هآرتس: نتنياهو راهن في قطر املاً بنجاح مستقبلي، لكن الخطر المتزايد على الرهائن فوري

هآرتس 10/9/2025، عاموس هرئيل: نتنياهو راهن في قطر املاً بنجاح مستقبلي، لكن الخطر المتزايد على الرهائن فوري
منذ فترة طويلة تبدو إسرائيل وكأنها تراهن على كل ما لديها في الحرب ضد حماس، وربما في الشرق الأوسط عامة. أمس (الثلاثاء) في الدوحة، عاصمة قطر، ازداد حجم الرهان بدرجة كبيرة إذ انه، في عملية مشتركة لجيش الدفاع الإسرائيلي والشباك، هاجم سلاح الجو قمة قيادة حماس في الخارج. في محيط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باتوا يصفون الهجوم بأنه إنجاز كبير – ليس فقط عملياتيا واستخباريا، بل أيضا استراتيجيا – والذي من المؤكد سوف يقرب إسرائيل من النصر. وكالعادة يجدر التشكيك في هذه الوعود، وبخاصة الانتباه إلى كيفية تأثير هذه الخطوة الهجومية على مصير الرهائن. لقد بات الخطر على حياتهم فوري، بينما احتمال ابداء حماس للمرونه بسبب الضغط، إن وجد، فهو في أفضل الأحوال شأن لتطور مستقبلي.
كان هدف القصف في الدوحة اجتماع فريق التفاوض من حماس برئاسة خليل الحية. وقد اجتمع كبار قادة التنظيم لبحث المقترح الامريكي الاخير في اطار النقاش حول صفقة الرهائن. ووفق التقديرات الاولى، فقد قُتل الحية في الهجوم. وكان في المكان مسؤولون اخرون في التنظيم، ويبدو ان بعضهم اصيب او قُتل. لا تزال حماس تبقي الصورة ضبابية بعض الشيء، لكن الدوحة ليست خانيونس. ستتضح هوية المصابين. والسؤال عمن تمكنوا من الافلات بسلام هي مسألة ايام، ان لم يكن خلال ساعات. وجاء في بيان رئيس الحكومة ان قرار الهجوم اتُخذ ردا على عملية اطلاق النار في القدس اول امس، والتي قُتل فيها ستة مدنيين. وقد سنحت الفرصة العملياتية امس خلال ساعات معدودة.
القصف، على بعد نحو 1700 كيلومتر من اراضي اسرائيل، لم يعد مهمة استثنائية الى هذا الحد بعد الحرب ضد ايران في حزيران والغارات المتكررة في اليمن. ما يختلف هنا هو هوية الهدف، على ارض قطر – دولة وصف نتنياهو العلاقات معها بانها “معقدة”. عندما قام الموساد بتصفية القيادي البارز في حماس اسماعيل هنية، في تموز من العام الماضي، تقرر تنفيذ الهجوم في ايران رغم ان هنية مكث معظم الوقت في قطر. هنا اجتازت اسرائيل خطا ترددت في اجتيازه في السابق، رغبة منها في الحفاظ على صلة مع القطريين. بعد المجزرة في7 تشرين الاول، التي احتفت بها قيادة حماس في الدوحة بصلاة شكر علنية على نطاق اعلامي ، وفي ذلك اليوم نفسه، تم اتخاذ قرار باستهداف كبار قادة حماس في الخارج. وهو ما ينفذ الان.
لكن هناك اسئلة اكثر حرجا – وعلى رأسها التأثير على مستقبل المفاوضات وعلى استمرار الحرب. في الآونة الاخيرة اشارت قطر الى انها تسحب يدها من الوساطة في المحادثات، في ظل غياب التقدم وبعد ان تذبذب نتنياهو عدة مرات في اجوبته على المبادرات الامريكية لاتفاق جزئي او كامل. ضربة شاملة لقيادة حماس في الخارج قد تغير قليلا موازين القوى الداخلية في التنظيم، مقابل قيادة حماس في غزة برئاسة عز الدين حداد. لكن القيادة في الخارج ليست بالضرورة اكثر تطرفا من حداد، الذي يختبئ في الانفاق ويصر على مواصلة ادارة الحرب. في حماس تتخذ القرارات بشكل مشترك، مع الاخذ في الاعتبار عوامل قوة اخرى مثل القيادة في الضفة الغربية وقادة السجناء المعتقلين في اسرائيل. وربما تحظى القيادة العليا في الضفة، التي قللت اسرائيل من استهدافها في الحرب، بنفوذ اكبر.
جميع رؤساء المنظومة الامنية، وعلى رأسهم رئيس الاركان ايال زمير، قالوا للكابنت قبل نحو اسبوعين انه يجب ومن المهم التقدم الى صفقة رهائن، بدلا من اجتياح مدينة غزة كما يريد نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس. رئيس مركز الاسرى والمفقودين، اللواء (احتياط) نيتسان الون، يحذر مرة بعد اخرى من الاضرار بالرهائن اذا حصل دخول بري واسع الى غزة. ويبدو ايضا ان زمير متحفظ ازاء الخطوات الاخيرة ويعتقد انه يجب استنفاد قناة المفاوضات.
وفق التسريبات الاولى بعد القصف في الدوحة، شاركت اسرائيل الولايات المتحدة خططها. وليس واضحا ما اذا كان الرئيس دونالد ترامب قد اعطى الضوء الاخضر. قد يكون نتنياهو وضعه امام امر واقع قبيل بدء الهجوم. على اي حال من المرجح ان اسرائيل لم تكن لتتحرك في ظل معارضة امريكية شاملة. مساء امس نشر ترامب بيانا غريبا قال فيه بانه ابلغ قطر مسبقا بالغارة الاسرائيلية. هذا يثير اسئلة اضافية: هل ابلغ القطريون حماس وانقذوا بعض افرادها؟ وان كان كذلك – فلماذا قيل بان حراس امن قطريين قتلوا في الضربة؟ من جهتها تدعي قطر انها ابلغت متأخرا، فقط بعد القصف.
في الآونة الاخيرة هدد ترامب مرارا وتكرارا حماس بدمار كامل من قبل اسرائيل اذا لم تخضع للشروط الاخيرة التي طرحها الاسبوع الماضي. لكن حماس تقودها مجموعة عنيدة لا تميل الى المرونة بسهولة بسبب ضغط خارجي.
لقد عززت اسرائيل امس خطواتها الهجومية وكسرت تابو تبنته لنفسها فترة طويلة، وهو الا تهاجم مباشرة في قطر. قد يدفع ذلك حماس الى الزاوية، لكنه لا يكسر بالضرورة روح من تبقى من قيادتها. يمكن تفهم الضائقة الرهيبة التي تعبر عنها عيناف تسنغاوكر وآباء اخرون للرهائن – فحياة ابناءهم في خطر متزايد، سواء من العملية البرية لجيش الدفاع الاسرائيلي او في ظل خطوات انتقام واساءة محتملة من قبل آسريهم من حماس.