ترجمات عبرية

هآرتس – يفحصون بينيت: حزب الله اخذ المسؤولية عن اطلاق 19 صاروخا الى الجولان

بقلم: عاموس هرئيل – هآرتس 8/8/2021

الاطلاق من لبنان كان استثنائي من حيث حجمه، ولكنه كان استثنائي اكثر في تحمل المسؤولية عنه. الجيش الاسرائيلي يريد الاقناع بأن حزب الله ما زال مرتدع، لكن ازاء الاحداث الاخيرة من الجدير التشكيك في ذلك.

          اطلاق الصواريخ من لبنان أمس كان استثنائي في نطاقه، لكنه في نفس الوقت كان استثنائي أكثر بتحمل المسؤولية عنه. حزب الله كان في السابق متورط بشكل غير مباشر في اطلاق صواريخ الكاتيوشا على الاراضي الاسرائيلية بعد انتهاء حرب لبنان الثانية. ولكن في هذه المرة حرص ايضا على الاعلان عن مسؤوليته على الاطلاق. حزب الله ايضا اطلق في السابق صواريخ مضادة للدبابات، لكنها كانت موجهة لاهداف عسكرية معينة وليس نحو مناطق يمكن أن يكون فيها مدنيون. قرار الاطلاق والاعلان الذي اعقبه هو جزء من محاولة الحفاظ على معادلة الردع امام اسرائيل، رغم عملية الانهيار الداخلي المتسارعة التي تحدث في لبنان.

          في نفس الوقت هذا يعتبر تحد خطير لرئيس الحكومة، نفتالي بينيت. حزب الله سبق ونجح ذات مرة بدرجة اكثر من اللزوم عندما جر رئيس الحكومة الغض وغير المجرب، اهود اولمرت، الى الحرب في 2006. في هذه المرة الظروف معقدة اكثر لأن الامور تحدث في ذروة معركة اقليمية كثيفة جدا، حتى لو كانت سرية بشكل عام، بين اسرائيل وايران.

          الحادثة أمس هي الحادثة السادسة من نوعها خلال اقل من ثلاثة اشهر. ثلاث مرات اطلقت الصواريخ من لبنان اثناء عملية حارس الاسوار في قطاع غزة في شهر ايار الماضي (مرتان اطلقت الصواريخ من سوريا)؛ ثلاث مرات اخرى بعد انتهاء العملية. ربما أن الامر لا يظهر هكذا، لكن على الحدود الشمالية يوجد في هذه الاثناء احداث اكثر مما يوجد في قطاع غزة. في جميع المرات السابقة نسب الجيش الاسرائيلي الاطلاق لتنظيمات فلسطينية تعمل في جنوب لبنان. حزب الله، قيل، لم يكن في الصورة أبدا.

          في يوم الاربعاء بعد الظهيرة اطلقت ثلاثة صواريخ نحو منطقة كريات شمونة. الجيش الاسرائيلي رد باطلاق فوري للمدفعية في الليل، ايضا رد بقصف جوي هو الاول من نوعه منذ عقد، حتى لو كان موجه لاهداف صغيرة جدا. في هجوم اسرائيل قصفت مناطق الاطلاق التي اطلقت منها الصواريخ في المرات السابقة؛ في احدهما تم تدمير مقطع من الشارع الذي قربه عملت الخلية الاخيرة.

          ربما اعتقد حزب الله أن الاستخدام الاستثنائي لسلاح (مقابل اطلاق المدفعية والقصف الجوي التي وقعت بين حين وآخر في السابق) يحتاج الى رد صارخ. وربما أن الاعتبارات تتعلق اكثر بالصورة الاوسع في لبنان وفي المنطقة. وعلى أي حال، ارسلت في صباح يوم الجمعة خلية لحزب الله الى السفوح اللبنانية في مزارع شبعا. وحسب اقوال الجيش الاسرائيلي، اطلق 19 صاروخ كاتيوشا من سيارة كانت تحمل جهاز اطلاق متعدد الفوهات (في الصور من لبنان يظهر جهاز اطلاق عليه 32 فوهة). ثلاثة صواريخ سقطت في الاراضي اللبنانية، 16 صاروخ اطلقت نحو اسرائيل في منطقة جبل الشيخ ومزارع شبعا. من بينها 10 صواريخ اعترضت بنجاح من قبل القبة الحديدية، وستة صواريخ سقطت في مناطق مفتوحة.

          في بيانات لحزب الله قيل إن الاطلاق هو رد على عدوانية اسرائيل المستمرة. الى جانب الاستخدام الاخير للطائرات القتالية فربما أن القصد هو احداث اخرى في الاشهر الاخيرة، قتل مقاتل من حزب الله قام باقتحام الحدود الاسرائيلية في منطقة المطلة في مظاهرة اثناء العملية في غزة واصابة أحد مقاتلي حزب الله في قصف جوي نسب لاسرائيل في سوريا. المهم هو أن حزب الله في هذه المرة لا يسمح فقط، سواء فعليا أو بالصمت، لتنظيم فلسطيني بالعمل بدلا عنه، بل إن تحمل المسؤولية هو أمر مدوي اكثر من الفعل نفسه.

          رد اسرائيل على الاطلاق كان، حتى هذه الساعة، محلي ومحدود. ويمكن الافتراض أنه في المشاورات التي اجراها رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان تم فحص ردود اكثر شدة فيما بعد. مع ذلك، اسرائيل لا تبث روح قتالية بشكل خاص. في الخلفية توجد اعتبارات اخرى. الدولة تقف على شفا اغلاق رابع، الذي يمكن أن يتم الاعلان عنه في هذا الشهر بسبب التفشي الجديد للكورونا. الاضرار الاقتصادية للفيروس تواصل التراكم، في الوقت الذي فيه السياحة في منطقة الشمال توجد في حالة انتعاش بفضل مئات آلاف الاسرائيليين الذين اجبرهم التفشي الدولي لسلالة دلتا على الغاء خطط الاستجمام في الخارج والبقاء في البلاد.

          الاسرائيليون، مثل القيادة في اسرائيل، لا يريدون الحرب. وهذا لا يعني أنه يجب عليهم أن يوافقوا بسهولة على التفسيرات التي يقدمها الجيش لنفسه. حتى صباح أمس اعتقدوا في الجيش أن حزب الله غير متورط في الاطلاقات السابقة، وربما بشكل عام هو يعارضها. الاطلاق على مناطق مفتوحة، قيل، يدل على أن حزب الله ما زال مرتدع، ربما مرتدع، ومستعد لكسر الطابو الذي استمر لسنوات باطلاق كثيف نسبيا على الاراضي الاسرائيلية مع تحمل المسؤولية.

          بشكل عام يبدو أن الجيش الاسرائيلي يجب عليه أن يحذر من عدم الانغماس في مهرجان رواية القصص. هذا ما حدث معه منذ سنوات في قطاع غزة عندما اختار تجاهل العلاقة المتشعبة بين حماس وتنظيمات فلسطينية “مارقة”، التي كما يبدو اطلقت الصواريخ خلافا لرأيها. وقد جاءت خيبة الامل المؤلمة في أيار الماضي عندما تعمدت حماس، خلافا للتقديرات الاستخبارية المبكرة، اشعال حرب صغيرة في غزة من خلال اطلاق الصواريخ على القدس.

          على خلفية التفكك المتسارع في لبنان تجد اسرائيل نفسها الآن محاطة بدول فاشلة، لبنان وسوريا وسلطة حماس في غزة، وبدرجة معينة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. هذه الظاهرة تحول كل المنطقة الى منطقة متفجرة اكثر. وأكثر من ذلك هو أن جميع الساحات توجد لها روابط فيما بينها. التصعيد في أحدها يمكن أن يجر الى اشتعال في مناطق كثيرة: الاطلاق من لبنان ومن سوريا اثناء عملية حارس الاسوار هو اشارة اولية على هذه الاحتمالية.

          الدكتور ميخائيل ملشتاين، من جامعة تل ابيب والذي كان في السابق ضابط رفيع في قسم الابحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية قال للصحيفة إنه حسب رأيه يوجد قاسم مشترك بين الاحداث الاخيرة في الخليج الفارسي وفي لبنان وبين العملية الاخيرة في قطاع غزة. وحسب قوله فان “كل بؤرة من البؤر تتطور على خلفية ظروف خاصة بها، وكل لاعب رئيسي توجد له مشكلاته الداخلية. وحتى الآن تظهر هنا شجاعة اكبر مقارنة مع السابق، وتبرز محاولة لرسم قواعد لعب جديدة امام اسرائيل”.

          ملشتاين، العقيد في الاحتياط، قدر أنه “يمكن أن يكون ذلك مرتبط بالحكومة الجديدة هنا وتولي ادارة جديدة في الولايات المتحدة. أنا أخشى من أننا نقرأ الاعداء حسب عالم الماضي المعروف لنا، ولا نعرف عمق التغيير الذي يجري مؤخرا على منطق عملهم”.

          حسن نصر الله يعمل في اطار قيود خاصة به، مثلما تجسد جيدا في الافلام التي تم تصويرها بعد الحادثة في جنوب لبنان. حيث يظهر فيها سكان دروز وهم ينقضون على تندر لحزب الله اطلقت منه صواريخ الكاتيوشا وهاجموا بالضرب أحد الجالسين فيه واتهموا حزب الله باشعال الحرب مع اسرائيل، التي يمكن أن يدفعوا هم انفسهم ثمنها. في قيادة الطائفة الدرزية في اسرائيل قالوا إن حزب الله يثير بشكل متعمد الاستفزاز قرب القرى الدرزية في لبنان كي يجرها الى داخل التعقيدات التي يخلقها. وفي الوقت الذي فيه حزب الله، وربما اسياده في ايران، يختبرون بينيت فانهم بذلك يلعبون هم انفسهم بالنار. نصر الله سبق وبالغ ذات مرة بالاستفزازات امام اولمرت. حرب لبنان الثانية لم تكن قصة النجاح الاسرائيلية التي يسوقها الآن رئيس الحكومة السابق ومؤيديه. ولكن لا شك أن نصر الله ايضا ندم في نهاية المطاف على عملية الاختطاف التي اشعلت الحرب. يبدو أن رئيس حزب الله سيحسن صنعا اذا لم يحاول دفع بينيت الى الزاوية التي دفع اليها اولمرت في 2006، من خلال عملية أدت الى القتل والدمار في الطرفين.

مركز الناطور للدرارسات والابحاث FAcebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى