ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يعرّض الأمن، الاقتصاد، وعلاقات إسرائيل الخارجية للخطر

هآرتس 2023-07-26، بقلم: سامي بيرتسنتنياهو يعرّض الأمن، الاقتصاد، وعلاقات إسرائيل الخارجية للخطر

لو كان رئيس الحكومة يبحث عن سلَّم للنزول عن الشجرة العالية التي صعد إليها هو وحكومته فقد قُدمت إليه عدة منها في الأشهر الماضية، ورفَضها كلها. تجاهل إشارات التحذير الاقتصادية، التي تجلت في الهبوط الحاد في الاستثمارات في قطاع الهاي – تك، ورفَض تحذيرات الاحتياطيين بعدم الالتحاق بالخدمة، وادّعى أنه في الإمكان العمل مع عدد أقل من الطيارين، ولم يستجب لطلب الرئيس الأميركي، جو بايدن، القاضي بوقف التشريعات، وتناقش مع رئيس الهستدروت أرنون بار – دافيد من دون جدوى.

في تشرين الأول 2022، عندما كان رئيساً للمعارضة، وصف نتنياهو العوامل التي أدت إلى توقيع اتفاقات أبراهام مع الإمارات والبحرين بالتالي: “القوة الاقتصادية والعسكرية منحتنا قوة سياسية أيضا”. وكان هذا شعاره في كل انتقاداته السياسية. خلال الأشهر التي مرت منذ تشكيل الحكومة، تسبب نتنياهو بتآكل هذه القوى الثلاث في وقت واحد؛ فقطاع الهاي – تك في حالة هبوط كبير، والجيش الإسرائيلي يعاني جرّاء خطر التفكك، ومن الصعب تسمية الرفض المستمر للرئيس بايدن دعوة نتنياهو إلى زيارة البيت الأبيض بالقوة السياسية. إن جعل تشريع إلغاء حجة المعقولية يسري سيدمر بصورة أكبر هذه القوى الثلاث.

هناك تفسيران لاستعداد نتنياهو لتعريض الاقتصاد والأمن والعلاقات الخارجية للخطر: خروجه عن المسار، أو رؤيته خطراً آخر أكبر بالنسبة إليه. والنتيجة في الحالتَين مدمرة، فهو لا يريد النزول عن أي شجرة ولا يبحث عن سلَّم، وربما هو يريد أن يزيد في تفاقم الوضع.

الخطر الذي يحركه هو المحافظة على سلامة حكومته وعلى مكانته في اليمين. بالنسبة إليه، فإن السيناريو الصعب هو إذا لم يمر التشريع في الدورة الحالية واستقال وزير العدل ياريف ليفين، الأمر الذي يمكن أن يدفع بعض أعضاء الحكومة إلى شن حرب عليه. لن يصل الأمر إلى حد الإطاحة بالحكومة، إذ لا يوجد سبب لدى المتطرفين في الحكومة للقيام بذلك، وليس لديهم بديل.

لسبب ما، لا يريد نتنياهو تحمُّل هذه المخاطرة، وهو يفضّل مخاطر أُخرى تهدد الدولة؛ مئات الطيارين الذين يرفضون الخدمة في الاحتياط، والأذى السريع الذي سيلحق بكفاءة سلاح الجو، ورفض الخدمة من طرف آلاف الاحتياطيين التابعين لأسلحة متعددة، والضرر الجسيم في تماسك الجيش يمكن أن يتسلل إلى الجيش النظامي، بالإضافة إلى أضرار اقتصادية، وانتقادات قاسية من جانب شركات التصنيف الائتماني التي وُعدت سابقاً بأن أي تشريع لن يمر من دون إجماع واسع عليه، هذا عدا انتهاك وعود قُدمت إلى بايدن.

كثيرون يحاولون في الأيام الأخيرة الدفع قُدماً بتسوية، لكن درجة الثقة بين الائتلاف والمعارضة ليست فقط متدنية، بل غير موجودة. حتى لو وُجدت في اللحظة الأخيرة، فإن أي تسوية لن تزيل المخاطر المتفاقمة والمتزايدة. يقود هذا الائتلافَ، ما دام قائماً، العناصر المتطرفة فيه، وهذه العناصر لن تتخلى عن رغبتها في تغيير منظومة القضاء والحكم.

جزء من مخططات هذه العناصر لم يجرِ التعبير عنه علناً، بل تلميحاً – كإقالة المستشارة القانونية للحكومة. من الواضح للمعارضين للانقلاب القضائي أن خطوات كهذه ستدفع بالجماهير إلى الشوارع بأعداد أكبر بكثير من تلك التي رأيناها حتى الآن. هناك أصحاب مناصب رفيعة المستوى لم يهددوا حتى الآن بالاستقالة، وشخصيات عسكرية لم تتوقف عن خدمتها، لكنهم ربما يفعلون ذلك في الخطوات المقبلة.

يبدو نتنياهو حذراً وعاقلاً من الدخول في مغامرات عسكرية، لكن الدفع قُدماً بالتشريع القضائي يدل على عدم الحذر وعدم وجود كوابح. لقد وضع نفسه وحكومته في وضع هو مضطر إلى أن يقدّم إلى معسكره إنجازاً بأي ثمن، والإنجاز المطلوب هو إضعاف منظومة القضاء، وهذا سيتحقق بثمن باهظ، هو إضعاف الجيش الإسرائيلي، والاقتصاد والمجتمع الإسرائيليَين.

ليس هناك أكثر رمزية من إلغاء حجة المعقولية لتوضيح ما هو الإنجاز اليميني لهذه الحكومة؛ حق اتخاذ قرارات غير معقولة من دون أن تقدر المحكمة على لجمها. لقد عرفت إسرائيل في تاريخها حكومات جيدة وسيئة، لكن لم يسبق أن رأينا حكومة شعارها المركزي التصريح علناً بأنها لا تريد التصرف بمعقولية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى