هآرتس: نتائج الانتخابات في نيويورك هي أيضا إشارة تحذير لإسرائيل

هآرتس 6/11/2025، أمير تيفون: نتائج الانتخابات في نيويورك هي أيضا إشارة تحذير لإسرائيل
العناوين في إسرائيل صباح امس (الأربعاء) تناولت بصورة حصرية انتصار زهران ممداني في الانتخابات لرئاسة بلدية نيويورك، وتجاهلت القصة الكبيرة للانتخابات التي جرت أمس في الولايات المتحدة: سلسلة انتصارات واضحة للحزب الديمقراطي على طول البلاد وعرضها. يمكن فهم هذا الانشغال الواسع بممداني: رئيس بلدية مسلم أول في تاريخ نيويورك ومنتقد شديد بشكل خاص لإسرائيل، انتخب في مدينة فيها العدد الأكبر في العالم من اليهود، هو قصة إخبارية دراماتيكية تبرر التغطية الكبيرة. ولكن من المهم الفهم بان هذه فقط قطعة صغيرة من فسيفساء اكبر، تعرض واقع سياسي اشكالي جدا بالنسبة لإسرائيل في الساحة الامريكية.
الانتخابات جرت بعد مرور سنة بالضبط على فوز ترامب في تشرين الثاني 2024، وتضمنت سلسلة تصويتات في ولايات مختلفة. باختصار، جميعها انتهت بانتصار ساحق للديمقراطيين.
فرجينيا مثلا، انتخبت افيغيل سبنبرغر الديمقراطية بعد اربع سنوات من حكم الجمهوريين، بفجوة لا تصدق تبلغ 15 في المئة. هذه ولاية خسر فيها ترامب في السنة الماضية بـ 5 في المئة فقط، والاستنتاجات توقعت نتيجة مشابهة أيضا في هذه الانتخابات، ولكن غاب عنهم “طوفان الأزرق” الذي اغرق الجمهوريين في هذه الولاية.
نفس القصية في نيوجرسي، هناك الاستطلاعات الأخيرة أظهرت تنافس متقارب جدا لمنصب الحاكم، الى درجة ان ترامب نفسه اختار التدخل في الحملة الانتخابية وتوسل مرتين خلال يوم واحد للمصوتين الحريديين في هذه الولادة من اجل التصويت لصالح المرشح الجمهوري. ولكن الاستطلاعات أخطأت، والتجند الحريدي تبين انه غير مهم، والمرشحة الديمقراطي ميكي شريل فازت بفجوة تبلغ اكثر من 10 في المئة، التي دحضت كل تقديرات الخبراء وواضعي الاستطلاعات ومواقع المراهنة.
في كاليفورنيا، المصوتون صادقوا بأغلبية كبيرة على خطة الحاكم الديمقراطي غافيين نيوسن لاعادة رسم محافظات الانتخابات للكونغرس في الدولة بصورة تجلب للديمقراطيين عدة مقاعد جديدة في انتخابات منتصف الولاية في السنة القادمة. في موازاة ذلك، في بنسلفانيا اعيد انتخاب ثلاثة قضاة ليبراليين للمحكمة العليا في الولاية. هذه الانتصارات كانت متوقعة، لكن الفجوة لصالح الديمقراطيين، التي ارتكزت على نسبة تصويت عالية، بشكل خاص في أوساط الشباب، هي أساس القصة.
هذه قصص غير عادية، وواضحة اكثر من قصص انتخابات 2017، التي جرت في ظل الولاية الأولى لترامب. أيضا في حينه كانت للديمقراطيين إنجازات جيدة، لكن ليس مثل هذه.
ترامب سارع الى الرد على النتائج بالقول ان الجمهوريين خسروا بسبب انه هو نفسه لم يظهر في هذه المرة في بطاقات التصويت. هذه مقولة صحيحة لكن فقط جزئيا. صحيح في الواقع انه منذ 2016 الحزب الجمهوري يجد صعوبة في اثارة الحماسة في أوساط مصوتيه اذا لم يظهر ترامب نفسه في بطاقة التصويت، لذلك فقد حدثت له خسائر مؤلمة في 2017 و2018، في حين ان الديمقراطيين نجحوا في ان يفاجئوا للافضل في انتخابات منتصف الولاية لبايدن في 2022.
لكن في حين ان الجمهوريين لا يخرجون للتصويت، اذا لم يظهر اسم ترامب في البطاقة، لصالح من هو في الجانب الآخر، فان الرئيس الحالي كان مدرج أمس في بطاقات الاقتراع، وقد خرجوا باعداد غفيرة للتصويت ضده. لا يوجد تفسير آخر لهذا التسونامي الأزرق في صناديق الاقتراع.
علاوة على ذلك، في نيويورك وفي نيوجرسي، ترامب بالتحديد اختار التدخل بشكل كبير، وهذا الامر كما يبدو فقط عزز المرسحين الديمقراطيين. ممداني مثلا، يجب ان يرسل للرئيس باقة ورود لتدخله في الدقيقة التسعين لصالح رئيس البلدية السابق اندرو كؤومو، لان تدخله كما يبدو ابعد عنه آخر المترددين الديمقراطيين.
بالنسبة لإسرائيل الامر المهم هو ليس فقط فوز ممداني في نيويورك، بل الدمج بينه وبين الانتصار الديمقراطي الشامل في ارجاء الولايات المتحدة. فوز الديمقراطيين، الذي سيعيد من جديد تشكيل الخطاب والتوقعات قبيل انتخابات منتصف الولاية للكونغرس في السنة القادمة، يأتي في فترة فيها مكانة إسرائيل في الحزب الديمقراطي موجودة في حضيض غير مسبوق. أيضا الديمقراطيين الأكثر اعتدالا من رئيس بلدية نيويورك الجديد، يزيدون قوة انتقادهم لإسرائيل ويجدون صعوبة في مواصلة دعمها مثلما كان في السابق.
فوز ممداني يعطي دعم للجناح الأكثر انتقادا لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، لكن الانتصارات في نيوجرسي وفرجينيا وكاليفورنيا وجورجيا وبنسلفانيا وولايات أخرى، تعزز كل الحزب الديمقراطي. من غير المفاجيء ان الانتصارات ترتكز الى نسبة تصويت محترمة للشباب، وهي الفئة العمرية الأكثر انتقادا لإسرائيل.
في المدى البعيد، على ضوء الوضع البائس لإسرائيل في الرأي العام الأمريكي، فان هذه تطورات مهمة تحتاج الى تكييف السياسة والرسائل الإسرائيلية. مهم التذكر انه أيضا في الحزب الجمهوري وضع إسرائيل ليس مثلما كان أمس على خلفية زيادة قوة جهات مناهضة لإسرائيل ولاسامية في صفوف اليمين الأمريكي الشاب. اذا ما هي احتمالية ان الحكومة الحالية ستلائم نفسها مع هذا الوضع أو حتى تناقشه؟. لا تبالغوا. لدينا سنونو، العفو، مدعية عسكرية.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



