هآرتس: هل يجب علينا الترحيب برأي المحكمة في لاهاي، أضحكتم بريسلر واصدقاءها

هآرتس 21/7/2024، جدعون ليفي: هل يجب علينا الترحيب برأي المحكمة في لاهاي، أضحكتم بريسلر واصدقاءها
الفتوى المفهومة ضمنا والمحتمة، القانونية والعادلة، لمحكمة العدل الدولية بخصوص جرائم الاحتلال، اثارت في نهاية الاسبوع في اسرائيل عدد كبير من ردود الفعل المتوقعة والتي تثير السخرية. ردود اليمين لا يوجد أي جدوى من التطرق اليها. فبالنسبة له لا يعترف اصلا بقانون دولي يسري على دولة الشعب المختار الذي يقف فوق كل القوانين. ردود اليسار الصهيوني والوسط، على رأسها رد غانتس ورد لبيد، كانت متشابهة الى درجة الألم، وتثبت للمرة المليون بأنه في القضية الاساسية لا يوجد بين اليسار واليمين أي فرق باستثناء الكلام المعسول والقناع. الفتوى التي اعطيت أول أمس كان يجب أن تقدمها منذ زمن محكمة العدل العليا الاسرائيلية، لو أنها كانت وبحق محكمة عدل، لكنها بسبب الجبن خانت وظيفتها خلال كل هذه السنوات.
لكن على جميع الردود تفوق رد المعارضة من خارج البرلمان المحاربة، وهي الابهى في تاريخ اسرائيل، حركة الاحتجاج “اخوة السلاح”، الكابلانيون والمحتجون في الشوارع الذين حاربوا قبل ذلك ضد الانقلاب النظامي وضد بنيامين نتنياهو والآن يحاربون من اجل تحرير المخطوفين وضد نتنياهو. يوجد لهذا الاحتجاج وجه، وهذا الوجه عاد مؤخرا بعد غياب. هذا ما كتبته شكما برسلر في شبكة “اكس”: “في اختبار النتيجة لم يكن هناك شيء في الاستيطان في يهودا والسامرة اكثر من الوطنيين العنصريين. القرار الصادر في لاهاي لم يأت من فراغ”. هي اصابت الهدف. يوجد معسكر متنور وعادل في اسرائيل وبرسلر هي صوته.
كم من السهل على اليسار الصهيوني والوسط القاء كل شيء على “العنصريين المتطرفين قوميا. نحن لم نشارك في ذلك. ليس نحن، بل هم. فقط هم. شبيبة التلال المتوحشين، الذين لا يأكلون مثلنا بالشوكة والسكين، وهم ليسوا جميلين مثلنا أو على حق مثلنا. السموتريتشيون والبن غفيريون هم المذنبون في كل ذلك. لدينا هذا لم يكن ليحدث. لو أننا كنا في الحكم لما كان هناك احتلال أو مستوطنات أو ابرتهايد، وبالطبع ما كان سيكون حكم كهذا من لاهاي”، هذا ما قالته زعيمة الاحتجاج في اسرائيل، هذا هو البديل لصهيون. هي بالطبع لا تندم على وجود “الاستيطان”، ومثلما هي تدعو للجريمة هي فقط تعرف من هو المتهم بالمس بها وتتأسف على ذلك جدا.
لاهاي لم تهبط في فراغ، هي تعرف. لولا اعمال الشغب في حوارة ومذابح افيتار والترانسفير في مسافر يطا والتطهير العرقي في غور الاردن – فان وضع “الاستيطان” كان سيكون افضل، ومثله ايضا وضع الدولة. هؤلاء هم المستوطنون العنيفون، يا غبي. هذا أمر يبعث على اليأس. برسلر المتنورة والمحقة تعبر بصورة مدهشة عن موقف معسكرها. لو فقط أن المستوطنين تصرفوا بصورة جميلة مثل اليسار الصهيوني، يحتلون البرك، يجردون الناس من ملكيتهم بلطف، ينكلون بلطف، يطلقون النار ويبكون، عندها ما كانت الدولة ستضيع منا بهذه السهولة، ولكان يمكننا مواصلة أمسيات الغناء بجمهورنا الجميل وبدون ازعاج.
برسلر، برسلر. مشروع الاستيطان صادق عليه وموله وسلحه وشجعه اليسار الصهيوني، قبل فترة طويلة من اليمين، واعمال الشغب والمذابح ترافق الجيش الاسرائيلي. هذا الجيش الذي يسجد له الجميع هناك في الاحتجاج. القوميون المتطرفون والعنصريون هم ايضا أنتم، اليسار الصهيوني والوسط، الذين سمحتم لهذا التضخم الوحشي أن ينمو. العنصريون والمتطرفون القوميون هم جميع الاسرائيليين الذين لم يعارضوا في أي يوم وبحق المستوطنات. هذه هي كل الاحزاب الصهيونية التي صوتت بالاجماع في الاسبوع الماضي في الكنيست ضد اقامة الدولة الفلسطينية.
ماذا بشأن العنف؟ الجيش الاسرائيلي هو المذنب في ذلك. لو أن الجيش لم يكن معني بالمذابح لما كانت مذابح. هل شاهدت ذات مرة مذبحة كهذه، التي تحدث تقريبا كل يوم؟ وراء كل مذبحة يقف فصيل جنود لا يحرك أي ساكن واحيانا حتى يشارك فيها. من حائط المبكى وحتى مستوطنة النار المقدسة، كلها مناطق محتلة يحظر القانون الدولي الاستيطان فيها. محكمة العدل الدولية في لاهاي، المؤسسة ذات الصلاحية الاكبر في العالم، حتى أكثر من مجلس “يشع”، حكمت بذلك مرة اخرى أول أمس. برسلر واصدقاؤها كان يجب أن يفرحوا بذلك وأن يناضلوا ضد الجريمة. لقد اضحكتم الاحتلال، حتى بالنسبة له لاهاي هي لاسامية.