ترجمات عبرية

هآرتس: هدم تسعة منازل في يوم واحد في سلوان: يستغلون الحرب لاخلائنا

هآرتس 19/12/2024، نير حسونهدم تسعة منازل في يوم واحد في سلوان: يستغلون الحرب لاخلائنا

في يوم السبت الماضي ودع أولاد رامي أبو شافع، توأم بنات (3 سنوات) وولد (10 سنوات)، بيتهم في سلوان. من اجل الوداع  سمح لهم الأب بالرسم على الحيطان. “أنا قمت باستغلال الفرصة لتحقيق حلم صغير لهم”، قال واظهر صورة لطفلتين صغيرتين تقفان قرب سور مزين بالألوان. وهو أيضا ارسل رسالة في مجموعة الواتس اب في الحي ودعا الجميع الى اخلاء الأثاث من البيت. “لم ارغب في اخذ أي شيء. لم ارغب في اخذ ذكريات من البيت. فضلت أن يأخذ الجيران ما فيه ويستفيدون منه”، قال. في صباح يوم الاثنين جاءت جرافات البلدية بمرافقة قوة كبيرة للشرطة وهدمت البيت، ومعه ثمانية بيوت أخرى في الحي.

قبل أربعة أيام من ذلك اضطرت عائلة فلسطينية أخرى الى اخلاء بيتها، الذي تم نقله الى جمعية عطيرت كوهانيم بعد أن ربحت دعوى قضائية استمرت لسنوات بشأن البيت. وقبل أسبوع اطلقت النار على عمر الشويكي (16 سنة) بعد الاشتباه فيه برشق الحجارة على سيارة مستوطنين، وجثته ما زالت محتجزة لدى الشرطة. في نظر سكان سلوان هذه الاحداث تتراكم وتصل الى هجوم شامل للسلطات على القرية. حسب قولهم فان البلدية وجمعيات المستوطنين يستغلون الحرب لابعادهم ورفع مشروع تهويد سلوان الى مستوى جديد.

أبو شافع، وهو معلم في التعليم الخاص، ويعلم صف من الصم، يعمل أيضا بالعلاج بمساعدة الحيوانات، ويحضر لرسالة الدكتوراة في هذا المجال. منذ بداية الحرب عالج أطفال يهود تم اخلاءهم من بيوتهم في الشمال ويسكنون الآن في القدس. في الوقت الذي كان يقف فيه قرب انقاض بيته الذي عاش فيه اكثر من 30 سنة، قال أبو شافع: “اثناء الحرب عالجت اشخاص خرجوا من بيوتهم وهم خائفون، وساعدتهم على مواجهة الصدمة والخوف. أنا بقيت مع خوفي، ولا أحد جاء ليساعدني الآن”. في البيت الذي هو الآن كومة من الحجارة وقطع الحديد كان يعيش تسعة من أبناء العائلة، من بينهم اثنان من اخوته ووالدته. الأم بقيت عند أقارب في الحي، والاخوة تفرقوا الى بيوت في أماكن أخرى.

“كل سلوان تشعر بأنهم يستغلون الحرب لاخلائنا وهدم منازلنا”، قال زهير الرجبي وهو أحد سكان سلوان. “لا أحد يمكنه قول أي كلمة”. هكذا فان بيانات هدم البيوت في شرقي القدس تعزز الشعور بأن البلدية تستغل حالة الطوارئ لزيادة وتيرة الهدم. حسب بيانات جمعية “عير عاميم” فانه في هذه السنة تم تنفيذ 243 أمر هدم، اكثر من أي سنة أخرى منذ العام 1967. في المباني التي تم هدمها كانت توجد 171 شقة. 103 أوامر هدم نفذها السكان بأنفسهم، من اجل عدم دفع تكلفة الهدم للبلدية.

“حي البستان هو الحالة المتطرفة في السياسة الوحشية التي صادق عليها رئيس البلدية وبن غفير”، قال افيف ترسكي، الباحث في جمعية “عير عاميم” والذي جمع البيانات. أيضا لورا فرتون، العضوة في مجلس البلدية عن ميرتس، هاجمت سياسة هدم المنازل في الحي وقالت: “لا توجد أي فائدة من عمليات الهدم الوحشية التي تقوم بها البلدية، وتبقي عشرات السكان بؤساء وغاضبين”.

المنازل التسعة في حي البستان تضاف الى 15 منزل تم هدمها في السنة الأخيرة في الحي؛ حوالي 85 منزل آخر تم اصدار أوامر هدم لها. بعد ذلك كل الحي يمكن أن يمحى. مئات سكان الحي يعيشون في بيوت بنيت بدون رخص بناء – بما يشبه الكثير من المباني في الاحياء العربية في القدس. ولكن حسب السكان فان سبب ذلك هو الصعوبة التي تضعها البلدية امام اصدار رخص البناء في هذه الاحياء. 

في العام 2010 اعلن رئيس البلدية في حينه نير بركات عن خطة لهدم الحي وإقامة حديقة باسم “حديقة الملك” مكانه. المتنزه السياحي الاثري يتوقع أن يرتبط مع الحديقة الوطنية “مدينة داود” التي تديرها جمعية العاد. الخطة اعقبها انتقاد شديد من دول كثيرة في العالم، وضمن ذلك إدارة أوباما، والبلدية بدأت التفاوض مع السكان في محاولة لبلورة خطة – اخلاء – بناء متفق عليها. وحسب ادعاءات البلدية فانه قبل سنة ونصف تم طرح على السكان خطة، في اطارها سيتم نقلهم الى مبان قانونية ستقام في منطقة أخرى في الحي. البيوت القائمة سيتم هدمها والحي سيتم تنظيمه. ولكن السكان قالوا إن الخطة لا تناسب احتياجاتهم ومعظمهم رفضوا التوقيع عليها. في محاولة للتوصل الى تسوية متفق عليها أعد السكان خطة خاصة بهم، لكن البلدية رفضتها. 

في شهر شباط الماضي، في ذروة المفاوضات بين الطرفين، قامت البلدية بهدم بيت رئيس لجنة الحي فخري أبو دياب. في نظر السكان هذه الخطوة كانت محاولة للضغط عليهم كي يوافقوا على الخطة. في بداية تشرين الثاني، في يوم الانتخابات في الولايات المتحدة، هدمت البلدية سبعة بيوت أخرى، وفي يوم الاثنين الماضي تم هدم تسعة منازل أخرى. إضافة الى ذلك هدمت البلدية نادي مجتمعي وكراجات ومخازن. البيوت حلت محلها اكوام انقاض البناء. السكان على قناعة بأن أعضاء جمعية العاد، الذين يديرون كل المناطق السياحية والاثرية في المنطقة، هم الذين سيديرون المتنزه المستقبلي.

في رد البلدية على الهدم السابق جاء أنه “هذا الهدم ليست فيه نية لتجنب التوصل الى حل شامل للتسوية كما تم عرضها على السكان في السنوات الأخيرة، بل العكس”. ولكن أمس نشر سكان الحي أنه إزاء عمليات الهدم فانهم أوقفوا التفاوض مع البلدية. “نحن نوضح رفضنا المطلق لكل خطة ستفرض علينا بالتهديد، الهدم والنار. حقنا في العيش بكرامة غير خاضع للتفاوض”، جاء في بيان السكان.

“الخطة التي قدمناها للبلدية كانت تسمح لنا بالعيش حياة طبيعية وتبقي مكان لمتنزه يخدم أيضا عائلاتنا. وبدلا من ذلك هم يريدون نقلنا الى عشرة مبان عالية وإقامة متنزه على كل المساحة”، قال مراد أبو شافع، وهو أحد سكان ونشطاء الحي. “عندما تهدم بيت أنت تعتقد أنك تهدم حجارة، لكن في الحقيقة أنت تهدم أحلام وذكريات عائلات كاملة”، قال رامي وأضاف: “ماذا سأقول لاولادي، هل من يهدم البيت هو يفعل ذلك من اجل إقامة حديقة من اجل اشخاص آخرين كي يتنزهوا فيها؟”.

على بعد بضع عشرات من الأمتار يمتد حي بطن الهوى، وهو حي قديم ومكتظ، وسكانه أيضا يواجهون خطر الاخلاء. ولكن ليس مثل حي البستان، بيوت الحي لا يتوقع هدمها بل نقلها الى مستوطنين يهود. بطن الهوى أقيم في جزء منه على ارض اشتراها أعضاء الاستيطان اليهودي في القدس في نهاية القرن التاسع عشر من اجل توطين يهود اليمن. في اجراء قانوني معقد نجحت جمعية عطيرت كوهانيم في السيطرة على الوقف التاريخي الذي يمتلك الأرض، وبدأت في إجراءات لاخلاء مئات السكان من الحي. بعد نضال قانوني طويل اخلت عائلة شحادة في الصيف الماضي بيتها في الحي، قبل أن تركت قامت العائلة بهدم الجدران الداخلية للمبنى. “اذا كانوا يقولون إن الأرض لهم فلماذا نعطيهم البيوت؟”، تساءل أحد الجيران.

في الأسبوع الماضي جاء دور عائلة غيث كي تخلي بيتها. حسب اقوال أبناء العائلة فانه في الوقت الذي كانوا ينشغلون فيه باخلاء اغراضهم، جاء مثلمون فلسطينيون وطلبوا منهم الخروج من البيت، وقاموا باحراقه بالكامل. الشرطة قامت باعتقال ثلاثة من أبناء العائلة بتهمة أنهم عرفوا عن الحريق أو أنهم ازعجوا رجال الشرطة. جميعهم تم اطلاق سراحهم بشروط مقيدة. في عطيرت كوهانيم لم ينتظروا كثيرا، في هذا الأسبوع تم وضع موقع حراسة جديد على سطح البيت، وشباب يهود عملوا على ترميمه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى