل الولايات المتحدة تتراجع. ومع ذلك، ونظرًا للغموض المحيط بالدوافع الروسية وطبيعة تدخل موسكو، فمن غير الواضح ما إذا كان المسؤولون الأمريكيون تمكنوا من ربط العملية الروسية بأي إجراءات أمريكية أم لا.

التفسير الثاني؛ هو أن روسيا تستخدم أفغانستان في إستراتيجيتها غير المتماثلة الخاصة برفع التكاليف التي تتحملها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، خاصة في خضم وضع عام من المنافسة القوية بين القوى العظمى.

ويعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين أن روسيا تريد أن تحد من حرية الولايات المتحدة على المناورة في هذه المناطق لتعظيم مصالحها الخاصة. ولكن ليس من الواضح أن عملية المكافآت التي قامت بها روسيا في أفغانستان كانت كافية لتكبيد واشنطن المزيد من التكاليف التي تؤثر على إستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة.

ثالثًا، قد يكون هذا ببساطة مجرد تصرف أرعن من جانب عملاء روس محليين، على حد وصف الكاتب. والأدلة المتوفرة في هذا الشأن متضاربة. فمن ناحية، تشير التقارير إلى أن وكالة الأمن القومي أخفقت في إيجاد روابط قوية بين عملية المكافأة والقيادة الروسية. ومن ناحية أخرى، فإن الكشف عن تحويلات مصرفية قدمتها المخابرات العسكرية الروسية لطالبان، وتحول وسيط أفغاني مشارك في العملية للعمل لصالح روسيا؛ يترك الباب مفتوحًا لاحتمال أن يكون الأمر أكثر من مجرد عملية محلية.

هذه العملية يمكن أن تضر ترامب والسلام الأفغاني

إن قرار الإدارة الأمريكية بعدم إصدار تصريح بالرد على روسيا، يتناسب مع التصور الشائع عن تكيف ترامب المستمر مع موقف بوتين العدواني تجاه الولايات المتحدة. ورد ترامب منذ الكشف عن عملية المكافأة يعزز هذا الرأي. فبدلًا عن وضع إطار للرد أو التعبير عن الغضب، لا يزال ترامب يركز على إنكار أنه اُبلغ بالأمر.

وقد شحذ المرشح الرئاسي الديمقراطي المفترض جو بايدن أيضًا جهده في هذه القضية، فيما عبر النواب الجمهوريون في الكونجرس، والديمقراطيون، بالفعل عن قلقهم.

أن الكشف عن التحويلات المصرفية يمثل تحديًا لعملية السلام الأفغانية المتعثرة. ففي شهر فبراير (شباط)، وقعت إدارة ترامب على اتفاق مع طالبان لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان مقابل ضمانات بوقف الأعمال الإرهابية على الأراضي الأفغانية. ومن ثم، فإن المزاعم بأن طالبان كانت تنفذ مهمة روسية سيثير أسئلة – من قادة الحزب الجمهوري وآخرين – حول مدى صدق طالبان في الالتزام بالصفقة حتى النهاية.

وفي الوقت نفسه، هناك أدلة لا تُذكر على أن أعلى مستويات في جماعة طالبان كانت مطلعة على ترتيب المكافآت، الأمر الذي ربما يحد من مدى تأثير هذا الجدل على اتفاق السلام.

«وسط تأثيرات جائحة فيروس كورونا المُستجد، وتعب الجمهور الأمريكي من الحروب في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، من غير المحتمل أن يتصرف السياسيون الأمريكيون على نحو يزيد من ترسيخ وجود الولايات المتحدة في أفغانستان».

*الباحث بمركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى