أقلام وأراء

هاني المصري – هل يملك حوار الجزائر فرصة للنجاح؟

بقلم: هاني المصري ١٩-١-٢٠٢٢م

الجواب على هذا السؤال: لا كبيرة، لسبب بسيط جدًا، وهو أن الأسباب والعراقيل التي حالت دون نجاح الحوارات والاتفاقات السابقة لا تزال قائمة، بل ازدادت تجذرًا كما يلاحظ أي مراقب، ولو من بعيد. 

ونظرًا للمكانة التي تحتلها الجزائر لدى الفلسطينيين يجب تجنيبها الفشل، وإذا لم يقدم طرفا الانقسام ما يكفي لإنجاحه، وهذا أكثر من واضح، فيجب الاقتصار على جولة الاستكشاف الحالية، وتنظيم حوار غير رسمي بمشاركة ممثلين عن الفصائل لإنضاج شروط النجاح، وإذا نضجت تتم الدعوة للحوار الرسمي.

يكفي للبرهنة على فقدان الفرصة للنجاح الإشارة إلى أن فريق الرئيس وحركة فتح يطرح وجهة نظر تعكس التنكر لما توصلت إليه الحوارات الاتفاقات السابقة، والدليل أنه يطالب بالموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالشرعية الدولية، وبما يتضمن شروط اللجنة الرباعية، وهذا مستحيل قبوله. ودعا – وهذا هو الأهم – من طرف واحد إلى إجراء انتخابات محلية على مرحلتين (خلافًا للقانون) من دون تشاور أو اهتمام بحركة حماس بوصفها سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، وبالفعل جرت المرحلة الأولى، وجاري العمل على تنفيذ المرحلة الثانية من دون مشاركة قطاع غزة، ومن دون إقدام “حماس”، ولو منفردة، على إجراء انتخابات محلية مرة واحدة في جميع القطاع.

كما دعا هذا الفريق بشكل منفرد، لعقد جلسة للمجلس المركزي لمنظمة التحرير من دون دعوة حركتي حماس والجهاد الإسلامي على غرار ما كان يفعل سابقًا، مع أنه يعرف بأن جلسة المجلس الوطني السابقة، وما نتج عنها، خصوصًا تفويض المجلس المركزي بكل صلاحيات المجلس الوطني من دون تحديد موعد لنهاية هذا التفويض، مرفوض حتى من بعض فصائل المنظمة، فهي أدت إلى تعميق الانقسام، وتقزيم المنظمة وتهميشها بصورة أكبر، ولو عقدت الجلسة قبل الاتفاق فهي إشارة سلبية للغاية.

ولا نستطيع فصل ما سبق عن انتعاش الأوهام والرهانات السابقة عن إمكانية استئناف المفاوضات وإحياء ما سمي عملية السلام بعد فوز جو بايدن، رغم الصدمات التي تلقتها القيادة المتنفذة طوال العام الماضي، والتي أثبتت أن المطروح حاليًا هو “السلام الاقتصادي” لا أكثر ولا أقل، واختارت التعاطي معه كما يظهر في قبولها بخطة بناء الثقة، ودعوتها إلى العودة للالتزامات والاتفاقات السابقة، واللقاءات التي عقدها الرئيس ومعاونوه مع وزير الحرب الإسرائيلي وغيره، والتي انتهت ببعض التسهيلات والإجراءات التي صبت في الإجمال في خدمة بعض الأفراد والشرائح ضمن معادلة بقاء السلطة ومنعها من الانهيار، مقابل مزيد من التعاون والتنسيق الأمني للحؤول دون تواصل وتعاظم المقاومة في الضفة إلى مستويات لا يمكن السيطرة عليها.

في المقابل، نرى أن “حماس” رغم بداية نزولها عن رأس الشجرة العالية التي صعدت إليها بعد معركة سيف القدس واعتقادها أنه حان أوان قيادتها للسفينة الفلسطينية ، وطرحت مقاربة تتجاوز الاتفاقات السابقة والبدء من منظمة التحرير وتحقيق الشراكة فيها، عبر تشكيل قيادة مؤقتة، وتعيين مجلس وطني بالتوافق والمحاصصة لمدة سنتين، إلى أن انتهت بطرح وجهة نظر متناقضة تتبنى من جهة مقاربة إجراء الانتخابات الشاملة، ورفضت على هذا الأساس السماح بإجراء الانتخابات المحلية في القطاع، مع أنها سمحت لأعضائها بالمشاركة في الانتخابات المحلية في الضفة.

وتطالب من جهة أخرى بالاتفاق على كيفية تحقيق الشراكة في منظمة التحرير، وتتجاهل مسألة سيطرتها الانفرادية على قطاع غزة.

وتتعاطى من جهة ثالثة، بدلًا من طرح رؤية شاملة وتشكيل جبهة وطنية عريضة تقدم نموذجًا على الشراكة ونزاهة الحكم، مع معادلة تهدئة مقابل اقتصاد وتخفيف الحصار، ما يفتح الطريق بقصد أو من دون قصد لقيام كيان منفصل، وليس دولة في القطاع.

أما الفصائل الأخرى فهي مشتتة، ولا تسمح لها أوزانها بشكل منفرد بأن تكون قطبًا ثالثًا مهمًا، فتوافق على ما يتفق عليه طرفا الانقسام إذا اتفقا، وتطرح عند الخلاف بخجل وجهات نظر تتقاطع إما مع وجهة نظر “حماس” في بعض البنود، مثل البدء في ملف منظمة التحرير، أو تتقاطع مع وجهة نظر الرئيس و”فتح” بالدعوة إلى عقد المجلس المركزي المختلف عليه، مع دعوة حركتي حماس والجهاد للمشاركة فيه كفصائل معترف بها.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى