ترجمات عبرية

هآرتس: هل مع انتهاء جولة الضربات مع ايران تحقق هدف إسرائيل

هآرتس 21/4/2024، عاموس هرئيل: هل مع انتهاء جولة الضربات مع ايران تحقق هدف إسرائيل؟

وسائل الاعلام الامريكية التي تعتمد على مصادر منالبنتاغون ومن اسرائيل ومتحررة من الرقابة العسكرية هنا تمكن من الفهم بالتدريج ما هي طبيعة الموقع العسكري الايراني الذي تمت مهاجمته فجر أول أمس في مدينة اصفهان. هذا كان رادار للدفاع الجوي وهو جزء من منظومة الصواريخ الارض – جو الروسية “اس300” التي وظيفتها ساعدت في حماية عدد من المواقع المهمة في المشروع النووي الايراني. لقد سبقت العملية ايام من التردد في المستوى السياسي والمستوى الامني في اسرائيل. بعض الوزراء اعتقدوا أن الهجوم تم تأجيله بدون أي حاجة، وأنه كان يجب الرد بصورة اكثر شدة. حقيقة أن الامر يتعلق بهجوم مركز ومحدود تسمح الآن للنظام في طهران بالتظاهر أنه لم يحدث أي شيء.

هذا اسلوب جيد لانهاء جولة اللكمات الخطيرة وغير المسبوقة بين اسرائيل وايران، لكنها تبقي ميزان الردع بين الدولتين مفتوحا تحت علامات استفهام ثقيلة: ما الذي سيحدث في المرة القادمة التي سيكون فيها اشتعال؟ هل اسرائيل ستخشى، مثلا، من عملية اغتيال اخرى لشخصيات ايرانية رفيعة أو حتى مهاجمة قواعد حرس الثورة الايراني في سوريا، خشية من أن تحاول ايران مرة اخرى ارسال ردا على ذلك آلاف الصواريخ والمسيرات نحو اراضيها؟ هل ايران حصلت على رسالة قوية بما فيه الكفاية تقول إن مثل هذا الهجوم على اراضي اسرائيل هو تجاوز مطلق لخط احمر بالنسبة لاسرائيل؟. الدولتان تجاوزتا قواعد اللعب السابقة مع دفع ثمن محدود من ناحيتهما. التطورات لا تبشر بالخير بخصوص المتوقع لاحقا.

الرادار الذي تمت مهاجمته ينتمي لمنظومة الدفاع عن المنشأة النووية في نتناز، وهو يبعد 120 كيلومتر عنها وعن منشأة قريبة لتخصيب اليورانيوم في اصفهان نفسها. صحيفة “نيويورك تايمز” نشرت بأنه تم استخدام صواريخ اطلقتها من بعيد طائرات قتالية، حيث أن الطيارين الاسرائيليين لم يقوموا باجتياز المجال الجوي الايراني. في المقابل تم قصف قاعدة دفاع جوي ايرانية في جنوب سوريا. منشورات اخرى عن الهجمات التي وجهت كما يبدو ضد مواقع عسكرية اخرى في ايران، تبين أنها خاطئة.

اسرائيل لم تنشر أي بيان رسمي فيه تتحمل المسؤولية عن الهجوم. وسائل الاعلام الامريكية نشرت اقتباسات عن مصادر اسرائيلية مجهولة، أكدت على أن الامر يتعلق بهجوم لاسرائيل. هذه الامور تظهر بشكل غير مباشر ايضا في الرد الاستنكاري الذي نشره المؤشر اليميني في الحكومة، الوزير ايتمار بن غفير، في حسابه في تويتر (“مسخرة”). بن غفير ينشغل بالاساس بتصفية الحسابات السياسية مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لكن هذه التغريدة اعتبرت في الخارج تحمل غير مباشر للمسؤولية. اسرائيل قلصت حتى الآن العمل من الجو في اراضي ايران. قبل سنتين تقريبا نشر عن تدمير مصنع في ايرانلانتاج المسيرات، بهجوم من مسيرات اسرائيلية في مدينة كرمنشاه. خلال سنوات حدثت عمليات اغتيال نسبت لاسرائيل في الاراضي الايرانية، التي وجهت بالاساسلشخصيات رفيعة في المشروع النووي.

لكن الهجوم أول أمس لا يمكن فصله عن الـ 15 سنة من التقارير عن استعداد اسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية. في الوقت الذي تم فيه احباط هجوم ايران، بمساعدة دول غربية ودول في المنطقة، فان العملية الاسرائيلية المركزة نجحت. فقد اثبتت القدرة على اختراق منظومات الدفاع الجوية الكثيفة في ايران والمس بدقة كبيرة بهدف محدد.

هذا يبدو مثل محاولة لارسال رسالة مزدوجة. أولا، الرد على هجوم الصواريخ والمسيرات الاستثنائي من ايران. ثانيا، التذكير بأن اسرائيل اذا قررت، فهي تستطيع المس بشكل كبير ايضا بالمشروع النووي. ومن غير المؤكد أن ايران ستفسر الامور في الاتجاه المرغوب لاسرائيل. جهات رفيعة في حرس الثورة اشارت في الاسبوع الماضي الى أن بلادها تفحص انعطافة نحو القدرة النووية الكاملة وبشكل علني بعد سنة ظهر فيها تقدم جديد نحو هذا الهدف. وحسب “نيويورك تايمز” فان هجوم اسرائيل يمكن أن يسرع اتخاذ قرار في ايران للدفاع اكثر عن المنشآت النووية من خلال تحسين منظومة الدفاع الجوية، ونقل قدرات نووية اخرى الى عمق الارض والى وضع قيود اخرى امام الرقابة الخارجية للوكالة الدولية للطاقة النووية.

من الجدير الانتباه ايضا الى تداعيات التصعيد الاقليمي على الاردن. فسلاح الجو الاردني شارك في اعتراض المسيرات التي اطلقت من ايران نحو اسرائيل بذريعة أنها تجاوزت المجال الجوي للمملكة. هذا الامر يستدعي التهديد من قبل طهران، التي هي في الاصل تنقب فيما يحدث في الاردن وتعمل على تقويض النظام الملكي. التوتر يضاف الى المظاهرات المتزايدة للاخوانالمسلمين ضد الملك عبد الله، التي تطالب بالغاء اتفاق السلام مع اسرائيل بسبب الحرب في غزة.

يبدو أن هجوم اسرائيل الاخير يؤكد على الفجوة القائمة الآن في القدرة على المس الدقيق، بين اسرائيل وايران. هذا لا يعني الآن أن الايرانيين مرتدعين بالضرورة. فقد سبقت العملية أيام تردد في المستوى السياسي والامني في اسرائيل. ومن المرجح الافتراض أنه في نهاية المطاف موقف نتنياهو هو الذي حسم، الذي يبدو أنه استمع في هذا الشأن لتوصيات امريكا. الادارة الامريكية بدون شك ارادت انهاء جولة اللكمات والعودة الى سياسة الاحتواء.

اسرائيل ستحاول جباية من الامريكيين الثمن بواسطة الضغط من اجل فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية اكثرشدة على ايران. العقوبات على النظام في ايران ضعفت جدا في الفترة الاخيرة في الوقت الذي يعود فيه ويدفع قدما بالمشروع النووي ويساعد الارهاب في ارجاء الشرق الاوسط. بين حين وآخر ايضا يتم الكشف عن خطط ايرانية لعمليات ارهابية في الغرب، بالاساس المس بمعارضي النظام الذين وجدوا ملجأ لهم هناك.

حتى لو تم تحقيق الآن الاحتواء المأمول إلا أنه يبدو أن ما سيبقى في الاساس في الذاكرة الاقليمية من احداث نيسان هو أن ايران تجاوزت بشكل اساسي استراتيجيتها التي استمرت لسنوات كثيرة واختارت الهجوم المباشر والواسع على اسرائيل. حتى الآن من السابق لاوانه معرفة اذا كان هذا استثناء مؤقت أو، كما يتبلور خوف معقول، أنه يوجد هنا دليل على انعطافة شمولية اكثر. الوضع في الشرق الاوسط ما زال خطير جدا. وأي تطور آخر، مثلما في الاسابيع الثلاثة الاخيرة، يقرب الى حرب اقليمية شاملة، والنهاية ما زالت لا تظهر للعيان حتى في المعارك الاخرى التي تتورط فيها اسرائيل في غزة وفي لبنان وفي الضفة الغربية.

تدخل روسيا

في الاسبوع الماضي نشر في الصحيفة عن تقديرات بعض المصادر الغربية التي بحسبها روسيا شجعت بشكل نشط هجوم ايران على اسرائيل كجزء من استراتيجية شاملة لموسكو، التي هدفت الى التصعيب على الدول الغربية والزامها بتكريس الاهتمام والموارد لمناطق توتر اخرى، على حساب مساعدتها لاوكرانيا. في هذه الاثناء نشرت “واشنطن بوست” وثيقة سرية، التي حسب ما جاء فيها، تم تسلمها من جهاز مخابرات في اوروبا. الوثيقة التي صيغت في وزارة الخارجية الروسية ترسم خطة لاضعاف المكانة الدولية للولايات المتحدة واستغلال الحرب في اوكرانيا لترسيخ نظام عالمي جديد، يكون متحرر اكثرمن الهيمنة الامريكية.

في الوثيقة، التي تمت صياغتها في نيسان 2023، دعت وزارة الخارجية الى القيام بـ “حملة دعائية هجومية” اضافة الى خطوات اخرى ضد الولايات المتحدة وحلفاءها. وحسب الصحيفة فان الوثيقة ترسخ التقديرات التي يسمعها مراقبون في موسكو منذ فترة طويلة: نظام الرئيس فلادمير بوتين يدير “حرب هجينة” ضد الغرب، تهدف الى تخريب دعم اوكرانيا وتقويض الاستقرار الداخلي في الولايات المتحدة والدول الاوروبية من خلال استخدام الدعاية وتشجيع النشطاء المتطرفين والانفصاليين في هذه الدول.

هذه العملية تندمج مع تعزيز العلاقات في الساحة الدولية بين روسيا والصين، ايران وكوريا الشمالية، من خلال محاولة تغيير ميزان القوة امام الغرب. اسرائيل توجد هنا في وضع متميز، لأنه من جهة هي مهددة من قبل هذا التحالف، ومن جهة اخرى، الغرب يتحفظ من خطواتها في غزة. وزارة الخارجية الروسية ردت على سؤال “واشنطن بوست” بأنها لا تتطرق الى “وجود أو عدم وجود وثائق داخلية. نحن يمكننا التأكيد على أننا ننوي مواجهة الخطوات العنيفة التي اتخذها الغرب كجزء من الحرب الهجينة ضد روسيا”. في السنة الماضية منذ كتابة الوثيقة، تغير عامل اساسي في صورة الوضع الدولي، بصورة تشجع موسكو: الاحتمالية الكبيرة لفوز دونالد ترامب في الانتخابات للرئاسة الامريكية في تشرين الثاني القادم.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى