هآرتس: نتنياهو هو الزعيم الامني الاسوأ في تاريخ اسرائيل

هآرتس – اوري بار يوسف – 15/7/2025 نتنياهو هو الزعيم الامني الاسوأ في تاريخ اسرائيل
بعد 16 سنة متواصلة في الحكم، وبعد 9 سنوات على الاعلان في مقابلة مع “سي.ان.ان” بأنه يريد أن يتم تذكره كـ “درع اسرائيل”، وبعد سنتين تقريبا على الحرب، يبدو انه قد حان الوقت لتقييم ما فعله بنيامين نتنياهو في المجال الاكثر اهمية بالنسبة له – الأمن.
في اذار 2009، عند بداية ولايته الثانية، اسرائيل لم تكن تواجه أي تهديد جدي. أسلافه عملوا في السر ضد المشروع النووي الايراني، وعملوا على حث الجهود الدولية لبلورة عقوبات تمنع ايران من انتاج القنبلة. حزب الله لعق جراحه بعد حرب لبنان الثانية وبدأ في اعادة بناء منظومة الصواريخ التي فقدها. حماس، التي تم ضربها بشدة في عملية “الرصاص المصبوب”، بقيت مع قدرة محدودة. اهود اولمرت تقدم نحو حل النزاع مع الفلسطينيين. تقريبا بعد 15 سنة، في صيف 2023، تحول الوضع الامني في اسرائيل الى الوضع الاصعب منذ حرب الاستقلال. الجيش الاسرائيلي في الحقيقة بقيت لديه قدرة استراتيجية تثير الانطباع. ولكن للمرة الاولى منذ العام 1948 اسرائيل تم تطويقها بمنظومات معادية، التي خلقت تهديد شبه وجودي لها. المسؤول الرئيسي عن ذلك هو نتنياهو.
بؤرة التهديد كانت ايران. اسلافه الذين فضلوا العمل من وراء الكواليس، نتنياهو وقف في جبهة القتال ضدها وقام باهانتها بدون حاجة وفعل كل ما في استطاعته لمنع اتفاق دولي لمنع تقدمها في المشروع النووي. الامر البارز الذي قام به هو اقناع الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 2015، الذي ابعد ايران بشكل جدي عن الحافة النووية وجمد نشاطاتها، على الاقل حتى العام 2030. انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق جعل ايران تقوم باستئناف جهودها، وفي حزيران 2023 كان لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لانتاج ثلاث قنابل. عدد غير قليل من الخبراء في اسرائيل لقبوا نتنياهو بـ “أبو القنبلة الايرانية”.
الخطر الذي لا يقل عن ذلك هو بناء ترسانة صواريخ حزب الله، التي شملت عشية الحرب 150 ألف صاروخ وقذيفة، التي خلقت للمرة الاولى تهديد كبير جدا للجبهة الداخلية، مع امكانية كامنة لشل بنى تحتية استراتيجية وقدرات عسكرية. الخبراء تحدثوا عن القدرة على اطلاق 2500 – 3000 صاروخ وقذيفة كل يوم، وعن نفاد مخزون صواريخ الاعتراض وشل قواعد سلاح الجو والاضرار ببنى تحتية اساسية. نتنياهو، الذي اعتبر مؤخرا ترسانة ايران التي تشمل 20 ألف صاروخ تهديد وجودي، هو الذي مكن حزب الله من خلق التهديد الوجودي الذي لا يقل خطرا عن ذلك.
التهديد الثالث هو ازدياد قوة حماس، التي تعهدها نتنياهو وقام باعدادها لتكون وزن مضاد امام السلطة الفلسطينية بهدف قطع أي تقدم في العملية السياسية. في الحقيقة حتى 7 اكتوبر الاجهزة الاستخبارية قدرت بصورة غير صحيحة قدراتها. ولكن الحرب المستمرة وحقيقة انه رغم القصف الشديد في غزة إلا أنه لم تتم هزيمتها، تثبت مرة تلو الاخرى ابعاد التحدي العسكري الذي تواجهه اسرائيل.
كل تحد من هذه التحديات كان هاما بحد ذاته، لكن دمجها في “معسكر المقاومة” الذي شكلته ايران، أدى الى بلورة تهديد اكثر جدية. حتى حرب لبنان الثانية في 2006 اعتقد هذا المعسكر انه لا يمكن هزيمة اسرائيل ولكن يمكن استنزافها. في السنوات بعد ذلك حدثت انعطافة في اتجاه اكثر خطرا. بناء مخزونات الصواريخ والقذائف مع التركيز على الدقة والتخندق تحت الارض لغرض الحماية. هذا الدمج خلق “ميزان رعب” عسكري، الذي ردع اسرائيل عن مواجهة حزب الله، وزاد جهودها لشراء الهدوء من حماس بواسطة الاموال.
ان مراكمة القدرات، لا سيما في مجال الدقة، الى جانب الضعف الذي اظهرته الولايات المتحدة وأدى الى رؤية لم تكتف فقط بالانهاك والردع. في المقال الذي نشره رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق في ايلول 2023، ايتي بارون، تم عرضها كـ “نظرية الانتصار”، التي ترتكز الى الايمان بامكانية هزيمة الجيش الاسرائيلي. الجنرال غيورا ايلاند اطلع في حزيران 2023 على تقدير الاستخبارات العسكرية بشان خطة ايران لتدمير اسرائيل، وهي الخطة التي بسبب الانقلاب النظامي والازمة الداخلية في اسرائيل، تم تقديمها الى 2024.
ايلاند توصل الى استنتاج بان اسرائيل وبحق تقف امام تهديد وجودي. وما تم عرضه علي تم عرضه ايضا على اشخاص مسؤولين عن امن اسرائيل. خلافا لوزير الدفاع الذي ادرك معنى هذا التهديد، نتنياهو واصل استثمار اساس جهوده في معركته القانونية وفي الدفع قدما بالانقلاب النظامي. بخصوص التهديد قال في القناة 14: “هم يبالغون”.
حتى الآن لا يوجد لنا منظور جيد بخصوص الطريقة التي تم فيها القضاء على اساس تهديد حزب الله، بدون اضرار كبيرة في الجبهة الداخلية. ولكن هناك شك بانه كان لنتنياهو اسهام مهم في هذا الامر. لقد كان لـ “أبو القنبلة النووية الايرانية” اسهام اكبر في ادارة الحرب مع ايران، رغم انه ما زال من السابق لاوانه تحديد ما اذا كان هذا الاسهام قرب أو أبعد ايران عن القنبلة.
لكن في شيء واحد لا يمكن أن يكون شك. في سنوات حكم نتنياهو، سواء بيبب افعاله أو اخفاقاته، تطور التهديد الامني الاكثر خطورة في تاريخ اسرائيل. بسبب ذلك وبسبب افشاله لأي محاولة للتقدم نحو الحل السياسي مع الفلسطينيين، هو سيسجل في التاريخ بانه الزعيم الامني الاسوأ في تاريخ دولة اسرائيل.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook