ترجمات عبرية

هآرتس: يهودية ديمقراطية ضد يهودية عنصرية

هآرتس – ديمتري شومسكي – 29/10/2025 يهودية ديمقراطية ضد يهودية عنصرية

خلال سنوات كثيرة مفهوم “دولة يهودية وديمقراطية” عمل في الخطاب في اسرائيل وفي تشكيل الواقع المدني في اسرائيل بمثابة اداة للتحايل. اسلوب اسرائيل المجدي، “السير مع والشعور بـ لا”، الدفع قدما بالفعل بالتفوق اليهودي مع تسهيلات طفيفة هنا وهناك بوسائل اجرائية للديمقراطية الليبرالية من اجل الحفاظ على الصورة الذاتية الثمينة، التي تمس القلب الاسرائيلي، “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط”. 

في نفس الوقت هذا المفهوم مكن من التحدث بصوت مرتفع عن التوترات الداخلية العميقة في الواقع الاسرائيلي، التي تعكس بشكل صحيح المفهوم ثنائي الابعاد – يهودية وديمقراطية. ولكن عمليا، تطبيق سياسة مركزية عرقية خالية من الشك والتعقيد – ديمقراطية لليهود ويهودية للعرب.

لكن المفهوم مزدوج الاهمية والغامض والمراوغ لم يلب طموحات اتباع التفوق اليهودي. فيما يتعلق بفرض الهيمنة القومية – العرقية – اليهودية، اعتبر دعامة ضعيفة ومفهوم ديمقراطي جدا. هؤلاء عملوا على سحق الحقوق الاساسية للمواطنين العرب الفلسطينيين بدون أي رادع أو تحفظ، لكن المكونات المدنية الليبرالية لصيغة “يهودية وديمقراطية” لم تسمح لهم بالانطلاق بحرية.

هذا هو السبب الذي جعلهم يركلون هذه الصيغة بصورة نهائية بواسطة سن قانون القومية، الذي ينص فعليا على انه من الان فصاعدا “يهودية وديمقراطية” ستخلي مكانها لـ “يهودية ويهودية”. وكاضافة، هم عمقوا هذه التوجهات القمعية في اطار الانقلاب النظامي. 

لذلك، اذا كان انصار الدولة اليهودية والعنصرية قد تنازلوا في نهاية المطاف عن فكرة الدولة اليهودية والديمقراطية، فهل ما زالت هذه الفكرة تنطوي على امكانية تمكنها من النضال ضد العرقية اليهودية بأمانة؟ هل هناك فائدة من أن يتوقف انصار المساواة المدنية الحقيقية عن التهرب من هذا المفهوم، بل ويتمسكون به بكل القوة ويضعونه في مواجهتها بكل عنصريتها؟.

هذه ليست قضايا نظرية، بل اسئلة سياسية عملية يجب طرحها على الاحزاب العربية. ان اعداء الديمقراطية يزدرون علنا وثيقة الاستقلال، وهي المصدر الرسمي وشبه الدستوري لفكرة الدولة اليهودية والديمقراطية. وهذا يعود جزئيا الى ان الالتزام بمبدأ المساواة الموجود فيها يقيد ايديهم عن طريق سحق حقوق المواطنين العرب الفلسطينيين. على خلفية ذلك، ألم يحن الوقت لممثلي المواطنين العرب الفلسطينيين، الحاليين والمستقبليين، في الكنيست لاضافة المباديء الديمقراطية في وثيقة الاستقلال الاسرائيلية الى ذخرهم من المفاهيم السياسية، ودعم مفهوم الدولة اليهودية والديمقراطية علنا ضد من قاموا بالانقلاب، الذين تخلوا عنها؟.

ان المكاسب السياسية الفورية لهذه الخطوة اليوم، قبل الانتخابات المصيرية القادمة، هي مكاسب واضحة: اذا اظهرت القائمة المشتركة التي سيتم تشكيلها، الدعم المطلق للدولة اليهودية والديمقراطية فان ذلك قد يدفع احزاب الكتلة المناهضة لبيبي الى التوقف عن استبعاد الاحزاب العربية من الائتلاف في المستقبل. مع ذلك، أنا لا اعتبر فكرة انحياز القائمة المشتركة الجديدة الى الراية اليهودية الديمقراطية خطوة سياسية انتهازية، بل محاولة اخرى لتقديم انفسهم كـ “عرب جيدين” مع اذلال ذاتي وطني.

حجتي هي أنه في واقع وجود دولة يهودية عنصرية هذا سيكون خيار استراتيجي، اخلاقي ووطني، شجاع، والخيار الواقعي الوحيد في النضال ضد سحق الحقوق الفردية والجماعية للاقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل – وهو خيار دعم صيغة غير مهيمنة من الدولة اليهودية.

ان الدولة اليهودية والديمقراطية تستطيع بالفعل خدمة الديمقراطيين، اليهود والعرب، في اسرائيل، كصيغة غير مهيمنة ومتسامحة للدولة اليهودية. السبب الرئيسي في فشل هذه الصيغة لسنوات في تعزيز المساواة المدنية في الدولة، يكمن في استخدامها بشكل متكرر لتعزيز الهيمنة اليهودية. مع ذلك، عندما تبين ان هذه الصيغة عمليا لا تقل ديمقراطية عن اليهودية فان العنصريين قاموا بالقائها جانبا، وهي الان تنتظر الفرصة لشن حملة شاملة ضد دولة العرق اليهودي. 

هذه الفرصة لن تسنح لهم طالما أنه لم يدعمها ممثلو المواطنون العرب.

هل سيشمرون عن سواعدهم؟ هل سيكونون مستعدين من خلال الثقة الوطنية الاصيلة لصياغة وثائق رؤيا جديدة ومحدثة، بحيث يكون لها احتمالية حقيقية في ان تترجم الى لغة الواقع، كي تواجه بشكل ناجع في المعركة ضد دولة التفوق اليهودية؟.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى