هآرتس: هذا ليس ضرر عارض. التجويع والقتل الجماعي هما الهدف، أي ابادة جماعية

هآرتس – جدعون ليفي – 31/7/2025 هذا ليس ضرر عارض. التجويع والقتل الجماعي هما الهدف، أي ابادة جماعية
لقد حان الوقت. لم يعد يمكن المراوغة والامتناع عن الاجابة. لم يعد يمكن التلعثم والتخفيف والطمس. ولم يعد يمكن ايضا مواصلة التمسك بالتلاعب القانوني بـ “اساس النية” أو انتظار حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي، الذي يمكن ان يصدر عندما يكون الوقت قد اصبح متاخر جدا. الآن اصبح الوقت متأخر جدا. لذلك، الان يمكن تسمية الاعمال الفظيعة باسمها، واسمها الكامل هو الابادة الجماعية، ابادة شعب. لم تعد توجد أي طريقة اخرى لتسميتها. امام انظارنا المندهشة اسرائيل تقوم بارتكاب ابادة جماعية في قطاع غزة، وهي لم تبدأ الآن بل في 1948، لكن الآن تراكم ما يكفي من الشهادات من اجل تسمية ايضا الولد – الوحش في غزة باسمه.
هذه لحظة تبعث على اليأس، لكنها في نفس الوقت لحظة محررة. يجب عدم مواصلة التملص من الحقيقة. في يوم الاثنين الماضي، في لوبي فندق في شرقي القدس، امام عيون عشرات المراسلين من ارجاء العالم، وحضور شبه معدوم ومعيب لوسائل الاعلام الاسرائيلية، اعلنت منظمات مهمة في اسرائيل لحقوق الانسان، بأن الامر وقع. منظمة “بتسيلم” ومنظمة “اطباء بلا حدود” توصلتا الى الاستنتاج بان اسرائيل ترتكب ابادة جماعية.
بصفتهما منظمتين موثوقتين لا مثيل لهما في اسرائيل فقد دخلتا التاريخ في تلك اللحظة. كان واضح على المتحدثين بلسانهما أن الامر لم يكن سهل. الحزن كان موجود في قاعة المؤتمرات. “الابادة الجماعية خاصتنا”، هذا كان عنوان تقرير “بتسيلم”، وهو ابادة جماعية خاصة بنا. في اسرائيل مر الاعلان الدراماتيكي بتجاهل شبه مطلق. هذا ايضا يثبت الوضع الخطير: الابادة الجماعية يتم انكارها دائما تقريبا من قبل من ينفذونها.
المعنى صعب، ان تعيش في دولة ينفذ جنودها ابادة جماعية هذه وصفة لن تمحى. وجه مشوه ينظر الى المرآة. تحدي وطني وشخصي لكل اسرائيلي. هذا التعريف يثير تساؤلات عميقة حول الدولة وحول دورنا في هذا الامر. هذا يذكرنا بأصلنا ويطرح اسئلة صعبة حول توجهنا. عبء الاثبات الان هو الاخف. الاساس القانوني قد يأتي من لاهاي، لكن الادلة الاخلاقية تتراكم يوما بعد يوم.
خلال اشهر تألم قلائل في اسرائيل، الذين يرون قطاع غزة من منظار مسألة النية. هل حقا اسرائيل تنوي ارتكاب ابادة جماعية، أو هي تتدحرج نحوها بالتدريج. هذه مسألة اصبحت بدون اهمية. ليس حجم الدمار والقتل هو الذي شطب هذه المسألة من جدول الاعمال، بل الطريقة المنهجة التي تنفذ فيها هذه الافعال.
عندما يدمرون 33 مستشفى من بين 35 مستشفى فان النية تكون مبيتة والنقاش انتهى. وعندما يقومون بمحو بشكل منهجي احياء وقرى ومدن بالكامل فان التشكك بالنية ينتهي. وعندما يقتلون عشرات الاشخاص كل يوم اثناء تواجدهم في طابور الحصول على الطعام فان هذه الطريقة تم اثباتها بدون أي شك. وعندما يستخدمون التجويع كسلاح فانه لم تعد توجد أي علامات استفهام.
لم يعد هناك أي شيء ناقص من اجل الفهم بان ما يحدث في غزة ليس ضررا عارضا لحرب قبيحة، بل هو الهدف. التجويع، التدمير والقتل الجماعي، هي الهدف. من هنا فان المسافة قصيرة من اجل الاستنتاج بـ “ابادة جماعية”.
من الواضح ان اسرائيل تنوي تدمير المجتمع الفلسطيني في القطاع، وجعل القطاع مكان غير قابل للعيش فيه، وبعد ذلك تطهيره عرقيا، سواء بالابادة الجماعية أو الترانسفير. ومن المرغوب فيه كليهما. هذا لا يعني أن المؤامر بتنجح بشكل كامل، لكنها تسرع الخطى نحو هذا الحل المطلق. بنيامين نتنيناهو، أبو المؤامر والمنفذ الرئيسي لها، يسميها “النصر المطلق”، وهذا النصر هو الابادة الجماعية والترانسفير. نتنياهو والحكومة لن يتنازلوا عن اقل من ذلك. في احزاب المعارضة لا أحد وبحق يعارض ذلك.
لم يعد يوجد في اسرائيل من يوقف الابادة الجماعية المتسارعة. هناك فقط من يخفونها عن الانظار. ومهما ظهر قول ذلك مخيف فانه يوجد خطر في ان لا يتوقف هذا الامر في غزة. في الضفة الغربية اقاموا له في السابق بنية تحتية فكرية وعملية. عرب اسرائيل يمكن أن يكونوا التالين في الدور، لا يوجد من يوقف ذلك، نحن يجب علينا وقف ذلك.