ترجمات عبرية

هآرتس – 100 في المئة عجز

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي  – 22/4/2021

” ألا يوجد لاسرائيل أي مسؤولية عن مصير الفلسطينيين الذين حولتهم الى معاقين عندما اطلقت النار عليهم اثناء ذهابهم للعمل في اسرائيل. أو حولتهم الى مصابين بالصدمة بعد اقتحام بيوتهم من قبل الجنود ورجال الشرطة وكلابهم “.

حالة ايتسيك سعديان، الذي اصيب بصدمة المعركة وأحرق نفسه، هي بالطبع حالة صعبة وصادمة من كل النواحي. ولكن العاصفة التي ثارت في اعقاب عمله هذا كانت خليط من صدمة مفهومة ومحقة مع درجة من التضخيم الصارخ والنفاق والتملق وازدواجية المعايير. هذه العاصفة رسمت عدة خصائص اساسية للمجتمع في اسرائيل: تمثيل دور الضحية، الرضى عن النفس، احتجاج قليل ومتأخر جدا وعمى اخلاقي عن رؤية معاناة الآخر. سعديان كان ضحية للانغلاق المروع. الاحتجاج الذي اندلع في اعقاب فعله لم يكن اقل غموضا. لقد احتجت اسرائيل على الخطأ في الوقت غير الصحيح.

الاحتجاج على اهمال معوقي الجيش الاسرائيلي يجب اسماعه قبل الحرب القادمة وليس بعدها. ولكن قبل الحرب هي لم تسمع في أي وقت من الاوقات. في المرة القادمة التي ستذهب فيها اسرائيل الى هجوم آخر، وحشي، على غزة العاجزة، أو أن تشعل حرب ضد ايران أو تقوم بقصف لبنان – عندها، بالضبط في حينه، يجب طرح احتجاج المصدومين من المعركة، المعاقين وعائلاتهم، الذين يعرفون الحقيقة عن الثمن الفظيع الذي سيتم دفعه. ولكن عندما يخرج الجيش الى الحرب فان اسرائيل تصفق كرجل واحد. لا أحد في حينه يتحدث عن المصدومين في المعركة الذين سيعودون منها.

“جميعنا ايتسيك سعديان”، صرخ في هذا الاسبوع العنوان المتهكم في “يديعوت احرونوت”. “جميعنا سنكون ايتسيك سعديان”، هكذا يجب أن يكون العنوان الرئيسي في مواجهة استفزازات اسرائيل غير المعقولة لايران واستمرار الحصار الاجرامي لغزة والاحتلال الدائم للضفة الغربية. هذه الامور يمكن أن تقود الى الحرب القادمة. المعاقون في الجيش و”يديعوت احرونوت” سيهتفون لها. وبعد ذلك سيحزنون على معاملة ضحاياها.

مصطلح “أحد المعاقين في الجيش الاسرائيلي” يجب ازالة القدسية عنه. الاغلبية الساحقة لم يصابوا بنشاطات عملياتية، عدد منهم حاولوا خداع الجهاز، وعدد قليل منهم تتم معاملتهم ليس كما يستحقون. هناك عدد قليل من الدول التي تعالج باخلاص كهذا المعاقين فيها. من خلال التمييز بين الجندي الذي اصيب بحادث طرق وبين المواطن الذي اصيب بنفس الحادث. المصدومون في المعركة والمعاقون في الحرب يستحقون كل العناية والاهتمام. هم ذهبوا الى حرب لم يبادروا اليها ودفعوا ثمن شخصي فظيع. ولكنهم جميعا هم الضحايا الوحيدون للحروب التي شنتها اسرائيل، وكلها تقريبا حروب اختيارية غير ضرورية.

هل سمعتم ذات يوم عن مصدوم فلسطيني في المعارك؟ عن من اصيبوا بما بعد الصدمة في جنين؟ عن اشخاص اصيبوا بالذعر في غزة؟ هل يحتمل أن الضحايا الاكثر لكل المواجهات العنيفة بيننا وبينهم هي ضعيفة جدا الى درجة أننا لم نسمع عن اضطرابات ما بعد الصدمة، ولم يسقطوا ضحية لها في أي يوم؟ هل يوجد للفلسطينيين قسم للترميم في وزارة دفاعهم؟ هل يوجد من يهتم بهم؟.

اسرائيل تزرع الرعب في الاراضي المحتلة كأمر روتيني. في كل صباح يستيقظ فلسطينيون جدد مصابين بالفزع، من بينهم اطفال اقتحم جنود الجيش الاسرائيلي وكلابهم في الليل  بيوتهم وزرعوا فيها الدمار، وبالاساس الخوف؛ عمال يحاولون العثور على عمل في اسرائيل وتم اصطيادهم مثل الحيوانات، شباب يحالون اجتياز الجدار وقام الجيش باطلاق النار عليهم، أو مسافرون يأتون الى الحواجز ويتم اطلاق النار عليهم دون ذنب. هم جميعا مصابون بما بعد الصدمة. على الاغلب هم ايضا يصبحون معاقين ومشلولين مدى حياتهم. هم من معاقي الجيش الاسرائيلي. هل يوجد لاسرائيل أي مسؤولية عن مصيرهم؟.

ولكن على هذا لا يخرج أي احتجاج في اسرائيل. جميعنا ايتسيك سعديان، لأن هذا مثير ويمس القلب. ولكن ربما يمكن، لو للحظة، القول “جميعنا أسد شرحة، العامل ابن 18 سنة الذي يستلقي الآن في بيته وهو مصاب بصدمة المعركة ولا يستيقظ، بعد أن قام جنود حرس الحدود باطلاق كلابهم عليه وتركوه وهو مرمي ومصاب على ارضية مركز الشرطة ليوم كامل، الى أن قاموا برميه في الليل على الحاجز، وكل ذلك حدث في ذكرى يوم الكارثة.

فقراء مدينتنا أولا، ومثلهم ايضا المعاقين والمصابين بالصدمة. ولكن عندما يكون هناك انغلاق في القلب الى هذه الدرجة المخيفة تجاه ضحايا اسرائيل، يصبح من الصعب الاصابة بالصدمة من المخصصات القليلة لجندي اصيب بحادث طرق أو حتى بصدمة معركة لمن ذهب الى غزة كي يقتل الأبرياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى