ترجمات عبرية

هارتس – عميره هاس تكتب- الانتخابات الفلسطينية.. بين مبررات التأجيل والبحث عن مخرج سياسي

هارتس- بقلم عميره هاس- 17/1/2021

تهنئة وتبريكات من الجميع سمعت أمس حول إصدار محمود عباس أمراً رئاسياً بشأن إجراء انتخابات ثالثة للمجلس الوطني في أيار القادم ورئاسة السلطة الفلسطينية في تموز. أي بعد حوالي عقد من الموعد الذي كان يجب إجراؤها فيه. هذه التبريكات في محلها، ولكن رغم واقع الانفصال والتجزئية الذي تمليه إسرائيل، إلا أن القوى الفلسطينية والجهات المهنية الفلسطينية مثل لجنة الانتخابات العامة، تظهر بأنها تواصل التعامل مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس، مثل جسم واحد له مصالح مشتركة يجب أن تنعكس أيضاً في صناديق الاقتراع.

فضلت حماس وفتح خلال سنوات عدم إجراء انتخابات عامة، رغم أنهما ادعيتا العكس بصورة رسمية. أخفى مبعوثو الدول المانحة لدى السلطة حرجاً من شلل العملية الديمقراطية في السلطة الواقعة تحت رعايتهم. إن ثلاثة أرباع المستطلعين في استطلاع أجري قبل نحو شهر قالوا بوجوب إجرائها. ثمة مواقف جمهور ومنظمات حقوق إنسان فلسطينية وأحزاب صغيرة تغلبت على الراحة المتمثلة في سلطة أبدية منقسمة لحركتين حاكمتين، وهم يستحقون التهنئة على هذا.

ولكن الشكوك ستدفع التهنئة في الأيام القريبة القادمة؛ فعدد من الجهات التي أفشلت محاولة إجراء الانتخابات ما زالت موجودة، وقد أضيف إليها وباء كورونا. سيتم تسجيل ناخبين جدد وتسجيل قوائم، بصورة إلكترونية، لكن التصويت سيكون عبر صناديق الاقتراع. وإذا لم ينخفض معدل الإصابة وعدد الوفيات والمصابين في حالة خطيرة حتى أيار القادم فستكون كورونا ذريعة لتأجيل الانتخابات. خاصة إذا اكتشفت حركة فتح عشية الانتخابات بأنها قد تتلقى ضربة جديدة مرة أخرى لأن ممارسات الفساد والمحسوبية التي نسبت إليها في حينه ما زالت قائمة. لذلك، يضاف تقدير متشائم جداً لأدائها وأداء محمود عباس.

حوالي 66 في المئة من المشاركين في الاستطلاع في كانون الأول، الذي أجراه المعهد الفلسطيني لاستطلاعات وأبحاث السياسات في رام الله بإدارة خليل الشقاقي، يؤيدون استقالته. وحسب الاستطلاع، لو أجريت انتخابات رئاسية الآن فإن أغلبية 50 في المئة ستنتخب رئيس حماس إسماعيل هنية مقابل 43 في المئة لمحمود عباس. مروان البرغوثي فقط من بين جميع قيادات فتح الرفيعة، والذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في إسرائيل، هو الوحيد الذي يمكنه أن يهزم هنية في صندوق الاقتراع. ولكن حتى يكون مرشح “فتح” للرئاسة، يجب على هذه الحركة المتكلسة أن تظهر روح الإبداع والمرونة، وهو الأمر الذي فقدته منذ زمن. وإذا أجريت انتخابات المجلس التشريعي في أيار ولم تكن النتيجة مرضية لـ”فتح”، فمن الأرجح أن يتم العثور على ذرائع لتأجيل الانتخابات للرئاسة.

قيادات فتح مقطوعة بشكل كبير عن الجمهور، ولا تستطيع تخيل الهزيمة. صحيح أن الاستطلاع يعطي “فتح” أفضلية بسيطة مقابل حماس في الانتخابات اللبرلمانية (38 في المئة مقابل 34 في المئة، نسبة التأييد في الضفة الغربية أعلى من نسبة التأييد في القطاع)، ولكن إزاء النزاعات والانقسامات الداخلية في “فتح”، من الأرجح أن يتم تشكيل على الأقل قائمة أخرى لمؤيدي الحركة الذين تم إبعادهم عن مراكز القوة، مثل مؤيدي محمد دحلان ومؤيدي مروان البرغوثي. وسيكون مفاجئاً رؤية “فتح” تتغلب خلال أقل من خمسة أشهر على صراعاتها الداخلية والمنافسة بين قياداتها، التي لا تحظى أي منها بحب الجمهور، وتتنافس في قائمة واحدة موحدة (تقديم القوائم سينتهي في 1 أيار).

       الدرس من العام 2006

مع ذلك، من المرجح أن يتذكر الجمهور الفلسطيني درس العام 2006، هذا الجمهور الذي عاقب “فتح” في صناديق الاقتراع، وفضل مرشحي حماس في الانتخابات التي كانت نظيفة وشفافة – فعاقبته إسرائيل وباقي العالم على انتخابه؛ بوقف أموال الضرائب والمساعدات على التوالي. هذا الخوف موجود ضمناً ويشكل اعترافاً بوجود رشوة انتخابية. (اختاروا من نريدكم أن تختاروه وإلا سنفرغ خزينتكم). واعتقلت إسرائيل أيضاً معظم منتخبي حماس في الضفة الغربية (وأدت إلى سحب مكانة المواطنة للمنتخبين المقدسيين). ومن المرجح أن تؤثر هذه أيضاً على تشكيلة القوائم التي ستتنافس أمام فتح. لذلك، وخلافاً لتوقعات محللين إسرائيليين، لا يمكن لحماس أن تواجه وتسيطر على الجيوب الفلسطينية في الضفة الغربية، التي تشكل فيها الآن جسماً حاضراً – غائباً، سواء بسبب وسائل القمع الإسرائيلية أو بسبب وسائل قمع السلطة الفلسطينية.

الأكثر أهمية بالنسبة لحماس هو أن تضمن مواصلة أغلبية سكان القطاع التصويت لها. على هذه القاعدة، هي و”فتح” يمكنهما إعطاء تعريف جديد لواقع الانفصال القائم الآن وتسميته “حكومة طوارئ” وطنية، مع الحفاظ على الزبائن والتمسك بالسلطة. ومجرد نشر الأمر الرئاسي يدل على أن التفاهمات التي سعت إليها كل من حماس وفتح في السنة الماضية قد تحققت، أو على الأقل المرحلة الأولى منها، رغم التوقعات بأن استئناف التنسيق الأمني مع إسرائيل سيشوش عملية التقارب التي قام بها جبريل الرجوب من “فتح”، وصلاح العاروري من حماس. نشر الأمر الرئاسي بعد أن وقع عباس قبل خمسة أيام من ذلك على قانون انتخابات جديد ألغى الشرط الذي أُدخل إلى القانون في 2007، وهو أن يتعهد المرشحون بأنهم يعتبرون م.ت.ف الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. جاء إلغاء هذا الشرط بناء على طلب من حماس، التي تنازلت من جانبها عن المطالبة بإجراء الانتخابات للبرلمان والرئاسة في الوقت نفسه (معظم الجمهور الفلسطيني يؤيد انتخابات متزامنة).

       التحدي المقدسي

مثل ما نص عليه القانون من العام 2007، ستكون طريقة الانتخابات نسبية، تتنافس فيها قوائم قطرية (تشمل جميع المناطق) خلافاً للطريقة المدمجة المتمثلة بقوائم قطرية ومرشحين مستقلين يتم انتخابهم في كل محافظة، مثلما كانت الحال في 2006 ومثلما كانت حماس تفضل. لأن مرشحين متدينين، يتنافسون شخصياً في منطقة صغيرة نسبياً، يحظون بثقة الجمهور التقليدي أكثر من العلمانيين أو شبه المتدينين. وتم تخصيص نصيب للنساء المنتخبات، يمثل 26 في المئة من مجمل الـ 132 عضواً في المجلس التشريعي.

من ناحية مهنية وتقنية، فإن لجنة الانتخابات العامة برئاسة الدكتور حنا ناصر (رئيس جامعة بير زيت سابقاً، الذي طردته إسرائيل في العام 1974 بسبب مكانته العامة)، قضت عشر سنوات استعداداً لإجراء انتخابات منظمة. ويعود الفضل لجزء مهم من التفاهمات التي تم التوصل إليها حول قانون الانتخابات المحدث، لهذه اللجنة ولدورها كوسيط بين حماس وفتح. أحد التحديات التي تقف أمامها وأمام النظام السياسي كله هو مشاركة الفلسطينيين المقدسيين في الانتخابات. استخدمت كل من حماس وفتح في السابق ذريعة أن إسرائيل لن تسمح بإجراء الانتخابات في شرقي القدس نفسها، وذلك بهدف تأجيل كل منهما موعداً لإجرائها. وحسب الاستطلاع المذكور سابقً،ا فإن 56 في المئة من الجمهور يؤيدون إجراء انتخابات عامة، حتى لو لم يتم إجراؤها بصورة جسدية في القدس (مقابل 39 في المئة يعاترضون). كلما زادت رغبة فتح في إجراء انتخابات، سيتم إيجاد السبل لتجاوز معارضة إسرائيل. والعكس صحيح، كلما خافت فتح من نتائج الانتخابات ستتذرع برمزية إجراء انتخابات في القدس.

مع كل العيوب المتأصلة في إجراء انتخابات في ظل الاحتلال الإسرائيلي، فإن إجراء هذه العملية يمكن أن يشرك جمهوراً أكثر شباباً ويفاجئ بظهور وجوه جديدة. فربما تجرى عملية تشبيب ما للنظام السياسي الفلسطيني المتحجر. كل ذلك شريطة أن لا تمنع إسرائيل على اليمين وعلى اليسار مرشحين من أن يتحدثوا عن تكتيكات نضال شعبي ضد الاحتلال ولا تسمح فقط للجزء المخلص لها من داخل فتح بالتنافس على المقاعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى