ترجمات عبرية

هآرتس: ميلاد المعسكر الرسمي: آيزنكوت يقفز إلى وحل السياسة

هآرتس 2022-08-16، بقلم: عاموس هرئيل

قرار رئيس الأركان السابق، غادي آيزنكوت، المتأخر القفز في المياه السياسية بشرى جيدة. من المشكوك فيه إذا كان آيزنكوت سينجح بقوته الذاتية في ترجيح الكفة لصالح المعسكر الذي يعارض رئيس “الليكود”، بنيامين نتنياهو، في الانتخابات القريبة القادمة، أو حتى تحويل أصوات كثيرة داخل المعسكر من حزب “يوجد مستقبل” الى حزب “ازرق ابيض” (من اليوم سموه “المعسكر الرسمي”). ولكن ثمة أهمية لحقيقة أن شخصاً مجرباً ومؤهلاً وله نوايا طيبة مثله يقرر الانضمام للسياسة. هو يفعل ذلك أيضا لمعرفته أن هذا الأمر سيكلف إلقاء الوحل عليه دون أن يستطيع أي أحد أن يضمن له أن هذه القضية لن تنتهي بتفطر قلبه وقلوب شركائه الجدد.

يوجد لآيزنكوت، شاهد خلاله عن قرب عمل رؤساء الدولة (سكرتيراً عسكرياً لرئيسي حكومة، ايهود باراك وبعده ارئيل شارون). بعد ذلك لعب دوراً بنفسه في اتخاذ قرارات حاسمة ومهمة قائداً للمنطقة الشمالية ونائباً لرئيس الأركان ورئيساً للأركان. من التقوا معه في سنواته الكثيرة أثناء خدمته العسكرية لا يمكنهم سوى التأثر بجديته وتفكيره العميق ورؤيته الرسمية التي ميزت كل خطواته. خلافاً لعدد من الجنرالات، الذين انضموا للسياسة في الماضي، ليس فقط أنه وازن، وتردد (كما يبدو لفترة طويلة جدا)، إلا أنه قرر وعن وعي بأنه غير معني بأن يكون رئيس حزب وفضل أخذ دور أقل اهمية بوساطته يمكنه أن يدرس المجال السياسي.

سيحسن بالتأكيد المحللون تحليل التداعيات الانتخابية المرتقبة على الشؤون الحزبية. يمكن التقدير بأنه في ظل غياب كاريزما كبيرة، فإن رئيس الأركان السابق لا يتوقع أن يجر حوله جمهوراً. واستمر تردده بين الخيارات الثلاثة، الانضمام ليئير لابيد أو بني غانتس أو البقاء خارج اللعبة، حتى يوم السبت الماضي. كان القرار النهائي مرتبطاً ايضا بعروض هذه الاطراف، التي كانت تتعلق بدرجة النفوذ التي ستكون لايزنكوت على ترتيب اشخاص سيأتون معه في القائمة للكنيست. ربما ردعت حقيقة كون لابيد يسيطر بشكل كامل على حزبه في النهاية آيزنكوت.

سيكون هناك، كما يبدو، ايضا اعتبارات اخرى: الصعوبة لديه في تصور كيف سينجح لابيد في تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات، وحقيقة أنه في نهاية المطاف بالانضمام الى قائده السابق غانتس فان آيزنكوت لا يبتعد كثيراً عن المنطقة المريحة له. ورغم أن ايزنكوت يدرك الخطر الذي يتعرض له جهاز القضاء من قبل نتنياهو، وبالاساس طريقة الديمقراطية في إسرائيل، إلا أنه يظهر حساسية اقل بهذا الشأن من لابيد (أو جدعون ساعر). ومثل غانتس فانه يبدو أن هذا الموضوع اقل الحاحاً عليه. علاقاته الشخصية مع نتنياهو حتى الآن سليمة، بل جيدة. مع ذلك، قال، أول من امس، في المؤتمر الصحافي الذي عرض فيه الحزب الجديد بأن الشخص الذي توجده ضده لائحة اتهام لا يمكنه التنافس على وظيفة عامة.

اذا كانت توجد هنا نقطة تثير الاستغراب فهي تتعلق بشركاء غانتس من اليمين، ساعر وزئيف الكين. غازل ساعر في السابق سياسياً ايزنكوت، وامتنع هذا الاخير عن الانضمام ايضا على خلفية مبدئية في المواقف حول المسألة الفلسطينية. ورغم أن ايزنكوت غير متفائل حول احتمالية التوصل الى حل دائم سياسي في المستقبل القريب، إلا أنه قلق جدا مما يحدث في “المناطق”، ويعتقد انه يجب على إسرائيل القيام بخطوات تعزز مكانة السلطة الفلسطينية. هذه الخطوات صعب تنفيذها في الوقت الذي تقوم فيه الاحزاب المتوحدة بكبح العجلة بصورة قوية وتوجهها نحو اليمين من قبل ساعر والكين.

الاستعداد للانقضاض

اعتبر ايزنكوت أحد رؤساء الأركان المتميزين، الذين تولوا قيادة الجيش في العقود الاخيرة. لا يوجد أي شك بأنه تعامل بخوف كبير مع منصبه ومسؤوليته. فقد عمل كثيرا على حماية مكانة الجيش الرسمية، حيث رسم حدود نشاطاته استنادا الى دراسة مكثفة لكتابات دافيد بن غوريون. لم يخش ايزنكوت من الازمات السياسية. احياناً يبدو أنه تقريباً يسعى اليها. ظهر هذا خلال موجة “ارهاب” السكاكين في 2015 – 2016 عندما فرض رئيس الأركان في حينه على حكومة اليمين خطاً مقيداً نسبياً، ومنع العقاب الجماعي في الضفة الغربية، وحرص على اوامر فتح النار للجنود.

الحادثة الرئيسية التي بسببها يتم تذكر فترة ولايته هي محاكمة اليئور ازاريا، الجندي من لواء كفير الذي اطلق النار وقتل “ارهابياً” مصابا كان ملقى على الارض في الخليل. صمم رئيس الأركان في حينه على تقديم الجندي للمحاكمة، وقام بتعليم جنوده واجب الحفاظ على قيم الاخلاق وتعرض بسبب ذلك الى وابل من الانتقادات والاتهامات من نشطاء اليمين المتطرف (وانتقاد كبير من قبل اعضاء الكنيست من “الليكود”). في نهاية فترة ولاية ايزنكوت في تشرين الثاني 2018، وعندما تردد نتنياهو هل يصادق على عملية كبيرة في قطاع غزة بعد تشوش عملية القوة الخاصة في خان يونس، فان رئيس الأركان صمم على موقف آخر، رغم أن وزير الدفاع في حينه، افيغدور ليبرمان، ضغط من اجل القيام بعمل في القطاع إلا أن ايزنكوت اعتقد أن الأهم هو تدمير الأنفاق الثلاثة الهجومية لـ “حزب الله”، التي تقع تحت الحدود مع لبنان، التي أخفى الجيش الإسرائيلي حقيقة كشفها. تبنى نتنياهو موقف ايزنكوت، وخرجت العملية الى حيز التنفيذ بعد شهر تقريباً وقبل انتهاء ولايته.

كان هناك ايضاً مشكلات وأخطاء خلال السنين. دوره في حرب لبنان الثانية رئيساً لقسم العمليات في هيئة الأركان، وتحت قيادة رئيس الأركان/ دان حلوتس، لم يتم الكشف عنه بشكل كامل حتى الآن. في نهاية فترة ولايته رئيساً للأركان وجد صعوبة في قبول الانتقاد الشديد للجنرال (احتياط) اسحق بريك حول استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب والثقافة التنظيمية السائدة فيه. بدلا من احتضان بريك والاعتراف بصدق بعض ادعاءاته فان الجنرالين وجدا انفسهما في حرب حساسة ولها ضجة، لم يهدأ صداها حتى الآن.

في العام 2010 كان هناك ايضا قضية وثيقة هرباز. سقط ايزنكوت والمقربون منه في شرك الوثيقة المزيفة التي تم الاحتفاظ بها في مكتب رئيس الأركان في حينه، غابي اشكنازي. حتى أن بعض أصدقائه كانوا متورطين في قضية تسريبها للقناة الثانية. عندما تم استدعاؤه لتقديم شهادته الأولى في الشرطة تلوى قليلا في محاولة (لا حاجة اليها) كي لا يورط محيطه. هو لم يكن جديرا بالحصول على وسام على سلوكه في حينه، لكن رجال وحدة مراقب الدولة (وحتى المتضرر الاساسي، ايهود باراك، الذي كان في حينه وزير الدفاع) لم يعتقدوا بأنه يوجد في ذلك ما من شأنه أن يعيق تعيينه في منصب رئاسة الأركان فيما بعد. كل ذلك كما يبدو لن يزعج الآن الانقضاض الجديد عليه من اليمين، من خلال إعادة اجترار مواد قديمة. المشاهدون المخلصون للقناة الإخبارية 13، وبالأساس لنشرات نهاية الاسبوع، نوصيهم من الآن بالدخول الى حالة استعداد.

في السنتين الأخيرتين اعتاد ايزنكوت القول بأن أسلافه في المكتب الموجود في الطابق 14 في برج الجيش الإسرائيلي في الكرياه – غانتس وأشكنازي وحلوتس وموشيه يعلون (انسحب الثلاثة الأخيرون من السياسة حتى الآن)- تسببوا بـ “تدمير قيمة سهم رئيس الأركان”، أي المكانة العامة لهذه الوظيفة. بقي حتى الآن رؤية كيف سيلائم نفسه مع ساحة المعركة الغريبة كلياً عما جربه في السابق.

في المقابل، يظهر بني غانتس بالتحديد الآن كما يبدو سياسيا أفضل مما يفكرون فيه. وضم ايزنكوت للقائمة خلافاً لكثير من التقديرات المسبقة هو إنجاز كبير من ناحيته. في القريب سيتفرغ لعملية أخرى، وهي استكمال عملية تعيين رئيس الأركان القادم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى