ترجمات عبرية

هآرتس: يجب إسقاط هذه الحكومة قبل فوات الأوان

هآرتس 2023-01-14، بقلم: يائير لابيد*: يجب إسقاط هذه الحكومة قبل فوات الأوان

نحن في صراع، هذا هو المعطى الأساسي. الالتزام الكامل والغضب العارم يجب أن نترجمهما نشاطاً سياسياً فاعلاً وقدرة على إعادة رواية القصة من جديد. هذه الحكومة يجب إسقاطها بسرعة، قبل فوات الأوان. هناك جدولان زمنيان يتسابقان مع بعضهما- قدرتنا على النضال في مقابل قدرتهم على التدمير. قد تأتي لحظة في المستقبل القريب، يصبح فيها الضرر كبيراً لدرجة أنه لا يمكن العودة عنه. إذا لم تسقط هذه الحكومة، فلن يكون بإمكان إسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية ليبرالية، ولن يعود في الإمكان ترميم بنيتها الدستورية. وستكون النتيجة الحتمية لذلك مغادرة النخب الاقتصادية والتكنولوجية بخطوات هادئة. ففي النهاية، ما سيجري هو بطاقة سفر، وتحويل أموال، وورقة تطلب من السمسار بيع المنزل. هناك دول حدث فيها ذلك، مثلاً كولومبيا. فقد استيقظت النخبة هناك ذات يوم لتدرك أن الأمور لم تعد على ما يرام، فانتقلت بهدوء إلى ميامي. لم ينتبه أحد إلى ذلك، إلى أن انهارت الدولة بسرعة تخطف الأنفاس.

يتطلب النضال منا أن نتطلع إلى الوراء كما نتطلع إلى الأمام. أين أخطأنا؟ وماذا أهملنا؟ وما الذي حدث بالفعل؟ لا أتحدث عن أسئلة استفزازية، أو أسئلة مهادنة يطرحها عليّ الصحافيون في كل يوم إثنين، مع بداية جلسة التكتل، بل عن محاولة حقيقية لفهم الصدع في المجتمع الإسرائيلي، وما هي الفرضية التي اصطدمت بالفرضية المضادة لها، وهل ما نشهده اليوم هو الحصيلة، أم هو مجرد شظايا من حجارة رخام ضخمة ملقاة على أرض حياتنا.

الخسارة ليست هي التي تؤلم، بل الشعور بأننا ضائعون، وكل ما هو جميل وصحيح في حياتنا تحول موضوع استهزاء واحتقار ورمي على قارعة الطريق. لقد تجاوزت نشوة الانتصار بالسلطة نتائج الانتخابات بأشواط كبيرة. لقد سيطروا على كل شيء، أكثر بكثير من الحكومة، ومن لجنة سَن القوانين: لقد سيطروا على الحقيقة.

ومثل كل نظام غير ديمقراطي في التاريخ، فإن ما يريدونه على الدوام ليس كشف الحقيقة، وإنما السيطرة عليها. وتحويرها خدمةً لمصالحهم، والتأكيد أنها تعزز سيطرتهم. لقد فهموا أن الحقائق – الحقائق الحقيقية المتجذرة في عالم الديموغرافيا والجغرافيا والعلاقات الدولية والاقتصاد والاعتبارات الأمنية – يمكن أن تؤدي إلى سقوطهم، لذلك بدؤوا بمهمة طموحة: إلغاء الوقائع وخلق حقائق، منفصلة عن الواقع، وعن أي سياق، وقائمة بحد ذاتها.

“في المرة المقبلة، سيكون لديّ وسائل إعلام خاصة بي”، هذا ما كان يقوله نتنياهو للمقربين منه عندما استُبعِد في المرة الأولى عن رئاسة الحكومة. ومن هذه العبارة نشأت آلة السموم الشهيرة مع كل مصادرها التمويلية المعروفة: القناة 14، إذاعة الجيش الإسرائيلي، صحيفة “إسرائيل اليوم”، في نسختها السابقة، منتدى “كوهليت” السياسي، منشورات “سيلع مئير”، وكل الجوقة…

في الماضي، كانت مهمة الصحف البحث عن الحقيقة. اليوم، فقد الإعلام الرسمي ثقته بنفسه، بصفته الحَكم في النشرة الإخبارية في الثامنة مساء، بين الحقيقة والكذب. وبدلاً من ذلك، انتقل هذا الإعلام إلى نموذج التوازن. في مواجهة كل صحافي يضعون مناصراً لنتنياهو (وبهذه الطريقة أكد الحجة القائلة إن جميع الصحافيين يساريون)، وإزاء كل كشف يُعطى حق الردّ عليه بصورة غير محدودة. وهكذا يعرض الإعلام أمام المشاهدين كل النسخ من الحقيقة، ويدعونهم إلى اختيار الحقيقة التي تناسبهم. هناك مشكلة واحدة في هذا النموذج: للحقيقة نسخة واحدة. لا يوجد حقيقة يسارية وحقيقة يمينية، هناك فقط حقيقة واحدة، وكل ما عداها هو كذب. هل حكومتنا هي التي حولّت للعرب 53 مليون شيقل؟ الواضح لا، لكن إذا وُضعت الحقيقة والكذب في مكانة متساوية في نشرات الأخبار، فإن الكذب ينتصر دائماً. فهو أكثر إثارة، ويصف المخاوف العميقة أكثر. كل ما يتطلبه ذلك الوسائل التكنولوجية وانعدام الخجل والقدرة على تكرار الكذب باستمرار حتى تعتاده الأذن والعين.

الحقيقة هي جوهر نضالنا. ديمقراطية من دون حقيقة ليست ديمقراطية. إذا ذهب المواطن إلى صندوق الاقتراع من دون معرفة الوقائع، فإن اقتراعه باطل. وإذا كانت وسائل الإعلام المركزية خائفة من أن تكون نقدية حقاً، فإن العملية الديمقراطية كلها تصبح غير صالحة. وإذا استُخدمت أموال كبيرة، مصادرها غير واضحة، من أجل التشويش على وسائل التواصل الاجتماعي – هي اليوم مركز الخطاب – فلدينا خطاب مشوّه يؤدي إلى انتخابات مشوهة. لقد سكتنا عن ذلك وقتاً طويلاً، لأننا لم نشأ الرد على السؤال التقليدي: هل التسامح معناه أن نكون متسامحين مع أشخاص غير متسامحين؟ الجواب الآن: كلا ومستحيل.

يتعين علينا النضال من أجل الحقيقة بكل الطرق الممكنة. وعلينا المحافظة على القانون لأن ذلك هو الذي يفرّق بيننا وبينهم، لكننا سنحاربهم بكل الوسائل، حتى بالوسائل التي لم نستخدمها حتى الآن. سنصرخ ونتظاهر ونقاتل، وسندفع بالاحتجاج إلى أقصى حدوده. لن نحاول أن نكون رجال دولة إذا كان خصمنا عديم الضمير ويستخدم ذلك ضدنا، سنواجه بأجسادنا مركبات تفريق التظاهرات التي يريد إيتمار بن غفير إرسالها. وعلى الرغم من كل ذلك، فإنني أؤمن بقوة الحقيقة وقوة الشعب في الوصول إليها. كم سيستغرق هذا من الوقت؟ مهمتنا هي التأكد من أن نعطي الحقيقة فرصة عادلة، ربما تكون الأخيرة، كي تصل إلى القلوب والعقول. هذه هي الطريقة الوحيدة للانتصار.

 

*زعيم حزب “يوجد مستقبل” ورئيس حكومة سابق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى