ترجمات عبرية

هآرتس: 7 أكتوبر بعد مرور نصف سنة: أجزاء من فسيفساء الإخفاق تترابط الآن

هآرتس 29-3-2024، بقلم: عاموس هرئيل: 7 أكتوبر بعد مرور نصف سنة: أجزاء من فسيفساء الإخفاق تترابط الآن

بعد مرور اكثر من أسبوع على البث للمرة الأولى، يصعب التحرر من الانطباع العميق والقاسي الذي تخلفه تسجيلات المراقِبة روني إيشل، التي قتلت في موقع “ناحل عوز” في 7 أكتوبر. الجيش الإسرائيلي ارسل التوثيق من شبكة الاتصال اللوائية على حدود القطاع إلى أبناء العائلة، ويبدو أن هؤلاء قاموا بإرساله للبث في “أخبار 12”. الاستماع إلى صوت إيشل الغاضب، التي تتمسك بإجراءات العمل لوحدتها وتبذل قصارى جهدها لإعادة النظام إلى الوضع الفوضوي، يعتبر تجربة مخيفة. صوت الجندية (19 سنة) في ساعة حياتها الأخيرة لا يفارقك، حتى في الأسبوع الذي تتواصل فيه الأنباء السيئة من كل الجبهات.

الـ 15 مراقبة اللواتي تواجدن في ذاك الصباح في “ناحل عوز” قتلن في معركة في الموقع، إضافة إلى 38 جنديا وجندية أيضا، اكثر من أي معركة أخرى في الحرب. حسب تعليمات الجيش فإن المراقبات لم يكن معهن أي سلاح، 7 مراقبات اختطفن إلى القطاع، وواحدة قتلت في الأسر على يد “حماس”، وواحدة تم إطلاق سراحها في عملية لـ”الشاباك” والجيش الإسرائيلي. 5 مراقبات محتجزات حتى الآن في القطاع، والقلق يزداد على سلامتهن، بالتأكيد بعد الشهادات التي نشرت في هذا الأسبوع حول الاعتداءات الجنسية في الأسر. روني إيشل اعتبرت في البداية مفقودة. وبعد شهر على الهجوم ابلغ الجيش عائلتها بأن جثة ابنتها تم تشخيصها، وأنها قتلت في بداية الحرب.

التسجيلات من “ناحل عوز” تذكر بالأشرطة التاريخية التي توثق صرخات الاستغاثة للجنود المحاصرين في الحصون التي توجد على حافة قناة السويس في حرب يوم الغفران. قبل شهر من اندلاع هذه الحرب، شاهدت فيلم “غولدا”، الذي يستخدم بشكل كبير التسجيلات من العام 1973. هذا ظهر لي كذكرى بعيدة من عصر آخر، حتى ونحن نقترب من الذكرى الخمسين لتلك الحرب.

التاريخ لا يكرر نفسه، لكن أحيانا يظهر مثل قافية لقصيدة. الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي لم يشاهدا قضايا اقتحام لأراضي إسرائيل وأسر جماعي منذ حرب يوم الغفران. آباء الجنود الحاليين ربما قرؤوا عنه في الكتب في صباهم. الجنود في المواقع على طول القطاع بقوا على اكثر تقدير مع ذكرى ضبابية من الطفولة، من قضية جلعاد شاليت. ولكن في صباح 7 أكتوبر الكوابيس الأكثر قسوة تحققت.

تقريبا بعد مرور نصف سنة فإن صورة ما حدث بدأت تتضح. تفاصيل كثيرة ستتراكم من عشرات التحقيقات العملياتية التي يقوم بها الآن الجيش الإسرائيلي و”الشاباك”، ومن تحقيقات مراقب الدولة. لكن أصبح من الواضح الآن أن السيناريوهات القاسية التي حدثت بصعوبة تم التدرب عليها قبل الحرب. قيود الخيال، وكما يبدو درجة الاستخفاف بالعدو، منعت الجيش وأجهزة الاستخبارات من التعامل مع اقتحام كثيف كهذا لـ”حماس” كسيناريو واقعي يجب الاستعداد له. في أعماقهم، كثير من القادة الكبار ورجال الاستخبارات يبدو أنهم تخيلوا مقاتلي “حماس” بصورة غير بعيدة عن الطريقة التي تعامل بها معهم جدعون ليفي خلال سنوات في مقالاته في “هآرتس”: “مليشيا حفاة، قدرتهم على إلحاق الضرر محدودة وهي تقتصر بالأساس على إطلاق الصواريخ بشكل غير دقيق”.

طريقة العمل الأساسية المحتملة التي تم التدرب عليها خلال سنوات كانت تتعلق باقتحام لفصيلين من النخبة، قوة الكوماندوز في “حماس”، عبر نقطتين أو ثلاث نقاط على الحدود بدون إنذار استخباري مسبق. هذه القوة كان يمكن أن تضم 150 مخربا مسلحا؛ في هيئة الأركان وفي قيادة المنطقة الجنوبية افترضوا أنه عند الحاجة فإن فرقة غزة يمكنها مواجهة هذا التحدي. هذا السيناريو تم التدرب عليه أيضا حتى عندما وصلت إلى هذا القطاع الكتائب التي تفاجأت بعد بضعة أسابيع في 7 أكتوبر، وقتل عدد كبير من قادتهم الكبار في هذه المعارك.

في العام 2016 تم إجراء مناورة استثنائية في فرقة غزة. الجنرال ميكي أدلشتاين، الذي قاد الفرقة في السابق، وضع سيناريو فيه ملأت قوات مهاجمة الحدود في عدد كبير من النقاط. الفرقة والقيادة الجنوبية وجدوا صعوبة في المواجهة وعدد من القادة الذين شاركوا في التدريب قالوا، إن السيناريو انزلق إلى أماكن خيالية غير معقولة، ما يسمى باللغة العسكرية في الجيش الإسرائيلي “غواصات في الوادي”. منذ ذلك الحين بدا أن لا أحد تدرب بجدية على سيناريو حرب شاملة في القطاع، التي ستندلع في هجوم مفاجئ.

الغواصات لم تصل، لكن في 7 أكتوبر السنة الماضية جاء الطوفان، الاسم الذي أطلقته “حماس” على الهجوم “طوفان الأقصى” تبين أنه مناسب. في الساعات الأولى للهجوم اجتاز اكثر من 2000 مخرب مسلح، وفي أعقابهم جمهور واسع من الرعاع القتلة. هذا كان تسونامي اخترق خط الجدار الذي لا يوجد عليه عدد كبير من الجنود. روني إيشل، زملاؤها وزميلاتها، وجدوا انفسهم في موقع متدن فظيع. الشباب يضعون الإصبع في فتحة السد. قضية المراقبات هي قضية مؤلمة اكثر، لأنه في الأشهر التي سبقت الهجوم حذرن عبثا القادة من تغيرات مقلقة في سلوك “حماس” على طول الحدود، التي كان يمكن أن تدل على هجوم قريب.

إن طوفان التهديدات دفعة واحدة وعبر القطاع بأكمله تنعكس جيدا في التسجيلات من موقع “ناحل عوز”. بعد دقائق على اختراق الحدود، أسراب من المخربين أغرقت المواقع نفسها. الجنود، بعد ذلك قوات المساعدة والإنقاذ التي وصلت إلى المعسكرات والبلدات، وجدوا انفسهم في موقف الأقلية أمام الجمهور المهاجم، بعضهم قتلوا بعد نفاد الذخيرة. في الجيش الإسرائيلي، شخصوا نحو 60 نقطة اختراق على طول الحدود، برعاية نحو 4 آلاف صاروخ أطلقت من القطاع على الجبهة الداخلية في إسرائيل، معظمها في الساعات الثلاث الأولى للهجوم.

في صباح الهجوم، كانت تنتشر على حدود القطاع ثلاث كتائب مشاة وكتيبة مدرعات أصغر منها. النقاش حول حجم القوات الصغير يعاني من فجوة في المعلومات ومن التحيز السياسي وصمت طويل جدا من قبل الجيش. عمليا، تقريبا العدد نفسه من القوات تم وضعه هناك أيضا قبل حوالى خمس سنوات. غزة اعتبرت قطاعا أقل خطرا في الأوقات العادية. ومعظم قوات الأمن الجاري استثمرت في الضفة الغربية وخط التماس، إزاء التشتت الكبير للمستوطنات والبؤر الاستيطانية والثغرات في جدار الفصل التي أثارت التخوف من اقتحام المخربين إلى داخل حدود الخط الأخضر.

قام الجيش الإسرائيلي بخفض عدد القوات في أيام السبت وفي الأعياد. ومال إلى إرسال عدد كبير من القادة والجنود إلى الإجازة. هذا يعتبر مخاطرة كبيرة، ومثلها أيضا السماح للقادة بدعوة عائلاتهم إلى قواعد قريبة من الجدار لقضاء العيد معهم. عدد القوات القليل برز أيضا في الشمال. قائد الفرقة 91 على الحدود مع لبنان، العميد شاي كلبر، حذر من ذلك، ومن الاعتماد المبالغ فيه على تلقي إنذار استخباري – في لقاء جرى بين ضباط المنطقة الشمالية وكبار قادة الاستخبارات العسكرية عشية الحرب. تخوفاته ذكرت أيضا في مقال في “هآرتس” نشر قبل أسبوع على هجوم “حماس”.

في الشمال سموا هذه المشكلة المعركة على الوقت. قيادة المنطقة والفرقة تدربت على إرسال سريع للقوات، مع تلقي إنذار فوري، على افتراض أن التعزيز في الموعد سيردع “حزب الله” من تنفيذ هجوم مفاجئ. هكذا تصرفوا أيضا في صباح 7 أكتوبر. عندما انتشرت قوات الاحتياط الأولى على طول الحدود مع لبنان في المساء، انخفضت احتمالية الانضمام الكامل لـ”حزب الله” إلى الحرب. الانتشار الخفيف، لا سيما في الجنوب، يعكس معاملة غير جدية بما فيه الكفاية للجيش الإسرائيلي مع المخاطرة. لو اعتقدت القيادة العليا بأن الهجوم هو أسلوب عمل معقول لكان عليها القيام بأمرين. أولا، تعزيز الدفاع بشكل واضح. ثانيا، الضغط على المستوى السياسي كي يمكنها من توجيه الضربة الاستباقية. ولكن لم يتم فعل أي شيء من ذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى