ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يستغل حادثة الجنود في الخليل لإعادة تدريب المؤسسة الأمنية

هآرتس 30-11-2022م، بقلم عاموس هرئيل: نتنياهو يستغل حادثة الجنود في الخليل لإعادة تدريب المؤسسة الأمنية

الخليل منذ تلك الحادثة وإلى الأبد. الحادثة التي حدثت في المدينة، يوم الجمعة الماضي، تواصل تصدر عناوين وسائل الإعلام منذ أسبوع تقريبا. أول من أمس، بعد أن سمح لهذه الأجواء بأن تسخن طوال الأيام الأخيرة تذكر بنيامين نتنياهو التدخل في القضية. في التصريح القصير جداً، الذي نشره دعا نتنياهو، من سيشكل الحكومة القادمة، «الجميع، من اليمين ومن اليسار، إلى إبقاء الجيش خارج أي نقاش سياسي». عندما يريد نتنياهو أن يصدمنا فهو يعرف كيف يفعل ذلك. ولكن ليس في هذه المرة فإن الصيغة المخففة والحذرة التي خرجت من مكتبه أبقت القراء يتوقعون ما الذي يقصده.

كان هذا خياراً متعمداً وذكياً بالطبع. فمنذ اللحظة التي ثارت فيها العاصفة حول صور جنود «غفعاتي» في الخليل، التي ظهر فيها جندي وهو يضرب ناشطا يساريا وأن «بن غفير سيحل النظام هنا»، استغلت الحادثة أيضا لأغراض نتنياهو أمام المستوى العسكري والأمني. بعد عام ونصف العام من وجوده خارج الحكم يبدو أنه جرت محاولة لإعادة تدجين الجهاز المارق، جهاز الأمن. اذا شعر رؤساء الجهاز بأن الشارع السياسي يمسك بأعناقهم عن طريق شبكة متشعبة من المجانين، وأبواق وسائل الإعلام على كل المنصات الممكنة، فإنهم سيفكرون مرتين قبل أن يشنوا حربا علنية أخرى من اجل قيم القتال لدى الجيش الإسرائيلي.

منذ فترة غير بعيدة، اعترف أحد المتحدثين بلسان نتنياهو بأنه تأثر في العام 2016 بموقف الرأي العام عندما وقف لصالح الجندي اليئور ازاريا. حدثت أمور مشابهة أيضا، الأسبوع الماضي. الدعوة الضبابية لنتنياهو للانضباط الآن لا تشمل تفاصيل، ولا تتطرق أيضا للشتائم التي وجهها نجله لرئيس الأركان، أفيف كوخافي، على خلفية الحادثة في الخليل.

في القضية الحالية، يوجد لاعب آخر، باستثناء نتنياهو وكوخافي، وهو عضو الكنيست إيتمار بن غفير، الذي تعهد نتنياهو بتعيينه وزيرا للأمن القومي. كان بن غفير أول من لاحظ الإمكانية الكامنة حسب رأيه في هذه الحادثة. يوم السبت، طلب من رئيس الأركان أن يقدم له تفسيرات حول تصريحاته، رغم أنه حتى الآن لا توجد لبن غفير أي مكانة رسمية.

أول من أمس، بعد أن نشر بأن الجندي الثرثار، يائير ليفي، حكم عليه من قبل قائد كتيبته عشرة أيام سجن، سارع بن غفير إلى التقاط صورة مع والد الجندي من أجل الاحتجاج على شدة العقوبة. أيضا والدة الجندي، الذي ضرب، أجرت مقابلة مع وسائل الإعلام (في هذه القضية ما زال هناك تحقيق للشرطة العسكرية لم ينته بعد). تتصاعد هنا موجات من القضيتين الأخيرتين اللتين أججتا الجمهور حول ما يحدث في «المناطق»: إطلاق النار الذي قام به ازاريا، وبعد خمس سنوات الحادثة التي قتل فيها قناص حرس الحدود، برئيل حداريا شموئيلي، بنار «حماس» على حدود قطاع غزة.

أيضا في الحالات السابقة كان آباء الجنود في واجهة الخلافات، مع تشجيع نشط من اليمين. هذا توجه للتآكل في مكانة القيادة العليا في الجيش عبر دق إسفين بينها وبين الجنود في الميدان. في قضية ازاريا كانت هناك محاولة لمنع الجيش من تحديد قيمه القتالية، وطبقا لذلك أن يطبق على جنوده تعليمات أوامر فتح النار. في قضية شموئيلي كان القصد أن يتم إملاء سياسة عنيفة على الجيش، تستبعد مسبقا المخاطرة بحياة الجنود في المواجهات مع المدنيين (عضو «حماس» الذي اطلق النار على القناص من مسافة صفر، عمل خلال تظاهرة مدنية فلسطينية على طول الجدار). الآن هناك تدخل في سياسة العقاب. الرسالة هي أن كل شيء مسموح للجنود، حتى الاعتداء على المدنيين، شريطة أن يكون الأمر يتعلق بنشطاء من اليسار، وأيضا الإعلان عن موقف سياسي. القادة يجب عليهم الصمت وعدم التدخل.

ما حدث هنا هو محاولة للقيام بنوع من ثورة عسكرية صغيرة، التي تحدث من اسفل إلى أعلى وتعتمد على قوى سياسية من الخارج. هدف بن غفير وأمثاله هو تحويل وحدات الجيش في «المناطق» إلى قطعان مليشيات، التي لا يتجاوز سلوكها أي نظام شرطي خارجي. لذلك، مثل الهجمات على رئيس الأركان، أيضا التوبيخ العلني الذي جرى، أول من أمس، لقائد كتيبة من «غفعاتي»، المقدم افيران الفاسي، بعيد أن يكون أمرا صدفيا. اذا لم يفهم الفاسي الاستنتاج من الشتائم والتهديدات التي تعرض لها في الشبكات الاجتماعية وفي الهواتف المحمولة له ولأبناء عائلته فإن أصدقاء قائد الكتيبة سيفهمون. كل زوجة قائد ستعرف بأن «هذا ما ينتظر من سيتدخل من اجل تقييد سلوك أعزائنا الجنود».

في الشبكات الاجتماعية كان هناك من نشروا عنوان بيت قائد الكتيبة، وطلبوا التظاهر هناك. في معالجة خاصة لما كان محفوظا حتى الآن بالأساس للمدعين في محاكمة نتنياهو. بعد أن فقد التنمر في الشبكات الاجتماعية السيطرة جاءت محاولة الإصلاح. حتى بن غفير دعا، أول من أمس، الى تركيز النار على وزير الدفاع، بني غانتس، وليس على قائد الكتيبة. وفي نهاية الحملة جاء الرد المضاد والمتوارع كالعادة. ما الذي تريدونه من قائد الكتيبة؟ قيل. في نهاية المطاف المقدم الفاسي هو بطل مع وسام شجاعة من عملية «الجرف الصامد»، وحتى في القضية المؤلمة لاختطاف جثة ضابط «غفعاتي» هدار غولدن (وكأن قائد كتيبة لم يحصل على وسام الشجاعة يستحق معاملة مهينة جدا). وقد هب آخرون للتوضيح بأنه «واحد منا»، أي أنه ترعرع في ديمونة وهو «يميني معروف». من حسن حظ قائد الكتيبة، كما يبدو، أنه لم يترعرع في كيبوتس.

في هيئة الأركان يقلقون أيضا من الادعاءات حول عدم تأييد الجنود. وهذه حقا مسألة يجد الجيش صعوبة في توضيحها لأشخاص خارج صفوفه، وبالتأكيد الذين لم يخدموا أبدا في الجيش الإسرائيلي. وعقوبة عدم السماح بالخروج من القاعدة، وحتى اعتقال قصير، لا يعتبر أمرا استثنائيا بشكل خاص في الوحدات، وبالتأكيد في المنظومة القتالية. إرسال جندي الى السجن العسكري بضعة أيام، ومن المرجح أن هذه العقوبة ستخفف بعد ذلك، لا يعني أن الجيش تخلى عن جندي. يمكن معاقبة ضابط أو جندي وبعد ذلك تتم إعادته الى الصف. «جزء من المشكلة هو أن أجواء الحملة الانتخابية لم تنته بعد لأن هناك أشخاصا لم يجلسوا بعد على الكرسي»، قال، أول من أمس، ضابط كبير للصحيفة. «في نهاية المطاف عندما يتلاشى التنمر فإنه سيبقى لدينا الجيش والمهمات التي يجب تنفيذها».

كوخافي، الذي يعرف جيدا تداعيات العاصفة، نشر مؤخرا سلسلة تصريحات استهدفت إعادة ترسيخ مسؤولية سلسلة القيادة، وربما محاولة إعادة المارد إلى القمقم. طالما أنهم في اليمين المتطرف وفي الشبكات الاجتماعية ينقضون على رئيس الأركان فمن الواضح جدا أنه يتخذ الخط المطلوب، لكن لا يمكن تجاهل المفارقة المرافقة لهذا الأمر، هذا هو كوخافي نفسه الذي اعتقد في بداية ولايته أنه من الأفضل لرئيس الأركان أن يبتعد عن قضايا الجيش والمجتمع، وتم حمله على موجة الإعجاب والتقدير من اليمين بعد أن عرض خطته لتعزيز قدرة الجيش الإسرائيلي على القتل.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى