ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يدفع نحو الحسم

هآرتس 19/11/2025، ليزا روزوفسكي: نتنياهو يدفع نحو الحسم

بقرار مجلس الامن وحده لا يوجد ما من شانه ان يغير الوضع على الأرض. مع ذلك، هذا القرار، الذي يعبر عن دعم خطة ترامب وتشكيل “مجلس السلام” الذي سيدير قطاع غزة، وتمنح صلاحيات لدول انشاء قوة استقرار دولية، التي ستكون خاضعة لمجلس السلام – يشير الى نقاط لا رجعة عنها: أولا، إسرائيل لن تستطيع العودة الى حرب في القطاع بدون مس شديد بعلاقاتها مع إدارة ترامب، التي هي الركيزة الدولية الوحيدة التي بقيت لحكومة نتنياهو. ثانيا، العالم لا ينوي التخلي عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وببساطة السماح له بأن “يُدار”.

في لقاء إسرائيلي – فلسطيني عقد على أبواب اريحا في الأسبوع الماضي، بمبادرة نشطاء السلام غرشون باسكن وسامر سنجلاوي، قال عيران عتصيون، الذي كان في السابق نائب رئيس مجلس الامن القومي ورئيس قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، بانه منذ 29 تشرين الثاني (1947) لم يكن هناك تدخل دولي كهذا في شؤون إسرائيل – فلسطين. عتصيون يرى في تدخل جهات دولية في النزاع أمل. المتفائلون جدا بيننا من شانهم ان يمدوا خط تاريخي يخترق عقود: ربما ما لم ينجح في 1947 – إقامة دولتين مستقلتين تعيشان الى جانب بعضهما، بين البحر والنهر، ستحدث نتيجة قرار مجلس الامن الصادر في 17 تشرين الثاني 2025.

التفكير بدولة فلسطينية ربما هو بمثابة كفر بإسرائيل في أيامنا هذه لعدة أسباب، التي بعضها منطقي وبعضها متخيل، ولكنه بصورة واضحة يعتبر امر ضروري جدا في العالم. دبلوماسي غربي تحدث مع “هآرتس” قال بانهم في إسرائيل ارتكبوا خطأ استراتيجي عندما استخفوا طوال اشهر بالمبادرة السعودية – الفرنسية. حسب أقواله فان عدد من الممثلين الإسرائيليين المسؤولين عن الشؤون الخارجية والامن عبروا عن الرضا، أو حتى عن الجهل، فيما يتعلق بهذه الخطوة عندما سئلوا عنها، وغاب عنهم التغيير المهم الذي حدث في موقف السعودية فيما يتعلق بدولة فلسطينية طوال الحرب في قطاع غزة.

حسب انطباع هذا الدبلوماسي فانه اذا كان السعوديون عشية الحرب، حتى في سنتها الأولى، راضون بالقليل فيما يتعلق بحل الدولتين، فان موقفهم ازداد تشددا مع مرور الوقت، وهذا ما لم تلاحظه إسرائيل. هناك نقطة أخرى تجاهلتها إسرائيل، بالنسبة لهذا الدبلوماسي، وهي أن ضعف محور ايران وايران نفسها هو بالتحديد ما قلل من دافع السعودية للتطبيع مع إسرائيل. الدبلوماسي يجادل بان السعودية ربما كانت بحاجة الى إسرائيل كقوة موازنة لإيران القوية، لكنها الان اقل اعتمادا عليها.

من البيان الذي نشره رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على حسابه في “اكس” باللغة الإنجليزية بعد قرار مجلس الامن، يتضح انه حتى لو اغمض اعينه لفترة طويلة امام العمليات الإقليمية والدولية فانه الان يدرك جيدا ان اللعبة تغيرت. “إسرائيل تمد يدها للسلام والازدهار لكل جيرانها، وتدعوهم للتطبيع معها والانضمام الينا من اجل طرد حماس ومؤيديها من المنطقة”، كتب نتنياهو في البيان الذي رحب بقرار مجلس الامن الذي من شانه ان يقيد اكثر خطوات إسرائيل في غزة. ولكن ربما تكون هناك رسالة مهمة اكثر مخفية في الجملة التي بحسبها إسرائيل تتوقع ان تستلم كل جثث المخطوفين “بمساعدة الولايات المتحدة ودول أخرى، التي وقعت على خطة ترامب”. اذا تذكرنا للحظة ان نتنياهو تخلى في الشهر الماضي عن متعة حضور قمة شرم الشيخ، وشكر ترامب فقط على الدعوة، ولم يذكر حتى المستضيف – الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كلف نفسه عناء دعوته – فسندرك التغيير الملحوظ في اللهجة. “من الدول الأخرى التي وقعت على خطة ترامب”، تركيا وقطر. لم يعد هناك ازدراء أو تجاهل من جانب نتنياهو أو عداء صريح، بل طلب للمساعدة.

بيان نتنياهو قفز عمدا عن مسالة الدولة الفلسطينية، التي تذكر رسميا في كل من خطة ترامب وقرار الأمم المتحدة. ويسود صمت مطبق في مكتب رئيس الحكومة بشان الثمن الذي يرغب (أو لا يرغب) في دفعه مقابل أي تقدم نحو التطبيع الذي طال انتظاره مع السعودية، التي يقول انه يمد يده لها. الرسالة الوحيدة التي سمعها الجمهور من نتنياهو هذا الأسبوع حول هذا الموضوع هي تأكيده العلني على ان معارضته لقيام دولة فلسطينية هي “حازمة ومستمرة”.

لكن يوجد تناقض منطقي واضح هنا. فتاييد نتنياهو العلني لخطة ترامب وقرار مجلس الامن الدولي ليسا “نعم ولكن”. فاذا كان نتنياهو عند الإعلان عن خطة العشرين نقطة ووقوفه الى جانب ترامب في البيت الأبيض قد تحدث ايضا عن معارضته لقيام دولة فلسطينية، فانه الان لم يظهر أي تحفظات. لقد تجاهل المسالة ببساطة. فالمسالة واضحة ومطلقة. وفي ظل غياب المعلومات التي تقدمها الحكومة ورئيسها للمراسلين، فلا يسع الجمهور الا ان يخمن ما اذا كانت بالفعل “لكن” مخفية وراء هذا التجاهل، بينما ما يشاهد في العلن هو نعم.

نتنياهو معروف كفنان في التسويف، ولكن يبدو انه هذه المرة، تحت الضغوط الدولية غير المسبوقة، لن يجد صعوبة في “التوافق” بين التاييد المطلق لترامب والرفض المطلق للدولة الفلسطينية، وهو ما يبثه لاعضاء حكومته اليمينية والجمهور الإسرائيلي المرتبك. ويبدو ان قرار مجلس الامن الذي يمهد الطريق لتنفيذ خطة ترامب سيدفعه الى اتخاذ قرار.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى