ترجمات عبرية

هآرتس : “ميرتس” تصوّت للأبرتهايد مرة أخرى

هآرتس – يونتان بولاك – 3/6/2022

يوجد للأبرتهايد في إسرائيل وجوه كثيرة. ولكن في هذا التشابك الكثيف والضخم هناك مثال واحد، درة التاج، التي يستخدمونها على الأغلب من أجل إظهار طبيعته بصورة واضحة. في الضفة يوجد بصورة متوازية ورسمية في المساحة نفسها منظومتان قانونيتان منفصلتان. الاولى للاسرائيليين (أي اليهود) والثانية للفلسطينيين. على فرض أنه تم اعتقال إسرائيلي وفلسطيني في المكان نفسه وفي الظروف نفسها، مثلاً في منع جرافات إسرائيلية تقوم بتطبيق القانون في مسافر يطا، الترانسفير الذي تمت المصادقة عليه مؤخراً في المحكمة العليا. يمثل الإسرائيلي أمام قاضي الصلح، مدني، خلال 24 ساعة على الأكثر. والمحاكمة الجنائية ضده ستجري حسب القانون الجنائي وقانون العقوبات. في معظم الحالات يتم إطلاق سراحه في اليوم نفسه أو بعد بضعة ايام. في حالات نادرة جداً، اذا تم تقديمه للمحاكمة فإن محاكمته تجري وهو حر، وسيتم اتهامه كما يبدو بالتجمع المحظور، وهي مخالفة عقوبتها القصوى هي سنة سجن. وفعلياً تقريباً لم يتم ارسال أي أحد بسببها الى السجن.
في المقابل، الفلسطيني سيتم احتجازه في المعتقل 96 ساعة قبل المثول امام قاض. وحتى عندها سيكون ذلك امام محكمة عسكرية، التي المدعي العام والقاضي فيها هم جنود يرتدون الزي العسكري. الاجراء القانوني ضده لن يجري حسب تشريع، بل حسب منظومة اوامر عسكرية تم اصدارها على مدى السنين من قبل القائد العسكري، والتي تنظم النشاط البيروقراطي للديكتاتورية العسكرية التي يعيش الفلسطينيون من سكان الضفة تحت ظلها. سيبقى الفلسطيني في معظم الحالات  في المعتقل لفترة طويلة. في معظم الحالات، التي يتم تقديم لائحة اتهام فيها، يتم تمديد اعتقاله حتى انتهاء الاجراءات كما يبدو. ويتم اتهامه حسب الأمر 101، المشاركة في مسيرة أو تجمع أو اعتصام غير مرخص، وهذه مخالفة عقوبتها القصوى عشر سنوات سجن.
لم يكن هذا الوضع موجوداً حتى في جنوب افريقيا العنصرية. وهو موجود قانونياً استناداً الى انظمة الطوارئ (يهودا والسامرة – الحكم في الجرائم والمساعدة القانونية)، التي لا تقتصر على قضية محاكمة المجرمين الاسرائيليين في المحاكم المدنية بدلاً من المحاكم العسكرية، بل ايضا تنظم الكثير من مسائل الفصل العنصري الكثيرة الاخرى في الضفة الغربية. على سبيل المثال، حق المستوطنين (وليس الفلسطينيين) من سكان الضفة الغربية في ضمان الدخل أو التأمين الصحي رغم أنه من ناحية قانونية هم لا يعيشون في أراضي دولة إسرائيل. لأن هذه انظمة وليست قانوناً فإن الكنيست اضطرت الى تمديد مفعول سريانها كل بضع سنوات. بدونها كان من الصعب جداً الربط بين سياسة الاستيطان وبين الديكتاتورية العسكرية التي تفرضها اسرائيل على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
في ما يلي عمل شيطاني: بالتحديد في ظل وجود ميرتس وراعم في الحكومة، تظهر مرة اخرى الحاجة الى تجديد انظمة الابرتهايد. ويبدو أنه في هذه الأثناء لا توجد اغلبية في الكنيست لتجديدها بدون هذين الحزبين. من المرجح أنه معهما أو بدونهما لن تتجرأ احزاب اليمين في نهاية المطاف على الظهور كمن تسببت بالضرر للمستوطنين أو جهاز الابرتهايد. ولكن اذا واصلوا قرارهم التصويت ضد الائتلاف في أي وضع فإنه لا تكون أي فرصة لتجديد هذه الانظمة.
يتركز النقاش العام في هذه الاثناء على موقف راعم، بالأساس لأنه من الواضح للجميع أنه في اشد الاوقات لائتلاف يمينا، حيث في الخلفية يعمل ايتمار بن غفير كشيطان مناوب، سيصوت اعضاء ميرتس مع القانون الفظيع. «ادعاء بن غفير هو ادعاء مضحك قليلاً، لأنه بالتحديد كتلة «فقط ليس بيبي» هي التي أعطته القوة. نفسياً وسياسياً، حتى قبل تشكيل حكومة «يمينا»، كان بنيامين نتنياهو يوجد في اعماق ائتلاف مع راعم. وقد منع ذلك بن غفير وسموتريتش.
نتنياهو ليس أكثر يمينية من نفتالي بينيت أو جدعون ساعر. وفعلياً يبدو أنه ليس أكثر يمينية من نيتسان هوروفيتس. يمكن التقدير بأنه لو كان التخلي عن بن غفير وسموتريتش وتشكيل ائتلاف مع ميرتس سيبقي نتنياهو في الحكم عند بدء محاكمته، فإن هذا لم يكن أصعب عليه من الارتباط بمنصور عباس. هذه الحكومة كانت بالتأكيد ستكون أقل يمينية من الحكومة الحالية. ولكن في عالم المظاهر، نتنياهو هو التهديد الأكبر على «الديمقراطية الإسرائيلية»، والابرتهايد هو أمر ثانوي.
          أنا لا أدعي أن انضمام ميرتس لنتنياهو هو الحل الصحيح. هذا دنس وهذا وغد. الطريقة الوحيدة لانهاء كولونيالية الابرتهايد هي النضال ضد اسرائيل والصهيونية، وليس الانضمام اليهما من اجل «التخفيف» أو «تشكيل» طابعها. ورغم ذلك، اصابع ميرتس التي في مرحلة معينة حتى رفعت من اجل منع الفلسطينيين من اقامة عائلة مع من يريدون (قانون المواطنة)، ومن المرجح أن ترفع ايضا من اجل تمديد انظمة الابرتهايد. هذه الاصابع تروي قصة الذين يريدون أن يشاهدوا بأم أعينهم التناقض الحي، اليساري والصهيوني ايضا، وتؤكد الى أي درجة هذا الامر مستحيل.
مثلما في العواصف الاخيرة الكبيرة، سواء أكانت تتعلق بعلم الابرتهايد نفسه (اوري تلشير، «هآرتس»، 1/5) أم تتعلق بعلم فلسطين (عنات كم، «هآرتس»، 25/5)، سيتم دائماً تفضيل وحيد القرن السياسي، الذي يجمع بين اليسار والكولونيالية الاسرائيلية، على دعم الفلسطينيين. وبالتالي، دعم الابرتهايد وليس النضال من اجل انهائه.
أجزاء في اليسار الكولونيالي قالت دائماً لنفسها إنه عندما تأتي الحافلات وجرافات الترانسفير فإنهم سيستلقون تحت إطاراتها من أجل وقفها. هذا كان هدفاً مريحاً وبعيداً دائماً، ووعد بأنه لن يكون في أي يوم لأحد نية لتطبيقه. ولكن لا حاجة الى الحافلات. الابرتهايد والترانسفير اصبحا هنا. هما كانا هنا في النكبة وفي تهويد الجليل، وهما يوجدان هنا الآن في الجهود التي تبذل لاقتلاع البدو والتطهير العرقي في النقب. هما يوجدان في مسيرة الأعلام وفي الطرد المتواصل في مسافر يطا وفي سرقة أراضي بيتا وفي التنكيل في حوارة. جميعها هنا الآن، والمتاريس المشتعلة للنضال الفلسطيني هي الوحيدة التي ستقطع طريقها. هناك يجب علينا أن نكون.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى