ترجمات عبرية

هآرتس: وقف النار ليس حصانة

هآرتس – جاكي خوري – 14/12/2025 وقف النار ليس حصانة

اغتيال رائد سعد هو عملية سياسية لا تقل عن كونها عملية عسكرية. بالنسبة لاسرائيل هذه فرصة لتثبيت قواعد اللعب في قطاع غزة وفي الشرق الاوسط بشكل عام، والتوضيح بانه يتم تطبيقها.

الرسالة الرئيسية التي نقلها الاغتيال هي قاطعة وواضحة: اسرائيل تتمسك ايضا الان بنموذج العمل المعروف للهجمات المحددة، وتصمم على تحييد مسبقا التهديدات عليها. كل ناشط في الذراع العسكري لحماس هو هدف، ووقف النار لا يعطيه حصانة، مثلما ان وقف النار في لبنان لا يمنع الجيش الاسرائيلي من مهاجمة نشطاء حزب الله. لا يوجد فضاء آمن، أو مكان فيه يمكن العمل ضد اسرائيل بدون دفع ثمن ذلك. اضافة الى ذلك هذه العمليات تحصل على الضوء الاخضر من الولايات المتحدة، حيث انه في نهاية المطاف لا يوجد هنا تغيير استراتيجي، سواء اعادة انتشار للقوات أو تغيير سياسي كبير، بل استمرار مباشر للطريقة التي تطبق منذ سنوات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، كجزء من النضال المستمر ضد ما يسمى “البنى الارهابية”.

يبدو ان الامور واضحة لجميع الاطراف الفاعلة في المنطقة. لم يعد التوازن المالوف للردع قائم، وقدرة المنظمات على الرد بفعالية على هذا النوع من الهجمات محدودة جدا. وحتى لو توفرت الشروط العملية واللوجستية فان أي محاولة للرد يمكن ان تدفع اسرائيل الى توجيه ضربة قوية لهذه المنظمات، الامر الذي سيضعها في موقع ضعيف جدا. وضع حماس حرج جدا: فمع اطلاق سراح جميع الرهائن الاحياء (وجميع القتلى باستثناء واحد) فقدت حماس تماما تاثيرها على اسرائيل والمجتمع الدولي. 

اسرائيل ايضا لا يجب ان تخشى من ان الولايات المتحدة أو الدول العربية ستتهمها بمحاولة افشال تحركات سياسية جارية أو محتملة في المستقبل القريب. بل العكس، يرى حلفاؤها في هذه التحركات وسيلة لتسريع خطوات مثل نشر القوة متعددة الجنسيات في غزة أو منح اعضاء السلطة الفلسطينية موطيء قدم في القطاع. من ناحية نظرية على الاقل يضعف أي تحرك كهذا حماس، ويلحق الضرر بهيكلها القيادي، ويضعف قدرتها على تقديم نفسها ككيان حاكم مستقر. لذلك فانه اضافة الى الفائدة العسكرية للعملية نفسها من المفروض ان تكون بمثابة رافعة لاعادة تشكيل الواقع السياسي. من وجهة نظر اسرائيل يبدو ان أي تطور سياسي هو تطور غير مرغوب فيه في كل الاحوال.

سعد نفسه لم يكن وجه معروف في غزة، وفضل على الاغلب البقاء في الظل. لقد كان من مؤسسي الذراع العسكري وشريك في تطوير صواريخ القسام، واسرائيل اعتبرته مطلوب كبير، لكن يصعب قياس وزنه الحقيقي. الكبار حقا قتلوا في فترة الحرب، وربما ان سعد الذي ينسب اليه الجيش الاسرائيلي تخطيط عمليات ضد اسرائيليين، اراد بالاساس ان يبقى على قيد الحياة.

السؤال هو كيف سيؤثر الاغتيال على حماس، وعلى بقاء غزة معلقة في الهواء، الى ان يتضح من الذي سيستبدله واي صلاحيات ستعطى له. الفراغ الذي تشكل ينطوي على خطر، حيث ان المس بحماس بدون وضع بديل واضح يفتح الباب امام المليشيات التي من شانها فقط أن تعمق الازمة.


مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى