أقلام وأراء

هل فعلا اسرائيل تحتاج المليار دولار للقبة الحديدية ؟

بقلم  د. أماني القرم *- 26/9/2021

‏خبر عاجل وصادم قبل عدة أيام سيطر على معظم القنوات الاخبارية مفاده أن مجلس النواب الامريكي ‏سحب بندا يقضي بمنح اسرائيل تمويل عسكري بقيمة مليار دولار من مشروع قانون عام لتمويل الحكومة ‏الفيدرالية الامريكية، وذلك بناء على تهديدات التقدميين في الحزب الديمقراطي بعدم الموافقة على تمرير ‏القانون ككل. ‏

هذه المليار دولار كانت اسرائيل قد طلبتها في حزيران الماضي كمساعدة طارئة بحجة تجديد مخزون ‏صواريخ القبة الحديدية التي يبدو انه قد تم استنفادها خلال العدوان الاخير على غزة ايار 2021. ‏

لكن لم يمض يومين على الخبر حتى صدر عكسه. حيث تم إدراج بند منحة المليار دولار لاسرائيل (بفعل ‏أحد الزعماء الديمقراطيين) في اللحظات الاخيرة وتحديداً قبل ست ساعات فقط من نية المصادقة على ‏مشروع قانون اخر يتعلق بالتمويل الانفاقي لوزارة الدفاع الامريكية . المفاجأة أن التصويت عليه تم بأغلبية ‏ساحقة في مجلس النواب وكأنها اعتذار ضمني من المجلس والنواب على (الخلل الفني) الذي أجّل ‏المصادقة على المليار دولار كما تم وصفه من قبل وزير خارجية اسرائيل يائير لبيد!‏

‏ وخلال اليومين مابين السحب والموافقة ، اشتعلت حفلة من النقاشات والاتهامات المستعرة على تويتر بين ‏المؤيدين لضرورة دعم اسرائيل الحليفة وحماية امنها وابنائها!! وبين المعارضين والمتسائلين حول حاجة ‏اسرائيل الفعلية للمليار دولار المقتطعة من اموال الضرائب الامريكية ؟ لأن الكونجرس يموّل بالفعل القبة ‏الحديدية ولم تثبت اسرائيل الحاجة الى مليار دولار اضافي. ومنذ العام 2011 منحت الولايات المتحدة ما ‏يقارب 1.7 مليار دولار لتمويل القبة الحديدية . طبعا هذا بالإضافة الى 3.8 مليار دولار السنوية التي ‏أقرّت في العام 2016 ولمدة عشر سنوات بناء على مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الرئيس باراك أوباما ‏وبنيامين نتنياهو والتي بدأت فعاليتها منذ العام 2019 وستستمر حتى 2028. وهي بالمناسبة امتداد لمذكرة ‏سابقة بدأت في العام 2007 وانتهت في العام 2018 . أي أن اسرائيل الدولة الغنية لديها القدرة على ‏تمويل القبة دون الحاجة للدفع من اموال الضرائب الأمريكية. ‏

كما يثير المعارضون لتمرير بند المليار دولار للقبة الحديدية مسألة غياب الشروط والقيود المرافقة للمساعدة ‏الامريكية لاسرائيل بالرغم من سجلها الاسود في حقوق الانسان وانتهاكاتها واعتداءاتها على الفلسطينيين . ‏على الرغم أنه قبل عشرة أيام فقط جمدت الادارة الامريكية 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية ‏لمصر بسبب قضايا حقوق الانسان. ‏

الحقيقة أن النقاش فتح نوافذ كثيرة للأسئلة لم تكن معهودة من قبل في المجتمع الامريكي وبين النواب في ‏الكونجرس الذي يعد معقل الدعم غير المشروط لاسرائيل . فبفضل الكونجرس، اسرائيل الدولة الوحيدة ‏عالميا التي تحصل على المساعدات الأمريكية دون شروط . وهي تحتل المرتبة الاولى دون منازع في تلقي ‏الاموال الامريكية منذ الحرب العالمية الثانية حيث حصلت على ما يقارب 146 مليار دولار في شكل ‏مساعدات . وبفضل الكونجرس تمنح اسرائيل مزايا تفوق اكبر حلفاء الولايات المتحدة لضمان ما يسمى ‏التفوق النوعي العسكري والذي يشمل : ‏

  • السماح لإسرائيل بالوصول الى تكنولوجيا صناعة الاسلحة الامريكية . مع إمكانية إنفاق الأموال ‏الأمريكية على شراء الأسلحة من الشركات الاسرائيلية وليس شرطا الامريكية كسائر الدول . كما ‏يسمح لها /خلافا عن باقي الدول/ بالدفع بالتقسيط لموردي الاسلحة الامريكان في حين يشترط الدفع ‏الفوري مقدما لسائر بلدان العالم .‏
  • في الحالات التي تعمل فيها اسرائيل ودولة عربية على نفس البرنامج العسكري الامريكي ، تتلقى ‏اسرائيل نسخة اكثر تقدما وتطورا ويتاح لها تعديل البرنامج بما يتناسب مع متطلباتها بعكس ‏نظيرتها العربية.‏‎ ‎
  • ترسل المساعدات الأمريكية لإسرائيل في الثلاثين يوما الأولى من السنة المالية، بينما تنتظر ‏الدول الأخرى التي تتلقى المساعدة الى ما بعد ذلك . وليس شرطا ان تستخدم اسرائيل المبلغ ‏المقدم لها بل تضعه في البنك وتحصل على فوائد مما يجعل الرقم الذي تتلقاه يفوق المبلغ الاصلي ‏‏! ‏

السؤال : هل اسرائيل استخدمت المليار السابق لتكون بحاجة لمليار قادم؟؟ باتريك ليهي رئيس لجنة ‏الاعتمادات في الكونجرس بدا متشككا للسرعة في تمرير المليار دولار لاسرائيل قائلا: اسرائيل لم ‏تستخدم بعد المال الذي تم تخصيصه لها مسبقا !!؟؟

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى