هآرتس: نتنياهو يستخدم التشريع ضد الديمقراطية كورقة مساومة في الطريق الى العفو
هآرتس 10/12/2025، رفيت هيخت: نتنياهو يستخدم التشريع ضد الديمقراطية كورقة مساومة في الطريق الى العفو
حملة التشريع المناوئة للديمقراطية التي تقوم بها الحكومة، التي يمثلها بدرجة كبيرة مثلث القوانين الهجومية: قانون قسم التحقيق مع رجال الشرطة، قانون تخويف وسائل الاعلام الحرة وقانون المس بمكانة المستشار القانوني – يمكن رؤيتها بالأساس كحملة صاخبة بشكل خاص لشخصيات في الائتلاف قبيل انتخابات تمهيدية مصغرة وتولي مناصب في أحزاب السلطة قبل الانتخابات القادمة. ولكن كل ذلك لم يكن ليحدث، وبالتاكيد ليس في هذا الوضع المشوش، بدون ضوء اخضر من الرئيس الذي يسمح، وربما حتى يشجع، هذه الهستيريا التي تحول الكنيست الى مكان لا يطاق.
على فرض ان مشروع “العفو” هو في الواقع مفاوضات بين نتنياهو والرئيس هرتسوغ حول المقابل الذي يجب على رئيس الحكومة تقديمه من اجل طلبه وقف محاكمته، فانه من غير المستبعد افتراض ان نتنياهو يريد زيادة ثمن هذا المقابل. هذا من شأنه ان يكون، كما يبدو، وقف حملة تقويض الديمقراطية اليي يقودها الائتلاف في الأسابيع الأخيرة. “انا لا استبعد ان كل هذا التشريع هو ورقة مساومة في يد نتنياهو”، اعترف مصدر في الائتلاف.
قانون الاعفاء من التجنيد الذي كان حتى وقت متأخر في صدارة الأولويات، والذي ما زال نتنياهو يريد تمريره في اقرب وقت، لم يعد الهدف الرئيسي. هو وسيلة لتهدئة الحريديين واعادتهم الى اعنف قوانين الانقلاب النظامي. وذلك من اجل تعزيز الضغط على المؤسسات، وعلى رأسها جهاز القضاء، وتوضيح الضرر الكامن في المستقبل الذي يستطيع نتنياهو والوزراء فعله الى جانب ما قاموا به في السابق. يجدر الاستماع الى المتحدثين باسم رئيس الحكومة في وسائل الاعلام الذين يقولون مرة تلو الأخرى بان طلب العفو يستهدف “دولة إسرائيل” أو بشكل عام “اليساريين”. هذه التصريحات التي تبدو للوهلة الأولى سخيفة ومقطوعة عن الواقع، تنم بالفعل منطق منظم، الذي في أساسه يشكل تهديد.
نتنياهو يظهر قوته وقوته التدميرية، مع تهديد ضمني انه اذا لم يتم تحريره من المحاكمة فان الديمقراطيين من شانهم ان يشتاقوا الى الجنون الحالي. مهما كان الامر، مرة أخرى يكتشف مواطنو دولة إسرائيل، ليس للمرة الأولى أو الثانية، ان مؤسسات الدولة أو المعايير الحكومية والعامة الأساسية فيها ليست الا ورقة مساومة في يد متهم، طبقا لحساباته النفعية.
يصعب تصديق ان هذه القوانين اذا تم تمريرها، لن تجتاز المراجعة القانونية. وزير في الليكود قال عنها: “هي اقرب الى إعلانات قانونية منها الى مشاريع قوانين”. ونسب الدافع وراءها الى الانتخابات التمهيدية القادمة. في هذا السياق يبرز قانون الاعلام لشلومو قرعي، اذ ارتكب العديد من الأفعال المشينة خلال سنه (حتى ان قاضي المحكمة العليا اليكس شتاين المح الى ذلك ردا على التماس قدمته نقابة الصحافيين ضد القانون).
أيضا في الائتلاف يقدرون بان فرصة تمرير القوانين ضئيلة. مع ذلك فان المنافسة الشرسة في اليمين قبل انتخابات الكنيست القادمة – التي تدور رحاها بشكل رئيسي على المراكز المتنازع عليها بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية – تشعل حماسة اشد مما كانت عليه قبل 6 أكتوبر. حارة كل من ايده له، أي أن كل وزير او مشرع يسعى الى تقويض مؤسسة او معيار ديمقراطي آخر. وكل ذلك، كما قلنا، ما كان ليحدث لولا تشجيع رئيس الوزراء الذي يسعى الى التخلص من ضغوط شخصية وسياسية ودبلوماسية والحفاظ على حكمه.
في الفترة الأخيرة اطلقت بالونات اختبار في اطار المفاوضات بين نتنياهو وهرتسوغ، ابرزها “التعويض العام” الذي سيقدمه نتنياهو من اجل وقف محاكمته، على شكل تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ويبدو ان المعسكرين غير متحمسين لغسل هذه الافتراءات. المعسكر الديمقراطي يدعي وبحق بان تشكيل لجنة تحقيق رسمية ليست منحة يتعين على احد ان يعطيها مقابل شيء ما، بالاحرى، ليس مقابل انقاذ مشكوك فيه من المحاكمة، وبالتاكيد ليس البديل عن مطالبة نتنياهو بتقديم استقالته.
في المقابل، من يؤيدون الحكومة يريدون في المقام الأول تحرير نتنياهو من قيود القانون، لكنهم يعتبرون النظام القضائي ورئيسه ألد أعداء إسرائيل، ويتحفظون من إعطائه أي سلطة. مصدر في الحكومة يقول: “حتى لو أراد نتنياهو ذلك فهو سيجد صعوبة كبيرة في اقناع الائتلاف بالموافقة على تشكيل لجنة تحقيق رسمية”. يصعب التكهن حول مصير العفو في هذه المرحلة، لكن لا شك انه الخطوة الأبرز حاليا في الانتخابات. والى حين اتضاح الأمور فان الوضع سيزداد سوءا.



