هاني حبيب يكتب بين سايغون وكابول: هل ممكن تجنب المقاربة …؟

بقلم هاني حبيب 2021-08-18
لم تكن هناك أي فرصة لتجنب هذه المقاربة، خاصة على ضوء ما يجمع المشهدين من فوضى الإجلاء سواء من سطح السفارة أو من مطار كابول، وحتى في التفاصيل فإن المقاربة بين المشهدين تصبح حدثاً بحد ذاته، ليس فقط فيما يتعلق بهزيمة أميركا ولكن أيضاّ بتخليها عن عملائها والمتعاونين معها في فيتنام كما في أفغانستان.
ولزيادة التأكيد على أنه لم يكن ممكناً تجنب هذه المقاربة فإن إدارة بايدن قد وضعت خطة مبكرة للانسحاب المنظّم من أفغانستان مع نهاية الشهر الجاري سواء لقواتها أو لقوات حلف «الناتو» إلاّ أنه مع استمرار سيطرة «طالبان» على المقاطعات والمدن الأفغانية بشكل متلاحق ومتسارع واحدة تلو أخرى وكأننا أمام مشهد للعبة الدومينو، مع ذلك أشار «البنتاغون» إلى أن سقوط كابول بيد «طالبان» ممكن بعد ثلاثة أشهر إلاّ أن الأمر استغرق ثلاثة أيام فقط، ما نريد الإشارة إليه هناك أنّ الرؤية الأميركية جانبها الصواب في معظم تفاصيلها فقد تم استخدام مصطلحات وكلمات مثل الصدمة والمفاجأة كإيحاء على أخطاء التخطيط الأميركي التي تقف من خلفه كبرى مراكز البحث والدراسات وأجهزة المخابرات!.
وما دمنا نتحدث عن أجهزة المخابرات الأميركية، يمكن أن نتوقف عند مقال كان قد كتبه ويليام بيرنز رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية الجديد، في كانون الأول العام 2019 بعنوان: «نهاية التفكير السحري في الشرق الأوسط»، يتناول فيه بجرأة الأخطاء التي ترتكبها السياسة الخارجية الأميركية عموماً وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص فيقول: إننا غالباً ما نقرأ تيارات إقليمية بشكل غير صحيح ونخطئ في ملاءمة الوسائل مع الأهداف، وأدى تعصبنا التبشيري إلى توتر عسكري زائد واستثمار ديبلوماسي ضئيل والميل الزائد عن الحد لتأثيرنا والتقدير الأقل للعقبات التي تقف في طريقنا، ما أدى إلى غياب الانضباط وخيبات الأمل.
ونعتقد أن هذه السطور القليلة التي أشار إليها بيرنز تفسر وتشرح أسباب الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها السياسة الخارجية الأميركية كما كان الأمر عليه في مناطق عدة من العالم بما فيها القضية الفلسطينية بوصفها قضية مركزية.
وبالعودة إلى الفارق الأكيد في المقاربة التي نتحدث عنها فإن هزيمة أميركا في فيتنام أدّت إلى وحدة هذه البلاد التي احتلها الأميركيون، بينما هزيمة أميركا في أفغانستان من المرجح أن تؤدي إلى عودة البلاد إلى القرون الوسطى وتدشين مرحلة جديدة من الحرب الأهلية، دون أن يعني ذلك بالتأكيد تبريراً للاحتلال الأميركي.