هآرتس: موسم قطف الزيتون اثبت ان الجيش الاسرائيلي خضع للارهاب اليهودي

هآرتس 3/12/2025، آفي دبوش: موسم قطف الزيتون اثبت ان الجيش الاسرائيلي خضع للارهاب اليهودي
موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية اصبح اسم مرادف للعنف. ما كان وقت جماعي وعائلي للخروج الى الحقول من اجل القطف المشترك، واحيانا حتى مخيمات نوم في الارض لعدة ايام، اصبح حمام دماء متواصل.
حسب معطيات الامم المتحدة فانه في تشرين الاول الماضي سجلت 260 حادثة عنف ليهود ضد الفلسطينيين – هذا رقم قياسي غير مسبوق. يمكن الافتراض ان معطيات تشرين الثاني ستنافس هذا الرقم. معطيات الجيش الاسرائيلي احصت 100 حادثة ارهاب يهودي، حتى لو كانت المنهجية مختلفة فان الارقام القياسية السلبية تم تحطيمها.
خلال كل ذلك نحن فعلنا كل ما في استطاعتنا للمساعدة. المتطوعون وحاخامات “صوت الحاخامات من اجل حقوق الانسان”، ذهبوا لثلاثين يوم في قطف الزيتون، هذه السنة الـ 22 على التوالي. ما الذي فعلناه هناك؟ حضور دفاعي. نحن نستخدم مجرد تواجدنا، على الاغلب امتياز كوننا اسرائيليين يهود من اجل تمكين الفلسطينيين من الوصول الى حقول الزيتون الخاصة لهم. جئنا الى الاراضي المهددة بشكل خاص، من بينها اراضي لم يصل اليها اصحابها منذ 7 تشرين الاول 2023. وكنا كل يوم عشرات أو مئات المتطوعين.
هذه ظاهرة استثنائية حتى بعيدا عن حماية حقوق الانسان، فهي تتيح للاسرائيليين غير المطلعين على الواقع الميداني التعرف عليه مباشرة. لقد جاء 1500 متطوع تقريبا في موسم قطف الزيتون في هذه السنة. هذا رقم قياسي ايضا. ورغم كل شيء ربما بالتحديد من اجل الاشارة الى اننا لم نفقد الامل.
عندما بدأت في ادارة “حاخامات من اجل حقوق الانسان” في 2019، كنت ما ازال يساري محب للسلام والعدالة. لقد سرت طوال الطريق من اليمين المتدين وبني عكيفا، لكني لم اسمع عن الواقع الفلسطيني في الضفة الغربية الا من بعيد، الذي كان “الارض وراء الجبال”، كما وصف ذلك الكاتب نير برعام. في موسم قطف الزيتون الاول الذي اشرفت عليه تعرض احد اعضاء اللجنة، الحاخام موشيه يهوداي، لهجوم في قرية بورين. ملثمون جاءوا من يتسهار واشعلوا حقل الزيتون الذي كنا فيه، واصابوا الحاخام (80 سنة) وغيره من المتطوعين. لم تعد مديرة مكتبنا قادرة على العودة الى الحقل بعد صدمة ذلك اليوم المخيف.
منذ ذلك الحين مررنا بهجمات كثيرة، لكن لم نعرف في أي يوم موسم عنيف ومليء بالعقبات مثل موسم قطف الزيتون في السنة الحالية. في الثلاثين يوم على الارض تمت مهاجمتنا خمس مرات، بعدة مستويات من الخطر. في نصف هذه الايام تم وقف عملنا عن طريق اصدار اوامر عسكرية، بعضها كان اوامر قمع قاسية لم تسمح لنا بالدخول الى الحقل على الاطلاق. هذا ما حدث في يوم الجمعة قبل اسبوعين مع 400 ناشط من منظمات مختلفة. وهكذا كانت الحال في يوم الجمعة الماضي حيث تم الغاء سوق الفلاحين الذي نقوم بتنظيمه، لان قائد اللواء منع 100 متطوع من الدخول الى غوش عصيون.
كم منكم وقف عاري الصدر على بعد عدة امتار من سلاح مصوب واصبع على الزناد؟ لحسن الحظ لم يحدث لي ذلك في 7 و8 تشرين الاول 2023، عندما قمنا بالدفاع عن انفسنا في الغرفة الامنة في كيبوتس نيريم وفقدنا مئات الاصدقاء والجيران والمعارف في المنطقة. لكن في موسم قطف الزيتون الماضي حدث لي ذلك: لقد قرر اثنان من فرقة الطواريء في مستوطنة ارفافا التهديد واطلاق النار (في الهواء) على عدد من الحاخامات والنشطاء غير العنيفين في حقل خاص في قرية قراوة بني حسان.
انا افترض، مثل الكثير من الاسرائيليين،بأنني لم ارغب في التعرف على مثل هذا الواقع. فهو واقع صعب، مؤلم، مخيف وخطير. وهو ايضا يظهر الجوانب القبيحة لجيشنا، الذي يقف جانبا، بل ويدعم الارهاب اليهودي احيانا. وايضا يظهر الجوانب القبيحة لشرطة اسرائيل التي لا تطبق القانون، لا تحقق ولا تعتقل.
منذ بداية موسم قطف الزيتون في هذه السنة قمت بارسال، بصفتي الرئيس التنفيذي لهذه الجمعية، ثماني رسائل للجيش والشرطة. وقد فعلت ذلك بعد ان صعب علينا التنسيق والالتقاء مسبقا. الرسالة الاولى كان عنوانها “علم اسود يرفرف على موسم قطف الزيتون”. وقد كتبت فيها عن تجربتنا في سلواد، اليوم الثالث لقطف الزيتون، حيث هاجمتنا مجموعة ملثمين بالحجارة والعصي. وهذا كان مجرد البداية.
يؤلمني وبحق، جسديا، أن اشاهد الجنود وهم يتصرفون بهذا الشكل. ابني سيتجند في الفترة القريبة القادمة. نحن رجعنا الى البيت على حدود خانيونس قبل بضعة اسابيع. ورغم الفشل الذريع والاضطرابات والحرب الدائرة بكل القوة، فانه لا يوجد لنا جيش آخر. ومع كل هذا الانقسام العميق في الشرطة، يجب علينا ايضا الثقة بها والحرص على اصلاحها. يؤلمني رؤية الجيش خاضع ومتهاون في مواجهة الارهاب اليهودي في افضل الحالات، ومتعاون مع الارهابيين في اسوأ الحالات. لقد استسلم كليا لحملة “الغاء موسم قطف الزيتون” التي كانت هذه المرة تدار من قبل الشبكات الاجتماعية والكنيست، وبشكل مباشر من المستوطنين الى اجهزة الامن ومنها.
النتيجة الصعبة والخطيرة هي ان الجيش والشرطة يقومون بتخريب عملنا، الذي هو حماية حقوق الانسان وتعزيز السلام والعدالة: التصميم على القيم التي تشكل جوهر الاخلاق الانسانية واليهودية والصهيونية.
موسم قطف الزيتون الاخير يمكن ان يرسلنا الى زاوية اليأس التام أو اللامبالاة المطلقة. نحن نواجه عمليات وقوى جبارة مدعومة مباشرة من الحكومة المريضة بالضم والتدمير والابادة. أنا أختار شيء آخر. نحن نختار غير ذلك.
أنا ترعرعت في اليمين، وحاخامي الاول كان الحاخام حاييم دروكمان، وهو احد مؤسسي غوش ايمونيم، ومن مهندسي التوراة والمعسكر الذي يهددنا جميعا. وقد كان شعاره “رويدا رويدا”. هذا هو المبدأ الذي اهتدى به. بمساعدة خطوة بعد خطوة سنبني واقع مختلف. سندافع عن الشرارة التي تربط بين بني البشر في وطننا المشترك. الى ان نشعل في القلوب نار كبيرة للسلام والامن. الامن والسلام. ومن الافضل ان يكون ذلك في اسرع وقت.



