ترجمات عبرية

هأرتس: هل الطائرات بدون طيار أيضا غير مقنعة؟

هآرتس 15/9/2022، بقلم: يوسي ميلمان

ظاهرة الطائرات المسيرة الإيرانية في سماء أوكرانيا يجب أن تؤدي إلى تغيير سياسة إسرائيل المستخذية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا. أول أمس، نشر توثيق لبقايا مسيرة إيرانية في خدمة الجيش الروسي، التي اعترضها جنود أوكرانيون. يبدو أنها طائرة صغيرة، “ذخيرة طائرة”، كانت أعدت للتحطم فوق موقع للعدو، لكن تم إسقاطها قبل انفجارها.

إسقاط الطائرة المسيرة كشف أكاذيب روسيا وإيران. فقبل شهرين تقريباً، نشر عن مصادر في المخابرات الأمريكية بأن جيش بوتين وقع، بسبب اليأس، على صفقة شراء أو استئجار طائرات مسيرة من إيران. نفى الطرفان ذلك، لكنهما نظامان قمعيان كاذبان، والكذب جزء من وجودهما.

لندع جانباً العار الذي يتملك روسيا، التي تفاخرت بطرح نفسها كدولة عظمى عسكرياً، وتجد نفسها بحاجة إلى خدمات من إيران، التي تنجح -رغم فساد النظام فيها- في تطوير قدرة عسكرية وتكنولوجية، بما في ذلك الطائرات المسيرة. بالمناسبة، تم تطوير عدد غير قليل من هذه الطائرات المسيرة عن طريق إعادة هندسة طائرات مسيرة أمريكية وإسرائيلية تم إسقاطها، ووضعت إيران يدها على المعرفة والتكنولوجيا الموجودة فيها.

إضافة إلى ذلك، نقل الطائرات المسيرة الإيرانية إلى روسيا يدل على ازدياد التحالف العسكري بين الدولتين. تزداد التقارير عن حركة متزايدة لخبراء في المخابرات والجيش، الذين يأتون من روسيا إلى طهران، من أجل التشاور وتنسيق الخطوات، ويستضيف خبراء موسكو نظراءهم الإيرانيين. ولأن مبدأ المساواة هو حجر الأساس في هذه الصفقات، فإن إيران تريد أن تشتري من روسيا، هناك محادثات حول ذلك منذ فترة طويلة، طائرات حربية وبطاريات دفاع جوي من نوع “إس 400”.

التعاون ليس عسكرياً فقط، بل يمتد أيضاً إلى مجال الاقتصاد والتجارة والدبلوماسية والذرة. المزيد من الشركات والاتحادات التجارية ورجال الأعمال من روسيا يستعينون بإيران لدراسة نظريات في مجال تجاوز العقوبات. إلى ذلك، يجب إضافة موقف روسيا التقليدي، الذي يؤيد تقريباً كل عملية لإيران فيما يتعلق بمشروعها النووي ولا يدين خروقاتها. الاستنتاج الذي يظهر من كل ذلك هو أن روسيا ترسخ تحالفاً استراتيجياً مع إيران، الأمر الذي يستدعي قلق إسرائيل.

منذ غزو روسيا لأوكرانيا في شباط 2022 اتبعت حكومة نفتالي بينيت سياسة حذرة جاءت بمعارضة صارخة لسياسة الناتو والاتحاد الأوروبي ودول غربية ديمقراطية أخرى، التي تتفاخر إسرائيل بأنها تعد واحدة منها. لم يتردد الغرب في إدانة بوتين وفرض عقوبات صارمة عليه. سافر بينيت إلى موسكو وتذلل أمامه على أمل لا أساس له، وهو التوسط في النزاع، دون أن يفهم بأنه ليس سوى أداة لعب في يد الزعيم الروسي.

النتيجة هي أن إسرائيل تلعثمت وأصبحت مستعدة، تحت تأثير وزير الخارجية يئير لبيد، لإدانة روسيا، ورفضت تقديم أي مساعدة لأوكرانيا، حتى الإنسانية، طوال بضعة أسابيع، وأخذت الإلهام من الأيديولوجيا اليمينية لوزيرة الداخلية اييلت شكيد، وزادت الصعوبات على اللاجئين الأوكرانيين.

بعد ذلك، وبضغط من الرأي العام في إسرائيل والإشارات الثقيلة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وافقت إسرائيل على إرسال مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، التي كانت درة التاج فيها إقامة مستشفى ميداني قرب الحدود مع بولندا. بعد ذلك، تراجع بينيت وبني غانتس وقررا ما تم اقتراحه في الأسبوع الأول للحرب، وهو توفير معدات لحماية الطواقم الطبية، وأعطت إسرائيل لأوكرانيا سترات واقية وخوذات.

هذه السياسة لم تتغير حتى بعد أن تولى لبيد رئاسة الحكومة. مبرر إسرائيل للجلوس المخجل على الجدار كان مزدوجاً: الخوف من قوة بوتين الذي قد ينتقم من إسرائيل ويقيد نشاطات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، والقلق على الجالية اليهودية في روسيا.

لكنها ليست سوى مبررات؛ فروسيا ضعيفة، ومواردها مخصصة للحرب وليس لمغامرة أو مواجهة مع إسرائيل في سوريا. قلصت روسيا عدد جنودها في سوريا ونقلت بطارية “اس300” واحدة من سوريا إلى الجبهة في أوكرانيا. احتمالية أن يقيد بوتين نشاطات اليهود في روسيا أو يمنع خروجهم، تبقى ضعيفة. والتساهل تجاه بوتين الذي يعرف لغة القوة لا يفيد إسرائيل، مثلما شاهدنا في محاولة روسيا تقييد نشاطات الوكالة اليهودية.

لقد حان الوقت لتعيد إسرائيل النظر في خطواتها إزاء أوكرانيا وروسيا. هي لم تتضرر إذا وسعت مساعداتها العسكرية الدفاعية (غير الهجومية) لجيش فلودومير زيلينسكي الذي كرر طلبه هذا. ويمكن لإسرائيل السماح لجارات أوكرانيا، مثل دول البلطيق ورومانيا التي تشارك في تسليح أوكرانيا، بنقل السلاح الإسرائيلي إلى أوكرانيا الذي اشترته هذه الدول لجيوشها.

التفكير على المدى البعيد يظهر أن إسرائيل تعرف بأن أوكرانيا هي المستقبل، بفضل إمكانية كامنة لسوقها الكبيرة التي تنوي الانضمام للاتحاد الأوروبي وبعد ذلك للناتو. روسيا بوتين باتت من الماضي. على إسرائيل أن تصطف مع الغرب، مع الجانب المحق، مع أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى