هارتس: صراخ، امرأة تحتضن طفل رضيع ميت، جثة طفلة على الرصيف، المكان: نقطة حليب في دير البلح.

هآرتس – جدعون ليفي – 13/7/2025 صراخ، امرأة تحتضن طفل رضيع ميت، جثة طفلة على الرصيف، المكان: نقطة حليب في دير البلح.
في البداية سمع الصراخ الذي يجمد الدم في العروق. عدسة الكاميرا تقترب. الشارع ما زال يلفه الغبار الذي نتج عن الانفجار. صورة اولية: مجموعة صغيرة من الامهات والاطفال الذين يمسكون بعضهم البعض. أم مستلقية على ظهرها على الارض، يبدو أنها ميتة. أم اخرى تضع طفلها الرضيع الميت على الرصيف. أم ثالثة تقوم باحتضان طفلها الرضيع، من غير الواضح اذا كان ميت أو على قيد الحياة، طفلها الثاني يجلس بجانبها في حالة صدمة. رجل ينادي على الام المحنية على جثة الرضيع ويقول: خلاص، خلاص. وهي ردت عليه بصراخ مخيف.
الكاميرا تواصل نحو الجهة الاخرى للشارع. جثث شابين مستلقيان على ظهرهما. هل هما آباء الاطفال الرضع؟ الكاميرا تحركت نحو كومتين للجثث، وسارعت الى ابعاد النظر، حتى هي يصعب عليها تحمل المشهد. شاب مستلقي على بطه، شابان مستلقيان على ظهرهما، مظهر الثلاثة يشير الى انهم اموات. دراجة ملقاة على جانب الشارع. أب ينحني على جثة طفله. شخص يمر بين الجثث. “الطائرة” يقول. “هي التي قامت بالقصف”. فتى مستلقي على الارض ووجه الى اسفل والدماء تنزف من رأسه، يده تتحرك وكأنها الحركة الاخيرة في الحياة. البركة الحمراء آخذة في الاتساع. جثتا امرأتان مثنية وكأنها ملاعق على الرصيف. جثة طفلة صغيرة.
صوت الشاب الذي يقوم بالتصوير يسمع في الخلفية. هو توجه الى المرأة التي تحمل طفلتها الرضيعة وقال: “هل أنت بخير”. هو يحاول تهدئة الأم التي تحمل طفلتها الرضيعة التي قتلت للتو. المرأة تنظر الى طفلتها التي لا ترد، وتنظر اليه وتسأل بعجز: ماذا حدث لها؟ في الخلفية يسمع صوت شاب آخر وهو يسأل: هل توجد سيارة لنقلهم؟ شاب آخر صرخ وطلب المساعدة. “انظروا الينا”. امرأة تحمل طفلها الرضيع وتصرخ: هو بحاجة الى سيارة اسعاف. خذوه من فضلكم، يده بترت. الشاب عرض عليها: ضعيه على الارض.
على الجانب الثاني للشارع، جثث اثنان من الفتيان ممددة على الارض، يرتديان ملابس ممزقة واحذية ممزقة، أحدهما ساقه ممزقة، الاذرع ممدودة والافواه مفتوحة. ربما كان لديهم وقت للاستغاثة. على الجهة المقابلة فتاة ملقاة على ظهرها، جسدها على الرصيف وارجلها على الشارع. ميتة. طفل صغير مذعور يدفن وجهه في حضن امه. بجانبه تجلس امرأة اخرى تحمل طفل وتصرخ بمرارة، نظراتها جامحة، وعندما تفعل ذلك يتحرك جسدها ويهز جسد الطفل. رأسه يسقط مثل كيس. ربما هي تحاول هزه من اجل اعادته الى الحياة، لكن بدون فائدة.
على الشارع ملقاة امرأة تضع راسها على الرصيف، بجانبها يجلس طفل ينزف من رأسه، وقبل لحظة تحرك الحركة الاخيرة. الام تضع وجهها على وجه ابنها وتحاول استنشاق انفاسه الاخيرة. الصرخات المخيفة لا تتوقف للحظة. نساء واطفال يصرخون في مزيج من الالم والرعب. لا أحد يقوم بعلاج الجرحى. لا يوجد من يعالجهم. بعد قليل سيحملون الاموات والجرحى على عربات تجرها البهائم وينقلونهم الى المستشفى، مستشفى شهداء الاقصى.
“غرنيكا”. الغرنيكا في يوم الخميس الماضي في دير البلح. 15 قتيل، بينهم 10 اطفال، اطفال رضع وثلاث نساء. المكان: مركز توزيع بديل الحليب للاطفال “نقطة الحليب المحلية”. بابلو بيكاسو، رسم لوحته المشهورة كرد على قصف بلدة الغرنيكا الباسفيكية في 26 نيسان 1937، في الحرب الاهلية الاسبانية. هذا الفيلم هو غرنيكا حرب الابادة الاسرائيلية في غزة. كل اسرائيلي يجب عليه مشاهدة هذه الغرنيكا. تقريبا ليس هناك أي اسرائيلي شاهدها، ولن يشاهدها الى الأبد. في نفيه ايلان قرر رجال الدعاية ومغسولي الادمغة بانه من غير الضروري ان يرى الاسرائيليون الابادة الجماعية التي تحدث في غزة. ايضا يسمون هذا اعلام.