ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يعتمد على تشويه حزب راعم لتحقيق هدفه الانتخابي

هآرتس 27/11/2025، سليم بريك: نتنياهو يعتمد على تشويه حزب راعم لتحقيق هدفه الانتخابي

قبل اسبوعين تقريبا نشرنا هنا، أنا والبروفيسور اوري بار يوسيف، مقال تناول التوجه الذي بدأ يسود في المعارضة المستخذية، التي هدفها هو ان كل من لا يخدم في الجيش لا يمكنه التصويت للكنيست (“هآرتس”، 10/11). من خلال هذه المطالبة، التي وجدت تجسيدها في الاقتراح الذي قدمه افيغدور ليبرمان وأيده، اراد رؤساء المعارضة تحويل اسرائيل بالفعل من دولة ديمقراطية ليبرالية، التي فيها حقوق المواطنين فطرية وواجباتهم تم تحديدها بالقانون، الى نموذج جمهوري تكون فيه الحقوق المدنية مشروطة باداء واجبات مثل الخدمة العسكرية. هذا التوجه خطير، لانه يستهدف الجمهور الحريدي الذي يرفض التجند، لكنه سيضر ايضا بالمواطنين العرب في البلاد، الذين بدونهم ما كانت المعارضة ستتمكن من هزيمة نتنياهو واستبداله.

يمكن كتابة الكثير عن عيوب هذا النموذج الجمهوري. ولكن أنا هنا فقط اشير الى ان النموذج الديمقراطي الليبرالي هو النموذج الديمقراطي الوحيد الواضح، خلافا لنماذج هابطة مثل الديمقراطية الرسمية أو الديمقراطية العرقية – النموذج الذي تم اختراعه لابقاء اسرائيل في عائلة الدول الديمقراطية رغم عيوبها الديمقراطية الكثيرة، بدءا من التمييز المماسس والممنهج ضد المواطنين العرب ومرورا بغياب دستور يتضمن الحقوق الاساسية للانسان وانتهاء بالاكراه الديني الذي ليس له مثيل في الديمقراطيات.

قانون الاساس: اسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي، الذي تمت المصادقة عليه في 2018، عمق اكثر ابعاد التمييز المماسس، وفي الواقع رسخ تفوق اليهود على باقي المواطنين، الامر الذي يتعارض مع كل قيم الديمقراطية.

الآن عرفنا عن خطوة اخرى اعلن عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في محاولته للفوز في الانتخابات القادمة بأي ثمن، حتى باساليب غير ديمقراطية، من خلال استغلال اغلبيته في الكنيست بشكل مستمر، وهذا نموذج واضح لاستبداد الاغلبية. القصد هو اعلانه بشان حظر الجناح الجنوبي في الحركة الاسلامية، وبالتالي، شطب قائمة “راعم” واحباط أي فرصة لتغيير الحكومة في البلاد.

أنا مضطر الى الاشارة هنا الى ان هذا الاجراء، اذا تم تنفيذه، فهو سيضر بالذات باليمين. الحركة الاسلامية قريبة اكثر في مواقفها في كل ما يتعلق بحقوق الانسان من القوائم الدينية والحريدية. مثلا، هجومهم على الطائفة المثلية، كما شاهدنا ذلك اكثر من مرة. اضافة الى ذلك نتنياهو نفسه عقد صفقات كثيرة مع منصور عباس، مثلا انتخاب مراقب الدولة، حل الكنيست وما شابه. كل ذلك تم بمباركة نتنياهو وبتنفيذ الوزير ياريف لفين. نتنياهو هو الذي اقترح على منصور عباس الالتقاء مع الحاخام حاييم دروكمان من اجل اعداده لتحالف مع اليمين. وعندما افشل الوزير بتسلئيل سموتريتش هذا الاقتراح نفى نتنياهو علاقته مع قائمة راعم، وبدأ في مهاجمتها وسلب شرعيتها كالعادة. سموتريتش نفسه اكد هذا الامر، ولم يوفر أي انتقاد لنتنياهو وسماه “كذاب ابن كذاب”.

لن تنتهي محاولة نتنياهو بالضرورة بحظر الجناح الجنوبي في الحركة الاسلامية، لأنه لا يوجد مبرر لها. ومن المرجح ان تمنع محكمة العدل العليا هذا الاجراء، رغم انها في الفترة الاخيرة اصبحت دعامة ضعيفة. نتنياهو يعتمد على افتراض انه سيشوه سمعة راعم، وبالتالي، اجبار قادة المعارضة في ظل اجواء كراهية العرب بعد هجمات 7 اكتوبر، على الانضمام اليه كي لا يغضب ناخبوها منها. وهكذا سيحقق هدفه الانتخابي، وهذا ايضا ينطلق من افتراض ان نسبة التصويت في اوساط العرب في مثل هذا الوضع ستنخفض، الامر الذي سيخدمه اكثر بالطبع.

بخصوص حق التصويت وحق التمثيل، التي هي حقوق اساسية في النظام الديمقراطي، فان نتنياهو يستطيع حرمان المواطنين المسلمين من هذه الحقوق بسهولة، حيث ان المادة 4 في قانون الاساس: الكنيست محصنة باغلبية الـ 61، وائتلاف نتنياهو توجد له هذه الاغلبية. بالطبع، نتنياهو يستطيع تغيير قوانين الانتخابات (مثلا، المادة 7أ في قانون الاساس: الكنيست)، وتوسيع صلاحيات لجنة الانتخابات لشطب قوائم والغاء واجب مصادقة المحكمة العليا على هذا الشطب. اقتراح بهذه الروحية تم تمريره بالقراءة الاولى من قبل عضو كنيست في قائمته.

من المهم احباط مثل هذه المحاولة لنتنياهو وهو لا يزال في السلطة، ليس فقط لانها محاولة مكشوفة لتحويل مسار الانتخابات القادمة لصالحه بطريقة غير ديمقراطية وغير لائقة، بل بالاساس لان نهج نتنياهو المستبد وانعدام أي ضبط من جانبه ومن جانب الائتلاف البائس الخاضع له، قد يتسبب بضرر كبير للديمقراطية. اعتقد انه يجب على رئيس الشباك دافيد زيني التحرك على الفور ضد هذا التوجه لعدة اسباب. أولا، لان الشباك ملزم بحماية الديمقراطية حسب المادة 7 في قانون الشباك، ولا شك ان مثل هذا الانتهاك الخطير للحقوق الاساسية لحوالي خمس مواطني الدولة يتسبب بضرر كبير للديمقراطية. ثانيا، لان هذا الانتهاك اذا حدث، يمكن ان يعرض الحقوق الاساسية للعرب الى الخطر، ويقلل من اندماجهم في المجتمع، وبالتالي، قد يشكل خطر على القيم الاساسية للدولة، بل وحتى على الامن، نتيجة ردود الفعل العنيفة ضد مثل هذه الخطوات.

لم يتاخر الوقت بعد للقضاء على هذه الافكار المشوهة قبل تبلورها. والاكثر اهمية هو انه لم يتاخر الوقت بعد لقادة المعارضة على الاستيقاظ من السبات وان ينهضوا ويهبوا للدفاع عن الديمقراطية، أو عما بقي منها. هذا هو واجبهم الاساسي في هذا الوقت العصيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى