أقلام وأراء

هاني حبيب يكتب – الانتخابات الإسرائيلية : الصوت العربي ليس مجرّد رقم

هاني حبيب – 21/3/2021

لعل أحد أهم إنجازات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، نجاحه في إقرار قانون القومية في منتصف العام 2018 مستخدماً له في حملاته الانتخابية المتتالية، الأمر الذي أدّى إلى انتقاده لاستثمار القانون في السياق الانتخابي، عندها رد بالقول على قناة حزب الليكود على الإنترنت: إن للمواطنين العرب 22 دولة من حولهم وهم ليسوا بحاجة إلى دولة أخرى، مستطرداً: إنّ إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها، إنها الدولة القومية للشعب اليهودي فقط.

ولكن قبل سن هذا القانون الأكثر عنصرية من بين كل القوانين التي عرفتها العنصرية على المستوى الدولي عبر التاريخ الحديث، وصف نتنياهو العرب بأنهم يهرولون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات عام 2005، في محاولة يائسة من قبله لتحريض اليهود على العرب محاولاً نزع الشرعية عن الصوت الانتخابي العربي، إلا أنّ السحر انقلب على الساحر، ذلك أنّ دعوته التحريضية هذه أدّت إلى نتيجة عكسية وحّدت العرب وضاعفت قوتهم وتحديهم لليمين الإسرائيلي بزعامة نتنياهو، ونجاح القائمة المشتركة في الانتخابات التشريعية الثالثة في الحصول على 15 مقعداً للمرة الأولى في تاريخ الكنيست، ما أدى في نهاية الأمر إلى منع نتنياهو من تشكيل حكومة منفرداً، وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى التوجه إلى انتخابات برلمانية رابعة ستعقد بعد يومين.

إن حصول القائمة المشتركة على موقع القوة الثالثة في الكنيست جعلها قوة سياسية بالغة الأهمية، استطاعت تحدّي مساعي نتنياهو بالاستمرار منفرداً في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ما يبعد عنه شبح السجن، وهو ما يجد تفسيره في «استدراك» نتنياهو لموقفه من الصوت العربي في حملته الانتخابية الحالية، بعد أن سعى جاهداً وبنجاح ملموس لشق الصف العربي، من خلال إحداث انشقاق في القائمة المشتركة بعد انسلاخ القائمة العربية الموحدة عنها، في أكبر اختراق للمجتمع العربي وفي الساحة الحزبية الإسرائيلية.

إنّ نتنياهو لا يسعى فقط لاستثمار الصوت العربي لصالحه، بل وأيضاً، وربما الأكثر أهمية في هذا السياق، تفتيت الصوت العربي وعدم تشجيع الناخبين العرب على التوجه إلى صناديق الاقتراع، ما يفقد الصوت العربي، بصرف النظر عن التصويت للقائمين العربيتين، قدرته على التأثير وتشكيل قوة مانعة تتحدى نتنياهو وتمنعه من تشكيل حكومته القادمة، خاصة أنّ القائمة المشتركة ستحصر اهتماماتها أثناء حملتها الانتخابية على حث العرب للتصويت لها وتشجيعهم على عدم التصويت للقوائم الصهيونية، خاصة أنّ هذه الأخيرة أخذت بنظرية وأفكار نتنياهو وبدأت بدورها في بذل محاولات لاجتذاب الصوت العربي لها، في مغازلة غير مسبوقة للصوت العربي بعد اكتشاف دوره وتأثيره.

توجه الأحزاب الصهيونية بشكلٍ عام للمجتمع العربي للحصول على أصوات منه ليس مجرّد أرقام حسابية لها تأثيراتها على الخارطة السياسية والحزبية فحسب، بل محاولة جدية لترويض المجتمع العربي وانخراطه في هذه الخارطة لتجاوز المسائل المتعلقة بالأبعاد القومية والوطنية، وإجراء انزياحات اجتماعية واقتصادية على حساب المواقف المتعلقة بالهوية، وذلك باندماج التابع للسيد.

تشير بعض الاستطلاعات إلى أنّ جهود نتنياهو بالتوجه إلى الصوت العربي من الممكن أن يؤمّن لليكود مقعدين إضافيين، ورغم أننا نعتقد أن ذلك غير واقعي إلا أن المهم في هذا السياق ليس فقط كسب أصوات العرب، بل بعثرة أصواتهم وإضعاف «المشتركة» بحيث لا تعود ذات تأثير على المستوى الحزبي.

إنّ إحدى مفارقات هذه الانتخابات أن برامج قوائمها لم تتطرق لا من بعيد ولا من قريب إلى الملف الفلسطيني، مع ذلك وهنا تكمن المفارقة، فإن الصوت العربي بات أحد أهم معالمها.  

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى