ترجمات عبرية

هآرتس – هكذا تضبط إسرائيل مشاعر الفلسطينين بتوقيت “الجوقة الفاشية”

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي – 8/4/2021

محظور أن يفرح الوسط العربي في إسرائيل، ومحظور عليهم أيضاً الحزن. اليوم، مثلاً يصادف يوم الكارثة، لهذا محظور عليهم الفرح. ويصادف الأسبوع القادم عيد الاستقلال، ومحظور عليهم الحزن. لا يسمح للعرب في إسرائيل أن يفرحوا إلا عندما يفرح اليهود، ولا يحزنوا إلا مع حزن اليهود، وأي انحراف يعتبر خيانة. انظروا كيف تورطت ابتسام مراعنة.

وعليهم في يوم الكارثة التماهي مع ألم الشعب اليهودي. وكذا في يوم الذكرى، يجب عليهم الوقوف بصمت في ذكرى الجنود الذين قتلوا أبناء شعبهم. وفي عيد الاستقلال أيضاً عليهم أن يفرحوا لتأسيس الدولة التي قامت على أنقاض بلادهم وقررت مصيرهم في كل شيء باستثناء الاستقلال. ولكن هذا غير كاف، فإسرائيل تطلب منهم التماهي المنصاع في الوقت الذي هي نفسها غير مستعدة فيه لإظهار أي تفهم أو رحمة أو تعاطف أو تماهٍ مع كوارثهم، وحتى مع أحاسيسهم. الدولة التي يزعمون أنها دولتهم لا تعترف بمشاعرهم، وتقوم أحياناً بتجريمهم.

سيتم إطلاق سراح أحد مواطني الدولة من السجن بعد 35 سنة. تقريباً ضعف الفترة التي يقضيها قتلة عاديون في السجن وأكثر من ثلاثة أضعاف الفترة التي يقضيها أغلبية المخربين اليهود، وحتى أكثر من الفترة التي يقضيها المخربون الفلسطينيون. 35 سنة، أكثر من نصف حياته، قضاها رشدي أبو مخ في السجن بسبب قتل الجندي موشيه تمام. فرحت عائلة أبو مخ لإطلاق سراحه، كيف لا والناس في مدينته، باقة الغربية، مسرورون لعودته. كيف لا وأبناء شعبه فرحون لإطلاق سراحه، كيف لا والكثيرون يعتبرونه بطلاً، وشخصاً قرر التضحية بحياته في كفاح عنيف ضد الظلم. بطل، تماماً كأبطال إسرائيليين قتلوا في النضال من أجل إقامة الدولة. آخرون كثيرون يتحفظون من أسلوبه الذي اتبعه. زميله في الخلية، وليد دقة، تحفظ من هذا العمل منذ زمن. سيطلق سراح دقة بعد أربع سنوات فقط، بعد 40 سنة قضاها في السجن بسبب قتل جندي.

جنود إسرائيليون يقتلون مواطنين أبرياء في الضفة الغربية، يعدّ أمراً عادياً، بل ولم يقدم أي منهم للمحاكمة في أي وقت. في هذا الأسبوع كان هناك زوجان من قرية بدو، واعتقد الجنود بأنهما يحاولان تنفيذ عملية دهس ضدهم، فقتلوا الزوج وأصابوا الزوجة. ومن شبه المؤكد أن هذا حصل بدون ذنب اقترفاه. 35 سنة سجناً؟ وحتى بدون 35 ثانية من التحقيق. لقد تأثر أبو مخ ودقة في صباهم من فظائع حرب لبنان ومن مذبحة صبرا وشاتيلا وقررا المشاركة في المقاومة. وهما يقضيان كامل عقوبتهما التي لم تكن متوازنة، والآن يفرحون لإطلاق سراحه أحدهما. هل يعدّ هذا غير إنساني؟ غير مفهوم؟ بالضبط مثل ألم عائلة تمام.

استُقبل أبو مخ بسرور في باقة، وكان من بين المستقبلين عضو كنيست سابق. وها هي جوقة الفاشية تصم الآذان وتقول يجب سحب الجنسية منه، ويقوم وزير الداخلية بالفحص؛ يجب إبعاد أعضاء الكنيست العرب من الكنيست، هكذا يهدد اليمين. ولو تعلق الأمر بهم لأعدموا أبو مخ منذ زمن، ومثله المئات والآلاف الذين تجرأوا على مقاومة الاحتلال بالقوة.

بالضبط في هذا الأسبوع، أسبوع الكارثة، كان من الجائز توقع مظاهر أقل من الفاشية، وعلى الأقل توقع إنسانية وحساسية أكبر لألم الآخرين، حتى لو لم يكونوا يهوداً. في العام 2014 كان سيتم إطلاق سراح أعضاء الخلية الأربعة في إطار الدفعة الرابعة التي وعدت بها إسرائيل. ولكن إسرائيل تراجعت في اللحظة الأخيرة. في حينه، التقيت مع أمهات اثنين منهم، فريدة دقة (84 سنة) وسمية أبو مخ (81 سنة)، وقد أملتا بعناق الأبناء، ولكنهما توفيتا قبل فترة. كتب دقة قبل 15 سنة في سجنه: “أكتب لك من الوقت الموازي. أحد شباب الانتفاضة الذي جاء إلينا قال لنا إن أمور اًكثيرة قد تغيرت في زمنكم. فليس للهاتف قرص، ولم يعد لإطارات السيارات بالون داخلي. نحن هنا من قبل سقوط سور برلين”.

عندما سيتم إطلاق سراح دقة أخيراً من السجن سأكون سعيداً، سواء كان هذا مسموحاً به أو محظوراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى