هارتس: دولة شرق اوسطية متعصبة ومتدنية مع خيار نووي هي تهديد وجودي، هكذا قلتم؟

هآرتس – ديمتري شومسكي – 20/7/2025 دولة شرق اوسطية متعصبة ومتدنية مع خيار نووي هي تهديد وجودي، هكذا قلتم؟
هذا كان مشهد مثير للاعجاب ومؤثر: رؤساء الدول الغربية، بما في ذلك الذين ينتقدون اسرائيل بسبب استمرار حربها الخاسرة في غزة، وقفوا الى جانبها في حربها مع ايران. سبب عرض هذا الدعم واضح، يبدو أنه حتى في روسيا بوتين – مصدر الشر والفوضى في العالم في هذه الايام – يعرفون ما صرح به بالفم المليان كل من الرئيس البريطاني والالماني والفرنسي: ممنوع السماح لايران، الدولة الديكتاتورية المتعصبة، بامتلاك سلاح الابادة الجماعية.
لكن على خلفية هذا الادعاء المبرر يجب توجيه النظر الى دولة اخرى في الشرق الاوسط، التي تمر في السنوات الاخيرة بعمليات داخلية متسارعة وعميقة من التعصب الديني المتطرف. وفي نفس الوقت، حسب منشورات اجنبية، لديها قدرة نووية. هل هذه الدولة في المستقبل المنظور لن تشكل أي تهديد وجودي حقيقي على السلام في المنطقة. ومن هنا السلام العالمي.
في دولة اسرائيل، التي فيها حجم المجموعة السكانية الظلامية التي تعتبر الحاكم مبعوث الله يوجد في حالة ارتفاع ديمغرافي ثابتة، من غير السهل تخيل اللحظة التي فيها ستجد مؤسسة الكهانية الجديدة الثقة بالنفس، القوية بما فيه الكفاية، من اجل البدء في تجسيد احلامها المسيحانية الغريبة.
صحيح أنه اذا كان شخص مثل دافيد زيني سيترأس الشباك، ويقرر ذات يوم بان مهمته ليست الدفاع عن نهج الديمقراطية في اسرائيل، وبالذات الدفع قدما بالنهج الديني، فان الشباك المسيحاني سيجند قدرته الامنية كي يخرج الى حيز التنفيذ عملية “الحرم في ايدينا 2” التي ستشمل سيطرة يهودية مطلقة على الحرم الشريف وهدم المساجد والبدء في بناء الهيكل الثالث.
تطبيق هذه الخطة الالهية يجب توسيعه، عند التطبيق الفوري والواضح للسيادة الكاملة لاسرائيل على كل ارض اسرائيل. في نفس الوقت، تحت غطاء السلاح النووي، حسب المنشورات الاجنبية، وبدعم اله اسرائيل، حسب المنشورات اليهودية، لن يتمكن أي احد في الوقوف امام الحكومة الكهانية – المسيحانية الاسرائيلية من اجل “تطهير” الارض بين البحر والنهر من الفلسطينيين، سواء من خلال محطات وسطية مثل المدينة الانسانية، على شاكلة نموذج الاخلاق اليهودية، يسرائيل كاتس، أو بطرق مباشرة اكثر مستوحاة من تقليد الابادة الجماعية في سفر يهوشع.
اضافة الى ذلك على ضوء النشوة المستمرة ازاء الهزيمة الباهرة التي اوقعتها قوات الحلف اليهودي المسيحاني بـ “الدولة العظمى الاقليمية” الاسلامية، فمن الذي سيضمن ان قادة الكهانية، العنصريين المتطرفين اليهود، لن يطلقوا الخيال للاوهام الجغرافية بالحد الاعلى، الذي سيكون في مركزه شرق الاردن، الجزء الاصلي، سواء في ارض اسرائيل التوراتية أو ارض اسرائيل الانتدابية؟.
حتى دافيد بن غوريون في الواقع في فترة الانتداب، من سيتذكر ذلك، في محادثاته مع الزعيم الفلسطيني موسى العلمي، عرض عليه “تفهم اقامة الدولة اليهودية في ارض اسرائيل، تشمل ايضا شرق الاردن”. ولكن في هذه الايام مع امريكا الافنغلستية الى جانبه، ومع روسيا التي تفرك يديها براحة ازاء أي عاصفة في الشرق الاوسط تسمح لها بمواصلة قصف اوكرانيا بدون ازعاج، ومع اوروبا المتلعثمة والتي تفقد العقل، من الذي سيوقف قيادة مسيحانية اسرائيلية واثقة بنفسها من شن الحرب على الاردن، الذي هو الآن يخشى من سيطرة اسرائيلية بعد انتهاء الحرب مع ايران، كما كتب هنا مؤخرا اوفير فنتر واميرة اورون (“هآرتس”، 1/7) من اجل اصلاح “الظلم” البريطاني القديم واعطاء اهمية حقيقية لشعار “ضفتي الاردن”؟.
هل هذا يبدو مبالغ فيه ولا اساس له وخيالي؟ بربكم، تحدثوا الان مع الذين ضحكوا في حينه من السيناريو الذي لا تنوي فيه حكومة اسرائيل الخضوع لاحكام المحكمة العليا، أو بدلا من ذلك، تخيلوا محادثة خيالية في اربعينيات القرن الماضي مع الذين وضعوا اصابعهم حول الفك وضحكوا عند قراءة كتاب “كفاحي” في عشرينيات القرن الماضي.
العملية الاكثر اهمية والاكثر خطورة، التي تمر بها الآن الدولة والمجتمع في اسرائيل بسرعة كبيرة، هي التدين الواسع والجذري للواقع السياسي – العام المؤسسي. والخيال الثقافي في اوساط المواطنين العاديين، والذين ينفون هذه الحقيقة أو يتجاهلونها يعانون من عمى في الادراك ونقص الوعي بالتاريخ. واضح ان الجمهور الديمقراطي والليبرالي في اسرائيل ما زال كبير ومهم، كي يرد بحرب ضروس على الكهانية والمسيحانية. ويجب عليه عدم الاستسلام لهذا الوحش. ولكن في هذه المرحلة، قبل ان يصبح الوقت متأخر جدا، يجب القول وبشكل واضح وحاسم بأن الثيوقراطية اليهودية الآخذة في التشكل، محظور ان تمتلك سلاح الابادة الجماعية.