هآرتس: نتنياهو هو ذخر بالنسبة لحماس
هآرتس – يئير غولان – 26/8/2025 نتنياهو هو ذخر بالنسبة لحماس
الامن يعني اسقاط حكم حماس، وليس مطاردة آخر المخربين في الشوارع المدمرة في غزة. اسرائيل حققت الحسم العسكري. فمعظم قيادة حماس تمت تصفيتها، والالوية والكتائب كفت عن الوجود، وحماس لم تعد لديها الآن قدرة على تهديد اسرائيل. لكن بنيامين نتنياهو يرفض تصفية حماس بالطرق السياسية، وهذا غير مفاجيء.
نتنياهو هو مهندس حماس. فهو ذخر بالنسبة لها والعكس صحيح. “العلاقات” بينهما بدأت عندما تسلم نتنياهو منصبه في 2009 بعد عملية “الرصاص المصبوب”. في حينه السلطة الفلسطينية عملت بتعاون امني مع اسرائيل، وحماس كانت معزولة ومتعبة. الزعيم الوطني الاسرائيلي كان سيعمل على اضعاف حماس اكثر وتعزيز السلطة الفلسطينية، لكن نتنياهو اختار فعل العكس.
في عملية “عمود الدخان” اكتفى بانجاز تكتيكي وهو تصفية احمد الجعبري، لكن الاستراتيجية لم تتغير. نتنياهو قام بوقف العملية بسرعة، حتى قبل استخدام على حماس ردع حقيقي.
في عملية “الجرف الصامد” (2014) ولدت الخطيئة الاولى. فبدلا من اخراج الى حيز التنفيذ خطة عملياتية شاملة، التي تمت المصادقة عليها في السابق، اختار نتنياهو عملية صغيرة اكتفت بالدخول الجزئي الى فتحات الانفاق فقط. فقد شن حرب مدتها خمسين يوم في غزة تسببت بمئات القتلى، لكن لا احد من قادة حماس تمت تصفيته. وفي اعقاب الاتفاق الذي تم التوصل اليه بدأ نقل حقائب الدولارات من قطر لحماس. جهات امنية حذرت من ان هذه الاموال تمول الذراع العسكري لحماس، لكن نتنياهو تجاهل ذلك.
هكذا ترسخ في حماس الفهم الذي أدى في نهاية المطاف الى المذبحة الاخطر في تاريخ دولة اسرائيل. حماس ادركت انه ليس فقط اسرائيل تحت حكم نتنياهو لا تسعى الى هزيمتها، بل هي تسمح بدخول الاموال التي تستخدم في بناء الانفاق واقامة منظومة هجومية مسلحة ومدربة بدون ازعاج. نتنياهو سمح لحماس ببناء قوتها والاستعداد للهجوم. وفي غضون ذلك تعاون الطرفان في نموذج ثابت: حماس تقوم بالمهاجمة واسرائيل ترد بضربة نيران محدودة، بعد ذلك تسمح لها باعادة بناء نفسها. هذا لا يعتبر خطأ، بل نهج، الذي أدى الى 7 اكتوبر.
في ظل هذه السياسة الفاشلة لنتنياهو تم بناء الوحش الذي انقض علينا في السبت اللعين. هذا هو دور نتنياهو الكبير والخطير في الكارثة الامنية الاكبر في تاريخنا. الآن، بدلا من تعلم الدروس هو يستمر بالضبط في نفس النهج. الجيش الاسرائيلي قام بتفكيك حماس كقوة عسكرية منظمة، لكن نتنياهو يصمم على عدم ايجاد بديل حكومي لها، واشراك جهات فلسطينية معتدلة في استبدالها، و بلورة تحالف اقليمي. بدون بديل فان حماس بقيت على قيد الحياة، وهي على قناعة بانه لا يوجد من يتحدى حكمها. واذا لم يكن هذا كاف فان قطر، شريكة حماس في الجريمة، ما زالت في الصورة.
لذلك، الحديث عن “النصر المطلق” ليس الا ذريعة. حماس هزمت عسكريا في منتصف 2024، والمهمة استكملت عند تصفية يحيى السنوار في تشرين الاول. لكن نتنياهو ومحيطه بقوا شركاء حماس الاستراتيجيين حتى الآن. فبدلا من ايجاد بديل حكومي لحماس هم يجرون اسرائيل الى حرب احتلال غزة. هكذا تصبح اسرائيل في ظل حكم نتنياهو منقذة حماس. هي تحافظ على حكمها وتمول اعادة اعمارها وتتحمل المسؤولية الانسانية. هذه ليست فقط سياسة فاشلة، بل هي خيانة لامن الدولة.
البديل واضح. الامن سيتحقق فقط عند تصفية حكم حماس من خلال تحالف اقليمي. حكومة فلسطينية معتدلة، التي بدعم من السعودية والامارات، ستقود اعادة الاعمار الاقتصادي والاجتماعي. بحيث اسرائيل تحافظ على حرية العمل العسكري الى ان يترسخ الاستقرار. في موازاة ذلك يجب الدفع قدما نحو انفصال مدني واضح، ورفض فكرة الضم وترسيم حدود قابلة للدفاع عنها. فقط بهذه الطريقة يمكن تحقيق الانجازات العسكرية وضمان أمن اسرائيل لسنوات. من اجل حدوث ذلك يجب ارسال نتنياهو الى البيت أو الى السجن.



