ترجمات أجنبية

واشنطن بوست: إيتمار بن غفير: كيف أصبح مستوطن متطرف وزيرا إسرائيليا قويا

واشنطن بوست 15-2-2023، بقلم شيرا روبين: إيتمار بن غفير: كيف أصبح مستوطن متطرف وزيرا إسرائيليا قويا

عندما انتقل المستوطن تسيفي سوكوت إلى هذه البؤرة الصخرية على قمة تل بالقرب من مدينة نابلس الفلسطينية في عام 2005، كانت لديه مهمة واضحة: إحباط إقامة دولة فلسطينية بعد انسحاب إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة، وشعر سوكوت بالخيانة من قبل حكومته.

وعليه، قاد جيرانه في موجة من الإرهاب عبر القرى الفلسطينية، شملت حرق المنازل والمساجد والسيارات وبساتين الزيتون. وقاموا بمواجهة أصحاب الأراضي الفلسطينيين وواجهوا قوات الجيش الإسرائيلية. لكن في كل مواجهة، كما قال، شعروا بالثقة بمعرفة أن لديهم مدافعا لامعا ومخلصا بشدة يقف معهم، ألا وهو المحامي إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي الحالي.

وقال سوكوت (32 عاما) وهو الآن أب لخمسة أطفال، ونائب عن حزب “الصهيونية الدينية”: “إيتمار محام موهوب للغاية. وقد فهم شيئا عن إسرائيل، بدأ المزيد من الإسرائيليين الآن فقط في إدراكه.. يتعلق بالحكم. إننا لا نستطيع السماح لهذا الوحش بالازدهار والنمو”.

وأصبح بن غفير يحتل الآن موقع نفوذ كبير في نفس النظام الذي قضى حياته يتحداه. ويرتبط صعوده السياسي ارتباطا وثيقا بحركة المستوطنين العنيفة.

دعا حزبه القومي المتطرف “القوة اليهودية” إلى طرد الفلسطينيين “غير الموالين”، وضم الضفة الغربية. وحتى العام الماضي، كان حركة هامشية، وفشل مرارا في حشد ما يكفي من الأصوات لدخول الكنيست.

لكن في تشرين الثاني/ نوفمبر، فاز بنيامين نتنياهو، الذي يواجه عقوبة محتملة بالسجن في محاكمة فساد ونفاذ الخيارات، بولاية خامسة كرئيس للوزراء من خلال تنظيم تحالف بين بن غفير وسياسي يميني آخر هو بتسلئيل سموتريتش. عيّن بن غفير وزيرا للأمن القومي، مع حقيبة موسعة تمنحه سيطرة غير مسبوقة على الشرطة الإسرائيلية، وموقعا مقدسا في القدس، وقوات الأمن التي تعمل في الضفة الغربية المحتلة.

في 26 كانون الثاني/ يناير، قتلت غارة للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين بالضفة الغربية 10 فلسطينيين. بعد ذلك بيوم، فتح مسلح فلسطيني النار خارج كنيس يهودي في القدس، فقتل سبعة أشخاص. لاحقا، قتلت غارة إسرائيلية خمسة فلسطينيين في أريحا، فقام فلسطيني بعملية دهس في القدس، قًُتل فيها ثلاثة إسرائيليين.

وعلّق زعيم المعارضة يائير لبيد في اجتماع حاشد مناهض للحكومة في كانون الأول/ ديسمبر: “إن مجرما عنيفا أدين بدعم الإرهاب ولم يخدم يوما واحدا في الجيش، لن يرسل أطفالنا إلى المعركة”.

وكان بن غفير ثالث أكثر السياسيين الذين تمت مقابلتهم في وسائل الإعلام الإسرائيلية في الفترة التي سبقت الانتخابات، وفقا لشركة الأبحاث الإسرائيلية إيفات. قال بن غفير في عام 2021 إن “الفارق الكبير” بين حركته وحركة مئير كهانا، الإرهابي الذي اعتبره قدوته، هو أنهم “يعطوننا ميكروفونا”.

وتضيف الصحيفة أن بن غفير عندما كان مراهقا في عام 1995، سرق شعار سيارة الكاديلاك لرئيس الوزراء آنذاك يتسحاق رابين. وقال متحدثا أمام واحدة من كاميرات المراقبة: “وصلنا إلى سيارته، سنصل إليه أيضا”. بعد أسابيع، اغتيل رابين على يد متدين متطرف اتهمه بـ”الخيانة” لتوقيعه اتفاقية سلام مع الفلسطينيين.

يقيم بن غفير الآن في مستوطنة كريات أربع المتشددة، في مدينة الخليل. ومثل العديد من المستوطنين الذين يعيشون في عمق الضفة الغربية، لم يولد هناك.

نشأ بن غفير في بيت كردي عراقي علماني في ضاحية مفسيرت تسيون بالقدس. خلال الانتفاضة الأولى، من 1987 إلى 1993، كان محبطا مما اعتبره رد فعل إسرائيلي غير ملائم للإرهاب الفلسطيني، أصبح منسقا للشباب في “كاخ”، الحركة المتطرفة التي يقودها كاهانا والتي دعت إلى الطرد القسري لجميع الفلسطينيين من إسرائيل والأراضي المحتلة. تم حظر الحركة من قبل إسرائيل في عام 1994، وأُعلنت منظمة إرهابية في العام التالي من قبل الولايات المتحدة، إلى جانب كندا واليابان والاتحاد الأوروبي.

يتباهى بن غفير بأنه اعتُقل مئات المرات، ووجهت إليه لوائح اتهام 53 مرة وأدين سبع مرات، بما في ذلك بتهم التحريض على العنصرية ضد العرب.

كان دعمه للتشدد اليهودي هو الذي جعله يمتهن المحاماة، ودافع عن الجيل القادم من المستوطنين المتدينين العنيفين. كان من بينهم رجلان اتُهما في عام 2015 بإحراق منزل عائلة في قرية فلسطينية مما أسفر عن مقتل رضيع يبلغ من العمر 18 شهرا ووالديه. نتنياهو وصف الحريق المتعمد بأنه “إرهاب يهودي” وردّ بن غفير قائلا: “لم تكن هناك ظاهرة كهذه”.

في عام 2012، دخل بن غفير السياسة، على الرغم من فشل حزبه في تجاوز العتبة في الانتخابات بعد الانتخابات. كان لا يزال ينظر إليه على أنه شخصية هامشية، يسعى جاهدا لتحقيق الأهمية. لكنه أظهر في ربيع عام 2021 أنه يتمتع بنفوذ في الشارع. مع اندلاع أعمال العنف بين إسرائيل والمسلحين في غزة، اشتبكت حشود مسلحة من الإسرائيليين والفلسطينيين في المدن المختلطة بين اليهود والعرب. قاد بن غفير مئات المستوطنين الذين تطوعوا للقيام بدوريات في الشوارع، ومرافقة المواطنين اليهود عبر الأحياء التي أصبحت مناطق نزاع واشتبكوا مع العرب. واتهم مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي، بن غفير وحمّله مسؤولية ذلك الخطأ، وقال إن “الانتفاضة الداخلية” كانت جزئيا بسبب تحريضه للمستوطنين المتطرفين.

خلال حملته في الخريف الماضي، تعهد بن غفير “بإظهار من هو صاحب الأرض هنا”، وهو تعهد مشفر باستخدام اليد القوية لاستعادة القانون والنظام في المدن الإسرائيلية ومستوطنات الضفة الغربية.

وبات شبتاي، قائد الشرطة الذي انتقد بن غفير، يقدم الآن تقاريره إليه. وكذلك الأمر بالنسبة لوحدات الشرطة التي تعمل مع أجهزة الأمن الإسرائيلية لمحاربة الإرهاب اليهودي الذي يدعي بن غفير أنه غير موجود.

التقى رفائيل موريس ببن غفير لأول مرة عندما انضم إلى “شباب التلال” وهم المستوطنون الراديكاليون الشباب الذين احتلوا بشكل غير رسمي أكثر من 100 تل في أنحاء الضفة الغربية المحتلة منذ التسعينات. ووصف موريس (27 عاما) صعود بن غفير السياسي بأنه “علامة على أن الأمور قد تتحرك في الاتجاه الصحيح هنا أيضا”. وقال إنه لطالما كانت العلاقة بين الحكومة وشباب التلال واحدة من “التعاون من وراء الكواليس”. يتذكر موريس أنه توقع هو وأصدقاؤه الاعتقال، لكنهم كانوا واثقين من أن الدولة كانت في نهاية المطاف إلى جانبهم. ودائما ما أخذوا بنصائح بن غفير إذا تم القبض عليهم.

الأصدقاء والمنتقدون يقرون بقدرته على تجاوز حدود القانون الإسرائيلي، لتخريب الدولة من الداخل. فبينما ينصح المستوطنين حول كيفية ممارسة حقوقهم المدنية بشكل أكثر فاعلية، يدعو إلى حرمان الفلسطينيين من حقوق مماثلة.

في الآونة الأخيرة، دعا إلى حظر رفع العلم الفلسطيني، كما قام بتدريب أصدقاء موريس الناشطين على تحدي الوضع القائم في المسجد الأقصى. وعلى مدى عقد من الزمان، وفي تحدٍ لمراسيم الشرطة، حاول موريس ذبح “حمل” في ساحات المسجد الأقصى، وهي طقوس توراتية يعتقد أنها ستقرب اليهود من الهدف النهائي المتمثل في إعادة بناء الهيكل. وحذرت الشرطة الإسرائيلية من أن ذلك قد يشعل حربا في المنطقة.

ومع وجود بن غفير الآن مسؤولا عن الشرطة، يأمل موريس أن يتمكن من أداء الطقوس خلال عيد الفصح في نيسان/ أبريل. في البلدات بجميع أنحاء إسرائيل، وفي مستوطنات المتطرفين في الضفة الغربية، يكرر أنصار بن غفير نفس المنطق، وهو مزيج من التفكير السحري والمصير الواضح، أن الأمن لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التصعيد.

ويعتقدون أن السيطرة على المرتفعات ستسمح لإسرائيل بشن حملة فعالة ضد المسلحين الفلسطينيين. قال يوسي كلاين هاليفي، الزميل البارز في معهد شالوم هارتمان، الذي عمل مع كهانا قبل أن يصبح “عنصريا مروعا” إن الفكرة مقتبسة من كهانا.

قال هاليفي: “حجتهم هي أنه بعد 2000 عام من الصلاة للعودة إلى أقدس موقع لدينا، الحرم القدسي، كيف نمنع أنفسنا من تنفيذ حقوقنا هنا؟”. بالطبع يتجاهل حقيقة أن الحرم القدسي هو نقطة البداية للصراع.

الشهر الماضي، في واحدة من أولى أعماله في منصبه، قام بن غفير بجولة في الحرم القدسي، في تحدٍ لحماس ونتنياهو، اللذين حثاه على تأجيل الزيارة. قال بن غفير: “دعهم يفهموا أن الزمن قد تغير”.”أظهر بن غفير، حتى الآن، ضبطا نسبيا للنفس في مجالات أخرى، ودعم إجراءات “مكافحة الإرهاب” التي تتماشى مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الإسرائيلية الأخيرة. لكنه دفع أيضا من أجل أحد أهدافه الراسخة والأكثر راديكالية: الضم العملي، إن لم يكن رسميا، للضفة الغربية.

في مؤتمر صحافي الشهر الماضي، سأل مراسل واشنطن بوست، بن غفير عن خططه لمعالجة عنف المستوطنين في الضفة الغربية. ضحك وقال وهو يبتسم: “عليكم جميعا التوقف عن ترتيب الأشياء بالترتيب الخاطئ. هناك حالات فردية للعنف من قبل السكان اليهود ضد العرب، وأنا على علم بها، ولكن هناك آلاف العرب الذين يمارسون العنف ضد اليهود”.

 

 

The Washington post: Itamar Ben Gvir: How an extremist settler became a powerful Israeli minister

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى