ترجمات عبرية

هآرتس – مُخطط الهروب من سجن جلبوع يروي قصة الهروب ..!!

هآرتس – بقلم  يهوشع براينر – 13/10/2021

” السجين محمود العارضة يروي في التحقيق معه قصة الهروب مرحلة بعد مرحلة، بدءا بالتخطيط ومرورا بعملية الحفر وانتهاء بالهرب نفسه. وقد قال للمحققين معه بأنه سيتحرر في صفقة لتبادل الاسرى مع حماس “.

الساعة العاشرة ليلا، شرطة الناصرة. قبل ساعة تقريبا تم القاء القبض على محمود العارضة، الشخص الذي يسمى “مهندس الهرب” من سجن جلبوع. “أنا المسؤول”، قال العارضة لمحققي الشباك وعرض امامهم كيف قام  هو وشركاءه في الغرفة بالهرب. “كان لنا هدفين. الاول هو أن نرى العائلة والعيش في الضفة في ظل اعتقال وقائي لدى السلطة”، قال. والثاني هو الاثبات لجميع اجهزة الامن الاسرائيلية والحكومة الاسرائيلية بأنهم فاشلين. لقد نجحنا في حفر نفق من السجن الاكثر تحصينا في اسرائيل بسبب تدهور وضع السجناء. اسم العملية الذي حدده هو “الطريق الى القدس”. السجناء الامنيون خططوا لكتابة ذلك على الجدار في الغرفة قبل الهرب، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.

السؤال الاول الذي وجهه المحققون للعارضة هو “لماذا قمت بضم زكريا الزبيدي للهرب؟. “الخطة كانت الوصول الى السلطة الفلسطينية والحصول بواسطتها على العفو من اسرائيل”. بعد ذلك قال إن “فكرة الهرب كانت دائما في ذهني”. في تحقيق آخر قال: “أنا خططت للهرب من اللحظة التي تم فيها نقلي الى سجن جلبوع. نظرت الى الارض وعرفت أنه يمكنني الهرب”.

“بدأنا الحفر في 14 كانون الاول 2020″، قال العارضة، حسب مذكرة محقق الشباك راؤول. “بدأت الحفر بواسطة قطعة حديد حصلت عليها من خزانة صغيرة كانت في الغرفة قبل بضع سنوات. باب النفق حفرته خلال 20 يوم. تحته كانت بلاطة اخرى من الحديد، قمت بتحريكها حتى رفعتها. في هذه المرحلة وصل الى باطون سمكه 15 سم. واصلت الحفر مع آخرين”.

من نفذ الحفر فعليا بواسطة ادوات تم العثور عليها هو مناضل نفيعات، في حين قام الآخرون بالتغطية عليه. الحفر لم يكن المشكلة، بل كمية التراب التي تراكمت نتيجة ذلك. التقدم كان بواسطة مطرقة وازميل، حيث كان من يحفر مستلق على بطنه. “قمنا ببناء غرفة صغيرة مخصصة للرمل”، قال العارضة. “قمنا بعمل اكياس من الملابس للرمل. في كل مرة تقدمنا فيها واجهنا اعمدة باطون وكنا نقوم بالالتفاف”. هكذا قام السجناء ببناء النفق على طول 30 متر تقريبا. “حفرنا الى أن رأينا الشمس بدون قضبان. عندها عرفنا أننا نجحنا”. 

قبل شهر ونصف تقريبا تقرر ضم الزبيدي لخطة الهرب. “كان من الواضح لي وللكممجي بأن اسرائيل ستقوم بمطاردتنا. لذلك، كان يجب علينا خلق حماية معينة. الحل الافضل كان اعتقال وقائي لدى السلطة، والزبيدي توجد له علاقات قوية جدا”. العارضة قال إن الزبيدي وافق على مساعدتهم. “لم تكن هناك أي مشكلة في نقل الزبيدي على غرفتنا. الكممجي هو المتحدث باسم الجهاد الاسلامي في القسم وكل شيء كان يطلبه كان يحصل عليه”. هكذا، حسب قوله، وافقوا على التبديل بين السجناء في الغرف. 

الزبيدي قال في التحقيق معه في الشباك بأن “الهاربين ارادوا أن اساعدهم لدى السلطة الفلسطينية”. الزبيدي وصف للمحققين بأنه بعد أن وصل الى القسم 2، قبل شهر ونصف تقريبا، توجه اليه السجناء وعرضوا عليه الانضمام لخطة الهرب. “هم يقدروني على خلفية كوارثي العائلية. وايضا يقدروني لأنني غير متعاون مع استخبارات مصلحة السجون”، قال الزبيدي. وحسب قوله “المرة الاولى التي رأى فيها فتحة الخروج للنفق كانت في يوم الهرب”. الزبيدي اوضح: “لا أحد يرفض عرض الهرب من السجن اذا كانت له فرصة. في محادثاتنا أخذنا في الحسبان بأن هناك امكانية أن نموت. اعتقدنا أنهم سيطلقون النار علينا من ابراج المراقبة، أو في زمن الاعتقال الجنود سيطلقون النار علينا”.

حسب اقوال الزبيدي، هو لم يبلغ أحد السجناء الذي يتولى مهمة المتحدث باسم القسم بأنه ينوي الهرب من السجن. “لأنه من رجال بيتون” (وصف لرجال مخابرات مصلحة السجون الذي هو على اسم ضابط المخابرات السابق في المصلحة). الزبيدي قال، ضمن امور اخرى، في التحقيق عن كيفية تنقله تقريبا بشكل حر بين اقسام السجن. مثلا، قبل اسبوع من الهرب انتقل الى القسم الذي كان فيه سجناء حماس من اجل التحدث هاتفيا مع عائلته. 

التحقيق الاول مع الزبيدي كان قرب قرية أم الغنم، حيث اعتقل هناك بعد اسبوع من الهرب. بعد ذلك تم نقله الى سجن كيشون. حسب قوله هو لم يأكل مدة اربعة ايام. محقق الشباك أوري اعطاه ساندويش حمص وقهوة. والزبيدي اخبره عن حبه للويسكي. بعد ذلك قال إنه بعد هربه مع السجناء أكلوا الصبر والتين في حقل قريب من طمرة. وقد قال للمحققين معه:”هناك مقولة بالعبرية تقول: لا يوجد شيء يساوي الحرية”. وقال لهم ايضا بأن “الشخص الذي يعيش في السجن فقط يريد الوصول الى عائلته، مثل العصفور”. الزبيدي اوضح أن “كل ما فعلته كان من اجل أن أري دولة اسرائيل كرهي للوضع الذي نوجد فيه أنا وأولادي”. من مواد التحقيق يتبين أنه كان له ايضا دافع ايديولوجي. “كل ما اردته هو العيش مثلما يعيش اليهود في دولة اسرائيل. أنا اعارض الاحتلال ولا ارى أي حل لحقيقة أنني أريد أن اعيش حر”، قال الزبيدي.

“لا يوجد لنا ما نخسره”

العارضة قال إنه اثناء الهرب صمم على عدم تلقي أي مساعدة من الخارج. ولكن في الشباك يجدون صعوبة في تصديقه. ولكنهم لم ينجحوا في اثبات ذلك. “ما دفعنا للهرب هو تدهور ظروف السجناء”، قال المخطط للهرب. “لا يوجد لنا ما نخسره”. وحسب قوله، هم خططوا للهرب بعد بضعة ايام من ذلك. “لم تكن هناك اهمية لموعد. في البداية كنا نقوم باخلاء التراب من الحفريات الى داخل المرحاض أو الى الفراغات التي توجد تحت الارض. موعد الهرب تم تبكيره في نهاية المطاف ببضع ساعات، عشية رأس السنة العبرية، بعد أن لاحظ أحد السجانين التراب في مجاري السجن اثناء فحص اجراه. “لقد خفت أن هذا من شأنه أن يؤدي الى كشف النفق”، قال العارضة. “قررنا تبكير موعد الهرب في نفس اليوم. اخذنا ملابس وخمس علب شجائر ومياه وحلوى واجهزة راديو  وماكينات حلاقة”. 

فشل مصلحة السجون في عدم اكتشاف النفق، لا استخباريا أو عمليا، تم كشفه في شهادة العارضة. حسب قوله “في يوم الهرب وصل الى الغرفة سجان بسبب انسداد المجاري نتيجة كمية التراب الكبيرة التي وضعناها فيها. تقدم من فتحة تصريف المياه وسأل المتواجدين في الغرفة. وشاهد أن هناك بقايا تراب قرب فتحة التصريف”، قال العارضة. “السجان قال عندها: سآتي غدا لمعالجة الامر. كنا على يقين بأن السجان اكتشفنا وأن التراب كشف عملنا، لذلك قررنا الهرب”.

لقد تبين أن السجناء الذين راقبوا ابراج المراقبة عرفوا أن ادارة السجن توقفت عن وضع سجان في البرج المجاور لهم. “لو كان هناك احد في برج المراقبة لكنا قد حفرنا ابعد كي لا ننكشف”، قال في التحقيق. كان هناك حالة اخرى فيها لاحظ سجان بأن الارضية تحت حوض المغسلة مكسورة. “لقد تم كشفنا”، قال احد السجناء الذين كانوا في الغرفة. ولكن هذا الامر لم يثر أي شك لدى مصلحة السجون.

قاموا بترتيب حقيبة مع ملابس ومياه وقطع حلوى واجهزة راديو،كما قال العارضة، أول من دخل النفق كان نفيعات وبعده ابن عمه محمد، وبعد ذلك الزبيدي، يعقوب قادري، الكممجي، وآخر من خرج العارضة نفسه، المخطط للهرب. “انتظرت ربع ساعة بعد آخر شخص دخل للتأكد من أن أحد السجانين لا يقترب”، قال. “زحفت عشر دقائق في الظلام وبدأت أرى ضوء وعرفت أنني وصلت الى نهاية النفق. في الفتحة شاهدت نفيعات خارجها وهو يدعوني ويمد يده لمساعدتي في الخروج من النفق”. الستة خرجوا وبدأوا بالهرب نحو الناعورة.

“الهدف كان طمرة”، قال العارضة. “في الطريق قمنا بتغيير الملابس. خططنا لأن يأتي شقيقي مع سيارة وينقلنا الى جنين”. في التحقيق تبين أن السجناء الستة لاحظوا “ضوء اخضر” لمسجد واعتقدوا أن هذه هي طمرة. “لكن عندما وصلنا رأينا أنه مكتوب الناعورة، وعرفنا أننا ضللنا الطريق”. العارضة قال إنهم دخلوا الى المسجد في الخامسة فجرا. “قمنا بالصلاة وخرجنا. طلبنا من اشخاص في الشارع المساعدة في نقلنا الى أم الفحم. قلنا لهم بأننا نعمل هناك”. ولكن حسب قوله لم يوافق أي أحد على نقلهم.

السجناء وصلوا بعد ذلك الى فرن في الناعورة. هناك نجح العارضة في الحصول على هاتف محمول وقام بالاتصال مع شقيقه، هذا بعد أن قال له قبل بضعة ايام بقصة للتغطية تقول إنه اذا اتصل معه في الايام القريبة القادمة فيجب عليه القدوم الى طمرة على الفور لأنه وجد له عروس. “سألني اذا كنت اتصل من السجن وأنا اجبته بنعم”، قال العارضة في التحقيق. “قلت له أن يأتي الى الناعورة. وهو اجاب بأنه لا يستطيع لأنه نائم. عرفت أنه لا يريد المجيء”. 

في هذه المرحلة قرر السجناء الستة الانفصال الى ازواج دون الابلاغ الى أين سيذهب كل زوج، كي لا يستيطعوا الابلاغ عن بعضهم عند القاء القبض على أي أحد منهم. “في الطريق كل من طلبنا منه المساعدة تجاهلنا بذريعة أننا نعمل بدون تصاريح”، قال العارضة في التحقيق. “فقط بعد يومين حصلنا على الطعام من بعض الاشخاص وعلى مئة شيكل. في الليل نمنا في منطقة صناعية قرب العفولة. واصلنا السير نحو الناصرة وطلبنا الطعام والماء من الناس. بحثنا في حاويات القمامة عن الطعام واكلنا ما وجدناه”. بعد ثلاثة ايام على الهرب لم يكن لدى العارضة وقادري أي فكرة عن مكان وجودهما. “عرفنا أننا بعيدين جدا عن الضفة. لذلك فكرنا أن نعمل قليلا في اسرائيل وبعد ذلك ننتقل الى الضفة”. في يوم القاء القبض عليهما عادا للبحث عن الطعام في حاويات القمامة قرب الناصرة. في نفس المساء تم القاء القبض عليهما.

الهرب خرج الى حيز التنفيذ بعد محاولة فاشلة للعارضة في 2014. “أنا لن احاول الهرب مرة اخرى”، تعهد لمحققي الشباك، حيث كانت على الطاولة شوكولاتة وشراب ساخن. بعد اسبوعين على الهرب سمح محقق الشباك برونو للعارضة بالتحدث هاتفيا مع ابناء عائلته، منهم شقيقته التي تعيش في غزة. 

خطة السجناء الستة كانت ناجحة جدا الى أن بدأ سجناء آخرون بالتفاخر بأنهم ساعدوهم، رغم أن الهاربين نفوا ذلك. احدهم كان السجين الامني اياد جرادات الذي يقضي عقوبة بعدة مؤبدات في السجن، قال بتفاخر بأنه ساعد في الحفر رغم النفي القاطع للعارضة. محققو الشباك واجهوهما. “هل قمت بالحفر معي؟”، سأله العارضة. جرادات اجاب بأنه عمل مع الآخرين على خطة الهرب وعلى الحفر. العارضة واصل السؤال: “هل تريد أن اعترف بأنك عملت معنا؟”. جرادات اجاب بالايجاب وتم اخراجه من غرفة التحقيق. “للمرة الاولى أنا اسمع ذلك”، قال العارضة. عمليا، ايضا آخرون اعترفوا أن جردات كان جزءا من خطة الهرب، لكن كما يبدو تم نقله من الغرفة بعد أن تشاجر مع احد السجناء وبقي خارج الخطة.

المحقق ايرز سأل العارضة في نهاية التحقيق: “أين ستكون بعد سبع سنوات؟”. العارضة اجاب: “سأكون حرا بعد أن اتحرر في صفقة مع حماس. أنا على ثقة بأنني سأكون ضمن الصفقة وسأحصل على الحرية”. المحقق لنداو قال له: “لن تكون صفقة. لا يوجد لدولة اسرائيل أي مصلحة في عقد صفقة عن جنود اموات”. العارضة قال: “حسب اقوال يحيى السنوار، الجنود أحياء”. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى