ترجمات عبرية

هارتس– بقلم أور كشتي – معظم طالبي اللجوء في تل أبيب يعانون من انعدام الامن الغذائي بل وبعضهم من الجوع

هآرتس – بقلم  أور كشتي – 5/3/2021

القفز عن وجبات وتقليص في كميات الغذاء وانتظار الرزم الغذائية القادمة من مراكز المساعدة. بعد أن فقدوا اماكن عملهم في فترة ازمة الكورونا فان طالبي اللجوء يتدهورون نحو ضائقة شديدة، وفي هذه الاثناء لا يلوح أي حل في الأفق “.

85 في المئة تقريبا من طالبي اللجوء في تل ابيب يتحدثون عن انعدام الامن الغذائي، بل ومعظمهم في المستوى الاكثر خطورة، الذي يتضمن علامات الجوع. هذا ما يتبين من استطلاع هو الاول من نوعه الذي أجرته وزارة الصحة بالتعاون مع بلدية تل ابيب. وحسب اقوال محررة التقرير، الدكتورة موران كلايخفيلد مغنازي، فانه بعد أن فقدوا اماكن عملهم، فان جزء ممن لا يحملون الاقامة “وصلوا الى ضائقة جوع حقيقية”. واختيارها لمفهوم “الجوع” هو متعمد ويستند الى بحث، يتلاءم مع اقوال طالبي اللجوء، وما تصفه منظمات للاغاثة. في احياء تل ابيب الجنوبية تسود “ازمة انسانية شديدة”، قال مصدر مطلع.

استنتاجات التحقيق تم عرضها مؤخرا على موظفين كبار في بعض الوزارات الحكومية، لكن يبدو أنهم في وزارة الصحة يفضلون التقليل من خطورتها.”في المناخ السياسي يصعب التحدث عن وضع اللاجئين أو مساعدتهم”، قال مصدر في الحكومة. ومن وزارة العدل ورد أنهم “يدركون ويقلقون من الوضع الغذائي لطائفة من لا يملكون الاقامة”.

جميلة (35 سنة) هي أم لخمسة اولاد توجد في اسرائيل منذ العام 2007. “قبل الكورونا كان الوضع جيد”، قالت واضافت “كنا نشتري من السوبرماركت الدجاج واللحوم والخضار؛ ونسأل الاولاد ماذا يريدون ونحضر لهم الشوكولاتة والبامبا. وقد تمت اقالتنا عندما بدأ الوباء. منذ سنة لا يوجد لدينا تقريبا المال لشراء الطعام. نحن نحصل على المساعدات. في الصباح الاولاد يأكلون الكورن فليكس ونحن نشرب الشاي وبعد ذلك ننتظر حتى الساعة الواحدة ظهرا. أنا اقوم بتحضير وجبة واحدة، بشكل عام الأرز أو المعكرونة. أنا لا أتذكر متى أكلنا اللحم. ايضا لا نأكل الكثير من البيض. واذا حصلنا على الخضار فيجب أن نأكلها بشكل سريع حتى لا تفسد”.

جميلة تأتي مرة كل اسبوع أو اسبوعين الى مركز المساعدة، الذي افتتحه قبل بضعة اشهر نشطاء من الجالية السودانية في حي نفيه شأنان. هناك يوزعون على طالبي المساعدات هبات حصلوا عليها من اشخاص وجمعيات مثل “اليبيلت”.

كل عائلة تواجه بصورة مختلفة الضائقة، لكن القصص متشابهة: القفز عن الوجبات، تقليص كمية الغذاء أو التركيز على الاولاد. لأن “الوالدين يمكن أن يأكلوا القليل ويصمدان”، قالت هيام، وهي أم اخرى. مركز مساعدة مشابه يعمل ايضا في الجالية الاريترية، ايضا هناك الضائقة صعبة. أحد النشطاء، بارها طعما قال “لقد استدعونا لمساعدة الامهات بدون ازواج واللواتي لم يتناولن الطعام منذ يومين. الاسرائيليون لا يعرفون ذلك: “لا يوجد لنا أب أو أم”.

“يصعب الشرح للاولاد لماذا لا يوجد طعام”، قالت جميلة. “هم يشاهدون التلفاز ويسألون لماذا نحن نأكل كل الوقت الأرز مع الكاتش آب”. امهات اخريات قلقات من أنه لا يمكنهن تحضير الفطائر لاولادهن الذين يذهبون الى المدارس. “كل مساء أنا أفكر كيف سأوزع الطعام، حتى رزمة الغذاء القادمة”، قال احداهن. أخرى تحدثت عن السرعة التي تنتهي فيها علبة الحليب.

في تل ابيب يعيش نحو 40 الف شخص بدون اقامة، من بينهم 6500 ولد من عمر 0 حتى 18 سنة. (بينهم 3700 في سن صغيرة جدا). استطلاع كشف هنا للمرة الاولى وتم اجراءه في اشهر تشرين الثاني – كانون الاول 2020 وشمل 500 شخص من طالبي اللجوء ومهاجري عمل في جنوب تل ابيب، أظهر أنه بالمتوسط هم يمكثون في اسرائيل منذ عشر سنوات. الاستطلاع ارتكز الى استبيان مقبول في الابحاث حول الامن الغذائي، وترجم الى اللغة الانجليزية والعربية والتغرانية ونشر في الجالية بمساعدة “مسيلا”، وهي الوحدة البلدية التي تعالج الجماعة التي لا توجد لها اقامة.

الحديث يدور عن سلسلة اسئلة تتناول، ضمن امور اخرى، تواتر الحالات (في الشهور الستة الاخيرة) التي فيها “لم تكن اموال لشراء الطعام”، حيث “لم تكن قدرة على تناول وجبات متوازنة”، وتقليص أو القفز عن وجبات وايضا تطرق مباشر للجوع. البحث هو مبادرة من قسم التغذية في وزارة الصحة، بالتعاون مع “مسيلا” وبرنامج الغذاء البلدي “بتئفون” (بالعافية)، ايضا تم تشكيل اربع مجموعات تشمل 30 ناشط تقريبا من الجالية، الذين سئلوا بصورة اكثر تفصيل عن الصعوبات وعن المساعدة التي حصلوا عليها.

حسب الاجابات تم تقسيم المستطلعين الى ثلاث مستويات: وضع من الأمن الغذائي (14 في المئة من المستطلعين) أو أمن غذائي بمستوى متوسط (32 في المئة) وأمن غذائي بمستوى خطير (54 في المئة). التعريف الدارج للامن الغذائي هو القدرة على الشراء بصورة منظمة للطعام الذي يغذي بالطرق الدارجة (ليس بواسطة السرقة أو التنقيب في حاويات القمامة أو المساعدات). في المستوى الخطير من انعدام الامن الغذائي الحديث يدور احيانا ايضا عن الجوع، الذي ينعكس في نقص الغذاء (الصحي أو غير الصحي). المعطيات القاسية من تل ابيب فاجأت عدد من المصادر الحكومية التي اطلعت عليها. “في كل المجموعات السكانية الاخرى فان نتائج كهذه كانت ستستدعي عملية طواريء من جانب جميع الوزارات الحكومية، لكن من لا توجد لهم اقامة هم جياع وهم وحدهم في العالم”، قال مصدر يعرف المعطيات.

حسب اقوال البروفيسور اهارون تروان، من مدرسة علوم التغذية في الجامعة العبرية، الحديث يدور عن “معطيات مخيفة” تقتضي “معالجة سياسية واخلاقية”. واضاف بأن مفهوم “انعدام الامن الغذائي” هو محاولة لـ “لتجميل الواقع”. “من وراء النقاش الدلالي فان هؤلاء الاشخاص لا يستطيعون الحصول على الطعام، حتى لو لم يكونوا جياع لأن بطونهم مليئة بالكربوهيدرات الفارغة، إلا أنهم غير أصحاء ويعانون من سوء التغذية، الامر الذي يضر بالجسم والعقل”.

“هم يتحطمون”

قبل بضعة اسابيع عرضت الدكتورة كلايخفيلد مغنازي نتائج البحث في لقاء داخلي في جامعة حيفا. عنوان المحاضرة كان “جوع في اوساط مهاجري العمل وطالبي اللجوء في جنوب تل ابيب”. “نصف المستطلعين وصلوا الى العلامة الاعلى من انعدام الامن الغذائي، مع دلائل تشير الى الجوع. وقد اختلفنا حول الاسم، لكن نسبة عالية جدا توجد في جوع حقيقي”، شرحت لمن سأل لماذا تصمم على هذا المصطلح. واضافت بيانات اخرى: ارتفاع بمئات النسب المئوية في عدد المتوجهين الى مراكز ممارسة الحقوق في جمعية “مسيلا” طالبين الحصول على المساعدات الاقتصادية، بالاساس الغذاء، الى جانب قفزة في التقارير حول ضائقة نفسية وعنف عائلي وتسكع للاولاد (خاصة في المساء) والادمان على المخدرات والكحول وما شابه.

في اشهر الازمة وزعوا في “مسيلا” اكثر من عشرة آلاف كوبون شراء وحوالي 3750 رزمة غذاء. “رغم المساعدة الكبيرة، لم تقدم اجابة على كل الطلبات”، أكدت. “هذه مجموعة سكانية تصرخ في وجهنا”، اضافت في لقاء يديره قسم التغذية في وزارة الصحة، البروفيسورة رونيت اندفيلد.

احدى العاملات في أحد منظمات المساعدة قالت إنه “قبل الكورونا فان من ليست لديهم اقامة كان يمكنهم الاستعانة ببعضهم، لكن الآن مع وجود 80 في المئة من العاطلين عن العمل فهم في حالة تحطم. احيانا نحن يجب أن نعلن للناس بأنه انتهت رزم الغذاء، ونرسلهم جائعين الى البيوت. هذا يحطم القلب، أن تقف امام عشرات الاشخاص الذين ينتظرون على البوابة، هناك شعور فظيع بالعجز، ايضا بسبب الاعلان عن أن الحل الذي يمكننا تقديمه هو حل مؤقت جدا. وحسب اقوال مصدر آخر، يعرف عن قرب الوضع في الاحياء التي يعيش فيها طالبو لجوء، “جميع الوزارات الحكومية تعرف ما الذي يحدث هنا، لكن ليسوا جميعهم فوتوا الايقاع. مرة اخرى قرروا أن لا يقرروا”.

يبدو أنه يمكن رؤية مثال على ذلك في الطلبات التي وصلت لوزارة التعليم بتضمين مدارس “كيشت” و”غفنيم” التي يتعلم فيها حوالي 1200 طالب اجنبي في اطار البرنامج الذي يقدم يوم تعليم طويل. ولا يقل اهمية عن ذلك، تقديم وجبة ساخنة. “القانون لا يتطرق الى الطلاب، بل الى موقع المؤسسة (في حي تأهيل)”، قال المسؤول في الوزارة، حاييم هلبرن، قبل ثلاث سنوات. طلبات اخرى متكررة لممثلي جمعيات اخرى لم تساعد. في بداية الاسبوع قال هلبرن بأنه لم يستلم في أي يوم طلبات حول هذا الامر وفي النهاية اختار عدم الرد على سؤال “هآرتس”. احدى توصيات التقرير هي أن توسع وزارة التعليم البرنامج ليشمل رياض الاطفال والمدارس “حتى لو كانت لا تقع في احياء ضائقة”. وأن يمكنوا من توزيع وجبات فطور في المدارس التي يتعلم فيها الطلاب الاجانب.

بيانات البحث تم عرضها في منتدى داخلي في وزارة الصحة، وعلى ممثلين في وزارة التعليم ووزارة العدل ووزارة الرفاه وبلدية تل ابيب. “هذا موضوع معقد جدا من ناحية سياسية”، اعترفت البروفيسورة اندفيلد في مؤتمر في جامعة حيفا، “جزء كبير من الامور تم بشكل غير رسمي، عن طريق صناديق خيرية وجهات حكومية، من خلال الرغبة بمساعدة هذه المجموعة السكانية”. قبل بضعة اشهر من ذلك، في نقاش جرى في الصيف في وزارة الصحة حول الامن الغذائي، تطرقت ممثلة وزارة العدل، ضمن امور اخرى، الى “تحدي سياسي لتجنيد اموال” لصالح من ليست لهم اقامة.

الخوف من رد المؤيدين لطرد طالبي اللجوء وشركائهم السياسيين في احزاب اليمين، أدى الى أن يتم هذا النشاط “تحت الرادار”. في هذا الاطار تقول مصادر مطلعة بأنه تم توجيه بضع ملايين من الشواقل من صناديق القيم العام، ضمن امور اخرى، لتمويل شراء كوبونات غذاء من قبل جمعية “مسيلا” (وماوتشينغ التابعة لصندوق تل ابيب). طبقا لتوصيات البحث فانه من المبكر الآن انشاء مركز لتوزيع الغذاء في جنوب تل ابيب، الذي ربما سيتحول الى جمعية “استهلاكية اجتماعية”، يعمل فيها اعضاء من الجالية وتوفر الغذاء باسعار زهيدة.  ويوصي البحث ايضا بدعم اصحاب محلات الغذاء في داخل الجالية والربط بين جمعيات المساعدة الصغيرة وجمعيات كبيرة مثل “ليقط يسرائيل”.

من وزارة العدل ورد بأنهم “يدركون وقلقون من الوضع الغذائي لطائفة من ليس لهم اقامة، ويبذلون اقصى جهدهم من اجل مساعدتها في اطار مجالات التشغيل للوزارة وفي اطار الادوات التي توجد بحوزتها”. في وزارة الصحة قالوا إن “لجنة مهنية ناقشت حلول ممكنة” وأن “ممثلي الوزارات الحكومية المختلفة والسلطات المحلية ملزمون بالمساعدة في اطار محدودية الميزانيات القائمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى