ترجمات عبرية

هآرتس: هذه هي الطريقة التي تتم بها عملية الترانسفير الكبيرة

هآرتس 7-9-2023، بقلم جدعون ليفي: هذه هي الطريقة التي تتم بها عملية الترانسفير الكبيرة

بعيداً عن أعين الجميع وعلى هامش الساحة الخلفية المظلمة، يحدث تطهير عرقي. فما ظهر قبل بضعة أشهر كمجموعة عشوائية لأعمال عنف لمستوطنين مشاغبين، الذين يعتدون وينكلون بجيرانهم لا لشيء سوى لإشباع ساديتهم، والذين لا يترددون في ضرب الشيوخ والأطفال بقضبان الحديد، تنمو أمام عيوننا العمياء الآن وتصل إلى أبعاد وحشية. لم يعد هذا الآن مجرد تجمع بالصدفة، بل أصبح سياسة، بدعم من النظام أو بغض نظره. ولم يعد بالإمكان التجاهل. هذا يبدو مثل التطهير العرقي ويتصرف مثل التطهير العرقي، لذلك هو تطهير عرقي.

في الأشهر الثلاثة الأخيرة، زرت ثلاثة تجمعات للرعاة، الذين اضطروا إلى مغادرة قراهم في أرجاء الضفة خوفاً من المستوطنين، وكانت هناك أسباب أخرى. ثلاث قرى صغيرة استسلمت وأخليت، وانتشرت تجمعاتها في الأرجاء، فتدمر نسيج حياتها، وآلاف الدونمات “تم تطهيرها” واستولى عليها زعران المستوطنين.

في حزيران كان تجمع “عين سامية”، 200 شخص بينهم عشرات الأطفال، الذين هربوا للنجاة بأنفسهم من ذعر المستوطنين في البؤر الاستيطانية الموجودة على سفوح “كوخاف هشاحر”. في تموز كان تجمع الرعاة في خربة أبو وداد، فهرب سكانه خوفاً من زعران مستوطنة “حفات متاريم”. وفي هذا الأسبوع، كنت في تجمع الرعاة في البقعة، الذين هربوا للنجاة بأنفسهم وتركوا أراضيهم التي عاشوا فيها في الأربعين سنة الأخيرة؛ خوفاً من زعران مستوطنات “متسبيه حجيت” و”نفيه ايرز” و”متسبيه دانيا”. تنكيل لا يتوقف، ويزداد جداً منذ صعود الحكومة الحالية إلى السلطة.

وحتى يغادر الرعاة قراهم، الذين يعيشون في ظروف بدائية بدون كهرباء وبدون مياه وبدون أدنى قدر من الخدمات، يجب أن يحدث شيء ما كبير حقاً. هؤلاء الناس هم رعاة شجعان صفعتهم أشعة الشمس والصعوبات، والذين عاشوا في تجمعاتهم عشرات السنين، ولدوا فيها وولد فيها أولادهم، لكنهم قرروا ذات يوم الاستسلام ورفع الأيدي والمغادرة، وتنازلوا عن الصمود الذي تم وصمه بنكبة 1948 على أمل ألا يتكرر ذلك مرة أخرى.

جميعهم يروون نفس القصة: لم يعد بإمكاننا الصمود أكثر. الاعتداء والسرقة والاقتحام وتهديد الأولاد والحوامات والتراكتورات الصغيرة والحواجز، كل ذلك كان بدعم من الجيش. المستوطنون يعتدون لإشباع رغباتهم، والجنود يحرسونهم في اعتداءاتهم. الجيش الإسرائيلي لا يمكنه ادعاء البراءة والقول إن جنوده غير متورطين في عملية التطهير العرقي الجارية.

ليس بالصدفة أن جميعهم أبناء تجمعات رعاة للبدو. هذا هو المشروع الرائد للتهجير الكبير. هذه مجموعة تجريبية قبل النكبة 2، التي تبلورت في عقول إسرائيليين أكثر مما نتخيل كـ “حل نهائي” لـ “القضية الفلسطينية”. وإذا كان هذا المصطلح يظهر كأنه مثير للقشعريرة، فهو حقاً هكذا.

اختار المستوطنون تجمعات الرعاة كمشروع رائد، لأنهم في أسفل سلسلة الغذاء الفلسطينية، الأضعف، الذين لا يوجد من يحميهم، ولا يوجد من يتوجهون إليه، سواء شرطة أو جيش أو سلطة. هم لم يقيموا لأنفسهم قوة مقاومة مهما كانت ضعيفة مثلما في مخيمات اللاجئين. كل عالمهم هو رعي الأغنام وصراع البقاء الصعب من أجل جلب المياه وزراعة القمح والدفء في الشتاء وإرسال أولادهم إلى المدرسة البعيدة. لا أحد سيهب للدفاع عنهم، ولا أحد سيهتم بمصيرهم، باستثناء حفنة من الإسرائيليين المثاليين. المستوطنون أبطال عليهم، وعلى الناس الأضعف. ويقومون بتجريب أدوات قبل الأمر الحقيقي.

لكن الأمر الحقيقي أصبح موجوداً هنا. لم تحدث قبل ذلك، خلال سنوات الاحتلال، عملية مغادرة لقرى بهذه الأبعاد. صحيح أن الحديث يدور عن نقطة في البحر أمام 3 ملايين من سكان الضفة. ولكنها نقطة مسمومة، تبشر بما سيأتي. ومن أجل طرد الجميع، نحتاج إلى حرب يأجوج ومأجوج. ومن أجل تطهير غور الأردن وجنوب جبل الخليل وقلب الضفة الغربية، فإنه تكفي المستوطنين بضع مئات من الزعران الذين سينغصون حياة السكان ويجعلونها بائسة جداً. هذه بداية للتطهير العرقي. انظروا، لقد حذرتكم.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى