ترجمات عبرية

هآر تس: خارطة طريق المواجهة الدبلوماسية القادمة

هآر تس10-12-2022م، بقلم: عاموس هرئيل: خارطة طريق المواجهة الدبلوماسية القادمة

مفاجأة مختلطة بالقلق؛ هذه هي الطريقة التي تنظر بها واشنطن لنتائج الانتخابات في إسرائيل، والى وجه الحكومة الجديدة التي تلوح في الأفق. تدخلت الإدارة الأميركية، كما نشر، بشكل استثنائي في مهمة تشكيل الحكومة في البلاد، ووضعت أمام نتنياهو خطاً أحمر – «فيتو» مؤدباً بدرجة معينة على تسليم ملف الدفاع لرئيس «الصهيونية الدينية»، عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش. ولكن حتى الآن من غير الواضح، حتى للأميركيين، إذا كان هذا تحذيرا حقيقيا. هل فحص نتنياهو حقا تسليم الملف الرئيسي جدا للمؤشر الثاني الأكثر يمينية في حكومته، أم أنه استخدم تسريبا محسوبا من اجل أن يبعد الفكرة عن جدول الأعمال، وتوجيه سموتريتش نحو الاتجاه المفضل عليه وهو وزارة المالية، وهو المكان الذي دُفن فيه في إسرائيل عدد غير قليل من الشخصيات السياسية.

الأجواء في واشنطن مختلطة. ففي الجبهة الداخلية تنفس الديمقراطيون الصعداء، حيث إنه في انتخابات التجديد النصفي في الشهر الماضي، وبشكل اشد بعد الانتخابات المعادة لمقعد السيناتور في جورجيا، التي ضمنت لهم، هذا الأسبوع أغلبية صغيرة في مجلس الشيوخ (51:49) بعد أن حقق الحزب الجمهوري فقط فوزا محدودا في مجلس النواب. كان هذا القلق الرئيسي للإدارة، والآن يمكنها أن تتوجه إلى جدول الأعمال الرئيسي في السياسة الخارجية: المنافسة مع الصين، أزمة المناخ، وإفشال الحرب الروسية في أوكرانيا. الشرق الأوسط بعيد عن الأماكن الأولى في هذه الأجندة.

الآن، رغم أن نتنياهو هو السياسي الإسرائيلي المعروف اكثر للأميركيين (تعارف استمر اربعة عقود)، فإنهم يواصلون التساؤل عن حنكته في نسخته الجديدة. الأسئلة التي تطرح في القدس تُسمع أيضا، هذا الأسبوع، في واشنطن. لماذا يضع نتنياهو مثل هذه القوة في يد سموتريتش وإيتمار بن غفير؟ ألا يوجد لديه أي خيار لأنه يعتمد عليهما من اجل وقف الإجراءات القانونية ضده، أم أنه جرى هنا اعتبار محسوب اكثر، يعول بشكل متعمد على فوضى في «المناطق» أو على تفكير بأنه يمكن أن يسيطر على كل خطواتهما؟

في هذا الأسبوع في مؤتمر اللوبي اليهودي «جي ستريت»، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، إن الإدارة الأميركية لن تبلور علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة حسب الأشخاص الذين يعملون فيها، بل وفقا لأفعالها وسياستها. وأكد متحدثون أميركيون آخرون على تصريحات نتنياهو الأخيرة في المقابلات التي أجراها مع وسائل الإعلام الأميركية والتي بحسبها سيبقى يمسك بدفة القيادة. ليس للاقتباس، تساءلوا إذا كان هو الذي سيكون قائد الطائرة أو الطيار الاحتياط في الحكومة الجديدة. يعترف الأميركيون بالطبع بالنتائج الشرعية للانتخابات الديمقراطية في إسرائيل. ولكن يبدو أن كثيرين في الإدارة يتساءلون حول عملية التطبيع السريعة التي يمر بها بن غفير، الذي هو من اتباع مئير كهانا والذي يعتبر في إسرائيل ظاهرة هامشية متطرفة، إلى أن قرر نتنياهو لاعتباراته مساعدته في صعوده السياسي، في إحدى الجولات الانتخابية السابقة.

مجال التوتر المحتمل بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو يوجد في «المناطق»، وبشكل محدد في طلبات سموتريتش من نتنياهو، التي كشف جزءا منها عند نشر الاتفاق الائتلافي بين القائمتين. سموتريتش وأصدقاؤه يطرحون عدة طلبات يمكن أن تقلق الأميركيين، إلى جانب الخطر الذي سيحاول فيه بن غفير أن يهز الحرم (هذه احتمالية يعد نتنياهو بأنه يعرف كيف سيوقفها مسبقا). ما سيشغل الإدارة الأميركية هو محاولة المستوطنين وقوائم اليمين توسيع البناء في المستوطنات وشرعنة اكثر من 70 بؤرة استيطانية والمبادرة إلى عملية حكومية عنيفة ضد بناء الفلسطينيين في مناطق «ج». البناء، حسب المستوطنين، يشكل محاولة فلسطينية لتثبيت حقائق على الأرض مع استغلال الأموال الأميركية والأوروبية. في الإدارة الأميركية أيضا غير متحمسين لتسليم جهاز منسق أعمال الحكومة في «المناطق» لوزير من قبل سموتريتش في وزارة الدفاع. بناء على ذلك، اثنوا في واشنطن على عمل منسق أعمال الحكومة وقيادة المنطقة الوسطى، الذي ساعد في حالات كثيرة على تهدئة المنطقة في السنوات الأخيرة.

في هذا الأسبوع، سافر رئيس الأركان الجديد، هرتسي هليفي، إلى واشنطن، والتقى نظيره الأميركي، الجنرال مارك ميلي، الذي سيكون رئيس هيئات الأركان المشتركة. النقاش، يمكن الافتراض، تراوح بين الفلسطينيين وإيران. في السنوات الأخيرة تعززت علاقات الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي إلى جانب تحسين علاقات أجهزة المخابرات في الدولتين. في إسرائيل أشاروا إلى التأثير الإيجابي الذي أوجده نقل العلاقة مع الجيش الإسرائيلي إلى القيادة الوسطى الأميركية قبل اكثر من سنة.

إضافة إلى كل ذلك، إذا كانوا قد اصبحوا في واشنطن يتحدثون عن الوضع في إسرائيل، هذا كما قلنا لا يحتل أولوية عالية، فإن الخوف هو من تطورات غير متوقعة، لا سيما في الساحة الفلسطينية. هناك اقتباس قديم عن هارولد ماكملان، الذي كان رئيس الحكومة البريطانية في الستينيات، فعندما سئل ما هي المشكلة الكبرى في منصب رئيس الحكومة قال: «الأحداث».

حول مكان العاصفة

بادر جهاز الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، إلى خطوة تستحق التقدير. في مؤتمر أجراه معهد غازيت، معهد الأبحاث الذي أقامته الاستخبارات العسكرية في السنة الماضية، عرض للمرة الأولى تقدير المخابرات العسكرية قبل السنة القادمة. وهذه مبادرة تستحق التقدير لأنها تعرض على الجمهور بدون فلاتر (بث المؤتمر في موقع الجيش الإسرائيلي) الطريقة التي يشرح فيها رجال الاستخبارات الواقع الإقليمي والدولي الصاخب والمعقد. رئيس قسم الأبحاث، العميد عميت ساعر، فعل ذلك بشكل طليق ومتزن. تحدث ساعر عن واقع عالمي جديد، ثنائي الأقطاب، فيه الولايات المتحدة والصين تتنافسان على الهيمنة في الوقت الذي لا تدير فيه الصين حقا المعسكر المضاد الذي تتجمع فيه كل الدول التي تخشى من نفوذ الغرب، وعلى رأسها روسيا. أيضا دول الشرق الأوسط غيرت المقاربة. «هي لن تتنازل عن علاقاتها مع أميركا، لكنها جميعا تلاحظ الأخطار وتقيم علاقات معقدة مع الدول العظمى».

«الجميع في المنطقة يتحدث مع الجميع، قطر، تركيا، مصر وأيضا نحن، للمرة الأولى جزء من الحوار» قال، وأضاف، «تعتبر إسرائيل في الشرق الأوسط لاعبة قوية ومستقرة ولها قوة اقتصادية وعلمية، وهي ذات صلة كبيرة بمشكلات المستقبل مثل أزمة المناخ والنقص في المياه. تعتبر إسرائيل لاعبة طموحة لا تتردد في استخدام القوة»، قال ساعر.

خصص رئيس قسم الأبحاث جزءاً كبيراً من أقواله للوضع في ايران، بالأساس الأزمة الداخلية التي تتعرض لها القيادة على خلفية موجة احتجاج الحجاب، التي اندلعت قبل ثلاثة اشهر ولا تزال ترفض الخفوت. وقال ساعر، إن «طهران ستدخل إلى العام 2023 بزاوية سلبية». الاحتجاج في هذه المرة مختلف عن «الثورة الخضراء»، التي اندلعت على خلفية ادعاءات بتزوير الانتخابات في 2009 والاحتجاج على أسعار الوقود في 2019. هي مستمرة اكثر وقد اندلعت لأسباب عميقة (غير سياسية وغير اقتصادية، بل هي تحد للإكراه الديني الذي يقف في مركز النظام، ويتناول مسائل تتعلق بالهوية). معظم المتظاهرين من الشباب، وطلاب الجامعات والمدارس الثانوية، وهم لا يترددون في استخدام العنف ضد رجال النظام وضد رجال الدين. يعبّر الاحتجاج عن تجمع أجندات مختلفة مثل الأقلية الكردية والأقلية العربية، التي تنضم للاحتجاج لأسبابها الخاصة.

النظام، حسب ساعر، قلق جدا. قدرت الاستخبارات العسكرية أنه على المدى القصير ستتغلب السلطات على الاحتجاج عن طريق استخدام وسائل قمع وحشية. ولكن أسباب الاحتجاج ستبقى وفي نهاية المطاف تعرض للخطر بقاء النظام. «النظام في ايران توجد له مشكلة مع جيل الشباب الذي لا يخاف منه وأيضا لا يجد نفسه في الثورة. النظام فقد الجيل الرابع الذي ظهر في ايران منذ الثورة. حتى لو تجاوز هذا الاحتجاج الحالي فإن لديه مشكلة عميقة»، قال ساعر.

حسب أقوال رئيس قسم الأبحاث فإن المشروع النووي الإيراني يوجد في نقطة متقدمة جدا اكثر من أي وقت مضى. تسيطر طهران على العامل المعقد اكثر من المشروع، وهو تخصيب اليورانيوم. «تخصيب بمستوى 90 في المئة هو فقط مسألة قرار. لا توجد هنا صعوبة تكنولوجية. هذا سيستغرق بضعة أسابيع بعد اتخاذ القرار». عن بيع المسيرات الإيرانية لروسيا قال، «تعرف ايران بأنه سيأتي رد دولي على المساعدة، لكن هذا خيارها الاستراتيجي العميق. ستحصل ايران من روسيا على مقابل لهذه المساعدة».

في السنة القريبة القادمة، كما قال ساعر، ستجد إسرائيل نفسها تواجه تهديدات كثيرة من ساحات كثيرة، على رأسها ايران و»المناطق». صورة الوضع التي ترسمها الاستخبارات العسكرية بخصوص «المناطق» محبطة جدا. التنظيم المستقل «عرين الأسود»، الذي عمل في نابلس منذ بضعة اشهر إلى أن قتلت إسرائيل أو اعتقلت معظم أعضائه، هو بالنسبة لساعر إشارة إلى ما سيأتي. «المهم في هذه الظاهرة ليس الأرقام، نحن نرى شبابا ولدوا بعد الانتفاضة الثانية وهم يركلون الجميع: السلطة الفلسطينية و(حماس). قصتهم يتحدثون عنها في «التك توك». هو يقلق من مئات الشباب الذين يتجمعون في الشوارع من اجل أن يرشقوا الحجارة على السيارات العسكرية المحصنة ضد الرصاص الذي هو عملية عديمة الجدوى. «أنا افكر بحجم الغضب المطلوب من اجل فعل ذلك»، قال.

ساعر غير مخول بالتطرق إلى ما يحدث في الجانب «الأزرق» الإسرائيلي. في الفترة القادمة سيتبين هل القيمة العالية التي يعطيها لإسرائيل في نظر جيرانها ستبقى على حالها حتى بعد نتائج انتخابات الكنيست والحكومة الجديدة التي ستبدأ في تولي أعمالها. ربما أن إشعاع القوة المستمرة سيقف أمام اختبار من نوع آخر، بالأساس إذا اشتعلت «المناطق»، ووضعت تحديا جديدا أمام العلاقات الآخذة في التشكل بين إسرائيل ودول الخليج.

في نقاش آخر في المؤتمر، كشف العميد (احتياط) نداف تسفرير، قائد الوحدة 8200 سابقا والآن هو ريادي في الهايتيك، عن قصة مثيرة من الماضي. طوال سنين يجري نقاش حول مسألة إلى أي درجة كانت الاستخبارات الإسرائيلية مصغية للتيارات العميقة في العالم العربي عشية الهزة التي هزته في كانون الأول 2010 والتي سميت «الربيع العربي». اعترف تسفرير بأنه في تلك الفترة ركز كل جهاز الاستخبارات على الوضع المتدهور لرئيس مصر في حينه، حسني مبارك، حسب رؤيته. ولكن في الطريق فقدنا ما كان يحدث في الشبكات الاجتماعية، في الفيسبوك في مصر ولم نعرف بأن ثورة الربيع العربي ستنضج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى