ترجمات عبرية

هآرتس: وقف النار: عندما تلتقي مصالح إيران والولايات المتحدة

هآرتس 2023-11-25، بقلم: تسفي برئيل: وقف النار: عندما تلتقي مصالح إيران والولايات المتحدة

تظاهرة العزاء التي نظمها “حزب الله” بسبب موت عباس رعد ابن عضو البرلمان لـ”حزب الله” محمد رعد شملت ضمن أمور أخرى القصف الأكبر حتى الآن الموجه من “حزب الله” نحو إسرائيل. لكن الحياة يجب أن تستمر. الخميس، التقى رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي جاء إلى لبنان للمرة الثانية منذ الحرب – لمناقشة تداعيات وقف إطلاق النار على استمرار نشاطات الحزب في الأيام القادمة.

لقد كان حسن نصر الله وإيران في الأسابيع الأخيرة موضوع الانتقاد الشديد من قبل “حماس” وتنظيمات فلسطينية الأخرى بسبب ما اعتبر “مشاركة اقل من المتوقع” من قبل الحزب في الحرب. وعمليا ضعضعت صيغة “وحدة الساحات”، التي تم الاتفاق عليها بين التنظيمات. جدول القوات والمهمات التي وصفها حسن نصر الله في خطابه، والتي تفصل كل هجمات “حزب الله” ضد إسرائيل لم تقنع قيادة “حماس”.

في 6 تشرين الثاني، التقى إسماعيل هنية القائد الأعلى في ايران من اجل استيضاح هل هي ما زالت ملتزمة بشكل عام بالمشاركة في الحرب. حسب وكالة “رويترز” فإن علي خامنئي أوضح لهنية بأن “(حماس) لم تبلغ ايران مسبقا عن نيتها شن الهجوم، لذلك فإن ايران لن تشارك في الحرب”. وأضاف، إن ايران ستستمر في تأييد (حماس) “بصورة سياسية ومعنوية، لكن ليس بصورة عسكرية”.

لكن ليس استقلالية قرار “حماس” وعدم التنسيق مع ايران هو الذي ازعج خامنئي. فإيران تبنت قرار سياسيا مبدئيا وهو ألا تشارك بشكل مباشر في الحرب. مصدر رفيع في ايران، غولام علي حداد عادل، العضو الكبير في مجلس فحص مصالح الأمة والجسم المخول بفحص وتشكيل سياسة ايران وصهر خامنئي، قال، إن “الكيان الصهيوني يريد تحويل الحرب في غزة إلى حرب بين ايران والولايات المتحدة. يجب علينا القول لمن يريدون أن تشارك ايران في الحرب في غزة، إن هذا هو ما يطمح إليه الكيان الصهيوني لأنه إذا حدث ذلك فمن سيتم إنقاذه من هذه الحرب هي إسرائيل”.

عادل لا يعتبر ليبراليا يؤيد الغرب. فهو محسوب على الكتلة المحافظة الأصولية وأقواله تعكس ما تفكر فيه “العائلة”. أيضا وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذي تولى منصبه تحت قيادة روحاني وكان رئيس طاقم المفاوضات حول الاتفاق النووي “الجديد”، قال في هذا الأسبوع في مقابلة، إن “دعمنا للمقاومة الفلسطينية لا يشمل المحاربة بجانبها”. هذا ما يتضح، يتجاوز الأحزاب والحركات، رغم أنه تسمع أصوات أخرى تطالب بإظهار “تضامن عسكري” مع “حماس” والنضال الفلسطيني بشكل عام.

سياسة الفصل

لقد مرت عشرة أيام قبل أن ينشر المتحدثون بلسان “حماس” نفيا جارفا للتقرير الذي نشر حول محادثة هنية وخامنئي، في حين أنه لم يصدر أي نفي من ايران. من الجدير الانتباه إلى أن خامنئي تطرق فقط لإيران ولم يتحدث عن مشاركة “حزب الله”، لأن ايران منذ بداية الحرب وهي تتبع سياسة علنية تتمثل في الفصل بينها وبين التنظيمات التي هي برعايتها: الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن أو “حزب الله” نفسه، وبحسبها فإن كل تنظيم في محور المقاومة يتخذ قراراته بنفسه ولا ينسق نشاطاته مع ايران أو يمتثل لأوامرها.

هذه السياسة المريحة، على الأقل بالنسبة لطهران، هي في الحقيقة تمكنها من الظهور ككيان سياسي يقلق ويريد منع توسيع الحرب في كل المنطقة – لكنها لا تشرح لماذا كان يجب عليها أن ترسل عبد اللهيان إلى بيروت لتنسيق استمرار مشاركة “حزب الله “في الحرب. أول من أمس، اقتبست قناة “الجزيرة” لمصدر رفيع في “حزب الله” قال، “رغم حقيقة أن (حزب الله) لم يكن مشاركا في محادثات وقف إطلاق النار، إلا أن وقف إطلاق النار في غزة يشمل أيضا لبنان”.

نحن لا نعرف هذا المصدر الرفيع وإذا كان يمثل قرارا تنظيميا أو توجيها إيراني، لكن خلافا لتنظيمات أخرى فإن الجهات الرفيعة في “حزب الله” لا تنشر بيانات، ولا حتى بيانات مجهولة الهوية، دون التنسيق مع رئيس الهرم. أقوال هذا المصدر الرفيع غير منفصلة عن أقوال عبد اللهيان، الذي في مقابلة مع قناة “الميادين” في هذا الأسبوع حذر من توسيع ساحة الحرب لتشكل كل المنطقة “إذا لم يستمر وقف إطلاق النار”. هذا ليس تحذيرا جديدا، لكن في هذه المرة هو يتناول الوضع الملموس الذي فيه يجري وقف إطلاق النار والذي من شأنه أن يشكل، حسب رأي ايران، نقطة البداية لعملية دبلوماسية أوسع.

يجب الانتظار ورؤية هل “وحدة الساحات” التي أوجدت شراكة قتالية بين “حماس” و”حزب الله” ستؤدي أيضا إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله”. هذه كما يبدو الرافعة التي تريد ايران استخدامها الآن كي تحقق لصالح غزة و”حماس” وقفا طويل المدى لإطلاق النار. وهذا كان أيضا الهدف من اللقاء بين عبد اللهيان وحسن نصر الله.

بعد الزيارة في لبنان، سافر عبد اللهيان إلى قطر. وفي مقابلة مع “فايننشال تايمز” في الأسبوع الماضي، اكتشف عبد اللهيان بأنه خلال الأربعين يوما من القتال أرسلت ايران إلى الولايات المتحدة رسائل تفيد بأنها لا تنوي المشاركة في الحرب. الآن، يريد عبد اللهيان أن يفحص مع قطر المرحلة القادمة التي فيها يمكن لوقف إطلاق النار أن يدعم وقفا طويل المدى لإطلاق النار وربما وقفا دائما.

سواء ايران أو الولايات المتحدة، تعترفان بأن اشتعال الجبهة في لبنان وليس القتال في غزة، هو الذي من شأنه أن يجر المنطقة إلى حرب – حرب تجر إليها ايران والولايات المتحدة بصورة يمكن أن تجعلهما تتصادمان بشكل مباشر. مثل هذه الحرب يمكن أيضا أن تحطم جزءا جوهريا من قدرة “حزب الله” وتلحق بإيران أضرارا استراتيجية كبيرة، وكل ذلك بسبب الحرب بين إسرائيل و”حماس” التي لم تعرف عنها ايران، ويبدو أنها لم تقدر تداعياتها.

من ناحية ايران فإن “حزب الله” ساهم بما لديه، وعليه أن يرجع إلى معادلة الردع التي كانت متبعة قبل الحرب. هذا هو أيضا السبب في أن “حزب الله” يمكن أن ينضم لوقف إطلاق النار الحالي رغم أنه غير مشارك في الصفقة. وكما يبدو هو حر في مواصلة القتال ضد إسرائيل.

آلية منسقة

من اجل إطالة وقف إطلاق النار فإن ايران و”حزب الله” و”حماس” سيضطرون إلى بناء آلية منسقة تجبر إسرائيل على الموافقة على تمديده. هنا من شأن المخطوفين الذين بقوا لدى “حماس” أن يشكلوا أداة لعب استراتيجية، التي نتائجها مهمة بالنسبة لإيران وشركائها اكثر من السجناء الفلسطينيين أو السكان في غزة. من غير المعروف بدقة كم من المخطوفين الذين على قيد الحياة سيبقون لدى “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بعد الصفقة الحالية. يمكن مع ذلك التقدير بأن “حماس” سترغب في تنفيذ عدة دفعات أخرى، ربما بحجم اقل، من اجل الحصول على المزيد من الهدن.

إسرائيل أوضحت في السابق بأنها ستكون مستعدة لهدن أخرى من اجل إنقاذ مخطوفين على قيد الحياة، و”حماس” بحاجة لذلك من اجل الاستعداد لمرحلة القتال القادمة. ولكن “حماس” يمكن أن تجد نفسها عالقة بين مصالحها ومصالح ايران و”حزب الله”. حسن نصر الله اعلن في السابق في خطاب له بأنه سيرد على أي هجوم على المدنيين اللبنانيين وعلى أهداف في لبنان، وليس بسبب الهجمات في غزة. وقف إطلاق النار الوشيك إذا تحقق وإذا انضم إليه “حزب الله” فإن من شأنه أن يحيد فيما بعد الحاجة إلى مهاجمة إسرائيل.

هكذا تستطيع ايران الحفاظ على استمرار ميزان الردع الموجود بين “حزب الله” وإسرائيل بعد أن قامت بإرسال الرسالة المطلوبة لإثبات موثوقية تهديداتها. الأكثر أهمية هو أن مثل هذه الهدن تعطي المزيد من الوقت لاستخدام الضغوط الدبلوماسية من اجل وقف دائم لإطلاق النار أو العمل على تغيير طبيعة القتال بصورة لا تلزم “حزب الله” بالعودة إلى الحوار العنيف أمام إسرائيل.

إذا كانت هذه هي خطة العمل التي تريد ايران دفعها قدما فإنها توجد في مجتمع مؤيد. ايران بذلك تنضم إلى الموقف العربي الذي تم اتخاذه في مؤتمر القمة العربية والإسلامية التي عقدت في الرياض قبل أسبوعين، والتي دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار والى الموقف الهجومي لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، الذي طلب في هذا الأسبوع أن يتم تثبيت وقف فوري لإطلاق النار، وليس فقط لغرض صفقة التبادل. تنفيذ وقف إطلاق نار كهذا هو الآن في بؤرة الجهود الدبلوماسية العربية التي تقودها مصر والسعودية أمام الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا بهدف إقناع أيضا الولايات المتحدة بالموافقة على قرار ملزم بوقف النار.

في هذه الأثناء فإن روسيا والصين هما الدولتان العظميان الوحيدتان اللتان تؤيدان وقف إطلاق النار غير المتعلق بصفقة التبادل، بل كخطوة سياسية، في حين أن الولايات المتحدة تتمسك بموقف أن الحرب ضد “حماس” يجب أن تستمر. لكن هذا الموقف سيكون متعلقا من الآن فصاعدا بالصورة التي ستدير فيها إسرائيل القتال في جنوب غزة، حتى لو كان فيها ما من شأنه أن يهدد أمن مصر التي تخشى هربا جماعيا للغزيين إلى أراضيها. في محادثة هاتفية أجراها هذا الأسبوع مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بعدم السماح بطرد المدنيين من القطاع إلى الأراضي المصرية أو طرد سكان من الضفة الغربية إلى الأردن. لكنه يدرك أيضا إمكانية أن عملية إسرائيلية على صيغة القتال الذي كان في شمال القطاع يمكن أن يضع تعهده هذا أمام امتحان صعب.

ليس فقط هذا التعهد هو الموجود على المحك. فالولايات المتحدة أوضحت، سواء بالتصريحات أو الردود المحسوبة جدا على الهجمات التي تعرضت لها في العراق أو في سورية، بأنها ستبذل كل الجهود من اجل منع حرب إقليمية سيكون فيها عليها أن تكون مشاركة بشكل كامل. هنا يتجسد التقاء مصالح بين طهران وواشنطن، وبينها وبين دول المنطقة، لكن تحققه سيلزم بايدن بتأييد وقف طويل لإطلاق النار. وبذلك الصعود إلى مسار تصادم مع إسرائيل.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى