ترجمات عبرية

هآرتس – هل كانت أحداث “الإسراء والمعراج” عرضاً ترويجياً لما ينتظرنا في رمضان؟

هآرتس ٤-٣-٢٠٢٢م – بقلم: رفيت هيخت

الجميع مفتونون بأوكرانيا، كلٌّ بآرائه المبررة التي امتلكها في الأيام الخمسة، وتركيبة عضوية لمخاوفه الوراثية. لا أحد ينظر الآن إلى الساحة الداخلية التي جبت ثمناً مؤلماً من الدماء وأدت إلى توحش مدني قمعي تحت عنوان سخيف “عملية حارس الأسوار”. بات شرقي القدس بساطاً من الجمر الهامس، ومنه سيبدأ الشر.

الاثنين الماضي، احتفل المسلمون بليلة الإسراء والمعراج، موعد صعود النبي محمد إلى السماء. ارتدى شارع صلاح الدين ملابس العيد، وخرجت عائلات مع أطفالها وشيوخها بكامل الزينة، وسارت نحو باب الساهرة تحت ضوء أشعة الشمس المفرحة لبداية فصل الربيع. وهناك في الشارع وزعوا الحلويات. مناخ حياة ما قبل كورونا ملأ الجو. كان الأمر ممتعاً.

فجأة، أمام ساحة باب الساهرة، ظهرت سيارة شرطة وأخرى لقوات الأمن. على الفور، بدأ التجمع حولها. أشخاص بدأوا بالتصوير ورمقوا الشرطية التي أعطت تعليمات لزميلها عبر مكبر الصوت. سيارة الشرطة غادرت الشارع بعد فترة قصيرة، وعندها بدأ موكب مهيب لأشخاص شاركوا في مسيرة، وطبول وأبواق.

نعم، كان في المسيرة بعد عسكري ووطني. نعم، جزء من المشاركين في المسيرة كانوا يرتدون ملابس طبع عليها صورة المسجد الأقصى، وبعضهم كانوا يلبسون الكوفية الفلسطينية، وكان علم فلسطين معلقاً بدبوس على ستراتهم. “هل يوجد هنا وجود لحماس أو الجناح الشمالي للحركة الإسلامية؟” سألت بعض المشاهدين الواقفين على جانب الشارع. ضحكوا وقالوا: “أولاد في حركة الكشافة”. وهكذا، فإن معظم المشاركين في المسيرة كانوا من الأولاد والفتيان. عملياً، كانت هذه مسيرة لعرض الأزياء، تعاملت مع نفسها بجدية. الغياب الحكيم للشرطة ساهم في إبقاء الحدث متوازناً.

تراسلت مع مراسل “هآرتس” نير حسون، الذي كان في باب العامود. هو نشر في وقت مبكر من اليوم عن سيارات رش المياه العادمة. ساحة باب العامود تعدّ الأكثر إشكالية بسبب الاحتكاك بين المصلين اليهود والمسلمين الذين يمرون عبرها. لذلك، فإن وجود الشرطة أكثر كثافة، بما في ذلك موقع محصن. وهذا -حسب قوله- استدعى ما يسمى “شعارات وطنية متطرفة” (التي أساسها كما يبدو تمجيد محمد ضيف)، وإلقاء متقطع للزجاجات والحجارة. ماذا فعلت الشرطة في المقابل؟ سيطرت على الساحة بقوات مزودة عصياً وقنابل، وألقت قنابل الصوت واستخدمت سيارات رش المياه العادمة.

لم تكن النتيجة اعتقال من رشقوا الحجارة وألقوا الزجاجات، أو الذين يطلقون النداءات الفظيعة، بل إصابة وجه طفلة صماء بقنبلة صوت، عمرها 11 سنة. في فيلم آخر، شوهد اعتقال عنيف جداً لفتاة، طوقها أفراد الشرطة بشكل عنيف. في الخلفية، سمعت أصوات قنابل صوت تنفجر وصراخ أطفال ونساء. ثمة أفلام لمن ركضوا بعد تشغيل سيارات المياه العادمة، أظهرت أطفالاً يبكون بهستيريا. وعلى جانب الشارع كبار سن ومعاقون تضرروا بسبب ضخ المياه العادمة. هل كان استخدام هذه القوة حيوياً في يوم عيد أساسه مناسبة عائلية؟

القدس ومسألة الحرم هي أساس كرامة الفلسطينيين؛ وهذا هو السبب الذي من أجله يحج أشخاص مثل ايتمار بن غفير إلى الشيخ جراح. هذا الصراف الآلي لم يخيب الأمل، وما عليك إلا أن تمارس بعض الاستفزاز أو بعض القوة لتحصل على الفوضى التي ستكون الدماء نهايتها المؤكدة. ولكن للشرطة دوراً معاكساً تماماً؛ إذ يجب عليها منع التخمر وإطفاء الحريق، وممارسة سلوك معاكس لما يقوم به بن غفير.

شهر رمضان يقترب. ومشعلو الحرائق في الطرفين ينتظرون حاملين عود الثقاب. وعلى وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، أن يبلور سياسة حكيمة وعقلانية فيما يتعلق بسلوك قوات الأمن داخل القدس، وإلا فإن ما حدث الإثنين، لن يكون سوى عرض ترويجي لطيف لرعب مقبل يعرض الأطفال هنا للخطر كما هي الحال مع أطفال أوكرانيا.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى