ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يعمل بفزع

هآرتس – عاموس هرئيل – 28/7/2025 نتنياهو يعمل بفزع

خطورة الوضع الانساني في قطاع غزة والرد الدولي الشديد تجاهها يتجلى في الخطوات الاسرائيلية المتسرعة أول أمس. في الوقت الذي ارسل فيه ضباط الجيش الاسرائيلي الى وسائل الاعلام لنفي موضوع الجوع في القطاع، نفذ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو انعطافة كاملة في سياسته. سلاح الجو القى بالمظلات للمرة الاولى رزم مساعدات، والجيش الاسرائيلي اعلن عن هدنة انسانية في القتال وسيسمح من اليوم فصاعدا بوجود ممرات آمنة لقوافل الامم المتحدة. القرارات اتخذت. بذعر وبسرعة، خلال يوم السبت – مع عدم اطلاع رؤساء احزاب اليمين المسيحانية في الحكومة. بعد اكثر من اربعة اشهر على خرق وقف اطلاق النار مع حماس والعودة الى القتال فان اسرائيل اضطرت الى الاعتراف بانها وضعت نفسها في طريق مسدود. فليس زيادة الضغط العسكري أو السيطرة على المساعدات الانسانية قربتها من الصفقة لاعادة المخطوفين. وللمفارقة ربما ان وضع حماس بالذات تحسن.

في هذه المرة الامر كان واضح تماما. الحكومة ببساطة اغلقت العيون كي لا ترى واغلقت أذنها كي لا تسمع. في “هآرتس” وفي وسائل اعلام اخرى كتب في شهر اذار الماضي في الوقت الحقيقي بان استئناف الحرب يستهدف اعادة قائمة قوة يهودية الى الائتلاف، بعد انسحابها منه في اعقاب صفقة المخطوفين الاخيرة في كانون الثاني الماضي، وأنه من غير المتوقع أن تحقق أي تغيير في سير الحرب. بعد ذلك وصفت بشكل موسع عبثية الخطوات العسكرية وابعاد القتل والدمار، وايضا عجز صندوق المساعدات الامريكي (الذي يوجد وراءه تدخل واضح لاسرائيل) عن تحقيق الاهداف الطموحة التي وضعت بشان توفير الغذاء للسكان. في الاسبوع الماضي تدهورت الامور الى كارثة – فعلية وفي صورة اسرائيل. 

ظاهرة الجوع أو مشهد سكان على شفا الجو اخذت تنتشر في ارجاء العالم. ورغم انه واضح بانه ليست كل التقارير موثوقة، ومعروف ان حماس تستخدم بشكل دعائي الازمة لاغراضها، فان هناك شك في ان يكون لذلك وزن. ابعاد الكارثة هي كبيرة بما فيه الكفاية لاثارة الاهتمام الدولي من جديد بمعاناة اكثر من 2 مليون غزي. ليس فقط اوروبا والعالم العربي، حتى الرئيس الصديق في البيت الابيض لم يعد بامكانه ان يبقى لامبالي ازاء التطورات.

المفاوضات حول الصفقة التي هي في الاصل عالقة تشوشت كليا. حماس فهمت انه وقع في يديها فرصة ثمينة ازاء غضب العالم من اسرائيل واستغلت ذلك للتمترس في مواقفها في المحادثات. اسرائيل والولايات المتحدة اعلنت عن وقف المفاوضات في قطر والرئيس الامريكي اتهم حماس بافشال المفاوضات واضاف تفسير الى ذلك: ربما ان رؤساء حماس ببساطة يريدون الموت. ولكن من الوعود الاسرائيلية والامريكية بفحص طرق اخرى للدفع قدما بالمفاوضات، لم ينبت حتى الان أي شيء عملي. في هذه الاثناء المجتمع الدولي ينشغل في البحث عن وسائل سريعة لتخفيف المعاناة في غزة والضغط على اسرائيل لوقف القتال. وربما حتى حكومة نتنياهو تدرك ان هذا ليس الوقت المناسب للانقضاض العسكري.

المسؤول الرئيسي

في لحظة بائسة كهذه من الجدير تذكر الاشخاص الذين قادوا اسرائيل الى الوضع الحالي في القطاع. هذا حدث بالتحديد بعد ان ضرب الجيش الاسرائيلي حماس خلال السنة الماضية، وكان يبدو ان جهود ترامب قد وضعت الطرفين في كانون الثاني على مسار عقد صفقة لانهاء الحرب، حتى لو كانت مليئة بالعيوب والنواقص. الوزير المصاب بجنون العظمة الصبياني، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اقترح على متابعيه في اكس (تويتر سابقا) قبل شهرين بالضبط: “تذكروا هذا اليوم (البدء في توزيع المساعدات في غزة بواسطة الشركة الامريكية مباشرة الى المواطنين وبشكل لا يسمح لحماس بالسيطرة على المساعدات)، هذه انعطافة في الحرب التي ستجلب، بعون الله، النصر وتدمير حماس. يفضل ان تأتي بشكل متأخر افضل من ان لا تأتي أبدا”.

سموتريتش، مثل ابواق نتنياهو في وسائل الاعلام، تجاهل التحذيرات بشان عدم قدرة صندوق المساعدة لغزة على تحقيق الاهداف الطموحة، حيث يوجد لديه فقط مراكز توزيع قليلة في جنوب القطاع. هم عرفوا ان الطريق اليها خطيرة وانه تسود في المنطقة فوضى كبيرة، الكثير منها نابع من عمليات الجيش الاسرائيلي، لكنهم ركزوا على تخيل سيطرة اسرائيلية كاملة على المنطقة وعلى المساعدات، التي ستؤدي في نهاية المطاف الى “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين من غزة عبر شبه جزيرة سيناء.

حتى الآن فان المسؤول الرئيسي هو نتنياهو. رئيس الحكومة يعرف انه لا توجد طريقة عسكرية لانقاذ المخطوفين وهم على قيد الحياة، وان حماس لا تقلق أو تشعر بالمسؤولية عن مصير السكان، وان الخطوات الحالية فقط تطيل الحرب بدون هدف وبدون جدوى. منذ بداية السنة كانت لاسرائيل فرص لانهاء الحرب. في الواقع في ظروف غير سهلة – والبدء في ترميم الجيش والمجتمع. نتنياهو تجاهل هذه الفرص لان مصير الائتلاف كان اكثر اهمية بالنسبة له. وقد خشي من ان ينسحب سموتريتش وبن غفير من الحكومة وفرض عليه انتخابات مبكرة. الان رئيس الحكومة يرتجل تحت ضغط دولي متزايد. ربما يكون الوقت قد اصبح متاخر جدا للتصحيح: حماس ستتخندق في مواقفها، مع دعم دولي للفلسطينيين، والحكومة ستقف امام معضلة بين عار عديم الجدوى للخطوات العسكرية وبين الاستسلام لاملاء وقف قسري لاطلاق النار بدون النجاح في اعادة العشرين مخطوف الاحياء والثلاثين جثة التي توجد لدى حماس.

التوقعات والامال منذ فترة طويلة موجهة في معظمها نحو ترامب. اذا تحرر الرئيس الامريكي من تشتيت الانتباه وركز فربما سيتمكن من فرض اتفاق معين على الاطراف. مع ذلك، هو ما زال يسعى الى الفوز بجائزة نوبل للسلام في هذه السنة ويواجه صعوبة في تقديم انجازات دبلوماسية مدهشة في ساحات اخرى. في هذه الاثناء يستمر سقوط القتلى والجرحى من الجنود في قطاع غزة، ولم يعد الكثير من الجمهور يعرف الهدف الحالي للقتال. لقد توفي جندي (مهندس في الاحتياط) متاثرا بجراحه بعد اصابته اصابة بالغة بانفجار عبوة ناسفة في الاسبوع الماضي. صباح امس نشرت تقارير عن قتل جنديين من لواء غولاني أمس بانفجار عبوة ناسفة تم الصاقها بناقلة جنود مدرعة (النمر).

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى