هآرتس: نتنياهو عاد ليسوق “النصر المطلق” لكنه يكتشف انه لم يعد من يشتري
هآرتس – عاموس هرئيل – 11/8/2025 نتنياهو عاد ليسوق “النصر المطلق” لكنه يكتشف انه لم يعد من يشتري
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يجد صعوبة في تسويق حيلته المعتادة. هو يحاول تسويق قرار الكابنت بشان عملية احتلال مدينة غزة كعملية جديدة ستؤدي اخيرا الى هزيمة حماس، لكن قلائل مستعدين لتصديق هذا الوعد المبتذل. ريس الاركان ايال زمير على قناعة بان الخطة العملية المقلصة التي عرضها افضل، احزاب اليمين المتطرف التي طالبت بهذه العملية تعتقد انها غير واسعة بما فيه الكفاية، ويبدو ان الجمهور الواسع في اسرائيل كان يفضل بشكل عام انهاء الحرب مع استكمال صفقة التبادل حتى بثمن باهظ.
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش نشر في منتهى السبت فيلم قصير اعلن فيه بانه لا يثق بقدرة نتنياهو على قيادة اسرائيل الى الحسم والنصر في الحرب. هذا الوضع لم يكن لدينا في السابق: الصورة التي تستقبل بشكل ما من الطبيعية، سموتريتش لا يستنتج من ذلك في هذه الاثناء الاستنتاج المطلوب، الاستقالة من الحكومة. ماذا حدث فجأة؟ بقيت مهمات هامة اخرى – ضم الضفة الغربية، مواصلة نهب الخزينة العامة لصالح مصالح قطاعية للمستوطنين والحريديين، تدمير الاقتصاد، اجازة قانون الاعفاء من الخدمة. ربما هذا غير غريب تماما. فسموتريتش نفسه ونتنياهو نفسه يرفضان بشدة الاعتراف حتى الآن بالدور الذي لعباه في المسؤولية عن الاخفاقات التي مكنت من حدوث المذبحة في 7 اكتوبر.
نتنياهو الذي هوجم من كل الجهات منذ نشر قرار الكابنت عقد امس بشكل استثنائي مؤتمران صحفية، باللغة الانجليزية وباللغة العبرية. مشاهدة الحدث الثاني كانت تجربة غير سهلة. رئيس الحكومة بقي المقدم الموهوب، لكن مضمون اقواله ببساطة يثير الغضب: بدءا بالحفاظ على حق السؤال الاول، كالعادة، ومرورا بمشهد استخذاء مندوب القناة 14، وانتهاء بمجموعة التملص المشوشة، المتناقضة والكاذبة، بخصوص جهود الائتلاف لتمرير قانون اعفاء الحريديين من التجنيد. نتنياهو الذي تظاهر وكانه لم يسمع اقوال عضو الكنيست آريه درعي (شاس) بخصوص الاعفاء عاد الى التضليل وكأنه اعيدت بسلام اغلبية المخطوفين الساحقة (في جزء غير قليل يدور الحديث عن قتلى)، وطمس الحقائق بخصوص تجنيد الاحتياط المتوقع، ومرة اخرى وعد بالنصر الذي سيتم تحقيقه في وقت ما حسب قوله في القطاع. هو لم ينجح في شرح لماذا يحدث ذلك في هذه المرة بعد ان لم يتحقق ذلك في اعقاب جميع قرارات الكابنت السابقة.
في غضون ذلك، بصورة غير مفاجئة، ظهرت مبادرة لقطر ومصر جديدة للدفع قدما بصفقة تبادل. العملية موجهة كما يبدو لصفقة جزئية، رغم ان ستيف ويتكوف، المبعوث الامريكي الخاص، غير رايه مؤخرا واصبح يعمل على صفقة شاملة. يبدو ان بعثة حماس ستزور في هذا الاسبوع القاهرة لاستئناف المحادثات. وبعد ذلك ربما ستكون مفاوضات ايضا في الدوحة – بمشاركة وفد اسرائيلي. بعد ان حصلت حماس على ما ارادته – فتح باب المساعدات على مصراعيه الذي سيحقق لها فائدة مادية كالعادة – لن تبقى لها أي ذريعة للامتناع عن اجراء المفاوضات الا اذا قامت اسرائيل باحتلال غزة حقا. في هذه الاثناء نتنياهو يمكنه الادعاء بان استئناف المحادثات، اذا حدث ذلك، هو انجاز اولي للمصادقة على خطته.
مقدمو البرامج في القناة 14 يطالبون علنا بالتضحية بالمخطوفين والجنود بذريعة ان هزيمة حماس اكثر اهمية. في الكابنت ضغطت الوزيرة اوريت ستروك (الصهيونية الدينية) من اجل ازاحة تحرير المخطوفين الى اسفل قائمة اهداف الحرب. ومن غير المؤكد ان ذلك ما يريده نتنياهو. فالهدف الاسمى له هو كسب الوقت – الامتناع عن انهاء الحرب وتاجيل صفقة التسوية التي يمكن ان تقوده الى مواجهة مع احزاب اليمين المسيحاني. الضغط الامريكي عليه محدود في هذه المرحلة باستثناء طلب الالتزام بالمعايير الانسانية في حالة الاخلاء القسري للسكان من مدينة غزة. كما يبدو هذه مسألة مهمة. فترامب وويتكوف ينشغلان الان في محاولة التوصل الى سلام في جبهات اخرى مثل اذربيجان – ارمينيا وروسيا – اوكرانيا. اذا جاءت منهما جائزة نوبل للسلام للرئيس فان اهتمامه بما يحدث في غزة سيتقلص.
زمير مر مرة اخرى بتجربة قاسية ومخيبة للامل في جلسة الكابنت الاخيرة. رئيس الاركان لا يعتبر لاعب ساذج وبدون تجربة في الساحة السياسية. فتقريبا الثلاث سنوات في منصب السكرتير العسكري لنتنياهو عملت على اعداده لمعظم السيناريوهات المحتملة. مع ذلك، تم توبيخه واتهامه وتعرض للاهانة والسخرية من قبل بعض الوزراء، بتشجيع مخفي من نتنياهو. زمير ما زال على قناعة بان الحل الذي اقترحه في الجلسة افضل من الحل الذي قرره الكابنت. فقد اوصى بفرض الحصار والضغط على الجيوب الثلاثة التي ما زالت حماس تسيطر عليها التي يتركز فيها معظم السكان المدنيين في القطاع وهي مدينة غزة ومخيمات الوسط ومنطقة المواصي على الشاطيء الجنوبي.
زمير لا يوصي باحتلالها، بل بدمج الاستنزاف والاقتحامات. وحسب رايه الجيش الاسرائيلي يمكنه استغلال الوقت للسماح بالراحة لجزء من الوحدات النظامية وعدم تكليف الاحتياط بشكل فوري بمهمات غير محتملة. ايضا الخطر على حياة المخطوفين سيتضاءل، وفي هذه الاثناء ربما يتحرك شيء في المفاوضات. زمير لا يؤمن بالخطة العسكرية لرئيس الحكومة وقد حذر من تاثيراتها، لكن خلافا لبعض التوقعات المسبقة هو ايضا لا يحطم الادوات. رئيس الاركان يعرف جيدا امرين. الاول هو أنه في عالم نتنياهو أي اعلان هو مدخل لمفاوضات اخرى، ضغط وربما تغيير. والثاني هو أنه من ناحية ابناء عائلات الجنود والمخطوفين هو الشخص الوحيد في القيادة العليا الذي مصير ابناءها حقا يهمه وما زال يمكنه التاثير عليه.



