شؤون فلسطينية

هل سيستعيد الفلسطينيون منطقة ألأغوار ومتى…؟؟

 مركز الناطور للدراسات والابحاث

اكثر من45 عاما مضت على إحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وما يزيد على ال20 عاما من المفاوضات السرابية في إطار عملية السلام، وعروق الفلسطينيين تزداد عطشا وأراضيهم الزراعية تزداد جفافا وتصحرا عاما بعد عام، رغم ما حملته هذه العملية من مباديء أخلاقية وإنسانية مُجَمَّلة بشعارات حسن النوايا وحسن الجوار ووعود وإلتزامات وإتفاقيات وبروتوكولات وقعت مع ألطرف ألأسرائيلي بضمانات وتعهدات من قبل كافة الأطراف الدولية الراعية لعملية السلام التي طالبت جميعها بأحترام الحقوق المشروعة للفلسطينيين ومطالبهم ومصالحهم العاجلة وعلى رأسها وفي مقدمتها حق تقرير المصير…

إلا ان شيئا من كل تلك المباديء وألألتزامات والوعود والتعهدات وألأتفاقات لم يتحقق، ومن ضمنها ما يتعلق بأستعجال إستعادة الفلسطينيين لمواردهم وثرواتهم الطبيعية وفي مقدمتها حقوقهم المائية المغتصبة والمنهوبة في أحواض المياه الجوفية المشتركة وفي حوض نهر ألأردن، نظراً للوضع المائي الحرج والكارثي المتفاقم يوما بعد يوم في كافة مناطق الضفة الغربية وأشدها في قطاع غزة والتي تشكل دليلا قويا للحقائق القائمة على ألأرض، وكذلك ما آلت اليه ألأوضاع الزراعية في منطقة ألأغوار الفلسطينية التي تحولت الى شبه مناطق صحراوية قاحلة، بعد ان كانت تشكل سلة غذاء فلسطين قبل العام 1967 وقبل قيام اسرائيل باغلاق مخارج نهر ألأردن على الساحل الجنوبي من بحيرة طبريا بشكل كامل لوقف تدفق وجريان المياه الى الجزء السفلي من النهر المحاذي لمناطق ألأغوار.

غادر اللون الربيعي ألأخضر وهو لون الحياة معظم منطقة ألأغوار الفلسطينية التي تحولت تدريجيا بعد ألأحتلال ألأسرائيلي للضفة الغربية، من اراضي زراعية خضراء الى اراضي جرداء جفت عروق نباتاتها واشجارها، بسبب فقدان المزارعين الفلسطينيين لمصادر المياه التي كانت متاحة لديهم وخاصة مصادر مياه نهر ألأردن التي توقف جريانها بالكامل في المجرى السفلي، بعد ان تم تحويل مياه هذا النهر الى اواسط السهل الساحلي وشمالي النقب.

 المياه هي الحياة وهي عنصر البقاء للبشر والشجر وكل شيء حي، وقوله تعالى : “وجعلنا من الماء كل شئء حي”. المياه هي أسباب النزاعات بين الدول وهي في نفس الوقت جسر للسلام، وبسبب المياه تنشأ الصراعات وتنشب الحروب، وعلى المياه تقوم اتفاقيات التعاون والعيش المشترك ويسود ألأمن والسلام وهذا ما يعرفه العالم أجمع بما في ذلك ألأسرائيليين.

الفلسطينيون اصحاب حقوق ثابتة في مياه حوض نهر ألأردن إستنادا الى مرجعيات القانون الدولي في كافة الجوانب والعوامل وألحقائق التاريخية والجغرافية والهيدرولوجيا والسياسية وغيرها، إلا انهم ممنوعون من الوصول الى ضفة النهر منذ العام 1967، ومحرومون من ألأنتفاع بحقوقهم المائية من مياهه.

 كانت مياه نهرألأردن تشكل شريان الحياة الزراعية لمنطقة ألأغوار، والتي كانت تعتبرسلة الغذاء للفلسطينيين قبل العام 1967، نسبة 55% من ألأراضي الزراعية المروية في الضفة الغربية كانت ضمن اراضي الأغوار الفلسطينية، واكثر من 60% من انتاج الخضروات في الضفة الغربية كان مصدرها منطقة ألأغوار، و 45% من الحمضيات و100% من انتاج الموز.

كان المزارعون الفلسطينيون يعتمدون على مياه نهر ألأردن بشكل رئيسي، بألأضافة الى مياه الينابيع والأودية الجارية وألأبار الزراعية، عدد ألأبار الزراعية التي تم حفرها قبل العام 1967 بلغ 169 بئرا، لم يتبقى منها حاليا سوى 90 بئرا عاملا، ولكن إنتاجيتها إنخفضت كثيرا وأسبحت محدودة جدا تتراوح بين 10 ال 20 متر مكعب في الساعة للبئر الواحدة، وأما باقي ألأبار فقد جفت او دمرت من قبل الجيش ألأسرائيلي، كما ان عددا كبيرا من تلك ألأبار أغلقت بسبب ملوحة مياهها العالية او لأسباب فنية تعذر على أصحابها اصلاحها، اما الينابع فعددها في منطقة الأغوار 16 نبعا، جف منها بشكل كامل 6 ينابيع رئيسية منها مجموعة بردلة والفارعة وفصايل والعوجة،ويعود السبب الرئيسي في جفاف تلك الينابيع قيام اسرائيل بحفر ابار عميقة بأنتاجية عالية جدا بالقرب من تلك الينابع، كما تراجعت انتاجية الينابيع المتبقية بنسبة عالية بلغت حتى 80 % لنفس السبب، ولم تعد تجري المياه الموسمية في ألأودية الجانبية على امتداد منطقة غور وادي ألأردن.

تعتبر اراضي منطقة ألأغوار من افضل ألأراضي الزراعية في الضفة الغربية وتقدر المساحة القابلة للري والزراعة بحوالي 550 الف دونم تمتد معظمها بمحاذاة مجرى نهر ألأردن، لذلك تم أغلاقها بالكامل من قبل سلطات ألأحتلال ألأسرائيلي ولم يتبقى بيد المزارعين الفلسطينيين سوى ألأراضي الزراعية الواقعة داخل المدن والبلدات والقرى وفي محيطها اي داخل ما يسمى بالمنطقة “أ” والمنطقة “ب”، وقد لا تتجاوز مساحتها حاليا 45 الف دونم.

كما ان منطقة ألأغوار غنية بالثروات الطبيعية ألأخرى والتي تحتاجها معظم قطاعات التنمية الرئيسية، حيث كان بأمكان الفلسطينيين تطوير هذه المنطقة وجعلها إحدى ركائز خطط وبرامج التنمية في العديد من المجالات ألأخرى غير الزراعة، تشمل على سبيل المثال لا الحصر، إقامة مناطق صناعية مركزية للصناعات المتوسطة والثقيلة، ومناطق وقرى سياحية داخلية وعلى شواطيء البحر الميت، التطوير والتوسع العمراني وبناء المدن والمناطق السكنية الحديثة حيث تتوفر ألأراضي الشاسعة، بناء مطار دولي، وغير ذلك.

لكن ألأسرائيليون حالوا دون ذلك ومنعوا تحقيق اي نشاط تنموي للفلسطينين، وحولوا منطقة ألأغوار بكاملها الى معسكرات للجيش الأسرائيلي والى مناطق عسكرية مغلقة ومستوطنات ومحميات طبيعية ومناطق ممنوعة على الفلسطينيين مصنفة “ج ” اصبحت تتجاوز نسبة مساحتها 88.3% من المساحة ألأجمالية لمنطقة غور وادي الأردن، منها 17% مساحة المستوطنات، 27% محميات طبيعية مغلقة، 54% مناطق عسكرية مغلقة، اما المساحات المتبقية والتي تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية فتقدر بنسبة 11.7% من مساحة كامل غور وادي ألأردن وهي مصنفة “أ” و”ب” وتشمل مدينة اريحا والبلدات والقرى الفلسطينية .

يقدرعدد المستوطنات ألأسرائيلية في منطقة ألأغوار 38 مستوطنة، وهي جميعها مستوطنات زراعية تضم:

ميخولا، سيليت، شيدموت ميحولا، روتم، حمدات، روعي، بيت زايل، بقعوت، حمرا، ميخورا،

 أرجمان، مسواه، يافيت، معاليه إفرايم، جيتيت، تومر، جلجال، هجدود، نيران، يتاف، شيلو متصيون، هاشاخور، اليشع، نعما، مول نيفو، متسبيه جريكو، فيريد جريكو، مول نيفو، بيت هعارافا، الموج، جاليا.

هذا بألأضافة الى المساحات الزراعية الشاسعة والتابعة لتلك المستوطنات، وتشمل مزارع التمور والعنب والخضروات وألموز ومزارع الدواجن وتربية المواشي وغير ذلك.

أكثر من 45 عاما وأراضي الأغوار الزراعية محرومة من مياه حوض نهر الأردن، كامل مناطق ألأغوار الفلسطينية المحاذية للنهر والتي تضم افضل ألأراضي الزراعية في فلسطين قد تحولت الى اراضي جافة وشبه صحراوية، والوضع المائي في كافة ألأراضي الفلسطينية صعب للغاية، وصل الى حالة ألأزمات الحادة والحرجة في معظم مناطق الضفة الغربية والى حالة الكارثة الشاملة في قطاع غزة. لم يعد لدى الفلسطينيين مياه كافية للشرب والمنزل ولا للزراعية في كافة مناطق الضفة والقطاع، السنوات ال20 لعملية المفاوضات، زادت من عطش الفلسطينيين وزادت من إتساع مناطق الجفاف والتصحرلأراضيهم الزراعية.

للفلسطينيين حقوق مشاطئة كاملة في حوض نهر ألأردن تستند الى مباديء وقواعد القانون الدولي وفي مقدمتها ما يعرف بأتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في ألأغراض غير الملاحية لعام 1997 وألقواعد وألأسس الناظمة لهذا القانون، وتقدر حصة الأراضي الفلسطينية من التصريف السنوي للحوض 220 مليون متر مكعب، وفق المرجعيات القانونية ومنها معايير وقواعد هلسنكي ومبدأ الأستخدام المنصف والمعقول، وهي الحصة التي اقرها المبعوث ألأمريكي الى الشرق الأوسط اريك جونستون في خطته المعدلة في عام 1955.

إسرائيل نفسها أقرت بجدول توزيع الحصص الذي اعتمدته خطة المبعوث ألأمريكي جونستون ومن ضمنها حصة ألأراضي الفلسطينية وفق الكميات المشار اليها اعلاه لري 250 الف دونم من اراضي ألأغوار الفلسطينية، من خلال إنشاء قناة الغور الغربية لنقل تلك المياه . لم يكن انذاك أي إعتراض من قبل ألأسرائيليين على الخطة ألأمريكية بما في ذلك الحصص ومكونات الخطة من منشأت وأشغال تشمل قناة الغور الشرقية لنقل المياه من بحيرة طبريا ونهر اليرموك الى مناطق ألأغوار ألأردنية وفي نفس الوقت تغذية قناة الغور الغربية عبر سيفون ناقل لتزويد المياه الى مناطق ألأغوار الفلسطينية، وهذا ألأمر مثبت بمحاضر ألأجتماعات والمراسلات التي تمت بين المبعوث ألأمريكي أريك جونستون خلال زياراته المكوكية للمنطقة خلال الفترة 1953-1955 مع المسؤولين ألأسرائيليين إبان حكومة ديفيد بن غوريون، وبأمكان الراعي ألأمريكي لعملية السلام الرجوع الى تلك الوثائق الموجودة في مكتبة الكونغرس ألأمريكي وفي ارشيف البيت الأبيض ألتحفظات التي حالت دون تنفيذ خطة المبعوث ألأمريكي جونستون كانت من الجانب العربي وليس من الجانب ألأسرائيلي، ولأسباب سياسية معروفة وليس فنية، حيث إعترضت الدول العربية على ألية تخزين وتوزيع حصص المياه والتي تخضع وفق الخطة للتحكم ألأسرائيلي عبر بحيرة طبريا، ولذلك رفضها العرب وفضلوا ان يتم نقل تلك الحصص مباشرة الى كل طرف وفق ما تضمنته مكونات الخطة العربية من تفاصيل فنية وهندسية بهذا الخصوص .

—————————————————–

 توزيع حصص مياه الحوض وفق خطة جونستون المعدلة : توزيع مصادر مياه حوض نهر ألأردن حسب خطة جونستون المعدلة والتي قدمت الى ألأطراف المعنية خلال الجولة ألأخيرة للمبعوث ألأمريكي في شهر شباط من العام 1955 وأصبحت تعرف بمشروع جونستون المعدل الذي وافقت عليه جميع ألأطراف العربية وإسرائيل، ولكن وكما أشرنا سابقا تحفظالعرب على مسألة تخزين المياه في بحيرة طبريا :

سوريا: 132م م م (90 م م م من بايناس + 20 م م م من الحاصباني + 22 م م م من اليرموك)

لبنان : 35 م م م من الحاصباني

الاردن وألأراضي الفلسطينية : 720 مليون متر مكعب، منها 220 مليون متر مكعب خصصت اري أراضي منطقة ألأغوار الفلسطينية، مصادر هذه الكميات المياه (310م م م من مياه نهر اليرموك – 25م م م من مثلث اليرموك + 100 م م م من نهر الأردن من بحيرة طبريا – 285 من ألأودية الجانبية )

اسرائيل :400 م م م (375 مليون متر مكعب من نهر ألأردن / الجزيء العلوي+25 م م م من مثلث اليرموك )

تتضمن المشروع التأكيد على استخدام بحيرة طبريا كخزان طبيعي لمياه اليرموك والفائض من نهر الأردن

—————————————————–

بناء على ما تقدم فأن مسألة الحقوق والحصص للأطراف المشاطئة لهذا الحوض بما في ذلك الطرف الفلسطيني ليست بحاجة الى طاولة مفاوضات وإنما الى اتفاق فني حول ألية تنفيذ التفاهمات السابقة بهذا ألشأن، إستنادا الى القانون الدولي والى مرجعيات ووثائق خطة جونستون المعدلة والى ألأتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني وألأسرائيلي في اطار عملية السلام وخاصة اتفاقية اعلان المباديء والتي تستند الى وجوب احترام كل طرف لحقوق ومصالح الطرف ألأخر، والى البند المادة ألأربعون من إتفاقية طابا المرحلية بشأن اعتراف الجانب الأسرائيلي بمسألة الحقوق المائية للفلسطينيين وإلتزامه بتسهيل حصول الفلسطينيين على كميات مياه إضافية من كافة المصادر بما في ذلك من مياه حوض نهر ألأردن.

 نقول لا حاجة لمفاوضات جديدة حول مياه حوض نهر ألأردن، لأن قواعد وأسس المرجعيات القانونية اعلاه تشكل بحد ذاتها وضوحا كاملا لحقوق كل طرف، وما على الأطراف المعنية في الحوض بما في ذلك الطرفين الفلسطيني وألأسرائيليي القيام بتشكيل لجنة فنية عليا تختص بتحديد أليات توزيع ونقل حصص المياه لكل طرف .

ألأسرائيليون يريدون كل شيء ولكنهم غير مستعدين لأعطاء أي شيء، يريدون انهاء النزاع وإحلال السلام مع جيرانهم وشركائهم في عملية البحث عن السلام وفي نفس الوقت يتنكرون لحقوق ألأخرين، ويتنكرون للحقائق التاريخية والجغرافية والهيدرولوجية التي اشرنا اليها والتي تشكل عوامل ومعايير قانونية للحقوق المائية الفلسطينية وفق مباديء القانون الدولي كما اوضحنا ..

مباشرة بعد انتهاء حرب ألأيام الستة عام 1967 قامت إسرائيل بتدمير كافة المنشاءات ومحطات الضخ الفلسطينية التي كانت مقامة على إمتداد ألأراضي الفلسطينية مع النهر وإغلاق هذه المنطقة وإعتبارها منطقة عسكرية يمنع على الفلسطينيين الدخول اليها والوصول الى مجرى النهر، وهو ما شكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي .

 كافة ألأجراءات التي نفذتها اسرائيل في مناطق الجزء العلوي من الحوض وفي حوض بحيرة طبريا وفي مجرى الجزء السفلي من الحوض، في كافة اشكالها وأبعادها، تعتبر إجراءات مخالفة للقانون الدولي وللمباديء وألأسس التي قامت عليها عملية السلام منذ إنطلاقها في مدريد عام 1991، والتي اساسها مباديء حسن النوايا وحسن الجوار وإلتزام كل طرف بأحترام حقوق ومصالح الطرف ألأخر، وضمان عدم التسبب بالضرر، وتلك ألأجراءات اصبحت تشكل عقبة كبيرة في وجه المساعي والجهود التي تبذل لأحلال السلام وإنهاء الصراع.

بعد ان اصبحت إسرائيل تمتلك القوة العسكرية القوية لمواجهة العرب مجتمعين، تغيرت كافة مواقفها من قضايا الصراع مع العرب وخاصة مع الفلسطينيين، وأصبحت المواقف ألأسرائيلية اكثر تشددا وعداوة تجاه الحقوق العربية ومن ضمنها بل وعلى رأسها قضايا الوضع الدائم مع الفلسطينيين وخاصة القدس واللاجئين والحدود والمياه

 فقد اصبح الجانب ألأسرائيلي يعتبر قضية حقوق المشاطئة للفلسطينيين في حوض نهر الأردن بمثابة مسألة سياسية مرتبطة بقضية الحدود ولذلك رفض المفاوضون ألأسرائيليون الحديث حول هذا الموضوع في إطار لجنة المفاوضات للوضع الدائم حول المياه ورفضوا إعتبار الفلسطينيين طرفا مشاطئا ويدعون بأن للفلسطينيين حقوق في الأودية الجانبية المشتركة بين الطرفين فقط لا غير، وليس في مياه مجرى نهر ألأردن علما بانه في واقع الأمر لا توجد أودية جانبية مشتركة ذات اهمية مائية وما هو موجود ليس الا عدد قليل من مجاري فرعية لبعض الأودية الجانبية التي قد لا يتجاوز معدل تصريفها السنوي عن 2 الى 3 مليون متر مكعب وغالبيتها مياه فياضانات موسمية لا يمكن إسثمارها.

بمعنى ان ألأسرائيليين قد قرروا إنهاء المفاوضات حول حقوق الفلسطينيين في حوض نهر الأردن قبل ان تبدء، حيث لا إعتراف بحقوق مشاطئة ولا بحقوق ادارة مشتركة ولا ايضا بحقوق الأنتفاع بمياه مجرى النهر، وبأن حدود ما قبل الرابع من حزيران لعام 1967 هي بمثابة حدود وهمية غير موجودة إلا في مخيلة الفلسطينيين، لأن الفلسطينيين ببساطة وكما يدعي الجانب ألأسرائيلي، ليسوا طرفا سياسيا بحدود الحوض ولا حدود تاريخية وسياسية لهم في هذا الحوض، هذا هو الموقف المعلن مرارا وتكرار عبر وسائل ألأعلام وعلى طاولة المفاوضات وعلى أساسه يستمر الجانب ألأسرائيلي بتصرفاته وممارساته العنصرية تجاه الحقوق المائية الفلسطينية.

—————————————————–

خلفية هيدرولوجية حول حوض نهر ألأردن : تتشكل مياه حوض نهر ألأردن من أربعة روافد رئيسية تقع منابعها داخل ألأراضي العربية وتضم : حوض نهر الحاصباني وتقع منابعه في لبنان ويقدر معدل تصريفه السنوي الدائم بحوالي 145 مليون متر مكعب، نهر بانياس وتقع منابعه في سوريا ويقدر معدل تصريفه السنوي الدائم135 مليون متر مكعب، نهر الدان الذي يتغذي بشكل كامل من مياه وثلوج جبل الشيخ ولذا تبقى مياهه باردة طيلة السنة ويقدر معدل تصريفه السنوي الدائم 255 مليون متر مكعب، الرافد الرابع وهو نهر اليرموك الذي تقع منابعه الرئيسية في منطقة حوران في سوريا ويقدر معدل تصريفه السنوي الدائم بحوالي 400 مليون متر مكعب هذا بألأضافة الى مياه الروافد هناك تصريف مياه ألأودية التي تنحدر من هضبة الجولان بمعدل 123مليون متر مكعب، ومياه ألأودية التي تنشأ من جبال الجليل الغربي وسهل الحولة بمعدل تصريف سنوي يصل الى حوالي 60 مليون متر مكعب، ومياه ألأودية الجانبية المنحدرة من الجبال الغربية للأردن والتي يقدر معدل تصريفها في الحوض حوالي180 مليون متر مكعب، ومن الجهة المقابلة تنحدر اودية الضفة الغربية بأتجاه الحوض بمعدل تصريف سنوي حوالي 22 مليون مت مكعب .

أي ان مجموع مصادرالمياه التي تغذي حوض نهر ألأردن من المنابع التي تقع داخل ألأراضي العربية يقدر بحوالي 1260 مليون مترمكعب، تشكل نسبة تصل 95.5% من مجموع المعدل السنوي للتصرف النهري، ومن داخل إسرائيل فأن مجموع التصريف السنوي الذي يغذي الحوض لا يتجاوز 60 مليون متر مكعب اي ما يشكل نسبة 4.5 % فقط من إجمالي التصريف الدائم للنهر .

شهد حوض نهر ألأردن العديد من الخطط والمشاريع المقترحة لتنمية الحوض وتقسيم موارده المائية بين ألأطراف المشاطئة بشكل منصف، وقد كان ابرز وأهم وأخرتلك الخطط والمشاريع ما عرف بخطة المبعوث ألأمريكي أريك جونستون لعام 1955 وقد إشتملت الخطة على تطوير وتنمية حوض نهر ألأردن وتقسيم مياهه على النحو التالي:

 حصة ألأردن والأراضي الفلسطينية 720 مليون متر مكعب (بالنسبة للأردن يتم الحصول على حصته من نهر اليرموك ومن ألأودية الجانبية، اما بالنسبة للفلسطينيين فيتم الحصول على حصتهم والتي قدرت بحوالي 220 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا عبر قناة الغور الشرقية ومن ألأودية الجانبية).

 وافق العرب كما هو معروف على الجزيء الفني من خطة جونستون بما في ذلك التحصيص المقترح لمياه الحوض، ولكنهم عادوا ورفضوا الخطة بأكملها لأسباب سياسية ولبقاء تحكم ألأسرائليين ببحيرة طبريا.

ألأستغلال القائم لمياه النهر وكما هو معروف فقد أصبح معظمه بيد ألأسرائليين الذين أصبحوا يستغلون 80% من تصريف الحوض بأكمله وقد أقاموا المنشأات على الحوض العلوي في سهل الحولة (يجري ضخ أكثر من 140 مليون متر مكعب سنويا من نهر ألأردن العلوي قبل وصوله الى بحيرة طبريا لري ألأراضي الزراعية في سهل الحولة) وعلى ضفاف بحيرة طبريا للتحكم الكامل بكامل الموارد المائية لهذا الجزء من النهر بألأضافة الى قسم أخرهام من مياه نهر اليرموك (تتكتم إسرائيل على حجم كميات المياه التي يتم ضخها سنويا من حوض اليرموك الى بحيرة طبريا، ويعتقد بأن هذه الكميات لا تقل عن 120 مليون متر مكعب) حيث يتم تحويلها الى البحيرة كما يجري ضخ المياه من شمال البحيرة الى مناطق الساحلي وحتى شمال النقب عبر ما يعرف بمشروع مياه ألأنبوب القطري (تقدر كميات المياه التي يجري ضخها من بحيرة طبريا الى مناطق الساحل وشمال النقب بحوالي 500 مليون متر مكعب)، اما الجزء السفلي من النهر فلم تعد تجري فيه المياه بأستثناء كميات قليلة جدا لا تتجاوز 30 مليون متر مكعب مصدرها مياه الينابيع المالحة ومياه المجاري غير المعالجة التي يتم تصريفها وتحويلها مباشرة الى هذا الجزء من النهر من مناطق طبريا وبيسان وجوارها، مما ادى الى تحول المجرى السفلي الى مجرى لجدول صغير ملوث بالكامل.

—————————————————–

إن مسألة إستعادة الفلسطينيين لحقوقهم المائية في ألأحواض الجوفية المشتركة وفي حوض نهر ألأردن خاصة، تعتبر مسألة بالغة ألأهمية وتمثل اهم عناصر ومتطلبات الأستقرار والسلام، وبدون ذلك فأنه من الصعب على الفلسطينيين تحقيق امنهم المائي والغذائي، فالمياه كما اسلفنا هي الحياة، ولن يكون بأستطاعة الفلسطينيين إقامة دولة قابلة للحياة والبقاء وألأستمرار بدون مياه، ولا حاجة لهم بدولة تؤسس على العطش والجفاف.

الوضع المائي في الضفة الغربية حرج وصعب للغاية، كافة المناطق دون إستثناء تواجه أزمات مياه حادة ومتفاقمة، لا توجد مياه كافية لأغراض الشرب والمنزل، ما يصل المواطن الفلسطيني فعليا من المياه العذبة لا يتعدى 60 ليتر في اليوم ولم تعد مصادر المياه المتاحة تكفي لتلبية 30% من احتياجات الزراعة، اما في قطاع غزة فالوضع كارثي بكل المعاني وألأبعاد البيئية والصحية وألأنسانية، 95 % من مصادر المياه الجوفية الوحيدة والمتاحة في القطاع اصبحت غير قابلة للأستخدام ألآدمي ولا للأغراض الزراعية .

كان ألقطاع الزراعي قبل العام 1967 يشكل اهم وأكبر القطاعات ألأقتصادية للفلسطينيين، حيث كان عدد العاملين في هذا القطاع يزيد على 38%، اما اليوم لم يعد يتجاوز عدد العاملين 11% في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة، كذلك ألأمر بالنسبة للأقتصاد الفلسطيني حيث كان دخل القطاع الزراعي يشكل أكثر من 35% من إجمالي الناتج الوطني المحلي، اما اليوم فلم يعد يتجاوز دخل الزراعة 8%، كما ان مساحة ألأراضي الزراعية في الضفة الغربية تراجعت من 2.5 ملون دونم قبل العام 1967 الى اقل 1.2 مليون دونم حاليا وغالبيتها زراعات بعلية، وفي غزة فقد تراجعت مساحة ألأراضي الزراعية المروية بنسبة 68%، بسبب عدم توفر المياه الصالحة للري .

أكثر المناطق الزراعية تضررا هي منطقة ألأغوار الفلسطينية، التي كانت تشكل سلة الغذاء للفلسطينيين، حيث كانت مساحة ألأراضي التي تروى من مياه نهر ألأردن تزيد على 65 الف دونم، تشمل كافة انواع المحاصيل الزراعية الهامة وخاصة الخضار بأنواعها والموز والحمضيات وكافة انواع الفواكه والتمور بألأضافة الى الثروة الحيوانية الهامة، ولكن سلة الحياة هذه قد دمرت وجفت عروقها، منذ بداية عام 1967 ، وكما اشرنا سابقا لم تعد تجري مياه في ألأودية الموسمية ومعظم الينابيع والعيون قد جفت او تراجع تصريفها بشكل حاد، وقد دمر ألأحتلال ألأسرائيلي كافة مضخات المياه التي كانت مقامة على ضفة النهر، ولم يعد بأمكان الفللسطينيين الوصول الى مياه النهر، وبالتالي لم تعد توجد مصادر مياه متاحة للمزارعين الفلسطينيين بأستثناء بعض ألأبار الزراعية المحدودة جدا والتي تراجعت إنتاجيتها هي ألأخرى وازدادت ملوحتها.

تتعرض الزراعة المروية في المناطق الجبلية وتحديدا في محافظات جنين وطولكرم وقلقيلية وهي اهم المحافظات في الضفة الغربية التي توجد فيها اكبر الأراضي الزراعية المروية، الى تراجع وتقلص كبير في المساحات الزراعية سنة بعد سنة، بسبب حالات ألأستنزاف المتزايد للأحواض المائية الجوفية من قبل ألأسرائيليين (خاصة مصادر مياه الحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي اللذان تنتمي اليهما معظم الأبار الزراعية الفلسطينية) وبسبب التغيرات المناخية وتراجع معدلات ألأمطار، مما اصبح يعرض مستوى سطح المياه الجوفية في ألأبار الزراعية الفلسطينية للهبوط المتزايد وهو ما خلق مشاكل فنية كبيرة تشكل خطورة على وضع تلك ألأبار، ورفع من تكلفة الضخ منها بشكل كبير، أدى في نهاية ألأمر الى انتاج زراعي عالي التكلفة ومرهق لقدرات المزارع وغير ربحي، حيث ينتهي ألأمر بالمزارع الفلسطيني الى إضطراره قهرا لأغلاق بئره وتوقفه عن العمل في الزراعة، وهذا ما حصل مع العديد من المزارعين الفلسطينيين، ويخشى ان يفقد باقي المزارعين الفلسطينين في محافظات الضفة الغربية الزراعية ابارهم بعد ان فقدوا غالبية العيون والينابيع التي جفت نهائيا .

 ولذلك فأن السنوات القليلة القادمة قد تشهد نهاية القطاع الزراعي الفلسطيني في الضفة الغربية بشكل شبه كامل، وبرط هذه المخاوف مع ما يشهده القطاع الزراعي في قطاع غزه من حالات كارثية بسبب ظاهرة إتساع الملوحة العالية في الأحواض الجوفية وتجاوزها نسبة75% من الطبقات الحاملة للمياه الجوفية كما اسلفنا، عليه نستطيع التأكيد والجزم بأن منطقة ألأغوار هي المنطقة الزراعية الوحيدة المتبقية التي يمكن ان يعتمد عليها الفلسطينيون للحصول على حاجتهم من الغذاء حاليا ومستقبلاً، هذا اذا ما تمت إستعادتها بالكامل وإعادة تخطيطيطها وتطويرها، بالتوازي مع إستعادة الحقوق المائية في حوض نهر ألأردن كأولوية قصوى . أما في حالة عدم تمكن الفلسطينيين من استعادة منطقة ألأغوار، فلن يكون بمقدورهم تأمين غذائهم وتحقيق اي نجاح في اي قطاع تنموي مرتبط بالقطاع الزراعي .

تجري المباحثات والمفاوضات بين الفلسطينيين وألأسرائيليين منذ العام 1991، ولم يحصل حتى ألأن اي تقدم في أي اتجاه يخدم مساعي عملية السلام، بل على عكس ذلك تماما، تزداد معاناة الفلسطينيين في كل مناحي الحياة، وفي مقدمتها المعاناة من تفاقم ازمات نقص وتلوث مصادر المياه …فقد الفلسطينيون خلال السنوات التفاوضية العشرين الماضية مساحات كبيرة من اراضيهم بسبب الأستيطان والنشاط العسكري ألأسرائيلي، وفقدوا اكثر من 60% من مصادرهم المائية بسبب جفاف الينابيع وألأبار الزراعية وتراجع مستوى سطح المياه في العديد من ابار مياه الشرب العميقة، وارتفاع الملوحة ومصادر التلوث .

لا يمكن البحث عن سلام في ظل استمرار السيطرة والهيمنة ألأسرائيلية على كل شيء، وخاصة على مصادر المياه، فقدت عملية السلام مصداقيتها وسقطت وفشلت جهود ومساعي ألأطراف الدولية الراعية والداعمة لهذه العملية،لأن ألطرف ألأخر يتنكر للمباديء وألأسس التي قامت على اساسها عملية السلام، فِقد ألأمل في الجهود والمساعي الدولية لتحقيق السلام وأصبحت المفاوضات عملية مفرغة من مضمونها ومضيعة للوقت على حساب المصالح والحقوق الفلسطينية .

 للسلام مباديء وأسس ومفاهيم أخلاقية وإنسانية، وهي المصداقية وحسن النوايا والأحترام المتبادل، وهي ليست اقوالا وإدعاءات يتم التخلي عنها او تحويرها والتهرب منها في كل وقت، بل انها ترجمة عملية وحقيقية على أرض الواقع، للمباديء وألأسس التي إجتمعت ألأطراف المتفاوضة على اساسها في مدريد وبعد مدريد، في اطار المساعي الدولية لأنهاء الصراع التاريخي بين العرب وإسرائيل ولأحلال الأستقرار والسلام الشامل والعادل لمصلحة كافة شعوب المنطقة .

 لقد تضمنت إتفاقية طابا المرحلية لعام 1995 اسسا وأليات للتعاون بين الطرفين في شتى المجالات ومنها المياه، وشكلت لجان ثنائية لهذا الغرض، لجنة للأمور ألأقتصاددية ولحنة خاصة بشؤون البيئية ولجنة للطاقة ولجنة صحية وغيرها ومن ضمنها لجنة المياه المشتركة، لا نريد التطرق والدخول في تقييم ما تم انجازه وتحقيقه في اطار تلك اللجان، إلا اننا نستطيع التأكيد بأن شيئا هاما لم يتحقق في أي مجال من تلك المجالات، إنما ما يهمنا في هذا السياق ما تم تحقيقه في مجال المياه، حيث نستطيع القول والتأكيد بأن الفلسطينيين قد فقدوا وكما اشرت اعلاه أكثر من 60 % من مصادرهم المائية التي كانت متاحة قبل العام 1967، وذلك لأسباب عديدة اهمها عمليات النهب والسرقة والتحويل وألأستنزاف التي يمارسها ألأسرائيليون في حوض نهر ألأردن وفي ألأحواض المائية الجوفية، إضافة الى العوامل الطبيعية وتغيير المناخ، وزيادة الطلب على المياه وما يتتطلبه من ضخ جائر للأحواض المائية. لم يتمكن الفلسطينيون من تطوير مصادرهم المائية بسبب العراقيل وسياسة الفيتو ألأسرائيلي التي مورست ولا تزاال تمارس بشان مشاريع المياه الفلسطينية التي قدمت للحصول على موافقة لجنة المياه المشتركة، وخاصة مشاريع حفر وصيانة ألأبار، كما لم يتمكن الفلسطينيون من ألأنتفاع حتى ألأن من مياه نهر ألأردن، رغم ما تضمنته اتفاقية التعاون وفق المادة ألأربعون من ألأتفاقية المرحلية التي نصت وبكل وضوح، عن وجوب توفير مياه اضافية للفلسطينيين من كافة المصادر كجزء من حقوفهم المائية التي اعترف ألأسرائيليون بها وفق البند ألأول من هذه المادة .

ما تقدم من حقائق يقودنا الى وضع النقاط على الحروف بما يخص قضايا المياه وما يربط هذا ألأمر بعملية السلام، وكما اشرنا بأن المياه هي الحياة وهي البقاء، وبالتالي فأن البحث عن السلام يعني بالدرجة ألأولى ضمان استعادة الفلسطينيين لحقوقهم المائية في كافة ألأحواض المشتركة السطحية منها والجوفية وخاصة في حوض نهر ألأردن، لكي يشربوا ويرووا اراضيهم ويعيدوا الحياة الى منطقة ألأغوار ويستعيدوا سلة غذاء قلسطين من جديد .

لا حاجة لأنتظارالعودة الى طاولة المفاوضات بشأن امور متفق حولها في السابق، فهناك وضع مائي حرج وصعب ومتفاقم بل وكارثي في قطاع غزة وهو ما يعرفه ألأسرائيليون جيدا ويعرفون طبيعة وحجم ومخاطر الأزمات المائية التي تواجه الفلسطينيين، وقد اعترف واقر ألأسرائيليون بحقوق الفلسطينيين المائية في ألأحواض المشتركة ومن ضمنها حوض نهر ألأردن بأعتباره مجرى مائي دولي تتشاطيء فية عدة اطراف من ضمنها الطرف الفلسطيني، وقد تم وضع ألية للتعاون في إطار لجنة فنية مشتركة وهي لجنة المياه المشتركة، وتم تحديد اجندة ومهام وأليات عمل هذه اللجنة، وأهم بنودها تطوير مصادر مياه إضافية للفلسطينيين، قدرت بمعدل 80 مليون متر مكعب خلال فترة المرحلة ألأنتقالية 1995- 1999، لم يتحقق فعليا منها سوى 35% فقط،وبالمقابل فقد الفلسطينيون اكثر من 60 % من مياه الينابيع وألأبار الزراعية للأسباب التي اشرنا اليها اعلاه.

 اذا كان ألأسرائيليون معنيون بالفعل بأنهاء النزاع وبتحقيق السلام المنشود لمصلحة الجميع، ولديهم نوايا حسنة تجاه جيرانهم الفلسطينيين، فليكن ملف المياه وقضايا المياه مدخلا وبرهانا لأثبات حسن النوايا تجاه حقوق الفلسطينيين الثابتة في مصادر المياه المشتركة، حيث ان بأمكانهم ترجمة تلك النوايا الى وقائع عملية ومحسوسة على ألأرض والشروع في تنفيذ العديد من مشاريع المياه المركزية بالتعاون مع الطرف الفلسطيني في اطار لجنة المياه المشترك وليكن مشروع قناة الغور الغربية مشروعا عاجلاً، على أجندة لجنة المياه المشتركة .

ما الذي يمنع من الشروع في بناء قناة الغور الغربية وفق ما تضمنته خطة جونستون، لري مناطق ألأغوار الفلسطينية وإعادتها مجددا لتكون سلة الغذاء الرئيسية للفلسطينيين، وهم بأمس الحاجة لهذ السلة في ظل ظروف إقتصادية اصبحت صعبة للغاية ، وما الذي يمنع ان يبدأ العمل في نقل المياه من بحيرة طبريا عبر نظام ناقل الى اراضي ألأغوار الفلسطينية عبر قناة خرسانية او عبر انبوب ناقل لا فرق، كجزء من الحقوق الفلسطينية في حوض نهر ألأردن .

لماذا يتم ربط مثل هذه ألأمور والمشاريع االملحة بعملية المفاوضات العقيمة، فهذه امور منتهية ومتفق حولها وقد سبق نقاشها وإقرارها في أطار الأتفاقيات الموقعة كما اشرنا، وهناك ألية عمل مفعلة وهي لجنة المياه المشتركة، وهناك جهات مانحة على إستعداد لدعم هذه المشاريع الحيوية التي تشكل دعما قويا لجهود السلام وألأستقرار خاصة في مجال المياه.

لا بديل للفلسطينيين من إستعادة سيطرتهم الكاملة وغير المنقوصة على كامل منطقة ألأغوار اليوم قبل الغد وليس بعد 45 عاما اخرى، والشروع في إعادة بناءها وتطويرها وإستثمار مواردها الطبيعية وفي مقدمتها موارد مياه حوض نهر ألأردن، لتكون احدى أهم ألأسس والقواعد للتنمية ألأقتصادية والأجتماعية المتينة للدولة الفلسطينية المستقلة القادمة وعاصمتها مدينة القدس الشرقية.

اما في حالة رفض ألأسرائيليين التعاون وإصرارهم على مواقفهم تجاه الحقوق المائية الفلسطينية المشروعة وخاصة ما يخص إستعادة الفلسطينيين لحقوقهم في مياه حوض نهر الأردن وتطوير منطقة ألأغوار، والتمسك بأبقاء مناطق غور وادي ألأردن على امتداد مجرى النهر مع الأراض الفلسطينية منطقة مغلقة عسكريا وتحت السيطرة ألأسرائيلية الدائمة فأن ذلك يعني استمرار الصراع وفقدان ألأمل في مساعي السلام، وفي هذه الحالة لا حاجة للفلسطينيين للأستمرار في مفاوضات عبثية لأنه لن يكون بمقدورهم إقامة دولة، ستكون عاجزة عن توفير أهم متطلبات الحياة من ألأمن المائي وألأمن الغذائي لمواطنيها.

————————————————-

إعداد : المهندس فضل كعوش

الرئيس السابق لسلطة المياه

 الرئيس السابق للجنة المفاوضات حول المياه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى