ترجمات عبرية

هآرتس – هكذا سيؤثر القتال في كازاخستان على اسرائيل

هآرتس – بقلم  ديفيد روزنبرغ – 12/1/2022

لا توجد بين اسرائيل وكازاخستان حتى رحلات طيران مباشرة. ولكن كازاخستان هي زبونة مهمة لشركات اسرائيلية في مجال السلاح. وحسب التقديرات فان 10 – 20 في المئة من النفط المستورد لاسرائيل يأتي من كازاخستان “.

القيادة الاسرائيلية تتابع بتوتر القتال وصراعات القوى الجارية في كازاخستان. الدولة الوسط آسيوية والتي تعتبر العلاقات السياحية معها هامشية الى درجة أنه لا توجد رحلات جوية مباشرة بين الدولتين، تقيم مع اسرائيل علاقات متشعبة في مواضيع النفط والسلاح. هذه المواضيع محاطة في الحقيقة بالسرية، لكن حسب اقوال خبراء فانه يوجد لها اهمية استراتيجية كبيرة.

اسرائيل غير معتادة على نشر معلومات عن الدول التي تستورد منها النفط، لكن المصافي الكبيرة في الدولة نشرت عن استيراد من البحر الاسود وبحر قزوين، التي عن طريقها يصل النفط من كازاخستان ومن مصادر اخرى في وسط آسيا الى الاسواق في حوض البحر المتوسط.  

غبرئيل ميتشل، زميل في مجال السياسات في معهد “متفيم”، المعهد الاسرائيلي للسياسات الخارجية الاقليمية، يعتقد أن حوالي 10 – 20 في المئة من النفط الذي تستورده اسرائيل يأتي من كازاخستان، وأنه كانت هناك فترات وصلت فيها النسبة الى 25 في المئة. “اذا كنا نتحدث عن علاقة اسرائيل مع كازاخستان ودول آسيا الوسطى الاخرى فان نقطة الانطلاق هي الطاقة”، قال ميتشل. “نبدأ بالنفط لأنه هذا هو الطريق الوحيدة التي يمكن بها البدء”.

كازاخستان تقع في المكان الـ 12 في قائمة الدول المصدرة للنفط في العالم. وهكذا فان الاحتجاج الذي اندلع فيها وردود قوات الامن، التي أدت الى موت 160 متظاهر في الاسبوع الماضي، أدت الى ارتفاع حاد في اسعار النفط في العالم. ميتشل اوضح بأنه حتى اذا تضرر تزويد النفط من كازاخستان فان اسرائيل يمكنها شراء النفط من اماكن اخرى، مع الاخذ في الحسبان العرض الكبير القائم الآن في العالم.

في كل ما يتعلق ببيع السلاح فان كازاخستان هي زبون صغير لكنه مهم، رغم أنها تشتري سلاح اقل مقارنة مع جارتها اذربيجان، إلا أن مداخيل النفط فيها تمكنها من انفاق اموال طائلة. اسرائيل وكازاخستان وقعتا في 2014 على اتفاق دفاع، الذي تفاصيله لم تكشف في أي وقت، لكن كما يبدو يتعلق بالاساس ببيع السلاح. في المقابل وخلافا لاذربيجان وتركمانستان فانه لا يوجد لكازاخستان حدود مع ايران، لذلك فان اهميتها الاستراتيجية تهبط.

سواء الجيش أو الشرطة في كازاخستان، اشتريا في السابق معدات مثل طائرات بدون طيار، صواريخ دقيقة ومنظومات رادار من الشركات الامنية الكبيرة في اسرائيل. في ايار الماضي بدأ مشروع ومركز خدمات، تتم ادارتهما من قبل الصناعات الجوية في كازاخستان بانتاج طائرات بدون طيار استنادا لترخيص من شركة “البيت“. ايضا شركة السايبر الاسرائيلية “ان.اس.أو” تعمل في كازاخستان. في الشهر الماضي اكتشف من فحص لـ “امنستي انترناشيونال” بأن برنامج “ان.اس.أو” قد تم زرعه في الهواتف المحمولة لاربعة نشطاء يعارضون حكومة كازاخستان. شركتان اسرائيليتان، شركة “منظومات فيرنت” وشركة “نايس” قامتا ببيع، على الاقل في السابق، انظمة رقابة لاجهزة الامن لدول في وسط آسيا بما في ذلك كازاخستان.

ايضا شركة “بيت الفا” للتكنولوجيا التابعة لكيبوتس بيت الفا وقعت في بداية كانون الاول 2006 على اتفاق مع وزارة الامن الداخلي في كازاخستان بمبلغ مليون دولار لتزويدها بـ 17 سيارة لفك الالغام. حسب الاتفاق فان الشركة كان يتوقع أن تركب اجهزة حماية على سيارات تجارية من انتاج “مرسيدس” قبل عشر سنوات، اضافة الى المعدات التي تستخدم للمراقبة والمتابعة. بيع السلاح وبرامج السايبر التي كانت دائما اشكالية، مع الاخذ في الحسبان النظام الديكتاتوري في كازاخستان والاستخفاف الذي يبديه تجاه حقوق الانسان، يمكن الآن أن تضع اسرائيل في وضع محرج بشكل خاص، لأن النظام في كازاخستان يمكنه أن يستخدم هذه التكنولوجيا ضد المتظاهرين.

الوجود الروسي

اسرائيل في هذه الاثناء تحافظ على الصمت. الرد الرسمي الوحيد الذي نشرته اسرائيل منذ بداية اعمال الشغب كان بيان محايد فيه كتب أن اسرائيل “تأمل أن يعود الهدوء والاستقرار في كازاخستان مثلما كان”. وحسب اقوال الخبير ميتشل فان اسرائيل تحاول الحفاظ على مصالحها الامنية والاقتصادية في وسط آسيا دون التدخل في السياسة الاقليمية المعقدة. وجود روسيا يضيف لبنة اخرى على هذه المتاهة.

طوال سنين حاولت كازاخستان الحفاظ على توازن هش بينها وبين روسيا والصين والولايات المتحدة. في الاسبوع الماضي، عند دخول الجنود الروس الى شوارع المدن في كازاخستان ربما هذا التوازن قد تم اختراقه. الآن يقول الخبراء إن علاقات كازاخستان مع موسكو ستكون متينة اكثر مما كانت في السابق.

ميتشل يعتقد أن اسرائيل لم تنظر الى هذا التطور بارتياح. “اسرائيل لها شبكة علاقات مع روسيا، لكنها لا تعتبرها شريكة. الشراكة بين روسيا واسرائيل ظرفية فقط، وتقوم على مصالح مشتركة”، قال ميتشل. “من ناحية جيوغرافية فان تمركز روسيا في منطقة اخرى سيكون مناقض لمصلحة اسرائيل، الامر الذي هو صحيح ايضا بخصوص كازاخستان”.

اليكس مليخشفيلي، الخبير في تحليل الاخطار في دول وسط آسيا من معهد المعلومات “آي.اتش.اس. ماركت”، يعتقد أن رئيس كازاخستان، قاسم جمرت توكييف، سيفضل الحفاظ على مسافة بينه وبين روسيا. “كازاخستان كانت دائما في ظل تأثير روسيا”، قال. لكن دخول القوات الروسية هو أمر مصطنع كليا، حسب قوله.

توكييف في الحقيقة قام بخطوات قاسية ضد المتظاهرين، يقول ميلخشفيلي، لكن ربما هو يرى في الغليان اشارة على أنه قد حان الوقت للقيام بخطوات ليبرالية. “توجد لتوكييف فرصة للقيام باصلاحات سياسية ضرورية جدا”، قال ميلخشفيلي. “بدون لبرلة المنظومة السياسية يتوقع حدوث غليان سياسي منظم اكثر فأكثر، وعنيف أكثر وله تداعيات واسعة”.

توين ليم، الخبير في شؤون الشرق الاوسط في معهد “آي.اتش.اس.ماركت” قال إنه من ناحية دبلوماسية فان حاجة كازاخستان الى اسرائيل ليست كما كانت. في التسعينيات لعبت اسرائيل دور مهم في جهود كازاخستان، التي حصلت للتو على الاستقلال وذلك لترسيخ نفسها في المجتمع الدولي، بسبب علاقة اسرائيل مع الولايات المتحدة وبسبب قوة مجموعة رجال الاعمال فيها. بالنسبة لاسرائيل – “اتفاقات ابراهيم” ربما غطت على دول وسط آسيا في كل ما يتعلق بالحضور الاعلامي واهميتها كصديقات مسلمات لاسرائيل، لكن بالتأكيد ليس من ناحية اهمية استراتيجية جوهرية. وقد قال ليم “كازاخستان واذربيجان ما زالتا هما العمود الرئيسي لعلاقات اسرائيل مع العالم الاسلامي في دول الاتحاد السوفييتي سابقا”. يمكن عزو حقيقة أن اسرائيل لم توسع أبدا ولم تطور علاقتها التجارية في كازاخستان للتوقعات التي باءت بالفشل. في السنوات التي اعقبت اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في 1992 سعى رجال اعمال كثيرين في اسرائيل وراء الفرص التجارية، لكنهم اصطدموا بالفساد وفرص محدودة. في المقابل، جهود كازاخستان لتوسيع اقتصاديها ليشمل مجالات غير مرتبطة بالنفط، التي كان لاسرائيل فيها قدرة على الاندماج، مثل مجال التكنولوجيا الزراعية، فشلت. حسب بيانات صندوق النقد الدولي فقد بلغت التجارة الثنائية بين الدولتين في السنة الماضي 370 مليون دولار مقابل 1.6 مليار دولار في 2014، معظمها جاء من تصدير النفط.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى